71 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
—–
سنن أبي داود 2945 حدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا جرير عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي مسعود الأنصاريّ- رضي اللّه عنه- قال: بعثني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ساعيا، ثمّ قال «انطلق أبا مسعود لا ألفينّك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعير من إبل الصّدقة له رغاء قد غللته قال: إذا لا انطلق، قال: إذاً لا أكرهك) أخرجه أبو داود (2947)، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/ 569): حسن.
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل
فيه سليمان بن الجهم وثقه العجلي وابن عمير نقله ابن خلفون.
وذكر له شاهد عند مسلم 1831 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه راجع الصحيحة 1576،
انتهى من تخريجنا من نضرة النعيم
_-_-_-_-_-
تحريم الغلول
وكل من خان في شيء خفية فقد غل قاله في المجمع.
قال الحافظ في الفتح (6/ 185): بضم المعجمة واللام أي الخيانة في المغنم قال بن قتيبة سمي بذلك لأن آخذه يغله في متاعه أي يخفيه فيه ونقل النووي الإجماع على أنه من الكبائر.
ومعنى: (“لا ألفين”) لا أجدن، ألفينا: وجدنا. قال القرطبي: كذا الرواية الصحيحة بالمد والفاء، ومعناه: لا يأخذن أحد شيئا من المغانم فأجده يوم القيامة على تلك الحال. “المفهم” 4/ 28.
أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على الصدقة وقال: (انطلق أبا مسعود! لا ألفينك تأتي يوم القيامة وعلى رقبتك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته). أي: انطلق يا أبا مسعود! في هذه المهمة لجباية الصدقة. قوله: (ولا ألفينك تأتي يوم القيامة) أي: لا أجدنك تأتي يوم القيامة وعلى ظهرك بعير قد غللته من إبل الصدقة. قوله: (غللته) يعني: أخذته واختصصت به، واختلسته من الصدقة لتتموله، وهذا يدل على أن الإنسان يأتي بما غل يوم القيامة، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد والعياذ بالله. قوله: [(قال: إذاً لا أنطلق)] يعني أنه لا يقدم على هذا العمل؛ لأنه يخشى أن تحصل منه مخالفة، ويترتب عليها هذا الإثم العظيم. وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ورضي الله عنهم وأرضاهم من الخشية من الوقوع في الأمور المحرمات، وأن الواحد قد يترك الشيء لما يخشى أن يترتب عليه، وإن كان غير متحقق وغير متيقن من وقوعه في الإثم لكن كانوا يبتعدون عن ذلك خوفاً أن يترتب على ذلك هذا الأمر الخطير، وما يتبعه من الإثم العظيم، وهو كونه يأتي بهذا الذي غله يوم القيامة يحمله على رقبته فيكون ذلك فضيحة له. قوله: [(قال: إذاً لا أكرهك)]. يعني: لا ألزمك أن تقوم بهذه المهمة، فالأمر إليك، إن شئت أن تذهب ذهبت، وإن شئت أن تترك فأنا لا أكرهك ولا ألزمك. شرح سنن أبي داود
قال الحافظ في الفتح (6/ 186): ولا يقال أن بعض ما يسرق من النقد أخف من البعير مثلا والبعير أرخص ثمنا فكيف يعاقب الأخف جناية بألاثقل وعكسه لأن الجواب أن المراد بالعقوبة بذلك فضيحة الحامل على رؤوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم لا بالثقل والخفة.
قال ابن المنذر في الأوسط: وأجمع العلماء أن على الغال أن يرد ما غل إلى صاحب المقسم ما لم يفترق الناس. واختلفوا فيما يفعل بذلك إذا افترق الناس، فقالت طائفة: يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقى، هذا قول الحسن البصرى والليث والثورى، وروى معناه عن معاوية ابن أبى سفيان، وروى عن ابن مسعود أنه رأى أن يتصدق بالمال الذى لا يعرف صاحبه، وروى معناه عن ابن عباس. قال أحمد فى الحبة والقيراط [. . . . .] على الرحل ولا يعرف موضعه: يتصدق به. وكان الشافعى لا يرى الصدقة به وقال: لا أرى الصدقة به وجها، إنه إن كان ماله فليس عليه أن يتصدق به، وإن كان لغيره فليس عليه الصدقة بمال غيره.
قال ابن بطال: وفيه: أن العقوبات قد تكون من جنس الذنوب. وهذا الحديث يفسر قوله: (يأت بما غل يوم القيامة) أنه يأتى يحمله على رقبته ليكون أبلغ فى فضيحته وليتبين للأشهاد جنايته، وحسبك بهذا تعظيما لإثم الغلول وتحذير أمته. شرح صحيح البخاري (5/ 233 – 234).
قال القاضي عياض: وفى الحديث تعظيم أمر الغلول والعقوبة عليه. ولا خلاف أنه من الكبائر وشهرة المعاصى فى الآخرة يوم تبلى السرائر، وكشفهم على رؤوس الناس، وهتك سترهم بحملهم على رؤوسهم ما اختانوه واغتالوه، واستتروا به عن الخلق فى الدنيا، كما قال تعالى: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}. اكمال المعلم (6/ 233).
قال العلامة العثيمين: وحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم من ذلك وبين أن الإنسان يأت بما غل يوم القيامة إن كان شاة أو بعيراً أو أي شيء، يأتي به حاملاً إياه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، فهو إذاً من الكبائر، حتى أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذكر أن رجلاً غل شملة فقال: « … إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً»؛ والعياذ بالله. ” الشرح الممتع” 8/ 31.