: 170 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
مسند أحمد:
10465 – حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ فِيهَا خَيْرًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ” وَقَالَ بِيَدِهِ، فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثَ أَصَابِعَ، قُلْنَا: يُزَهِّدُهَا يُزَهِّدُهَا
قلت سيف:
على شرط المتمم على الذيل
هو في البخاري 935، 5294،6400 وفي مسلم 852 لكن هنا زيادة (وقال بيده فقبض أصابعه اليمنى ثلاث أصابع، قلنا: يزهدها يزهدها)
————-
ارجى ساعة استجابة يوم الجمعة
قال ابن رجب: وهذه الرواية تدل على أن المراد بالصلاة حقيقة الصلاة؛ لأنه فرق بين المصلي ومنتظر الصلاة، وجعلهما قسمين.
وتدل على أن ساعة الجمعة يمكن فيها وقوع الصلاة وانتظارها، وهذا بما بعد الزوال أشبه؛ لأن أول تلك الساعة ينتظر فيها الصلاة ويتنفل فيها بالصلاة، وآخرها يصلى فيه الجمعة. ” فتح الباري ” (5/ 522 – 521).
قال الحافظ ابن حجر: وقد أجيب عن هذا الاشكال بحمل الصلاة على الدعاء أو الانتظار ويحمل القيام على الملازمة والمواظبة ويؤيد ذلك أن حال القيام في الصلاة غير حال السجود والركوع والتشهد مع أن السجود مظنة أجابة الدعاء فلو كان المراد بالقيام حقيقته لأخرجه فدل على أن المراد مجاز القيام وهو المواظبة ونحوها ومنه قوله تعالى (إلا ما دمت عليه قائما) فعلى هذا يكون التعبير عن المصلي بالقائم من
باب التعبير عن الكل بالجزء والنكتة فيه أنه أشهر أحوال الصلاة.
قوله: (يسأل الله به خيرا)
لا يجوز الدعاء إذا كان فيه أثم أو قطيعة رحم، و إنما يسأل الله من خير الدنيا و الآخرة.
قال الحافظ ابن حجر: أي مما يليق أن يدعو به المسلم ويسأل ربه تعالى وفي رواية سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عند المصنف في الطلاق (يسأل الله خيرا) ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة مثله، وفي حديث أبي لبابة عند ابن ماجة (ما لم يسأل حراما) وفي حديث سعد بن عبادة عند أحمد (ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم) وهو نحو الأول وقطيعة الرحم من جملة الإثم فهو من عطف الخاص على العام للاهتمام به
قوله (وأشار بيده) كذا هنا بإبهام الفاعل وفي رواية أبي مصعب عن مالك (وأشار رسول الله صلى الله عليه و سلم) وفي رواية سلمة بن علقمة التي أشرت إليها (ووضع أنملته على بطن الوسطى أو الخنصر قلنا يزهدها) وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع هو بشر بن المفضل راويه عن سلمة بن علقمة وكأنه فسر الإشارة بذلك وأنها ساعة لطيفة تتنقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله يزهدها أي يقللها ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة وهي ساعة خفيفة وللطبرانى في الأوسط في حديث أنس وهي قدر هذا يعني قبضة قال الزين بن المنير الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها. ” الفتح ” 2/ 416
[كل رواية جاء فيها التتعيين وقت الساعة مرفوعا وهم
قال الحافظ ابن حجر: واستوعبت الخلاف الوارد في الساعة المذكورة فزاد على الأربعين قولا واتفق لي نظير ذلك في ليلة القدر وقد ظفرت بحديث يظهر منه وجه المناسبة بينهما في العدد المذكور وهو ما أخرجه احمد وصححه بن خزيمة من طريق سعيد بن الحارث عن أبي سلمة قال قلت يا أبا سعيد ان أبا هريرة حدثنا عن الساعة التي في الجمعة فقال سألت عنها النبي صلى الله عليه و سلم فقال (اني كنت اعلمتها ثم انسيتها كما انسيت ليلة القدر) وفي هذا الحديث إشارة إلى ان كل رواية جاء فيها تعيين وقت الساعة المذكورة مرفوعا وهم والله اعلم. (11/ 199)
قال ابن عدالبر: وفي هذا الحديث دليل على فضل يوم الجمعة على سائر الأيام ودليل على أن فيه ساعة هي أفضل من سائر ساعاته. ” الإستذكار” (2/ 37).
[اختلاف العلماء في تحديد الساعة]
قال ابن القيم: وقد اختلف الناس في هذه الساعة: هل هي باقية أو قد رُفِعت؟ على قولين، حكاهما ابن عبد البَر وغيرُه، والذين قالوا: هي باقية ولم تُرفع، اختلفوا، هل هي في وقت من اليوم بعينه، أم هي غير معينة؟ على قولين. ثم اختلف من قال بعدم تعيينها: هل هي تنتقل في ساعات اليوم، أو لا؟ على قولين أيضاً، والذين قالوا بتعيينها، اختلفوا على أحد عشر قولاً.
قال ابن المنذر: روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: هي مِن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعدَ صلاة العصر إلى غروبِ الشمس.
الثاني: أنها عند الزوالِ، ذكره ابن المنذر عن الحسن البَصري، وأبي العالية.
الثالث: أنها إذا أذن المؤذِّن بصلاة الجمعة، قال ابن المنذر: روينا ذلك عن عائشة رضي الله عنها.
الرابع: أنها إذا جلس الإمامُ على المنبر يخطُب حتى يفرُغ قال ابن المنذر: رويناه عن الحسن البصري.
الخامس: قاله أبو بردة: هي الساعة التي اختار الله وقتها للصلاة.
السادس: قاله أبو السوار العدوي، وقال: كانوا يرون أن الدعاء مستجاب ما بين زوال الشمس إلى أن تدخل الصلاة.
السابع: قاله أبو ذر: إنها ما بين أن ترتفع الشمس شبراً إلى ذراع.
الثامن: أنها ما بين العصر إلى غروب الشمس، قاله أبو هريرة، وعطاء، وعبد الله بن سلام، وطاووس، حكى ذلك كله ابن المنذر.
التاسع: أنها آخرُ ساعة بعد العصر، وهو قول أحمد، وجمهور الصحابة، والتابعين.
العاشر: أنها من حين خروج الإِمام إلى فراغ الصلاة، حكاه النووي وغيره.
الحادي عشر: أنها الساعة الثالثةُ من النهار، حكاه صاحب “المغني” فيه. وقال كعب: لو قسم الإِنسان جمعة في جمع، أتى على تلك الساعة. وقال عمر: إن طلبَ حاجة في يوم ليسير.
وأرجح هذه الأقوال: قولان تضمنتهما الأحاديث الثابتة، وأحدهما أرجح من الآخر.
الأول: أنها من جلوس الإِمام إلى انقضاء الصلاة، وحجة هذا القول ما روى مسلم في “صحيحه” من حديث أبي بُردة بن أبي موسى، أن عبد الله بن عمر قال له: أسمعتَ أباك يحدِّث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شأن ساعة الجمعة شيئاً؟ قال: نعم سمعتُه يقول: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ” هِيَ مَا بَيْنَ أَن يَجْلِسَ الإِمَامُ إلى أن تُقْضَى الصَّلاَةُ”.
وروى ابن ماجه، والترمذي، من حديث عمرو بن عوف المزني، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “إنَّ في الجمُعة سَاعةً لا يسألُ اللهَ العبد فيها شيئاً إلاَّ آتاه اللهُ إيَاه” قالوا: يا رسول الله! أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قال: “حِينَ تُقام الصَّلاة إلى الانصراف منها”.
والقول الثاني: أنها بعد العصر، وهذا أرجح القولين، وهو قول عبد الله بن سلام، وأبي هريرة، والإِمام أحمد، وخلق. وحجة هذا القول ما رواه أحمد في “مسنده” من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “إنَ في الجمعة ساعةً لا يُوافِقها عَبْدٌ مسلم يَسأَلُ الله فيهَا خَيْراً إِلاَّ أعْطاه إيَّاهُ وهِيَ بَعْدَ العَصرِ”.
وروى أبو داود والنسائي، عن جابر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “يوم الجمعةِ اثنَا عَشَرَ سَاعَةً، فِيهَا سَاعَةٌ لاَ يُوجَدُ مُسلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ فِيهَا شَيْئاً إلاَّ أعطَاه، فالتَمِسُوها آخِرَ سَاعَةٍ بَعدَ العَصر”.
وروى سعيد بن منصور في “سننه” عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ناساً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجتمعوا، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرَّقوا ولم يختلِفوا أنها آخرُ ساعة من يوم الجمعة. ” زاد المعاد ” (1/ 390 – 391)
[وممن قال أنها آخر ساعة بعد العصر لورود النصوص على ذلك. العلامة الالباني رحمه الله.]
قال الحافظ العراقي: وقال والدي – رحمه الله – في شرح الترمذي أكثر الأحاديث يدل على أنها بعد العصر فمن ذلك حديث أنس وعبد الله بن سلام وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة وفاطمة صح منها حديث عبد الله بن سلام وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة انتهى.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه هذا القول عن ابن عباس وأبي هريرة وطاوس وحكاه ابن بطال عن مجاهد وقال والدي – رحمه الله – الأكثرون من الصحابة على ذلك. ” طرح التثريب” (3/ 208).
قال أبو عمر في التمهيد:
أما من قال إنها بعد العصر ومن قال إنها آخر ساعة من يوم الجمعة فقد ذكرنا القائلين بذلك في باب يزيد بن الهادي في قصة عبد الله بن سلام مع أبي هريرة وكعب والله عز وجل أعلم بالساعة أي الساعات هي لأن أخبار الآحاد لا يقطع على معانيها والذي ينبغي لكل مسلم الاجتهاد في الدعاء للدين والدنيا في الوقتين المذكورين رجاء الإجابة فإنه لا يخيب إن شاء الله ولقد أحسن عبيد بن الأبرص حيث قال:
من يسأل الناس يحرموه … وسائل الله لا يخيب
قال الجامع (محمد بن آدم الأثيوبي): عفا الله تعالى عنه: قد تلخص مما ذكر أن الأصح هو ما عليه أكثر الأئمة، وهو ترجيح قول عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه أنها بعد العصر؛ لقوته، هذا من حيث الترجيح. ” شرح المجتبى
وممن قال أنها ارجى وقت فيها استجابة الدعاء يوم الجمعة جلوس الامام على المنبر الى ان تقضى الصلاة
والساعة الثانية بعد صلاة العصر الى غروب الشمس. و ممن قال هذا القول العلامة ابن باز، والعلامة ابن عثيمين رحمهم الله.
[فائدة الحكمة في إخفاء ساعة الإجابة يوم الجمعة] 1
(الرابعة) الحكمة في إخفاء هذه الساعة في هذا اليوم أن يجتهد الناس فيه ويستوعبوه بالدعاء ولو عرفت لخصوها بالدعاء وأهملوا ما سواها وهذا كما أنه تعالى أخفى اسمه الأعظم في أسمائه الحسنى ليسأل بجميع أسمائه وأخفى ليلة القدر في أوتار العشر الأخير أو في جميع شهر رمضان أو في جميع السنة على الخلاف في ذلك ليجتهد الناس في هذه الأوقات كلها وأخفى أولياءه في جملة المؤمنين حتى لا يخص بالإكرام واحدا بعينه. طرح التثريب (3/ 214)