1502 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة علي بن رحمه وسامي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
1502 – قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا هناد بن السري في حديثه عن أبي الأحوص عن عاصم بن كليب عن أبيه قال
كنا في سفر فحضر الأضحى فجعل الرجل منا يشتري المسنة بالجذعتين والثلاثة فقال لنا رجل من مزينة كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر هذا اليوم فجعل الرجل يطلب المسنة بالجذعتين والثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني.
“””””””
بعض أحاديث الأضحية التي تدل على أن الجذعة من المعز لا تجزئ:
عن البراء قال (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم فقام أبو بردة بن نيار فقال يا رسول الله والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك شاة لحم فقال إن عندي عناقا جذعة وهي خير من شاتي لحم فهل تجزئ عني قال نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك)
وفي رواية: (إن عندي جذعة من المعز فقال ضح بها ولا تصلح لغيرك) وفي رواية (اذبحها ولن تجزيء عن أحد بعدك)
أخرجه البخاري، و مسلم 74/ 6 – 76،.
أما الجذعة من الضان فورد فيها حديث جابر: ((لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضان)) أخرجه مسلم
——–
الجمهور أن الجذع من الضأن يجزئ، سواءً وجدت المسنة أو لا.
وحكي عن عمر والزهري أنهما قالا لا يجزئ، الجذع من الضأن، استدلالاً بالحديث ((لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضان)) وقد يحتج لهما بظاهر هذا الحديث، وقال الجمهور هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل.
اختلفوا في الجذع من الضأن فقيل ما له سنة تامة، قال النووي وهو الأصح عند أصحابنا، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم، وقيل ما له ستة أشهر، وهذا قول الحنابلة كما في المقنع وشرحه يقول: “ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، والثني مما سواه، والثني من الإبل ما كمل له خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة”، فيجزئ الجذع من الضأن لحديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((نعم، أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن)).
وعن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يجوز الجذع من الضأن ضحية)).
وعن مجاشع بن سليم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني)) وعن عقبة بن عامر قال: “ضحينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجذع من الضأن” وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً، وعلى العمل بها عامة أهل العلم، أن الجذع من الضأن يجزئ، وأن الحديث الأول محمول على الاستحباب.
ترجم الإمام البخاري -رحمه الله- باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بردة: ((ضحِّ بالجذع من المعز، ولن تجزئ عن أحد بعدك))، وذكر حديث أبي بردة، وأنه ضحى قبل الصلاة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((شاتك شاة لحم)) فقال: إن عندي داجناً، جذعة من المعز، فقال: ((اذبحها ولا تصلح لغيرك)).
وفي الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية، قال: “تجوز الأضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلاً بالحكم ولم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية غيرها؛ لقصة أبي بردة بن نيار ويحمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)) أي بعد حالك
شيخ الإسلام يقول: تجزئ، وحمل الحديث على الحال، يعني بعد حالك، يعني غير حالك هذه لا تجزئه، أما من كانت حاله مثل حالك تجزئ، ولا شك أن هذا من شيخ الإسلام -رحمه الله- مقبول باعتبار إحاطته بنصوص الشريعة وقواعدها العامة والمصالح وغيرها والمقاصد -مقاصد الشريعة-
وجاء في نيل الأوطار للشوكاني:
قوله: (إلا مسنة) قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع ولا يجزئ إلا إذا عسر على المضحي وجود المسنة
قوله (جذعة من الضأن) الجذع من الضأن ما له سنة تامة هذا هو الأشهر عن أهل اللغة وجمهور أهل العلم من غيرهم.
وفي رواية لمسلم (إن عندي جذعا) وفيه دليل على أن جذعة المعز لا تجزئ في الأضحية.
قال النووي وهذا متفق عليه
وعن عقبة بن عامر قال (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت يا رسول الله أصابني جذع فقال ضح به) متفق عليه.
وفي رواية للجماعة إلا أبا داود (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا فبقي عتود فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ضحبه أنت).
قلت والعتود من ولد المعز ما رعي وقوي وأتى عليه حول
وإلى المنع من التضحية بالجذع من المعز ذهب الجمهور
وأحاديث الباب تدل على أنها تجوز التضحية بالجذع من الضأن كما ذهب إليه الجمهور فيرد بها على ابن عمر والزهري حيث قالا إنه لا يجزئ وقد تقدم الكلام في ذلك.”
ـ نيل الأوطار
وقال الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن:
” وقد علمت مما مر: أن حديث مسلم الثابت فيه دليل على أن الأضحية لا تكون إلا بمسنة، وأنها إن تعسرت فجذعة من الضأن، فمن ضحى بمسنة، أو بجذعة من الضأن، فمن ضحى بمسنة أو بجذعة من الضأن عند تعسرها عند تعسرها: فضحيته مجزئة إجماعاً ”
وكذا نقل الإجماع ابن حجر:
قال الحافظ ابن حجر في”التلخيص” (4/ 285):
” ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة , والإجماع على خلافه , فيجب تأويله بأن يحمل على الأفضل , وتقديره: المستحب ألا يذبحوا إلا مسنة ” انتهى.
وكذا قال النووي في “شرح مسلم”.
وقال في “عون المعبود”:
” هذا التَّاوِيل هُوَ الْمُتَعَيِّن ” انتهى.
وذهب الشنقيطي إلى ترجيح حديث أبي بردة على حديث عقبة في عدم اجزاء الجذع من المعز. خلافا لابن حجر الذي ذهب أن عدم الاجزاء في قوله (ولن تجزأ عن أحدا بعدك) ليس على التأبيد. لذا اجازه النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة وكرر أنها لن تجزأ عن أحد بعده.
أما غيرهما من الصحابة ممن أجاز لهم النبي صلى الله عليه وسلم التضحية بالجذع من المعز فلم يقل لهم لن تجزأ عن أحد بعدك
وراجع أضواء البيان للشنقيطي
أما الشيخ الألباني … فقال: حديث ” يجوز الجذع من الضأن أضحية “.: (ضعيف) الضعيفة 65
ثم تراجع الشيخ الألباني عن تضعيفه، وتمنى لو وضع مكانه حديث أبي الزبير عن جابر الذي أخرجه مسلم حيث ضعفه بعنعنة أبي الزبير.
و كان الألباني يقول أن الجذع من الضأن لا يجوز إلا إذا تعذر المسن ثم رأى جوازه مطلقا وضعف حديث جابر
قال:
استدراك: ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحو خمس سنوات، وكان محور اعتمادي في ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه
يقصد الشيخ الألباني حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا: ” لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر
عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن “، أخرجه مسلم (6/ 72) و أبو داود (2/ 3)
(3/ 312، 327) و قال الحافظ في ” الفتح “: إنه حديث صحيح.
و إذا تبين هذا، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية
بالجذع من الضأن، أحدهما حديث عقبة بن عامر، و الآخر حديث مجاشع بن مسعود
السلمي و فيه: ” أن الجذع يوفي مما يوفي الثني “، و كنت تأولتهما بما يخالف
ظاهرهما توفيقا بينهما و بين حديث جابر، فإذ قد تبين ضعفه، و أنه غير صالح
للاحتجاج به، و لتأويل ما صح من أجله، فقد رجعت عن ذلك، إلى دلالة الحديثين
الظاهرة في جواز التضحية بالجذع من الضأن خاصة.
ولم يسلم الشيخ الألباني للاجماع الذي نقله ابن حجر، وسبق نقلناه، ونقل عن الإمام أحمد رادا على من يدعي الإجماع: وما يدريه لعلهم اختلفوا.
والشيخ الألباني لا يرد الإجماعات، لكن هنا عنده أحاديث صريحة في إجزاء الجذع من الضأن. فالله أعلم
راجع كلامه تحت حديث 65 في السلسلة الضعيفة
وقال ابن عبد البر رحمه الله:
” لا أعلم خلافاً أن الجذع من المعز ومن كل شيء يضحى به غير الضأن لا يجوز، وإنما يجوز من ذلك كله الثني فصاعداً، ويجوز الجذع من الضأن بالسنة المسنونة ” انتهى من “ترتيب التمهيد” (10/ 267).
قال النووي في “المجموع” (8/ 366):
” أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني , ولا من الضأن إلا الجذع , وأنه يجزئ هذه المذكورات إلا ما حكاه بعض أصحابنا ابن عمر والزهري أنه قال: لا يجزئ الجذع من الضأن. وعن عطاء والأوزاعي أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن ” انتهى.
أما السن المجزئة:
وأما السن المشترط في الأضحية بالتحديد فقد اختلف في ذلك الأئمة:
فالجذع من الضأن: ما أتم ستة أشهر عند الحنفية والحنابلة، وعند المالكية والشافعية ما أتم سنة.
والمسنة (الثني) من المعز: ما أتم سنة عند الحنفية والمالكية والحنابلة، وعند الشافعية ما أتم سنتين.
والمسنة من البقر: ما أتم سنتين عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وعند المالكية ما أتم ثلاث سنوات.
والمسنة من الإبل: ما أتم خمس سنوات عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
انظر: “بدائع الصنائع” (5/ 70)، “البحر الرائق” (8/ 202)، “التاج والإكليل” (4/ 363)، “شرح مختصر خليل” (3/ 34)، “المجموع” (8/ 365)، “المغني” (13/ 368).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/ 377):
” دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم ستة أشهر، ومن المعز ما تم له سنة، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، وما كان دون ذلك فلا يجزئ هدياً ولا أضحية، وهذا هو المستيسر من الهدي؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة يفسر بعضها بعضاً ” انتهى.
وهو قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ” أحكام الأضحية”
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
(فائدة): المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم، وهي من الغنم والبقر ما دخل في السنة الثالثة، ومن الإبل ما دخل في السادسة والجذع من الضأن ما له سنة تامة على الأشهر عند أهل اللغة وجمهور أهل العلم كما قال الشوكاني وغيره.
قلت سيف:
وقد أخذت دار الإفتاء المصرية بمذهب عطاء والأوزاعي وأن الجذعة من الإبل والبقر والغنم تجزئ. وبينوا أن الحال والعلف تغير. فأصبح اللحم الذي في الجذعة أكثر من المسنة، والشرع يراعي حقوق الفقراء:
دار الافتاء المصرية:
هل يجوز تخلف شرط السن في الأُضْحِيَّة؟
الجواب: اشترطت الشريعة للأُضْحِيَّة سنًّا معينة؛ لمَظِنَّةِ أن تكون ناضجة كثيرة اللحم؛ رعاية لمصلحة الفقراء والمساكين، فإذا كانت المستوفية للسن المحدد في نصوص الشرع الشريف هزيلة قليلة اللحم، ووجد من الحيوانات التي لم تستوفِ السن المحددة شرعًا ما هو كثير اللحم كما يحدث في هذا الزمان؛ نتيجة للقيام بعلف الحيوان الصغير بمركزات تزيد من لحمه؛ بحيث إذا وصل إلى السن المحدد هَزُلَ وأخذ في التناقص، خاصةً مع الأساليب العلمية الحديثة لتربية العجول والتي تعتبر وزن النضج هو 350 كجم أو نحوها للعجل، عند سنّ 14 – 16 شهرًا؛ وهي سن الاستفادة الفضلى من لحمه، بل لا يُبقَى عليه عادةً بعدها إلا لإرادة اللقاح والتناسل لا اللحم، وهو في هذا السن يسمى جذعًا، فلا مانع حينئذ من الأضحية به؛ فإن العلة هي وفرة اللحم وقد تحققت في الحيوان الذي لم يبلغ السن أكثر من تحققها في الذي بلغها، والإسلام قد راعى مصالح العباد وجعل ذلك من مقاصد الشريعة الغراء؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّانِ)) رواه مسلم.
قال الإمام النووي الشافعي في “المجموع” (2/ 370 – 371، ط. المنيرية) في حكاية مذاهب العلماء في المسألة: [أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني, ولا من الضأن إلا الجذع, وأنه يجزئ هذه المذكورات، إلا ما حكاه العبدري وجماعة من أصحابنا عن الزهري أنه قال: لا يجزئ الجذع من الضأن، وعن الأوزاعي: أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن, وحكى صاحب “البيان” عن ابن عمر كالزهري, وعن عطاء كالأوزاعي] اهـ.
وعبارة الإمام العمراني في “البيان” (4/ 440، ط. دار المنهاج): [وقال عطاء والأوزاعي: يجزئ الجذع من جميع الأجناس] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (11/ 100، ط. دار الفكر): [ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن، والثني من غيره، وبهذا قال مالك والليث والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي، وقال ابن عمر والزهري: لا يجزئ الجذع؛ لأنه لا يجزئ من غير الضأن، فلا يجزئ منه كالحمل، وعن عطاء والأوزاعي: يجزئ الجذع من جميع الأجناس؛ لما روى مجاشع بن سليم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إِنَّ الجَذَعَ يُوفِي مِمَّا يُوفِي مِنْهُ الثَّنِيُّ)) رواه أبو داود والنسائي.
ولنا: أن الجذع من الضأن يجزئ؛ لحديث مجاشع رضي الله عنه وأبي هريرة رضي الله عنه وغيرهما، وعلى أن الجذعة مِن غيرها لا تجزئ: قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عسر عليكم فاذبحوا الجذع من الضأن))، وقال أبو بردة بن نيار: عندي جذعة أحب إلي من شاتين، فهل تُجزِئُ عني؟ قال: ((نعم، ولا تجزئ عن أحد بعدك)) متفق عليه، وحديثهم محمول على الجذع من الضأن؛ لما ذكرنا] اهـ.
فالأصل عند جماهير العلماء في سن الأُضْحِيَّة في البقر أن تكون من الثَّنِيِّ، وهو ما جاوز عمره سنتين، فإذا وُجدَ كان أفضل، وإذا لم يوجد إلا جَذَع (وهو ما جاوز السنة) وكان عظيمًا وافر اللحم فلا بأس به؛ عملا بمذهب عطاء والأوزاعي، ويندرج في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الْجَذَع يوفي مما يوفي منه الثني))، رواه أبو داود والنسائي من حديث مُجاشع بن مسعود رضي الله عنه، والجذع والثَّنِيّ في كل جنس من هذه الأنعام بحسبه على خلاف بين العلماء في ذلك، والراجح أن الجذع من البقر ما جاوز عمره سنة، والثَّنِيّ منها ما جاوز عمره سنتين، ويقال له: المسن أيضًا، وجواز الأُضْحِيَّة بالجذع من كل حيوان -حتى المعز- هو مذهب الإمامين الفقيهين عطاء والأوزاعي رحمهما الله تعالى كما سبق، ويستدل لهذا المذهب بظاهر حديث أبي داود والنسائي السابق، والذي يدل على أن الأصل الثَّنِيّ، فإذا لم يوجد إلا الجذع فإنه يوفي مما يوفي منه الثَّنِيّ.
وحَمْلُ حديث مجاشع على أنه في الجذع من الضأن غير متعين؛ لأنه لو لم يرد حديث مجاشع لجاز لنا قياس الجذع من البقر والإبل -إذا عسرت المسنة منهما- على الجذع من الضأن إذا عسرت المسنة منه؛ إذ لا فرق بين الأجناس، والأصل فيها جميعا الثني المسن، فإذا لم يوجد وجاز الجذع في أحدها جاز في جميعها، ويكون قيد (من الضأن) الوارد في حديث مسلم: ((لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّانِ)) إنما هو لبيان الواقع في الواقعة نفسها، أو خرج مخرج الغالب؛ لغلبة الضأن ويسره عليهم، والقيود التي لبيان الواقع أو خرجت مخرج الغالب لا مفهوم لها، ولا تقييد بها على ما هو مقرر في أصول الفقه. وحديث مسلم تأوله الجمهور –على ما نقله عنهم العلامة ابن حجر الشافعي في “تحفة المحتاج” (9/ 349) – بحمله على الندب؛ أي: يُسَنُّ لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن.
وفي “نيل الأوطار” شارحا للحديث نفسه: [قال العلماء: المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع ولا يجزئ إلا إذا عسر على المضحي وجود المسنة. وقد قال ابن عمر والزهري: إنه لا يجزئ الجذع من الضأن ولا من غيره مطلقًا. قال النووي: ومذهب العلماء كافة أنه يجزئ سواء وجد غيره أم لا، وحملوا هذا الحديث على الاستحباب، والأفضل, تقديره: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن]. وعليه فيجوز ذبح الصغيرة التي لم تبلغ السن إن كانت عظيمة بحيث لو خلط بالثنايا لاشتبه على الناظرين من بعيد، حيث إن وفرة اللحم في الذبيحة هي المقصد الشرعي من تحديد هذا السن، فلو حصلت وفرة اللحم أغنت عن شرط السن، وهو المفتى به.
قلت سيف: واختيار لجنة الفتوى المصرية جيد قوي. لمن نظر لمقصود الشرع. من وفرة اللحم.
لكن هي مرتبطه بنوع العلف، فإذا كان في بلد أخرى المرعى طبيعي والمسنة أكثر لحما رجعنا للحديث وهو الأصل.