: 166 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
مسند أحمد
23121 حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الأزرق بن قيس عن عبدالله بن رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم صلى العصر فقام رجل يصلي فرآه عمر، فقال له: اجلس فإنما أهلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل، فقال رسول الله صلّى الله عليه: أحسن ابن الخطاب
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
———–
الفصل بين الفريضة و النافلة
الأثر يُبين أن أهل الكتاب لا يفصلون في صلواتهم، فنهينا عّن التشبه بهم و أن نخالفهم، و يفيد الأثر إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه بالفصل بين الفريضة و النافلة، و كذلك نستفيد من الأثر من رأى مخالفة من المصلين أو أمور منكرة لابد من إرشاده و نصحه، و يفيد أيضا جواز الثناء و مدحه في وجهه اذا أمن الفتنة و الله اعلم.
أخرج مسلم في صحيحه (3/ 601) حديث (883):
عن عُمَرَ بن عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ، ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَأَىهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِي الصَّلاَةِ. فَقَالَ: نَعَمْ. صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ. فَلمَّا سَلَّمَ الامَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي. فَصَلَّيْتُ. فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: لاَ تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ. إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلاَ تَصِلْهَا بِصَلاَةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ. فَإِنَّ رَسُولَ اللّهِ أَمَرَنَا بِذلِكَ. ” أَنْ لاَ تُوصَلَ صَلاَةٌ بِصَلاَةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ “.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تهذيب سنن أبي داود (7/ 429): ” قالوا: فمقصود عمر، أن اتصال الفرض بالنفل إذا حصل معه التمادي وطال الزمن ظن الجهال أن ذلك من الفرض، كما قد شاع عند كثير من العامة: أن صبح يوم الجمعة خمس سجدات ولا بد، فإذا تركوا قراءة (الم تنزيل) قرأوا غيرها من سور السجدات … “.
قال الحافظ العراقي: فلا فرق في ذلك بين الجمعة وغيرها والحديث المرفوع الذي رواه معاوية لم يخص فيه ذلك بالجمعة فكل نافلة كذلك في استحباب فعلها في البيت إلا ما استثني وبتقدير فعلها في المسجد فيستحب الفصل بينها وبين الفرض. ” طرح التثريب ” (ج (3) / (44))
قال الصنعاني: مشروعية فصل النافلة عن الفريضة، وأن لا توصل بها، وظاهر النهي التحريم، وليس خاصا بصلاة الجمعة؛ لأنه استدل الراوي على تخصيصه بذكر صلاة الجمعة بحديث يعمها وغيرها قيل: والحكمة في ذلك لئلا يشتبه الفرض بالنافلة، وقد ورد أن ذلك هلكة.
وقد ذكر العلماء أنه يستحب التحول للنافلة من موضع الفريضة، والأفضل أن يتحول إلى بيته فإن فعل النوافل في البيوت أفضل، وإلا فإلى موضع في المسجد أو غيره، وفيه تكثير لمواضع السجود. ” سبل السلام ” (ج (1) / (410))
قال العلامة الكشميري: ولذا أقول: إن الفصل عندي عام سواء كان بالمكان أو بالقول، وإن كان عند الطحاوي بالمكان فقط، وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص المورد، فالحديث وإن ورد في الجمعة، لكنه يعم في سنة الفجر أيضا. فيض الباري ((2) / (254))
و قال ايضا: فالسنة هو أن يفصل بين الفريضة والنافلة إما بالمكان، أو بالكلام، كما مر منا تحقيقه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في مجموع الفتاوى (24/ 202، 203): ” والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة، وغيرها. كما ثبت عنه في الصحيح: «أنه ـ صلى الله عليه وسلّم ـ نهى أن توصل صلاة بصلاة، حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام» فلا يفعل ما يفعله كثير من الناس، يصل السلام بركعتي السنة، فإن هذا ركوب لنهي النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة.
ولهذا استحب تعجيل الفطور، وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، ونهى عن استقبال رمضان بيوم أو يومين، فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام، وغير المأمور به، والفصل بين العبادة وغيرها. وهكذا تمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها.
وأيضاً فإن كثيراً من البدع كالرافضة وغيرهم لا ينوون الجمعة بل ينوون الظهر، ويظهرون أنهم سلموا، وما سلموا، فيصلون ظهراً ويظن الظان أنهم يصلون السنة، فإذا حصل التمييز بين الفرض والنفل كان في هذا منع لهذه البدعة، وهذا له نظائر كثيرة، والله سبحانه أعلم “. أهـ
قال العلامة الألباني: نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أوخروج، كما
يفعله كثير من الأعاجم وبخاصة منهم الأتراك، فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا وهناك قياما إلى السنة.
” السلسلة الصحيحة ” (ج (6) / (105))