113 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————-
مسند أحمد
16927 – حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن مبشر، مولى أم حبيبة، عن زيد بن أبي عتاب، عن معاوية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها، فإنما تدخله زورا ”
16928 – قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الناس تبع لقريش في هذا الأمر، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله عز وجل ”
16929 – قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ”
” وخير نسوة ركبن الإبل، صالح نساء قريش، أرعاه على زوج في ذات يده، وأحناه على ولد في صغره ”
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل
ذكره البخاري تعليقا بعد حديث لأبي هريرة 5365 خير نساء ركبن الإبل نساء قريش فقال البخاري: ويذكر عن معاوية وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حجر عن اسناد احمد: اسناد صحيح متصل ورجاله ثقات (نقله محققو المسند) لكن لأجل أن البخاري ذكره بصيغة التمريض أنزلناه ليكون على شرط المتمم على الذيل
لفظه في البخاري 6615، ومسلم 593 من حديث المغيرة أنه كتب لمعاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة (لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)
———-
لعن الواصلة و المستوصلة
الحديث يبين النهي عن وصل الشعر بشعرآخر، وفعل ذلك محرم ومن الكبائر كما في الحديث الذي رواه الإمام البخاري و مسلم:” لعن الله الواصلة والمستوصلة “.
قال الطبرى وغيره: فى هذه الأحاديث من الفقه أنه لا يجوز لامرأة أن تصل شعرها بشاء يتجمل به ويظن من يراه أنه شعرها، كما لا يجوز أن تشم خلقها تتزين بذلك، وهو قول مالك وجماعة، وفاعله ذلك لم ترض بما أعطاها الله فغيرت خلقها. شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 172).
قال الصنعاني: فالوصل محرم للمرأة مطلقا بشعر محرم أو غيره آدمي أو غيره سواء كانت المرأة ذات زينة أو لا مزوجة أو غير مزوجة وللهادوية و الشافعيه خلاف وتفاصيل لا ينهض عليها دليل بل الأحاديث قاضية بالتحريم مطلقا لوصل الشعر واستيصاله كما هي قاضية بتحريم الوشم وسؤاله ودل اللعن أن هذه المعاصي من الكبائر. سبل السلام (3/ 144)
قال ابن عثيمين: الواصلة هي التي تصل الشعر والمستوصلة هي التي تطلب من يصله يعني بأن المرأة يكون رأسها قصيرا وشعرها قليلا فتضيف إلى رأسها شيئا من الشعر لأجل أن يكون طويلا عندما يراه الناس وكثيفا فلعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك وبعض الأحاديث حتى ولو كان شعرها قليلا جدا فإنه لا يجوز لها ذلك
ومن هذا ما يسمى بالباروكة فأن بعض علمائنا المحققين قالوا إن لبس الباروكة من الوصل وأن التي تلبس الباروكة ولو للتجمل ملعونة والعياذ بالله. شرح رياض الصالحين (6/ 205 – 206)
حكم اتخاذ الباروكة
السؤال: هل يجوز للمرأة التي ليس في رأسها شعر أن تتخذ ما يسمى بالباروكة؟ الجواب: لا يجوز؛ لأن هذا كله من جنس الوصل المنهي عنه.
وجوب إزالة وصل الشعر
السؤال: من وصلت شعرها فهل يجب عليها الإزالة؟ الجواب: نعم؛ لأنه أمر منكر تجب إزالته.
حكم وصل الشعر بشعر الواصلة نفسها
السؤال: هل يجوز وصل الشعر بالشعر الأصلي وبنفس اللون أو بلون آخر على شكل ضفائر؟ الجواب: لا يجوز وصل الشعر بشعر لا من شعر امرأة نفسها ولا من شعر غيرها؛ لأن الوصل لا يجوز مطلقاً.
الفرق بين الشعر الطبيعي والشعر الصناعي في حكم الوصل
السؤال: هل هناك فرق بين الشعر الطبيعي وبين الشعر الصناعي في حكم الوصل؟ الجواب: لا فرق بينها، بل النتيجة واحدة والمؤدى واحد.
حكم وصل الشعر بغير الشعر
السؤال: ما حكم وصل الشعر بغير الشعر مثل خيوط الحرير؟ الجواب: كل ذلك لا يجوز؛ لأن الحديث مطلق في النهي عن الوصل، وكل ذلك يدخل تحت قوله: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
حكم زراعة الشعر طبياً
السؤال: ما حكم زرع الشعر طبياً؟ الجواب: إذا زرع بحيث يصير شيئاً ثابتاً فيبدو أنه لا بأس به، وذلك إذا كان لا يترتب عليه مضرة في الرأس، ولا يترتب عليه منظر كريه، فإذا حصل ذلك بشيء وكان ثابتاً مستقراً وليس بشيء يوضع عليه كالباروكة أو غيرها فيبدو أنه لا بأس به. شرح سنن ابي داود للعباد.
الخلاصة:
ـ لا يجوز وصل الشعر بشعر آخر، و يشمل ذلك الرجال و النساء.
ـ لبس الباروكة محرم لعموم الحديث، و كذلك الرجال المنع من لبس الباروكة و لما فيه من تشبه بالنساء.
ـ لا يجوز لعن المعين و لو كان كافرا.
ـ اللعن لا يدل الا فعل محرم.
ـ حكم الوصل: محرم و هو من الكبائر.
(خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام)
(خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) أي من كان مختارا منكم بمكارم الأخلاق في الجاهلية فهو مختار في الإسلام (إذا فقهوا) قال في الرياض: بضم القاف على المشهور وحكى كسرها أي عملوا بأحكام الشرع أو صاروا فقهاء بأن مارسوا الفقه وتعاطوه حتى صار لهم به ملكة ونعم ما قال الأحنف كل عز لم يوطأ بعلم فإلى ذل ما يصير وقال الشاعر:
إن السري إذا سرى فبنفسه. . . وابن السري إذا ما سرى أسراهما
فأرشد إلى أنه لا خيار إلا بالفضل والتقوى فمن اتفق له ذلك مع أصل حميد شريف الأعراق كملت فضيلته وسما على غيره ثم القسمة ….
قال الطيبي: فإن قيل: ما فائدة التقييد بقوله إذا فقهوا لأن من أسلم وكان شريفا في الجاهلية خير ممن ليس له شرف فيها سواء فقه أو لا؟ قلنا: ليس كذلك فإن الإيمان يرفع التفاوت المعتبر في الجاهلية فإذا علا الرجل بالعلم والحكمة استجلب النسب [ص:466] الأصلي فيجمع شرف النسب مع شرف الحسب وفهم منه أن الوضيع المسلم المتحلي بالعلم أرفع منزلة من المسلم الشريف العاطل فمعناه أن من اجتمع له خصال شرف زمن الجاهلية من شرف الآباء ومكارم الأخلاق وصنائع المعروف مع شرف الإسلام والتفقه فيه فهو الأحق بهذا الاسم ذكره القرطبي. قاله المناوي في فيض القدير
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 415): فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا يحتمل أن يريد بقوله خياركم جمع خير ويحتمل أن يريد أفعل التفضيل تقول في الواحد خير وأخير ثم القسمة رباعية فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام وكان شرفهم في الجاهلية بالخصال المحمودة من جهة ملائمة الطبع ومنافرته خصوصا بالانتساب إلى الآباء المتصفين بذلك ثم الشرف في الإسلام بالخصال المحمودة شرعا ثم أرفعهم مرتبة من أضاف إلى ذلك التفقه في الدين ومقابل ذلك من كان مشروفا في الجاهلية واستمر مشروفا في الإسلام فهذا أدنى المراتب والقسم الثالث من شرف في الإسلام وفقه ولم يكن شريفا في الجاهلية ودونه من كان كذلك لكن لم يتفقه والقسم الرابع من كان شريفا في الجاهلية ثم صار مشروفا في الإسلام فهذا دون الذي قبله فإن تفقه فهو أعلى رتبة من الشريف الجاهل.
قال الطيبي في شرح المشكاة: المفاخرة نوعان: مذمومة ومحمودة، فالمذموم منها ما كان عليه الجاهلية من الفخر بالآباء والأنساب للسمعة والرياء. والمحمود منها ما ضم مع النسب الحسب في الدين، لا رياء بل إظهارا لأنعمه تعالى عليه.
قال ابن عثيمين: معادن العرب يعني أصولهم وأنسابهم خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا يعني أن أكرم الناس من حيث النسب والمعادن والأصول هم الخيار في الجاهلية لكن بشرط إذا فقهوا فمثلا بنو هاشم من المعروف هم خيار قريش فيكونون هم خيارهم في الإسلام لكن بشرط أن يفقهوا في دين الله وأن يتعلموا من دين الله فإن لم يكونوا فقهاء فإنهم وإن كانوا من خيار العرب معدنا فإنهم ليسوا أكرم الخلق عند الله وليسوا خيار الخلق ففي هذا دليل على أن الإنسان يشرف بنسبه لكن بشرط أن يكون له فقه في دينه ولاشك أن النسب له أثر ولهذا كان بنو هاشم أطيب الناس وأشرفهم نسبا ومن ثم كان منهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أشرف الخلق {الله أعلم حيث يجعل رسالته} فلولا أن هذا البطن من بني آدم أشرف البطون ما كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في أشرف البطون وأعلى الأنساب والشاهد من هذا الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن أكرم الخلق أتقاكم فإذا كنت تريد أن تكون كريما عند الله وذا منزلة عنده فعليك بالتقوى فكلما كان الإنسان لله أتقى كان عنده أكرم أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المتقين.
شرح رياض الصالحين
——-
(اللهم لا مانع لما أعطيت) يعني أنك إذا أكسبت فلا يمنعه أحد إذا أراد الله لشخص أن يرزقه علما لم يستطع أحد أن يمنع هذا الرزقان، يعطيه مالا لم يستطع أحد أن يمنع هذا المال، أن يعطيه أولاد لم يستطع أحد أن يمنع هؤلاء الأولاد.
(فلا مانع لم أعطى الله ولا معطى لما منعت) يعني إذا منعت شيئا فلا يستطيع أحد أن يعطيه إذا قدرت على هذا الإنسان أن يكون فقيرا لن يغنيه أحد أو أن يكون جاهلا لن يعلمه أحد أن لا يكون له زوجة ولا أولاد لم يرزقه أحد زوجة ولا أولاد فالأمر كله بيد الله عز وجل.
(ولا ينفع ذا الجد منك الجد) يعني لا ينفع الغنى والحظ والشرف والجاه فلا يغني من الله شيء إذا أراد الله بالإنسان سوءا فلا مرد له ولو كان أغنى الناس وأقوى الناس قال الله تعالى (قل اللهم ما مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وترخج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) كل الأمر بيد الله عز وجل فينبغي لنا دبر كل صلاة مكتوبة أن نقول هذا الذكر (لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) والله الموفق. الشرح المختصر على بلوغ المرام لابن عثيمين.
قال الطبرى: وقوله: (لا ينفع ذا الجد منك الجد)، بفتح الجيم فى الحرفين جميعا يقول: لا ينفع ذا الحظ فى الدنيا من المال والولد منك حظه فى الآخرة؛ لأنه إنما ينفع فى الآخرة عند الله العمل الصالح لا المال والبنون، كما قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) [الكهف: 46] الآية. شرح صحيح البخاري لابن بطال
يعني: لا ينفع صاحب الغنى غناه وإنما ينفعه العمل الصالح، وإنما ينفعه القربة إلى الله سبحانه وتعالى، والجد هنا بمعنى الحظ والنصيب والغنى وما إلى ذلك، والجد يأتي بهذا المعنى ويأتي بمعنى الجلال والعظمة، ومنه قول الله عز وجل فيما حكاه الله عن الجن: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا [الجن:3]، وكذلك الحديث الذي في دعاء الاستفتاح: (وتعالى جدك) يعني: عظمتك، ويأتي بمعنى الجد الذي هو أب الأب وأب الأم، وهذا من قبيل الاشتراك اللفظي، يعني: اللفظ الواحد يأتي لعدة معان مختلفة، والجد يقابله الحرمان. شرح سنن أبي داود للعباد
[الفقه في الدين]
قال ابن الملقن في التوضيح: (الفقه) الفهم، يقال فقه -بفتح القاف- إذا سبق غيره إلى الفهم، وبكسرها إذا فهم، وبضمها إذا صار له سجية، ومنه فقيه فعيل بمعنى: فاعل، وقوله: (“من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين”) هو شرط وجزاؤه، وهما مجزومان، ومن لا يريد به خيرا فلا يفقهه فيه وأتى بالخير منكرا؛ لأنه أبلغ، فكأنه قال: على النفي لا يريد به خيرا من الخير، والمراد (بالدين): الإسلام، ومنهم من فسر الفقه في الدين بالفقه في القواعد الخمس ويتصل بها الفروع.
والفقه في الدين هو العلم الذي يورث الخشية في القلب ويظهر أثره على الجوارح ويترتب عليه الإنذار كما يشير إليه قوله تعالى {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة: 122] وعن الدارمي عن عمران قال قلت للحسن يوما في شيء يا أبا سعيد ليس هكذا يقول الفقهاء فقال ويحك هل رأيت فقيها قط إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بأمر دينه المداوم على عبادة ربه.
حاشية السندي على سنن ابن ماجة
قال الطيبي: حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب، ثم ظهر على اللسان، فأفاد العلم، وأورث الخشية والتقوى، فأما ما يتدارس ليتعزز به فإنه بمعزل من الرتبة العظمى؛ لأن الفقه تعلق بلسانه دون قلبه. شرح المشكاة
قال البخاري في صحيحه: فيه فضل العلماء على سائر الناس. وفيه فضل الفقه فى الدين على سائر العلوم، وإنما ثبت فضله، لأنه يقود إلى خشية الله، والتزام طاعته، وتجنب معاصيه، قال الله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر: 28] وقال ابن عمر – للذى قال له: فقيه -: إنما الفقيه الزاهد فى الدنيا، الراغب فى الآخرة. ولمعرفة العلماء بما وعد الله به الطائعين، وأوعد العاصين، ولعظيم نعم الله على عباده اشتدت خشيتهم.
قال المناوي: فمن ألهمه الله الفقه في الدين ظهرت عناية الحق به وأنه أراد به خيرا عظيما كما يؤذن به التنكير وهذا التقرير كله بناء على أن المراد بالفقه علم الأحكام الشرعية الاجتهادية. فيض القدير
قال الصنعاني في التنوير: (إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين) الفقه الفهم والدين الإِسلام أي فهمه معانيه وعرفه وجه شرعه فإن الفقه في الدين فيه خير الدارين وقد دعا – صلى الله عليه وسلم – لابن عباس بقوله: “اللهم فقهه في الدين”
قال السعدي:
هذا الحديث من أعظم فضائل العلم، وفيه: أن العلم النافع علامة على سعادة العبد، وأنّ الله أراد به خيراً.
والفقه في الدين يشمل الفقه في أصول الإيمان، وشرائع الإسلام والأحكام، وحقائق الإحسان. فإن الدين يشمل الثلاثة كلها، كما في حديث جبريل لما سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، وأجابه صلّى الله عليه وسلم بحدودها. ففسر الإيمان بأصوله الستة. وفسر الإسلام بقواعده الخمس. وفسر الإحسان بـ “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” فيدخل في ذلك التفقه في العقائد، ومعرفة مذهب السلف فيها، والتحقق به ظاهراً وباطناً، ومعرفة مذاهب المخالفين، وبيان مخالفتها للكتاب والسنة.
ودخل في ذلك: علم الفقه، أصوله وفروعه، أحكام العبادات والمعاملات، والجنايات وغيرها.
ودخل في ذلك: التفقه بحقائق الإيمان، ومعرفة السير والسلوك إلى الله، الموافقة لما دل عليه الكتاب والسنة.
وكذلك يدخل في هذا: تعلُّم جميع الوسائل المعينة على الفقه في الدين كعلوم العربية بأنواعها.
فمن أراد الله به خيراً فقهه في هذه الأمور، ووفقه لها.
ودلّ مفهوم الحديث على أن من أعرض عن هذه العلوم بالكلية فإن الله لم يرد به خيراً، لحرمانه الأسباب التي تنال بها الخيرات، وتكتسب بها السعادة. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الاخيار لابن السعدي.
قال العثيمين: أما من علم الله في قلبه خيرا فإن الله يوفقه فإذا علم الله في قلب الإنسان خيرا أراد به الخير وإذا أراد به الخير فقهه في دينه وأعطاه من العلم بشريعته ما لم يعط أحدا من الناس وهذا يدل على أن الإنسان ينبغي له أن يحرص غاية الحرص على الفقه في الدين لأن الله تعالى إذا أراد شيئا هيئ أسبابه ومن أسباب الفقه أن تتعلم وأن تحرص لتنال هذه المرتبة العظيمة أن الله يريد بك الخير فاحرص على الفقه في دين الله والفقه في الدين ليس هو العلم فقط بل العلم والعمل ولهذا حذر السلف من كثرة القراء وقلة الفقهاء فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كيف بكم إذا كثر قراؤكم وقل فقهاؤكم) فإذا علم الإنسان الشيء من شريعته الله ولكن لم يعمل به فليس بفقيه حتى لو كان يحفظ أكبر كتاب في الفقه عن ظهر قلب ويفهمه لكن لم يعمل به فإن هذا لا يسمى فقيها يسمى قارئا لكن ليس بفقيه الفقيه هو الذي يعمل بما علم فيعلم أولا ثم يعمل ثانيا هذا هو الذي فقه في الدين وأما من علم ولم يعمل فليس بفقيه بل يسمى قارئا ولا يسمى فقيها ولهذا قال قوم شعيب لشعيب: {ما نفقهه كثيرا مما تقول} لأنهم حرموا الخير لعلم الله ما في قلوبهم من الشر فاحرص على العلم واحرص على العمل به لتكون ممن أراد الله به خيرا أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من هؤلاء الذين فقهوا في دين الله وعملوا وعلموا ونفعوا وانتفعوا به. شرح رياض الصالحين
قال ابن تيمية في الحسبة: وكل من أراد الله به خيرًا، لا بد أن يفقهه في الدين، فمن لم يفقهه في الدين لم يرد الله به خيرًا. والدين: ما بعث الله به رسوله، وهو ما يجب على المرء التصديق به والعمل به، وعلى كل أحد أن يصدق محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبر به، ويطيعه فيما أمر تصديقًا عامًا وطاعة عامة، ثم إذا ثبت عنه خبر كان عليه أن يصدق به مفصلًا، وإذا كان مأمورًا من جهة بأمر معين كان عليه أن يطيعه طاعة مفصلة.
قال ابن القيم: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين فَدلَّ على أن الْفِقْه مُسْتَلْزم لارادة الله الْخَيْر فِي العَبْد وَلَا يُقَال الحَدِيث دلّ على أن من أراد الله بِهِ خيرا فقهه فِي الدّين وَلَا يدل على أن كل من فقهه فِي الدّين فقد أراد بِهِ خيرا وَبَينهمَا فرق
ودليلكم انما يتم بالتقدير الثَّانِي والْحَدِيث لَا يَقْتَضِيهِ لانا نقُول النَّبِي جعل الْفِقْه فِي الدّين دَلِيلا وعلامة على ارادة الله بِصَاحِبِهِ خيرا وَالدَّلِيل يسْتَلْزم الْمَدْلُول وَلَا يتَخَلَّف عَنهُ فَإِن الْمَدْلُول لَازمه وَوُجُود الْمَلْزُوم بِدُونِ لَازمه محَال. مفتاح دار السعادة (ج1/ 89).
قلت سيف: مقصود ابن القيم من كلامه في بداية الوجه الحادي والأربعين: وأن المقصود العلم الذي معه عمل.
يقصد ليس كل من تفقه كان على خير ربما تفقه و لم يعمل فسيكون وبالا عليه
و ذكر اثار
لان العبد قد يرزق علم نافع و لكن لا يعمل به
و لهذا جاء في الحديث اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع اي لم يعمل به