112 (أ) عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————–
23243 قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن أبي إسحق عن مسلم بن نذير عن حذيفة أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي أو ساقه قال هذا موضع الإزار فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فلا حق للإزار فيما دون الكعبين
أخرجه الإمام أحمد 23243 وابن ماجة من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد أيضا 23356 و 23378 و أبو داود الطيالسي في مسنده ومن طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه من طريق شعبة، والبخاري في التاريخ الكبير وابن أبي خيثمة في تاريخه وابن حبان في صحيحه من طريق الثوري، والترمذي وابن ماجة من طريق أبي الأحوص، والنسائي في السنن الصغرى من طريق الأعمش كلهم عن أبي إسحق عن مسلم بن نذير به
وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه الألباني، وأورده الدارقطني في العلل 996 وصوب هذه الطريق.
قلت فيه مسلم بن نذير – بالتصغير – قال ابن أبي حاتم عن أبيه لا بأس بحديثه، وذكره ابن حبان في الثقات، وليس له عند الترمذي وابن ماجة غير هذا الحديث والله أعلم قاله المزي في التهذيب، وقال ابن سعد كما في الطبقات وكان قليل الحديث، ويذكرون أنه كان يؤمن بالرجعة، وقال مغلطاي في إكماله: وخرج ابن حبان حديثه في صحيحه، وكذلك الحاكم وأبوعلي الطوسي والدارمي
الجواب: على الشرط
————–
تحريم اسبال الازار
(عن حذيفة) (يعنى ابن اليمان) قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقى أو ساقه قال هذا موضع الازار، فان أبيت بأسفل، فان أبيت فلاحق للازار فيما دون الكعبين. رواه الامام احمد
مفهوم الحديث أن المستحب تكون إزرة المؤمن الى نصف ساقه، فإن طال فإلى الكعبين فإن طال ففي النار.
و هناك من أهل العلم من قيد اسبال الازار على وجه الخيلاء هو المحرم، و اذا لم يكن قاصد الخيلاء فلا يشمله الوعيد!
و الصحيح أن المسبل ازاره محرم، فاذا اقترن بالخيلاء يكون أشد من الذي لك يكن قاصد الخيلاء.
اليكم أقوال العلماء:
قال ابن حجر في الفتح (10/ 263 – 264):
وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضا لكن استدل بالتقييد في هذه الأحاديث بالخيلاء على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد هنا فلا يحرم الجر والاسبال إذا سلم من الخيلاء قال بن عبد البر مفهومه أن الجر لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم على كل حال.
وقال النووي الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها فهو مكروه وهكذا نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء.
قال والمستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء وإلا فمنع تنزيه لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء انتهى
والنص الذي أشار إليه ذكره البويطي في مختصره عن الشافعي قال لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء ولغيرها خفيف لقول النبي صلى الله عليه و سلم لأبي بكر اه
وقوله خفيف ليس صريحا في نفي التحريم بل هو محمول على أن ذلك بالنسبة للجر خيلاء فأما لغير الخيلاء فيختلف الحال فإن كان الثوب على قدر لابسه لكنه يسدله فهذا لا يظهر فيه تحريم ولا سيما إن كان عن غير قصد كالذي وقع لأبي بكر وان كان الثوب زائدا على قدر لابسه فهذا قد يتجه المنع فيه من جهة الإسراف فينتهي إلى التحريم وقد يتجه المنع فيه من جهة التشبه بالنساء وهو أمكن فيه من الأول.
وقد صحح الحاكم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن الرجل يلبس لبسه المرأة.
وقد يتجه المنع فيه من جهة أن لابسه لا يأمن من تعلق النجاسة به وإلى ذلك يشير الحديث الذي أخرجه الترمذي في الشمائل والنسائي من طريق أشعث بن أبي الشعثاء وأسم أبيه سليم المحاربي عن عمته واسمها رهم بضم الراء وسكون الهاء وهي بنت الأسود بن حنظلة عن عمها واسمه عبيد بن خالد قال كنت أمشي وعلي برد أجره فقال لي رجل أرفع ثوبك فإنه أنقى وأبقى فنظرت فإذا هو النبي صلى الله عليه و سلم فقلت إنما هي بردة ملحاء فقال أما لك في أسوة قال فنظرت فإذا إزاره إلى أنصاف ساقيه وسنده قبلها جيد وقوله ملحاء بفتح الميم وبمهملة قبلها سكون ممدودة أي فيها خطوط سود وبيض.
وفي قصة قتل عمر أنه قال للشاب الذي دخل عليه أرفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك وقد تقدم في المناقب ويتجه المنع أيضا في الإسبال من جهة أخرى وهي كونه مظنة الخيلاء
قال ابن العربي لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبة ويقول لا أجره خيلاء لأن النهي قد تناوله لفظا ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكما أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست في فإنها دعوى غير مسلمة بل إطالته ذيله دالة على تكبره اه ملخصا
وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب وجر الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن بن عمر في أثناء حديث رفعه وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله ويقول عبدك وبن عبدك وأمتك حتى سمعها عمرو فقال يا رسول الله إني حمش الساقين فقال يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه يا عمرو إن الله لا يحب المسبل. الحديث وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه لكن قال في روايته عن عمرو بن فلان وأخرجه الطبراني أيضا فقال عن عمرو بن زرارة وفيه وضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم بأربع أصابع تحت ركبة عمرو فقال يا عمرو هذا موضع الإزار ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربع فقال يا عمرو هذا موضع الإزار الحديث ورجاله ثقات وظاهره أن عمرا المذكور لم يقصد بإسباله الخيلاء وقد منعه من ذلك لكونه مظنة وأخرج الطبراني من حديث الشريد الثقفي قال أبصر النبي صلى الله عليه و سلم رجلا قد أسبل إزاره فقال ارفع إزارك فقال أني أحنف تصطك ركبتاي قال ارفع إزارك فكل خلق الله حسن وأخرجه مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة من طرق عن رجل من ثقيف لم يسم وفي آخره ذاك أقبح مما بساقك وأما ما أخرجه بن أبي شيبة عن بن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال أني حمش الساقين فهو محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب وهو أن يكون إلى نصف الساق ولا يظن به أنه جاوز به الكعبين والتعليل يرشد إليه ومع ذلك فلعله لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة والله أعلم وأخرج النسائي وبن ماجة وصححه بن حبان من حديث المغيرة بن شعبة رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ برداء سفيان بن سهيل وهو يقول يا سفيان لا تسبل فإن الله لا يحب المسبلين.
انتهى
قَالَ الجامع (محمد بن آدم ألاتيوبي) عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله ابن العربيّ رحمه الله تعالى هو عين التحقيق، الذي لا يستقيم غيره مع هذه النصوص الظاهرة فِي التحريم، وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، فيحرم عليه؛ كما دلّت عَلَى ذلك ظواهر النصوص الواردة فِي النهي عن الإسبال. (ذخيرة العقبى) (39/ 92).
[المسبل آثم وصلاته صحيحة]
س: ما حكم الصلاة في الثوب الذي غطى الكعبين؟ وهل تصح الصلاة خلف من ثوبه كذلك؟ رغم أن هذا الرجل يعلم أحاديث النهي عن ذلك. أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
ج: صلاة المسبل صحيحة ولكنه آثم، والواجب نصيحته وتحذيره مما حرم الله عليه، ويجب على المسلم ألا تنزل ملابسه عن الكعب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار» خرجه الإمام البخاري في صحيحه.
وحكم جميع الملابس من قميص وسراويل وبشت حكم الإزار، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وهذا في حق الرجال. أما المرأة فالواجب عليها ستر قدميها عند خروجها إلى الأسواق بالجوارب أو الملابس الضافية، وهكذا في البيت إذا كان عندها أجنبي كأخي زوجها ونحوه. وبالله التوفيق. المجموع لابن باز
قال ابن عثيمين: إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ولا يكلمه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب ما نزل من الكعبين بالنار، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)). وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)). فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء.
وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)). ولم يقيد ذلك بالخيلاء، ولا يصح أن يقيد بها يناء على الحديث الذي قبله، لأن أيا سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أزره المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج – أو قال -:لا جناح عليه فما بينه وبين الكعبين، وما كان أسف من ذلك فهو في النار، ومن جر بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة)). رواه مالك، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حيان في صحيحه ذكره في كتبا الترغيب والترهيب في الترغيب في القميص ص 88 ج 3. المجموع (12/ 307 – 308)
قال الالباني: إذن إطالة الإزار ما دون الكعبين شر وأشر، شر لأنه خالف المنهج النبوي الذي وضعه للمسلم إلى نصف الساق فإن طال فإلى الكعبين فإن طال ففي النار؛ لكن قد اقترن معه شيء من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم؛ وضح أيضا لك هذا إن شاء الله. سلسلة الهدى و النور