1451 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
———
الصحيح المسند
1451 – قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على
سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما.
…………………………
سبق مبحث الأحرف السبعةفي الصحيح المسند برقم (4)، (1216)
قال النووي في ” شرح صحيح مسلم “: قال العلماء سبب انزاله على سبعة التخفيف والتسهيل ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم هون على أمتي كما صرح به في الرواية الأخرى واختلف العلماء في المراد بسبعة أحرف قال القاضي عياض قيل هو توسعة وتسهيل لم يقصد به الحصر قال وقال الأكثرون هو حصر للعدد في سبعة ثم قيل هي سبعة في المعاني كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والأمثال والأمر والنهي ثم اختلف هؤلاء في تعيين السبعة وقال آخرون هي في أداء التلاوة وكيفية النطق بكلماتها من ادغام واظهار وتفخيم وترقيق وإمالة ومد لان العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه فيسر الله تعالى عليهم ليقرأ كل إنسان بما يوافق لغته ويسهل على لسانه وقال آخرون هي الألفاظ والحروف وإليه أشار بن شهاب بما رواه مسلم عنه في الكتاب ثم اختلف هؤلاء فقيل سبع قراءات وأوجه وقال أبو عبيد سبع لغات العرب يمنها ومعدها وهي أفصح اللغات وأعلاها وقيل بل السبعة كلها لمضر وحدها وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في كلمة واحدة وقيل بل هي مجتمعة في بعض الكلمات كقوله تعالى وعبدالطاغوت ونرتع ونلعب وباعد بين أسفارنا وبعذاب بئيس وغير ذلك وقال القاضي أبو بكر بن الباقلاني الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وضبطها عنه الأمة وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحتها وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا وأن هذه الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى وليست متضاربة ولا متنافية وذكر الطحاوي أن القراءة بالأحرف السبعة كانت في أول الأمر خاصة للضرورة لاختلاف لغة العرب ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة فلما كثر الناس والكتاب وارتفعت الضرورة كانت قراءة واحدة قال الداودي وهذه القراءات السبع التي يقرأ الناس اليوم بها ليس كل حرف منها هو أحد تلك السبعة بل تكون مفرقة فيها وقال أبو عبيد الله بن أبي صفرة هذه
القراءات السبع إنما شرعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث وهو الذي جمع عثمان عليه المصحف وهذا ذكره النحاس وغيره قال غيره ولا تكن القراءة بالسبع المذكورة في الحديث في ختمة واحدة ولايدري أي هذه القراءات كان آخر العرض على النبي صلى الله عليه و سلم وكلها مستفيضة عن النبي صلى الله عليه و سلم ضبطها عنه الأمة وأضافت كل حرف منها إلى من أضيف إليه من الصحابة أى إنه كان أكثر قراءة به كما أضيف كل قراءة منها إلى من اختار القراءة بها من القراء السبعة وغيرهم قال المازري وأما قول من قال المراد سبعة معان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص فخطأ لأنه صلى الله عليه و سلم أشار إلى جواز القراءة بكل واحد من الحروف وابدال حرف بحرف وقد تقرر اجماع المسلمين أنه يحرم ابدال آية أمثال بآية أحكام قال وقول من قال المراد خواتيم الآي فيجعل مكان غفور رحيم سميع بصير فاسد أيضا للإجماع على منع تغيير القرآن للناس هذا مختصرها نقله القاضي عياض في المسألة والله أعلم.
قال الحافظ في ” الفتح “: أي على سبعة أوجه يجوز أن يقرأ بكل وجه منها وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه بل المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة فإن قيل فإنا نجد بعض الكلمات يقرأ على أكثر من سبعة أوجه فالجواب أن غالب ذلك إما لا يثبت الزيادة وإما أن يكون من قبيل الاختلاف في كيفية الأداء كما في المد والإمالة ونحوهما وقيل ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد بل المراد التسهيل والتيسير ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد كما يطلق السبعين في العشرات والسبعمائة في المئين ولا يراد العدد المعين وإلى هذا جنح عياض ومن تبعه وذكر القرطبي عن بن حبان انه بلغ الاختلاف في معنى الاحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولا ولم يذكر القرطبي منها سوى خمسة وقال المنذري أكثرها غير مختار ولم أقف على كلام بن حبان في هذا بعد تتبعي مظانه من صحيحه. راجع الفتح (9/ 27) شرح ابن حجر الحديث بتوسع.
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في ” شرح سنن أبي داود “:
اختلف في المراد بالأحرف السبعة، فقيل: المقصود بها أوجه من أوجه لغة العرب، أي أن القرآن نزل على هذا الوجه للتخفيف في أول الأمر؛ لأن العرب كانوا متفرقين وكانوا مختلفين وكانوا متنابذين وكل له لغته، ويكون عند هذه القبيلة ما ليس عند القبيلة الأخرى، ولكن لما جمع بينهما الإسلام واتصل بعضهم ببعض وذهب ما بينهم من العداوة والشحناء بسبب الإسلام وعرف كل ما عند الآخرين من اللغة قام عثمان بن عفان رضي الله عنه فجمع الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة؛ حتى لا يحصل الاختلاف بين الناس؛ لأن المقصود من إنزال القرآن على سبعة أحرف هو التخفيف، وقد حصل ذلك بالتقاء العرب بعضهم ببعض وفهم كل واحد ما عند الآخرين، فلم يكن هناك حاجة إلى بقاء الأحرف السبعة التي نزلت للتخفيف، فعند ذلك قصر عثمان رضي الله عنه -عندما جمع القرآن- الناس على حرف واحد، وأحرق ما سوى ذلك؛ حتى لا يحصل الاختلاف.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب (إعلام الموقعين) أدلة كثيرة لسد الذرائع، ذكر تسعة وتسعين دليلاً كلها تدل على سد الذرائع، وختمها بجمع عثمان القرآن على حرف واحد وأنه سد لذريعة الاختلاف، ووافقه على ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين.
ومما ينبغي أن يعلم أن الأحرف غير القراءات؛ لأن القراءات موجودة لم تنته، وأما الأحرف السبعة فإنه ليس هناك عند الناس إلا حرف واحد، وهو الموجود في المصحف الذي جمعه عثمان، والقراءات تختلف باختلاف النقط والشكل والحركة مثل: (يعلمون) و (تعلمون)، ومثل: (قال) و (قل)، ومثل: (عجبتَ) و (عجبتُ)، فهذه قراءات موجودة، أما الأحرف التي تأتي فيها الكلمة بعدة ألفاظ فإنها انتهت ولم يبق عند الناس إلا حرف واحد هو الذي جمعه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، ووافقه على ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم.
ثم إنه لا يلزم أن تكون كل كلمة فيها سبعة أحرف؛ لأنه ليس المراد بالعدد التكثير كما يقوله بعض أهل العلم، وإنما المقصود بالسبعة الأحرف سبع لغات لا يتجاوزها؛ لأنه -كما سيأتي في الحديث- كان يستزيد مرة ثم مرة حتى وصل السابعة ثم وقف عند ذلك.
إذاً: المقصود أنه ينتهي إلى سبعة أحرف، ولا يلزم أن تكون كل كلمة على سبعة أحرف، بل يمكن أن تكون كلمات بحرف واحد وهذا هو الكثير، وبعض الكلمات تكون بحرفين، وبعضها بسبعة، ولكن لا تزيد على السبعة. انتهى كلام العباد.