1498 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله المشجري وهاشم السوري ومجموعة إبراهيم البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
الصحيح المسند
1498 – قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا قتيبة قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس يقول أنبأنا رجل من ثقيف أنه سمع منادي النبي صلى الله عليه وسلم يعني في ليلة مطيرة في السفر يقول حي على الصلاة حي على الفلاح صلوا في رحالكم.
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن عمرو بن دينار قال سمعت عمرو بن أوس قال أخبرني من سمع منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قامت الصلاة أو حين حانت الصلاة أو نحو هذا أن صلوا في رحالكم لمطر كان.
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
——————-
أولاً: ما يتعلق بسند الحديث:
* قال الألباني رحمه الله في الثمر المستطاب (1/ 134): أخرجه النسائي (106 – 107) وأحمد (5/ 373) عن عمرو بن دينار عنه، وهذا سند صحيح وعمرو بن أوس تابعي كبير
* قال الأثيوبي حفظه الله في شرح النسائي (8/ 152): حديث رجل من ثقيف رضي الله تعالى عنه صحيح، وهو من أفراد المصنف.
* وقال محققو المسند (24/ 165): إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.
ثانياً: ما يتعلق بمتن الحديث:
* قال الألباني في الثمر المستطاب (1 – 133 – 137) إذا كان برد شديد أو مطر فإنه يزيد بعد قوله: حي على الفلاح أو بعد الفراغ من الأذان: صلوا في الرحال. أو يقول: ومن قعد فلا حرج عليه
وفي ذلك أحاديث:
(1) عن ابن عباس رواه عنه عبد الله بن الحارث قال:
خطبنا ابن عباس في يوم ردغ (مطر) فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقال: فعل هذا من هو خير منه وإنها عزمة
ورواه أبو داود بلفظ:
أن ابن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل: صلوا في بيوتكم فكأن الناس استنكروا ذلك فقال: قد فعل هذا من هو خير مني إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والمطر ..
(2) أخرج الشيخان عن ابن عمر «عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يأمر المنادي ينادي فينادي صلوا في رحالكم في الليلة الباردة، وفي الليلة المطيرة في السفر»
وفي رواية:
أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان (جبل بناحية مكة) ثم قال: صلوا في رحالكم فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول على إثره: (ألا صلوا في الرحال) في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر.
يدل حديث ابن عمر أنه يقول: صلوا في رحالكم بعد نهاية الأذان
(3) عن جابر «خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سفر فمطرنا فقال ليصل من شاء منكم في رحله» رواه مسلم،
(4) عن عمرو بن أوس قال:
أنبأنا رجل من ثقيف أنه سمع منادي النبي صلى الله عليه وسلم – يعني في ليلة مطيرة في السفر – يقول:
حي على الصلاة حي على الفلاح صلوا في رحالكم
(5) عن نعيم بن النحام قال:
سمعت مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة وأنا في لحافي فتمنيت أن يقول: صلوا في رحالكم فلما بلغ حي على الفلاح قال: صلوا في رحالكم ثم سألته عنها فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أمره بذلك
وله طريق أخرى عنه بلفظ آخر وهو:
(6) عن نعيم أيضا قال:
نودي بالصبح في يوم بارد وأنا في مرط امرأتي فقلت: ليت المنادي قال: من قعد فلا حرج عليه فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه: ومن قعد فلا حرج عليه
(تنبيه): الرواية الثانية من الحديث الأول تدل على أن المؤذن يحذف الحيعلتين ويجعل مكانه: الصلاة في الرحال. وقد ذهب إلى ذلك بعض المحدثين فقد بوب عليه ابن خزيمة وتبعه ابن حبان ثم المحب الطبري: حذف حي على الصلاة في يوم المطر. وهو الذي يقتضيه الحديث لولا أنه غير ظاهر فروي رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ثبت رفعه كان المؤذن مخيرا بين حذفها لهذا الحديث وبين إثباتها للأحاديث الأخرى. والله أعلم
(7) عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة باردة أو مطيرة أمر المؤذن فأذن الأذان الأول فإذا فرغ نادى: الصلاة في الرحال أو في رحالكم
* بوب النسائي في السنن الكبرى: باب الأذان في التخلف عن شهود الجماعة في الليلة المطيرة.
* (حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلوا في رحالكم) جمع رَحْلٍ -بفتح، فسكون- قال الفيومي رحمه الله: ورَحْلُ الشخص: مأواه في الحضر، ثم أطلق على أمتعة المسافر، لأنها مأواه، وقال أيضًا: والرَّحْلُ: كل شيء، يُعَدُّ للرَّحِيل من وِعَاءٍ للمتاع، ومَرْكَبٍ للبعير، وحِلْسٍ، ورَسَنٍ، وجمعه أرْحُلٌ، ورِحَالٌ، مثل فَلْسٍ، وَسِهَام، ورَحَلْتُ البعير، رَحْلًا، من باب نَفَعَ: شددت عليه رحله. انتهَى بتقديم وتأخير واختصار. [شرح الأثيوبي]
* والأمر هنا للإباحة، فقوله: “حي على الصلاة” نداء بالحضور لمن يريد ذلك، وقوله: “صلوا في رحالكم”: إذن في ترك الحضور إليها لمن يشق عليه، فلا تنافي بين مؤداهما. أفاده السندي. والله تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان. [شرح الأثيوبي]
* قال الأثيوبي رحمه الله: في فوائد الحديث:
منها: ما بوب له المصنف، وهو مشروعية الأذان في جواز التخلف عن شهود صلاة الجماعة إذا نزل المطر ليلًا.
ومنها: زيادة: صلوا في رحالكم “في ألفاظ الأذان”.
ومنها: أن المطر من الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة، والله تعالى أعلم
—–
قال الإمام أبو الفضل زين الدين العراقي
شارحاً حديث ابن عمر:
((فيه فوائد: الأولى: فيه الرخصة في
التخلف عن مسجد الجماعة لعذر، كذلك قال ابن البطال أجمع العلماء أن التخلف عن الجماعة في شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك)) طرح التثريب (3/ 53)
وقال أيضا: الفائدة الثالثة: أمره صلى الله عليه وسلم
للمؤذن أن يقول: ألا صلوا في الرحال ليس هو أمر عزيمة حتى يُشرع لهم الخروج إلى الجماعة، وإنما هو راجعٌ إلى مشيئتِهم فمن شاء صلى في رحله ومن شاء خرج إلى الجماعة بدليل ما رواه مسلم من رواية ابن الزبير عن جابر قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمُطِرنا فقال: ليُصل من شاء منكم في رحله، فوكَّل ذلك إلى مشيئتهم)) [طرح التثريب (3/ 54)
وقال الإمام النووي
((هذا الحديث دليلٌ على تخفيف أمر الجماعة
في المطر ونحوه من الأعذار))
شرح صحيح مسلم (6/ 172)
وقال الإمام الشوكاني شارحاً لحديث ابن
عمر: ((باب الأعذار وفي ترك الجماعة … وقوله في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة في رواية للبخاري في الليلة الباردة أو المطيرة وفي أخرى له إذا كانت ليلة ذات برد ومطر، وفي صحيح أبي عوانة: ليلة باردة أو ذات مطر أو ذات ريح، وفيه أن كلا من الثلاثة عذر في التأخر عن الجماعة، ونقل ابن بطال فيه الإجماع [نيل الأوطار (3/ 163) طبعة دار الحديث]
——
تنبيه نقلنا عن ابن حبان الأعذار المبيحة في ترك الجماعة في تعليقاته المسماه عون الصمد في التعليق على الذيل والمتمم له الصحيح المسند
مسند أحمد 13510 – عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ: ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُتَوَكِّئًا عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعَلَيْهِ ثَوْبُ قُطْنٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ ”
ذكر الإِمام الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله تعالى الأعذار التي تسقط فرض الجماعة، فقال: وأما العذر الذي يكون المتخلف عن إتيان الجماعات به معذورًا، فقد تتبعته في السنن كلها، فوجدتها تدل على أن العذر عشرة أشياء. اهـ.
وهاك خلاصة ما قاله رحمه الله تعالى:
الأول: المرض الذي لا يقدر المرء معه أن يأتي الجماعات، لحديث أنس رضي الله عنه في كونه -صلى الله عليه وسلم- كشف الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه، فأراد أبو بكر أن يرتد، فأشار إليهم أن امكثوا، وألقى السِّجْفَ … .
الثاني: حضور الطعام، لحديث الباب.
الثالث: النسيان الذي يعرض في بعض الأحوال، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه في نومهم عن صلاة الصبح.
الرابع: السِّمَن المفرط الذي يمنع المرء عن حضور الجماعات، لحديث أنس رضي الله عنه، قال: قال رجل من الأنصار -وكان ضخمًا- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لا أستطيع الصلاة معك، فلو أتيت منزلي، فصليت فيه، فأقتدي بك، فصنع الرجل طعامًا، ودعاه إلى بيته، فبسط له طرف حصير لهم، فصلى عليه ركعتين …. . أخرجه ابن حبان، وأخرج البخاري في صحيحه نحوه.
الخامس: وجود المرء حاجة الإنسان في نفسه -يعني البول والغائط- لحديث عبد الله بن الأرقم المذكور في الباب. والمراد أن يؤذيه ذلك بحيث يشغله عن الصلاة، لا ما لا يتأذى به، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يصل أحدكم، وهو يدافعه الأخبثان”.
السادس: خوف الإنسان على نفسه وماله في طريقه إلى المسجد. لحديث عتبان بن مالك.
السابع: وجود البرد الشديد المؤلم. لحديث ابن عمر رصي الله عنهما، أنه وجد ذات ليلة برداً شديدًا، فأذَّنَ مَنْ مَعَه، فصلوا في رحالهم، وقال: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان مثل هذا أمر الناس أن يصلوا في رحالهم.
الثامن: وجود المطر المؤذي، لحديتْ ابن عمر أيضًا، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: “ألا صلوا في الرحال”.
التاسع: وجود العلة التي يخاف المرء على نفسه العَثْرَ منها؛ لحديث ابن عمر أيضًا، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فكانت ليلة ظلماء، أو ليلة مطيرة، أذن مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو نادى مناديه، أن صلوا في رحالكم.
العاشر: أكْلُ الثوم والبصل إلى أن يذهب ريحها. لحديث: “من أكل من هذه الشجرة الخبيثة، فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها”. انتهى ما ذكره ابن حبان في صحيحه من أعذار سقوط فرض الجماعة حسبما دلت عليه الأحاديث الصحيحة بالاختصار. صحيح ابن حبان جـ 5 ص 417 – 439.
تنبيه: استفدت ذلك النقل من شرح المجتبى للعلامة الاثيوبي حفظه الله.