1117 – 1116رياح المسك العطرة بمشاركة الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي بالتعاون مع مجموعة ناصر الريسي وممن شارك سيف بن غدير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2؛3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——
صحيح البخاري
باب صلاة القاعد بالإيماء
1116 حدثنا أبومعمر قال: حدثنا عبدالوارث حدثنا حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، أن عمران قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، عن صلاة الرجل وهو قاعد، فقال: «إن صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا، فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما، فله نصف أجر القاعد»
قال أبو عبدالله: نائما عندي مضطجعا ها هنا.
باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب
وقال عطاء: إن لم يقدر أن يتحول إلى القبلة صلى حيث كان وجهه
1117 عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب
——–
الفوائد من الحديث رقم 1117:
1 – مشروعية عيادة المريض لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد عمران بن حصين.
2 – جواز التصريح بما يستحيا منه لنشر العلم يؤخذ من قوله (كانت بي بواسير).
3 – حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم.
4 – أنه ينبغي لكل من نزلت به نازلة أن يسال عن حكم الله في هذه النازلة.
5 – وجوب الصلاة على المريض قائما لقوله (صل قائما) والمراد الفريضة.
6 – النافلة لا يجب فيها القيام.
7 – أنه يجب القيام ولو معتمدا على عصا أو على جدار أو على عمود لقوله (صل قائما) وهذا يشمل أي صفة تكون في القيام.
8 – أن الصلاة لا تسقط عن المريض فيصليها على أي حال كان.
9 – إذا عجز عن الأيمن يكون بالأيسر فاذا عجز فعلى الظهر فاذا عجز فعلى البطن.
قلت سيف الكعبي: قال بازمول في شرح صفة الصلاة: اتفق أهل العلم على أن المريض يجوز له أن يصلي على أي كيفية شاء لكن اختلفوا في الأفضل: فقيل متربعا وهو مذهب مالك والثوري والليث واحمد وإسحاق وقول للشافعية وصاحبي أبي حنيفة
وقيل مفترشا وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة
وقيل يصلي متوركا وقيل كيف شاء
قال البراذعي في تهذيب المدونة: وصلاته أي المريض جالسا ممسوكا به أحب إلي من المضطجع، ولا يستند إلى حائض ولا جنب
واختلف العلماء أيضا هل صلاته قائما مع اقتصاره على الفاتحة أفضل أم من قعود ويقرأ معها سورة والذي يبدوا لي الأول أفضل.
ومن صلى على جنب فقيل فيستقبل القبلة بوجهه على جنبه الأيمن وإلا الأيسر إن لم يستطع الأيمن وهو مذهب مالك والشافعي وداود وروي عن عمر وابنه وهو الراجح.
وقيل يستلقي على ظهره ويستقبل القبلة برجليه ويرفع رأسه بشئ إلى أعلى وهذا مذهب أبي حنيفة ووجه للشافعية
وقيل يضطجع على شقه الأيمن ويعطف اسفل قدميه إلى القبلة. انتهى
قلت وأرجح الأقوال أنه يصلي على جنب لحديث عمران.
10 – إن صلى الفرض قاعدا لعجزه التام عن القيام أو مضطجعا لعجزه التام عن القيام والقعود، فثوابه كثوابه قائما، لم ينقص من أجره شيئا.
11 – الذي لا يستطيع القيام في سفينة أو في طائرة أو في سيارة حيث إنه لو قام فإنه يصاب بالاضطراب أو الدوخ ويخشى عليه السقوط أو أن السقف قريب منه لكنه لا يستطيع الخروج ولا يستطيع القيام فهذا يصلي قاعدا وإن كان معافى في جسمه.
12 – قال الشَّيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: “الواجب على من صلَّى جالسًا على الأرض أو على الكرسي أن يجعل سجوده اخفض من ركوعه والسُّنَّة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع أمَّا في السُّجود فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع، فإن لم يستطع جعلهما على ركبتيه، لما ثبت عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال أمرت أن أسجد على سبعة أعظم.
«على الجبهة -وأشار بيده على أنفه- واليدين، والرُّكبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفت الثِّياب والشَّعر» [متفقٌ عليه]. ومن عجز عن ذلك وصلَّى على كرسي فلا حرج في ذلك قول الله -سبحانه وتعالى-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التَّغابن: 16]، وقول النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» [رواه البخاري 7288] ” انتهى.
13 – سئل فضيلة الشَّيخ بن عثيمين -رحمه الله-: الَّذي يصلِّي على الكرسي في المسجد هل يجعل أرجل الكرسي الخلفيَّة بمحاذاة أرجل المصلِّين أم يجعل أرجله الأماميَّة بمحاذاة أرجل المصلِّين؟ فأجاب -رحمه الله-: “يجعل أرجل الكرسي الخلفيَّة بمحاذاة أرجل المصلِّين”.
قلت سيف: ولبعض المشايخ تفصيلا طيبا فإذا كان سيصلي قياما ثم يجلس فليحاذ المصلين واذا جلس سحب الكرسي لكي لا يؤذ من خلفه.
14 – من كان قادراً على القيام ولو مُستنداً الى عصا أو حائط، فترك القيام وصلى جالساً في الفريضة فصلاته باطلة.
قلت سيف الكعبي: البطلان ذهب إليه ابن حزم. وإلا العلماء اختلفوا هل يلزمه الاتكاء على عصا أو لا يلزمه. وظاهر حديث عمران أنه لا يلزمه.
15 – من ابتدأها وهو يقدر على القيام، ثم طرأ عليه العجز عنه، أو ابتدأها وهو لا يستطيع القيام، ثم قدر عليه في أثنائها، أو ابتدأها قاعدا، ثم عجز عن القعود في أثنائها، أو ابتدأها على جنب، ثم قدر على القعود؛ فإنه في تلك الأحوال ينتقل إلى الحالة المناسبة له شرعا، ويتمها عليها وجوبا؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فينتقل إلى القيام من قدر عليه، وينتقل إلى الجلوس من عجز عن القيام في أثناء الصلاة … وهكذا.
16 – لا تسقط الصلاة مادام العقل موجوداً.
17 – لو عجز في أثناء صلاته عن القيام، قعد وبنى؛ أي: أكمل صلاتَه، واحتسب ما صلاه قائمًا.
قلت سيف الكعبي: قال النووي نقل الإجماع فيه الشيخ أبوحامد، وغيره. أ ه
18 – لو قدَر القاعد على القيام لخفة المرض: إذا كان ذلك قبل القراءة؛ أي قراءة الفاتحة، قام وقرأ قائمًا، وكذا إن كان في أثناء القراءة قام وقرأ بقيَّة الفاتحة في حال القيام.
19 – يجب التنبيه على أن ما يفعله بعض المرضى ومن تجرى لهم عمليات جراحية، فيتركون الصلاة بحجة أنهم لا يقدرون على أداء الصلاة بصفة كاملة، أو لا يقدرون على الوضوء، أو لأن ملابسهم نجسة، أو غير ذلك من الأعذار، وهذا خطأ كبير؛ لأن المسلم لا يجوز له ترك الصلاة. إذا عجر عن بعض شروطها أو أركانها وواجباتها، بل يصليها على حسب حاله، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وبعض المرضى يقول: إذا شفيت؛ قضيت الصلوات التي تركتها، وهذا جهل منهم أو تساهل؛ فالصلاة تصلى في وقتها حسب الإمكان، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، فينبغي الانتباه لهذا، والتنبيه عليه، ويجب أن يكون في المستشفيات توعية دينية، وتفقد لأحوال المرضى من ناحية الصلاة وغيرها من الواجبات الشرعية التي هم بحاجة إلى بيانها.
20 – صلاة الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- في مرضه عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الَّذي مات فيه: «مروا أبا بكر أن يصلِّي بالنَّاس» وصلَّى النَّبي قاعدًا يقتدي أبوبكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه [رواه البخاري 713].
مشاركة أبي صالح: فوائد الحديث:
21 – الرُّخْصَةِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُومِئًا ترجمه البيهقي، ونص قبله ابن المنذر في الأوسط أن الحديث في صلاة التطوع وكذلك الطحاوي في شرح مشكل الآثار.
22 – عن عطاء قال دخل بن عمر على بن صفوان الطويل فوجده يسجد على وسادة فنهاه وقال أوماء واجعل السجود أخفض من الركوع. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 4138 قال عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء به
23 – عن بن جريج قال قلت لعطاء إذا لم يستطع أن يسجد على الارض أيسجد على حصير أو يرفع إليه بطحاء على خمرة فيسجد عليه قال لا ولكن ليوماء إيماء برأسه ويجعل السجدة أخفض من الركعة أخرجه عبد الرزاق في مصنفه
24 – قال محمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل: وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى مِنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَنْ يُصَلِّيَ
10378 لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنِ الْقِيَامِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا
25 – من أطاق أن يصلي منفردا قائما ولم يطقه مع الإمام فصلى قائما منفردا ترجمه البيهقي
26 – فضل صلاة القائم على صلاة القاعد ترجمه البيهقي. قلت أي إذا كان القعود باختياره نص عليه الطحاوي.
27 – فَضْلُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النَّائِمِ ترجمه النسائي في السنن الكبرى، وابن حبان في صحيحه.
28 – قوله (صلى نائما) أي مضطجعا قاله البخاري هنا، وقد ورد بلفظه في هذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده 19887 بسند صحيح أو حسن للخلاف في عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ولفظه (وصلاة الرجل مضطجعا على النصف من صلاته قاعدا).
29 – وفي حديث أحمد أعلاه تصريح عمران بسبب السؤال (قال: كنت رجلا ذا أسقام كثيرة فسألت … ).
30 – وذلك عندنا والله أعلم على المصلي تطوعا قاعدا وهو يطيق أن يصلي قائما فيكون له بذلك نصف ما يكون له لو صلى قائما وليس هو على صلاته قاعدا وهو لا يطيق القيام ذلك صلاته قاعدا فيما يكتب له من الثواب بها كصلاته إياها قائما لأنه هاهنا وقد قصد إلى القيام وقصر به عنه فاستحق من الثواب ما يستحقه لو صلاها قائما فكان إذا كان يطيق القيام فصلى قاعدا قد ترك القيام اختيارا فلم يكتب له ثوابه وكتب له ثواب المصلي قاعدا على صلاته كذلك ثم تأملنا قوله صلى الله عليه وسلم من صلى نائما فله نصف أجر المصلي قاعدا فوجدنا المصلي قاعدا الذي يستطيع الركوع والسجود في قعوده ليس له أن يصلي نائما على جنبه فعقلنا بذلك أنه لم يرد بما في هذا الحديث من هذا المعنى من يصلي نائما وهو يطيق الصلاة قاعدا يركع فيها ويسجد فيها فكان من يصلي قاعدا ممن لا يستطيع السجود إلا بالإيماء له أن يصلي على جنبه يومئ بالركوع والسجود فعقلنا بذلك أنه النائم المكتوب له بصلاته كذلك نصف أجر القاعد لأنه كان قادرا أن يصلي قاعدا يومئ في قعوده بالركوع والسجود فصلى نائما يومئ بالركوع والسجود اختيارا منه لذلك على صلاته قاعدا يومئ بالركوع والسجود فاستحق بذلك نصف أجر القاعد لا ما فوقه من أجره والله نسأله التوفيق قاله الطحاوي في شرح مشكل ا
لاثار
31 – سؤال عمران بن حصين عن الرجل خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، فالمرأة والرجل في ذلك سواء، والنساء شقائق الرجال
ذكره القسطلاني في إرشاد الساري.
32 – قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ: فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، إِنَّمَا هُوَ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً دُونَ الْفَرِيضَةِ؟، وَذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ طَعَنَ فِي السِّنِّ أَوْ عَرَضَ لَهُ ثِقَلٌ فِي الْبَدَنِ وَمَلَالَةٌ وَفَترَةٌ، فَيَجِدُ الْقُعُودَ أَخَفَّ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي قَاعِدًا لِيَكُونَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَقْدَرَ عَلَى كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَوْ تَجَشَّمَ الْقِيَامَ لَأَمْكَنَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَخَفَّفُ بِالْقُعُودِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ، [ص:200] فَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَإِنْ صَلَّاهَا قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فَصَلَّاهَا قَاعِدًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ الْمُتَطَوِّعُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ لِمَرَضٍ أَوْ لِزَمَانَةٍ حَلَّتْ بِهِ فَصَلَّى التَّطَوُّعَ قَاعِدًا وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ لَوِ اسْتَطَاعَ الْقِيَامَ لَقَامَ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ لِمَنْ صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ
33 – قال محمد بن نصر في مختصر قيام الليل: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَاتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى جَالِسًا صِفَةُ جُلُوسِهِ كَيْفَ كَانَتْ إِلَّا فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ أَخْطَأَ فِيهِ حَفْصٌ
34 – قال محمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل قَالَ: فَلَمْ يَثْبُتْ فِي كَيْفِيَّةِ جُلُوسِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ، وَلَوْ كَانَ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَاوَزَ لَبَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ بَيَّنَهُ لَرَوَاهُ أَصْحَابُهُ عَنْهُ وَبَيَّنُوهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلِلْمُصَلِّي جَالِسًا أَنْ يَجْلِسَ كَيْفَ خَفَّ عَلَيْهِ وَتَيَسَّرَ إِنْ شَاءَ تَرَبَّعَ وَإِنْ شَاءَ احْتَبَى، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ اتَّكَأَ، كُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَهُ السَّلَفُ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، غَيْرُ أَنَّ التَّرَبُّعَ خَاصَّةَ، قَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَرَخَّصَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَتْهُ أُخْرَى فَأَمَّا الِاحْتِبَاءُ وَالْجُلُوسُ كَجِلْسَةِ التَّشَهُّدِ فَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ لِذَلِكَ كَرَاهَةً،
35 – … قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وهذا له محملان احدهما ان يكون في النافلة عند من يجوزها مضطجعا والثاني على المعذور فيكون له بالفعل النصف والتكميل بالنية
36 – حديث الباب في التفضيل رواه روح بن عبادة (خ)، وعبد الوارث بن سعيد (خ وأحمد)، وعيسى بن يونس (ت)، ويحيى بن سعيد (د وأحمد)، ويزيد بن زريع (ه)، وسفيان بن حبيب (س الكبرى)، وسعيد بن أبي عروبة (أحمد)، وعبد الوهاب الخفاف (أحمد)، وإسحق بن يوسف (أحمد)، ويزيد بن هارون (ابن الجارود في المنتقى)، وأبو أسامة (ابن حبان في صحيحه والطبراني في الكبير) كلهم عن حسين المعلم به.
وحديث الباب التاسع عشر تفرد به إبراهيم ابن طهمان عن الحسين به
والقواعد الحديثية تقضي لحديث الثقات إذا خالفهم ثقة لكن هذا إنما يكون عند المخالفة، وأما إذا أمكن الجمع فهو مقدم على الترجيح
——-
باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب
37 – قال العثيمين رحمه الله: الاستطاعة معناها أنه يستطيع بمشقة لا تصرفه عن حضور قلبه في الصلاة. اهـ
قال ابن حجر رحمه الله: قال الخطابي لعل هذا الكلام كان جواب فتيا استفتاها عمران وإلا فليست علة البواسير بمانعة من القيام في الصلاة على ما فيها من الأذى. اهـ
قلت: بل هناك نوع شديد من البواسير لا يستطيع صاحبه أن يصلي قائما، ولو صلى قائما لحقته مشقة كبيرة لذلك النبي أرشد عمران بن الحصين لكيفية الصلاة لعلمه بالمشقة التي قال عنها الخطابي رحمه الله أنها ليست بمانعة من القيام في الصلاة. اهـ
—
مشاركة سيف:
38 – ذكر ابن حجر أن حديث عمران ليس فيه ذكر للإيماء الذي ترجم عليه البخاري فلعل البخاري يختار جواز الإيماء من الجلوس. وورد في الحديث فإذا صلى جالسا جالسا ركع وسجد وهو ساجد. قال ابن حجر ومنع بعض المتأخرين للقادر الإيماء للركوع والسجود.
39 – خطأ النسائي حيث ترجم باب فضل صلاة القاعد على النائم؛ بأن النائم مأمور بقطع الصلاة لكي لا يسب نفسه. وتعقب بأن المقصود بالنوم الاضطجاع فلا حاجة لتغليط النسائي راجع الفتح لابن حجر
40 – وبوب البخاري باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب وذكر أثر عن عطاء في سقوط القبلة وحديث عمران والمقصود من أثر عطاء أن من عجز عن أداء فرض ينتقل إلى فرض دونه.
بل بعضهم قال من عجز عن الصلاة على جنب صلى بالعين وبالأصبع وإن لم يستطع فبالقلب، ورجحه ابن عثيمين ولعلنا نتوسع إن شاء الله في جامع الأجوبة الفقهية.
41 – ذهب الشافعية أن المشقة التي تسقط القيام هي التي تؤخر البرأ أو تزيد المرض. ومنه خوف الغرق، ولم ير ابن حجر أن ذلك عذر في الخوف من عدو والزمه أن يعيد في الوقت لأنه عذر نادر وتعقبه ابن باز. بأنه أولى بالعذر من المريض.
تنبيه: احتج من قال بالمشقة ولا يلزم عدم القدرة على القيام بحديث لابن عباس يصلي قائما فإن نالته مشقة فجالسا فإن نالته مشقة صلى نائما) قاله ابن حجر لكن الحديث ضعفه صاحب أنيس الساري ففيه حلبس بن محمد ترجمه ابن عدي وقال منكر الحديث عن الثقات.
المهم يدل على المشقة حديث عمران على أحد الاحتمالات أن في معناه من تشق عليه الفريضة من قيام.
42 – أورد ابن حجر حديث عند الدارقطني من حديث علي: على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه وضعفه الألباني في الارواء. وكذلك حديث ابن عمر: فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ ايماءا فإن لم يستطع فالله أولى بالعذر. ضعيف
43 – ذكر ابن حجر أنه وقع لبعض شيوخه تفريع وهو لو أن شخصا لم يستطع الصلاة إلا بأن يلقن الركن يقال كبر للإحرام. إقرأ الفاتحه. أركع. أرفع. أسجد ونقل ذلك عن أسماء
44 – ذكر أصحابنا فائدة:
من أطاق أن يصلي منفردا قائما ولم يطقه مع الإمام فصلى قائما منفردا ترجمه البيهقي
قلت سيف: لكن يخالف ذلك صلاة الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فأمرهم بالجلوس. واعترض علينا بعض أصحابنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسا، وما زالت الحجة قائمة أنه لم يأمرهم بالصلاة فرادى قياما مع كونهم أصحاء عندهم قدرة على القيام فعلم أن الجماعة أهم من ركن القيام وكونه صلى جالسا لا يدفع الحجة.
ومنه صلاة الخوف جماعة مع ما يحصل من الحركة والتأخر عن الإمام، لكن الجماعة قدمت على ذلك كله.
قال ابن قدامة: واحتمل أنه مخير بين الأمرين؛ لأننا أبحنا له ترك القيام المقدور عليه مع إمام الحي العاجز عن القيام مراعاة للجماعة فها هنا أولى، ولأن الأجر يتضاعف بالجماعة أكثر من تضاعفه بالقيام، وهذا أحسن. المغني 2/ 572
المهم قال ابن المنذر: لا أعلم خلافا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض. نقله عنه ابن رجب كما في الفتح 4/ 78
45 – من قدر على القيام وعجز عن الركوع والسجود فالجمهور أنه لا يسقط عنه القيام لأنه قادر عليه يومئ بالركوع وهو قائم ويومئ بالسجود وهو جالس
46 – هذا بحث وقفت عليه لبعض الباحثين:
ما هي صفة صلاة النافلة للقادر على القيام ولكنه أراد أن يجلس؟
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: …. وذكر الإجماعات على جواز صلاة التطوع جالسا ثم قال:
ثانياً: هيئة الركوع والسجود في صلاة التطوع:
وقبل بيان حكم هذه الهيئة أو الصورة نذكر أحاديث الباب:
– عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التطوع، فقالت:”كان يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً جالساً، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد”. أخرجه مسلم (730) (105).
– وعن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائماً ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً، ركع قاعداً”. أخرجه مسلم (730) (106).
– وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:”ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً، حتى إذا كبر قرأ جالساً، حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية، قام فقرأهن، ثم ركع”. أخرجه البخاري (1118)، ومسلم (731) (111).
– وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:”فلما كثر لحمه- r- صلى جالساً فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع”. الحديث. أخرجه البخاري (4837).
– وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آيةً، قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك. أخرجه البخاري (1119)، ومسلم (731) (112).
– وعن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع، قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية”. أخرجه مسلم (731) (113).
– وأخرج ابن خزيمة في “صحيحه” (1247)، من طريق أبي خالد ثنا حميد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة أنه سألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلاً طويلاً قائماً فإذا صلى قاعداً ركع قاعداً وإذا صلى قائماً ركع قائماً. فقال أبو خالد: فحدثت به هشام بن عروة فقال: كذب حميد وكذب عبد الله بن شقيق، حدثني أبي عن عائشة قالت:”ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قاعداً قط حتى دخل في السن فكان يقرأ السور فإذا بقي منها آيات قام فقرأهن ثم ركع”.
اختلف أهل العلم في توجيه الأحاديث المذكورة على النحو الآتي:
فذهب الجمهورإلى الجمع بين الأحاديث وأنه ليس هناك تعارض بينها ولا سبيل إلى الترجيح، لأن الجمع أولى وهو ممكن، وسبيل هذا الجمع: أن رواية عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائماً ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً، ركع قاعداً”. تدل على أن المشروع لمن قرأ قائماً أن يركع ويسجد من قيام ومن قرأ قاعداً أن يركع ويسجد من قعود ورواية عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:”ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً، حتى إذا كبر قرأ جالساً، حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آيةً، قام فقرأهن، ثم ركع”. وكذا رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آيةً قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك. ورواية عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع، قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية”.فهذه الأحاديث تدل على جواز الركوع من قيام لمن قرأ قاعداً، أو تدل عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُ بَعْضِ الصَّلَاةِ مِنْ قُعُودٍ وَبَعْضِهَا مِنْ قِيَامٍ، وَبَعْضِ الرَّكْعَةِ مِنْ قُعُودٍ وَبَعْضهَا مِنْ قِيَام (ٍ3)، فيجمع بين أحاديث الباب بأنه صلى الله عليه وسلم. كان يفعل مرة كذا ومرة كذا. وقد تعقب ابن حجر من ذهب إلى أنه من افتتح النافلة قاعداً أن يركع قاعداً، وإذا افتتحها قائماً أن يركع قائماً: وحجتهم في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها كان رسول الله r يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائماً ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً، ركع قاعداً. وهذا القول محكي عن أشهب من المالكية، وبعض الحنفية.
فيقال لهم: الأولى الجمع بين هذا الحديث وما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها الآخر، من رواية عروة عنها قالت:”ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً، حتى إذا كبر قرأ جالساً، حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آيةً، قام فقرأهن، ثم ركع”. فقال ابن حجر في “فتح الباري” (3/ 33):” قولها:”فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقراهن ثم ركع” فيه رد على من اشترط على من افتتح النافلة قاعداً أن يركع قاعداً أو قائماً أن يركع قائماً وهو محكي عن أشهب وبعض الحنفية والحجة فيه ما رواه مسلم وغيره من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في سؤاله لها عن صلاة النبي r وفيه:”كان إذا قرأ قائماً ركع قائماً وإذا قرأ قاعداً ركع قاعداً”، وهذا صحيح ولكن لا يلزم منه منع ما رواه عروة عنها فيجمع بينهما بأنه كان يفعل كلا من ذلك بحسب النشاط وعدمه. والله أعلم”. وقال أيضاً في “فتح الباري” (2/ 591): “ودل حديث عائشة-من رواية عروة- على جواز القعود في أثناء صلاة النافلة لمن افتتحها قائماً كما يباح له أن يفتتحها قاعداً ثم يقوم إذ لا فرق بين الحالتين ولا سيما مع وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية خلافاً لمن أبى ذلك. وفي هذا الحديث أنه لا يشترط لمن افتتح النافلة قاعداً أن يركع قاعداً أو قائماً أن يركع قائماً”.
والجمع بين الروايات يرد أيضاً على هشام بن عروة في تقديمه رواية أبيه عروة عن عائشة على رواية عبد الله بن شقيق والحكم عليها بالخطأ، وقد أفاد في ذلك ابن خزيمة في “صحيحه” (2/ 238) حيث بوب على حديث عائشة رضي الله عنها من رواية عروة، وعمرة بقوله:”باب: إباحة الجلوس لبعض القراءة والقيام لبعض في الركعة الواحدة”، ثم بوب (2/ 239) على رواية عبد الله شقيق عن عائشة وإنكار هشام بن عروة على هذه الرواية بقوله:” باب: ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاته جالساً حسب بعض العلماء أنه خلاف هذا الخبر الذي ذكرناه” ثم قال:” قد أنكر هشام بن عروة خبر عبد الله بن شقيق إذ ظاهره كان عنده خلاف خبره عن أبيه عن عائشة وهو عندي غير مخالف لخبره لأن في رواية خالد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد فعلى هذه اللفظة هذا الخبر ليس بخلاف خبر عروة وعمرة عن عائشة؛ لأن هذه اللفظة التي ذكرها خالد دالة على أنه كان إذا كان جميع القراءة قاعداً ركع قاعداً وإذا كان جميع القراءة قائماً ركع قائماً ولم يذكر عبد الله بن شقيق صفة صلاته إذا كان بعض القراءة قائماً وبعضها قاعداً وإنما ذكره عروة وأبو سلمة وعمرة عن عائشة إذا كانت القراءة في الحالتين جميعاً بعضها قائماً وبعضها قاعداً فذكر أنه كان يركع وهو قائم إذا كانت قراءته في الحالتين كلتيهما ولم يذكر عروة ولا أبو سلمة ولا عمرة كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح هذه الصلاة التي يقرأ فيها قائماً وقاعداً ويركع قائماً وذكر ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة ما دل على أنه كان يفتتحها قائماً (4) “.
وذكر ذلك ابن حجر في “فتح الباري” (3/ 33) مختصراً فقال:”وقد أنكر هشام بن عروة على عبد الله بن شقيق هذه الرواية واحتج بما رواه عن أبيه أخرج ذلك ابن خزيمة في صحيحه، ثم قال: ولا مخالفه عندي بين الخبرين؛ لأن رواية عبد الله بن شقيق محمولة على ما إذا قرأ جميع القراءة قاعداً أو قائماً ورواية هشام بن عروة محمولة على ما إذا قرأ بعضها جالساً وبعضها قائماً. والله أعلم”. وقال الترمذي في “جامعه” (2/ 212):”وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل جالساً فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ ثم ركع ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك. وروي عنه أنه كان يصلي قاعدا فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد. قال أحمد وإسحاق والعمل على كلا الحديثين كأنهما رأيا كلا الحديثين صحيحاً معمولاً بهما”. وبنحو هذا قال ابن حزم في “المحلى” (3/ 57):”كل هذا سنة ومباح، وكل ذلك قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم “. وقال ابن قدامة في “المغني” (2/ 569):”وهو مخير في الركوع والسجود إن شاء من قيام وإن شاء من قعود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين”. وقال الشوكاني في “نيل الأوطار” (3/ 586):”قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا، فَكَانَ مَرَّةً يَفْتَتِح قَاعِدًا وَيُتِمُّ قِرَاءَتَهُ قَاعِدًا وَيَرْكَعُ قَاعِدًا، وَكَانَ مَرَّةً يَفْتَتِحُ قَاعِدًا وَيَقْرَأُ بَعْضَ قِرَاءَتِهِ قَاعِدًا وَبَعْضَهَا قَائِمًا وَيَرْكَعُ قَائِمًا، فَإِنَّ لَفْظَ كَانَ لَا يَقْتَضِي الْمُدَاوَمَةَ”. وقال الألباني في “أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 104 بعد ذكر حديث عائشة رضي الله عنها من رواية عبد الله بن شقيق:”لا تعارض بينه وبين الحديث الذي بعده -يعني رواية عروة عنها- بل كان صلى الله عليه وسلم.
يفعل هذا تارة، وهذا تارة؛ كما ذهب إليه الحافظ ابن حجر؛ تبعاً لشيخه الحافظ العراقي، وقد ذكر كلامه في ذلك الشوكاني في “النيل”. فراجعه إن شئت”. وقال الكاساني في “بدائع الصنائع” (1/ 298):”ولو افتتح التطوع قاعداً فأدى بعضها قاعداً وبعضها قائماً أجزأه لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح التطوع قاعداً فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات أو نحوها (5) قام فأتم قراءته ثم ركع وسجد وهكذا كان يفعل في الركعة الثانية فقد انتقل من القعود إلى القيام ومن القيام إلى القعود فدل أن ذلك جائز في صلاة التطوع”. وفي كشاف القناع (3/ 103):”ويجوز له القيام إذا ابتدأ الصلاة جالساً لحديث عائشة المتقدم ويجوز عكسه بأن يبتدئ الصلاة قائماً ثم يجلس”.
وهذا هو قول جمهور أهل العلم كما قال القاضي عياض والنووي وغيرهما. قال القاضي عياض في “الإكمال” (3/ 76 – 77):”وفي قيامه صلى الله عليه وسلم عند الركوع جواز القيام والجلوس في الصلاة الواحدة في النفل خلافاً لمن منعه، وعلى جوازه جمهور العلماء إذا كان الابتداء بالجلوس، وأما إن الابتداء فيها بالقيام ثم أراد التخفيف على نفسه بالجلوس، فمذهب مالك والشافعي وأبو جنيف وعامة العلماء جواز تمام صلاته جالساً”. وقال النووي في “شرح صحيح مسلم” (6/ 11):”قولها:”قرأ جالساً حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع”، فيه جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام وبعضها من قعود وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وعامة العلماء وسواء قام ثم قعد أو قعد ثم قام ومنعه بعض السلف وهو غلط. ولو نوى القيام ثم أراد أن يجلس جاز عندنا وعند الجمهور وجوزه من المالكية ابن القاسم ومنعه أشهب”. ونقل ذلك العيني في “عمدة القاري” (6/ 166) وأقره. وقال الشوكاني في “نيل الأوطار” (5/ 586):” قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ قَامَ ثُمَّ قَعَدَ، أَوْ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَحَكَاهُ النَّوَوِي عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مَنْعُهُ قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ”.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ في “الإكمال” (3/ 77) عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بن الحسن صاحبي أبي حنيفة فِي آخَرِينَ كَرَاهَةَ الْقُعُودِ بَعْدَ الْقِيَامِ. وذكر ذلك النووي في “شرح في “شرح صحيح مسلم” (6/ 11). والصحيح أنه لا كراهة في ذلك كما مر بيانه. والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تنبيه1:وقوله: كذب حميد، وكذب عبد الله بن شقيق”: أَرَادَ أَخْطَأَ
تنبيه 2: قول اذا افتتح الصلاة قاعدا ركع قاعدا دليله ما أخرجه مسلم (730) (110) عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال سألنا عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الصلاة قائماً وقاعداً فإذا افتتح الصلاة قائماً ركع قائماً وإذا افتتح الصلاة قاعداً ركع قاعداً”.
47 – تنبيه: بالنسبة لصلاة المأموم قاعدا خلف إمام يصلي قاعدا ثبت ذلك عن عدد من الصحابة أسيد بن حضير وقيس بن قهد وجابر بن عبد الله وأبوهريرة ومحمود بن لبيد ولا يعرف عن صحابي خلاف ذلك بل كانوا يفعلون ذلك في مساجدهم. فدعوى أن صلاة المأموم قاعدا خلف الإمام القاعد منسوخة بعيد. وسبق نقل كلام ابن رجب أن ذلك معلل بفعل فارس والروم وجعله من الطاعة كما في حديث ابن عمر عند أحمد وهو في الصحيح المسند 749 (فإن من طاعة الله أن تطيعوني ومن طاعتي أن تطيعوا أمراءكم فإذا صلوا قعودا فصلوا قعودا) فإما نقول بالكراهة يعني الصلاة من قيام خلف إمام يصلي من قعود أو نقول أن ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قعودا والناس خلفه قيام أن ابتداء الصلاة كان من قيام ثم طرأ الجلوس فأبو بكر ابتدأها من قيام ثم أتمها النبي صلى الله عليه وسلم من قعود. والقول بالكراهة رجحه بعض شيوخنا.
وراجع مختلف الحديث 94
48 – مسألة للبحث:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة والإنسان فيه نعاس
فعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهـب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهـو ناعس لعله يذهـب يستغفر فيسب نفسه.
رواه مسلم
لكن من خشي خروج الوقت هل يصلي وهو نعسان ام ينام ويصلي إذا استيقض ولو خرج الوقت
….
( … وقال أحمد بن حنبل: يجوز الجمع إذا كان لشغل. قال القاضي أبو يعلى: الشغل الذي يبيح ترك الجمعة والجماعة. وقال الشيخ موفق الدين ابن قدامة الدسي مبيناً عن هؤلاء: وهو المريض ومن له قريب يُخاف موته، ومن يدافع أحداً من الأخبثين، ومن يحضره طعام وبه حاجة إليه، ومن يخاف من سلطان يأخذه أو غريم يلازمه، ولا شيء معه يعطيه، والمسافر إذا خاف فوات القافلة، ومن يخاف ضرراً في ماله، ومن يرجو وجوده، ومن يخاف من غلبة النعاس حتى يفوته الوقت، ومن يخاف من شدة البرد. وكذلك في الليلة المظلمة إذا كان فيها وحل؛ فهؤلاء يعذروا وإن تركوا الجمعة والجماعة، كذا حكاه ابن قدامة في ((مختصر الهداية))؛ فإنه يبيح لهم الجمع بين الصلاتين على ما قاله الإمام أحمد بن حنبل والقاضي أبو يعلى.
مجموع الفتاوى (21/ 458)
وأرسل لي بعض الأصحاب هذه الفتوى: الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لغير عذر وليس من العذر في إخراجها عن وقتها التعب، أو النعاس والذي يجوز في هذه الحالة إما تأخيرها عن أول وقتها، أو وسطه، وذهب البعض إلى أن له تأخير أولى مشتركتي الوقت لتجمع مع الأخرى في وقت الثانية رفعاً للحرج، وقد سئُل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى: هل يجوز تأخير الصلاة عند الشعور بالتعب الشديد حتى أرتاح، لأتمكن من إتقان الصلاة؟ وهل يجوز إعادة الصلاة عند السرحان الكثير فيها وعدم التركيز؟ فكان مما قاله في الجواب: فالواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة وأن يكملها ويتم ركوعها وسجودها، لكن إذا كان في أول الوقت عنده تعب فإنه لا بأس أن يستريح فالأفضل له أن يستريح ولو صلاها في أثناء الوقت، لأنه إذا صلاها في أثناء الوقت ولو في آخره مع الراحة والطمأنينة والخشوع كان أفضل من صلاتها في غير خشوع ولا طمأنينة، لكن لا يؤجلها إلى خروج الوقت، لا بد أن تفعل في الوقت، فالتأخير إلى نصف الوقت، أو آخر الوقت للحاجة الشرعية من التعب، أو شدة المرض، أو نحو ذلك لا بأس بذلك. انتهى.
إلا أن التعب الشديد الذي يلحق صاحبه مشقة بأداء الصلاة في وقتها يجوز معه الجمع بين الصلاتين على قول بعض الفقهاء القائلين بجواز الجمع للمقيم عند وجود الحرج في عدم الجمع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الجمع هو لرفع الحرج فإذا كان في التفريق حرج جاز الجمع وهو وقت العذر والحاجة. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 119126، وما أحالت عليه للفائدة.
والنعاس يجوز لصاحبه أن يؤخر الصلاة عن أول وقتها إلى آخر وقتها، ولا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها وخصوصاً إذا كان يعقل ما يقرأ، كما هي الحال المسؤول عنها، قال أبو الوليد الباجي في المنتقى عمن غلبه النعاس في الفريضة: وإن جرى ذلك في صلاة الفرض فكان في الوقت من السعة ما يعلم أنه يذهب عنه فيه النعاس ويدرك صلاته، أو يعلم أن معه من يوقظه فليرقد وليتفرغ لإقامة صلاته في وقتها، فإن كان في ضيق الوقت وعلم أنه إن رقد فاته الوقت فليصل ما يمكنه وليجهد نفسه في تصحيح صلاته ثم يرقد، فإن تيقن أنه قد أتى في ذلك بالفرض وإلا قضاها بعد نومه. انتهى.
وقوله: وإن جرى ذلك ـ يعني إن وصل إلى الحال الذي يخشى فيها أن يسب نفسه بدل الاستغفار والذكر من غلبة النعاس، وذهب البعض إلى أنه في الحال التي لا يعرف معها ما يقول من شدة النعاس لا يدخل الصلاة ولا يتمها إن كان قد دخلها، جاء في طرح التثريب بعد ذكر قول الله تعالى: لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ {النساء: 43}.
قال: إلا أن الآية دلت على أن من لا يعلم ما يقول لا يدخل في الصلاة، فمن أداه غلبة النوم إلى ذلك فهو منهي عن الدخول فيها ومن إتمامها بعد الشروع حتى يعلم ما يقول. انتهى.