110 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
مسند أحمد
9538 – حدثنا يحيى بن سعيد، عن فضيل بن غزوان، قال: حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على رجل ترك دينارين، أو ثلاثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” كيتان أو ثلاثة ”
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
وراجع الصحيحة 3483، 2637.
———-
الحديث يبين جواز الصلاة على من كان يسأل الناس، و دلل الحديث أن الجزاء من جنس العمل، و دلل أيضا تحريم المسألة تكثرا، ويؤخذ من ذلك جواز السؤال عن حال الميت، و الله اعلم
قوله (كَيَّتَانِ) أي: هما يكونان في حقه كيتين في النار. حاشية السندي على المسند أحمد
فقد روى البيهقي، من حديث مسعود بن عمرو -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه أتي برجل يصلي عليه، فقال: “كم ترك؟ ” قالوا: دينارين، أو ثلاثة، قال: “ترك كيتين، أو ثلاث كيات”، فلقيت عبد اللَّه بن القاسم مولى أبي بكر، فذكرت له ذلك، فقال: ذاك رجل كان يسأل الناس تكثرًا.
فكانت الكية من النار لسؤال الناس تكثرا.
وقد جاء في السنة ما يدل على اعتبار ظاهر الحال في هذا، وهو ما روي: أنه مات رجل من أهل الصفة، وترك دينارين، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “كَيَّتان”، وإنما كان ذلك -واللَّه أعلم-؛ لأنهم كانوا فقراء مجردين يأخذون، ويتصدقون عليهم بناء على الفقر والعدم، فلما ظهر معه هذان الديناران، على خلاف ظاهر حاله، أخبر المعصوم بماله، وحذر مثل حاله. كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (3/ 72).
وضابِطُ جوازِ سؤالِ الناس: أن لا يَجِدَ الإنسانُ غداءً أو عشاءً
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ، فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ. رواه الإمام أحمد وأبو داود، وصححه الألباني والأرنؤوط.
وسُئلَ الإمامُ أَحْمَدُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ مَتَى تَحِلُّ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ عنده مَا يُغَذِّيهِ وَيُعَشِّيهِ … قِيلَ: فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَسْأَلَةِ؟ قَالَ: هِيَ مُبَاحَةٌ لَهُ إِذَا اضْطُرَّ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ تَعَفَّفَ؟ قَالَ: ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ اللَّهُ يَاتِيهِ بِرِزْقِهِ.
وقال ابنُ القيمِ: مَسْأَلَةُ الْمَخْلُوقِ مُحَرَّمَةً فِي الأَصْلِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ. اهـ.
قال النفيلي -وهو أحد رواته-: قالوا: وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ قال: “قدر ما يغديه ويعشيه” هذا لفظ أبي داود.
قال الشيخ عطية سالم في شرح بلوغ المرام:
ورد أنه ({توفي رجل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرفه، فسأل ماذا ترك؟ -وكان فقيراً يسأل الناس- قالوا: ترك دينارين، قال: كيتان من نار)، سبحان الله! فالناس يخلفون الملايين والأموال الطائلة، والله سن الميراث للمال المتروك بعد الميت، إذاً: فيجوز اقتناء الدينارين، والألفين والمليونين، لكن لما كان يسأل الناس، فكان الواجب أن يسأل بقدر حاجته، لكن أن يتكثر حتى يتوافر عنده ديناران، فهذا هو المستكثر، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في حقه: (كيتان من النار)، كل دينار بكية من النار، والدينار نصف اسمه نار.
إذاً: المسألة بقدر الحاجة لا مانع منها، فالله سبحانه وتعالى جعل حقاً للفقراء والمساكين شرعاً، وفرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم بجمع الزكاة وتوزيعها عليهم؛ ولا عيب في سؤال المحتاج الفقير، والله سبحانه وتعالى يمتحن عباده بالغنى كما يمتحنهم بالفقر، لينظر: أيشكر هذا أم لا؟ وهذا أيصبر أم لا؟ فالغرض من هذا التنفير، وتقبيح السؤال تكثراً، لكن لو طرأت على الإنسان حاجة فلا مانع أن يسأل؛ لأنه حقٌ له.
قلت سيف: حديث سهل بن الحنظلية الذي أخرجه ابوداود وفيه: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يغنيه؟ قال: قدر ما يغديه ويعشيه.