(2017) / (5) / (7)، (10): (27) ص – سيف بن دورة الكعبي: مشكل الحديث 28:
مجموعة حسين البلوشي ومجموعة رامي وشارك كذلك مجموعة عبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
حديث (لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها. …. إلا كنت له شفيعا) رواه مسلم
يشكل مع ما عرف من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمدينه بالبركة
_________________________
قال ابن عبد البر رحمه الله
وقوله (عليه السلام) لا يصبر على لأوائها وشدتها الحديث خرج على فقراء المهاجرين الذين كانوا يلزمون رسول الله صلى الله عليه وسلم على شبع بطونهم وعلى أقل من الشبع ومعلوم أن من أقام معه عليه السلام – حتى يظهر أمر الله (عز وجل) جدير بأن ينال شفاعته وشهادته له يوم القيامة بمؤازرته والرضا بالدون من العيش لصحبته وللمدينة بهذا الحديث وما كان مثله فضل عظيم.
الإستذكار
و قال النووي رحمه الله
قال العلماء وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب مع ما سبق وما بعدها دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة والصبر على شدائدها وضيق العيش فيها وأن هذا الفضل باق مستمر إلى يوم القيامة.
شرح صحيح مسلم
و قال الشيخ الألباني رحمه الله
أما العموم فلا مجال للقول به لمصادمته الواقع، أما التخصيص بزمن الرسول عليه السلام فهذا تخصيص بغير مخصص، لكن ينبغي أن نبقي الحديث على عمومه ولا نستثني منه إلا ما دل الدليل القاطع على ذاك الاستثناء الذي قلته آنفا، وأعني بإيجاز أنه ليس خاصا بزمنه ولا مضطردا في كل زمن، وهذا له أمثلة في نصوص كثيرة مثلا: «ذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم» هذا من البداهة في مكان بأنه لا يمكن أن يقال فيه أنه خاص بزمن الرسول أو بزمن آخر، لكن لا مجال للقول بأنه يشمل كل الأزمان، وهكذا الأمثلة تتكرر، مثلا في الحديث.
موسوعة الألباني في العقيده
و أما ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة بالبركة و نحوه
فقد قال ابن حجر رحمه الله
وقال النووي الظاهر أن البركة حصلت في نفس المكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها وهذا أمر محسوس عند من سكنها وقال القرطبي إذا وجدت البركة فيها في وقت حصلت إجابة الدعوة ولا يستلزم دوامها في كل حين ولكل شخص والله أعلم.
فتح الباري
فالخلاصة
لا اشكال في أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأهل المدينة بالبركة و قد استجيب له و أنهم يجدون في بعض الأزمان شدة في المعيشة و ضيق في الرزق و ذلك لأنه لا يلزم وقوع البركة في كل وقت و لكل شخص.
—–
قال ان بطال في شرح الصحيح:
((وكذلك صبرهم على لأواء المدينة وشدتها حرصًا على البقاء فى منزل الوحى ومثبت الدين؛ ليكون الناس فى موازنهم إلى يوم القيامة كما صاروا فى موازنهم بإدخالهم أولا فى الدين؛ لما وضع فيهم من القوة والشجاعة التى تعاطوا بها مقارعة أهل الدنيا، وضمنوا عن أنفسهم نصرة نبى الهدى فوفى الله بضمانهم على أعدائهم، وتمت كلمة ربك ودينه بهم فكانوا أفضل الناس؛ لقربهم من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلمهم بأحوالهم وأحكامه وآدابه وسيره)) اهـ.
وقال:
((وقوله: «المدينة كالكير» إنما هو تمثيل منه وتنظير، ففيه دليل على جواز القياس بين الشيئين إذا اشتبها فى المعنى، فشبه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة فى نفيها مَنْ خبث قلبه بالكير الذى ينفى خبث الحديد حتى يصفو، وقوله: «ينصع طَيِّبُها» هو مثل ضربه للمؤمن المخلص الساكن فيها، الصابر على لأوائها وشدتها مع فراق الأهل والمال والتزام المخافة من العدو، فلما باع نفسه من الله والتزم هذا بأن صدقُه، ونصع إيمانه وقوى؛ لاغتباطه بسكنى المدينة وتقربه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما ينصع ريح الطيب فيها ويزيد عبقًا على سائر البلاد، خصوصية خص الله بها بلدة رسوله – صلى الله عليه وسلم – التى اختار تربتها لمباشرة جسده الطيب المطهر – صلى الله عليه وسلم -، وقد جاء فى الحديث أن المؤمن يقبر فى التربة التى خلق منها، فكانت بهذا تربة المدينة أفضل الترب كما هو – صلى الله عليه وسلم – أفضل البشر؛ فلهذا والله أعلم تتضاعف ريح الطيب فيها على سائر البلاد)) اهـ.
وفي المنتقى شرح الموطأ:
((وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ فَضِيلَةَ اسْتِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَالْبَقَاءِ بِهَا بَاقِيَةٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم)) اهـ.
وفي مشكاة المصابيح:
((قال الأبي: الحديث خرج مخرج الحث على سكناها فمن لزم سكناها دخل في ذلك ولو لم تلحقه لأواء لأن التعليل بالغالب والمظنة لا يضر فيه التخلف في بعض الصور كتعليل القصر بمشقة السفر)) اهـ.
وفيه أيضا:
((والحديث-“من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها”- قد استدل به على أن السكنى بالمدينة والمجاورة بها أفضل منها بمكة لأن الترغيب في الموت في المدينة لم يثبت مثله لغيرها والسكنى بها وصلة إليه فيكون ترغيباً في سكناها وتفضيلاً لها على غيرها، ولأنه صح ((لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة)) ولم يرد في سكنى مدينة نحو ذلك، ولأنه اختار {صلى الله عليه وسلم} ذلك ولم يكن يختار إلا الأفضل، ولأن الإقامة بالمدينة في حياته {صلى الله عليه وسلم} أفضل إجماعاً فيستصحب ذلك بعد وفاته حتى يثبت إجماع مثله برفعه، هذا حاصل ما ذكره السندي في الباب)) اهـ.
وفي المرقاة:
((وفيه تنبيه أنه ينبغي للمؤمن أن يكون صابرا بل شاكرا على إقامته في الحرمين الشريفين ولا ينظر إلى ما فيما عداهما من النعم الصورية لأن العبرة بالنعم الحقيقية الأخروية لحديث اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة)) اهـ.