120 الفوائد المنتقاه على صحيح مسلم
مجموعة إبراهيم البلوشي وأحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3، والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
————–
صحيح مسلم
42 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
155 – (339) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، قَالَ فَجَمَحَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي، حَجَرُ ثَوْبِي، حَجَرُ حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى فَقَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَاسٍ، فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدُ، حَتَّى نُظِرَ إِلَيْهِ، قَالَ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا ” قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْحَجَرِ
156 – (339) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: ” كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلًا حَيِيًّا، قَالَ فَكَانَ لَا يُرَى مُتَجَرِّدًا، قَالَ فَقَالَ: بَنُو إِسْرَائِيلَ: إِنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَاغْتَسَلَ عِنْدَ مُوَيْهٍ، فَوَضَعَ ثَوْبهُ عَلَى حَجَرٍ، فَانْطَلَقَ الْحَجَرُ يَسْعَى، وَاتَّبَعَهُ بِعَصَاهُ يَضْرِبُهُ: ثَوْبِي، حَجَرُ ثَوْبِي، حَجَرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلَأٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69]
157 – (2372) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، – قَالَ: عَبْدٌ أَخْبَرَنَا وقَالَ: ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا – عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ، بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ، سَنَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ، لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ»
158 – (2372) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ قَالَ فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا، قَالَ فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللهِ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي، قَالَ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ، فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً، قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ، قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ، رَبِّ أَمِتْنِي مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، رَمْيَةً بِحَجَرٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ»
158 – قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-__-_
قلت سيف: ذكر أصحاب نضرة النعيم أحاديث في الستر، ومما ذكروا حديث الباب وفيه أن موسى عليه الصلاة والسلام كان رجلاً حييا، وكذلك ذكروا حديث:
– * (عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزّبيديّ أنّه مرّ وصاحب له بأيمن وفئة من قريش قد حلّوا أزرهم فجعلوها مخاريق يجتلدون بها، وهم عراة قال عبد الله: فلمّا مررنا بهم، قالوا: إنّ هؤلاء قسّيسون فدعوهم، ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج عليهم فلمّا أبصروه تبدّدوا، فرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مغضبا حتّى دخل، وكنت أنا وراء الحجرة فسمعته يقول: «سبحان الله! لا من الله استحيوا، ولا من رسوله استتروا» وأمّ أيمن عنده تقول: استغفر لهم يا رسول الله. قال عبد الله: فبلأي ما استغفر لهم»)
رواه أحمد (4/ 191)
وهو في الصحيح المسند 564.
وذكر أصحاب نضرة النعيم أحاديث في حفظ العورة وخاصة في الأحاديث الواردة في (الستر) معنى فراجعه
الحياء خلق يحبه الله عزوجل:
والحياء من صفات الأنبياء عليهم السلام قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَانِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عظيما).
وفي البخاري رقم (3562) , ومسلم رقم (2320): من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أشد حياء من العذراء في خدرها.
وراجع كذلك نضرة النعيم في الأحاديث الواردة في الحياء
– في الحديث ملبس موسى عليه الصلاة والسلام:
والخلاصة في ملبس النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم:
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله – في”زاد المعاذ”: كانت له عمامة كان يلبسها، ويلبس تحتها القلنسوة، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه.
ولبس القميص، وكان أحب الثياب إليه، وكان كمه إلى الرسغ. ولبس الجبة. والفروج وهو شبه القباء. والفرجية. ولبس القباء أيضاً. ولبس في السفر جبة ضيقة الكمين، ولبس الإزار. والرداء ……
-لا تجوز أذية الأنبياء ولا تنقصهم كما تفعل اليهود والنصارى: وهو هدي بني إسرائيل من اليهود والنصارى.
يدّعون تعظيم الأنبياء وتقديسهم،
فهذا كتابهم المقدس ممتلئ باتهامات بشعة، اقرءوا العهد القديم والعهد الجديد، التوراة والإنجيل، ستجدون ما يدمي القلب.
ومن ذلك:
أن نبيّ الله هارون عليه الصلاة والسلام صنع عجلاً، وعبده مع بني إسرائيل. وغير ذلك حذفتها لبشاعتها.
وقولهم في موسى عليه الصلاة والسلام كما في حديث الباب، وقولهم في عيسى وأمه البهتان العظيم وغيرهم من الأنبياء. بل تنقصهم لله عزوجل.
– نحن أولى بموسى منهم: ما قصته السنة النبوية المطهرة من أخلاق موسى، ومنزلته عند الله تعالى، لا تجده في كتب بني إسرائيل التي أغرقت في الحكايات القليلة الجدوى.
فمحمد صلى الله عليه وسلم أحق بموسى عليه الصلاة والسلام – الذي يذكر أنه يقوم النبي صلى الله عليه وسلم حين ينفخ في الصور فيجد موسى عليه السلام باطشا بالعرش، وقوله صلى الله عليه وسلم (رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)، وبين القرآن والسنة أنه حيى ستير، وأنه غضب لله حين عبد قومه العجل.
وسجل القرآن براءة هارون من الشرك
(ولقد قال لهم هارون من قبل: يا قوم إنما فتنتم به، وإن ربكم الرحمن فاتبعوني، وأطيعوا أمري. قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى)
وهكذا كل الأنبياء ذكر القرآن لهم أعظم المواقف في الدفاع عن التوحيد.
– إشكالات في الحديث:
الأول: أن في الحديث إخبارا عن أمر غير معقول، وهو جري الحجر. وجوابه: أن هذا لا يستشكله إلا من لا يؤمن بمعجزات الأنبياء، وليس جري الحجر بأعجب من شق البحر، ولا إحياء الموتى، ولا جعل النار بردا وسلاما، وغيرها من معجزات الأنبياء الثابتة في القرآن قبل السنة!!
الثاني: أن كشف العورة أمرٌ سيّءٌ، ولا يتمناه أحدٌ لنفسه، فكيف يقدّره الله تعالى على موسى عليه السلام؟! وجوابه: أن الحديث بيّنَ أن سبب ذلك هو اتهام بني إسرائيل لموسى عليه السلام بأنه إنما كان يستر عورته لمرضه، وعلم الله تعالى أن مفسدة هذه التهمة على موسى عليه السلام وعلى رسالته مفسدةٌ أشدُّ وأعظم من مفسدة ظهور عورة موسى عليه السلام، خاصة أنهم ينفرون الناس عنه.
– قال ابن رجب في شرحه للحديث:
قالَ الخطابي: وفيه من الفقه: جواز الاطلاع على عورات البالغين؛ لإقامة حق واجب كالختان ونحوه. انتهى
وبعضهم تعقبه وراجع الفتح لابن رجب
-سبب آخر لنزول الآية لكنه لا يصح:
ففي تفسير ابن كثير:
روى ابْنُ أَبِي حَاتِم عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فِي قَوْلِهِ: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} قَالَ: صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجَبَلَ، فَمَاتَ هَارُونُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ، كَانَ أَلْيَنَ لَنَا مِنْكَ وَأَشَدَّ حَيَاءً. فَآذَوْهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَحَمَلَتْهُ، فَمَرُّوا بِهِ عَلَى مَجَالِسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَتَكَلَّمَتْ بِمَوْتِهِ، فَمَا عَرَفَ مَوْضِعَ قَبْرِهِ إِلَّا الرَّخَم، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ أَصَمَّ أَبْكَمَ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الطُّوسِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، بِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَجَائِزٌ أَنَّ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَذَى، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ، فَلَا قَوْلَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.
قُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ مُرَادًا، وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قلت سيف: ودفعها ابن حجر بالضعف، أو تحمل على التعدد.
– فضيلة موسى عليه الصلاة والسلام وفضيلة الصبر:
روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ شَقيق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ مَنَّ الْأَنْصَارِ: إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَمَا لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قُلْتَ. قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاحمرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: “رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، فَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرِ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ”.
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ، بِهِ.
قال صاحب طرح التثريب:
فِيهِ فَضِيلَةُ الصَّبْرِ وَأَنَّ الدَّرَجَاتِ ثَمَرَةٌ لَهُ فَإِنَّ مُوسَى – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – لَمَّا صَبَرَ عَلَى مَا يُؤْذُونَهُ بِهِ أَعْقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَرَاءَةَ مِنْ ذَلِكَ مَعَ رَفْعِ الدَّرَجَاتِ لِمَا أَظْهَرَهُ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24] وَقَالَ تَعَالَى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137].انتهى
-ذكر هذا الحديث في موسوعة فقه الإبتلاء:
وقال صاحب طرح التثريب:
[فَائِدَةٌ فَضِيلَةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حين آذَاهُ قَوْمه]
ومما ذكر صاحب طرح التثريب أيضا:
(الْعَاشِرَةُ) فِيهِ فَضِيلَةُ مُوسَى – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – وَحَصَلَ هُنَا إظْهَارُ مُعْجِزَتِهِ بِأُمُورٍ:
(أَحَدُهَا) مَشْيُ الْحَجَرِ بِثَوْبِهِ إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ لِإِظْهَارِ بَرَاءَتِهِ مِمَّا ادَّعُوهُ فِيهِ مِنْ الْأُدْرَةِ عَلَى وَجْهٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ نِعْمَةً عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69].
(الثَّانِي) حُصُولُ النَّدْبِ فِي الْحَجَرِ مِنْ ضَرْبِ مُوسَى.
(الثَّالِثُ) وُجُودُ التَّمْيِيزِ فِي الْجَمَادِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلِهَذَا عَامَلَهُ مُوسَى – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – مُعَامَلَةَ مَنْ يَعْقِلُ لِأَنَّهُ صَدَرَتْ مِنْهُ أَفْعَالُ
وهذا الحديث ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في باب فضائل موسى مع أحاديث أخرى. ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم يفيق وموسى باطش بقائمة من قوائم العرش، ومنها تخفيفه عن هذه الأمة الصلوات، ومنها أن أمته أكثر أمه بعد محمد صلى الله عليه وسلم ومن أولى العزم من الرسل ورآه النبي صلى الله عليه وسلم في السماء السادسه، وشفع في أخيه فاصطفاه الله نبيا
وسيأتي في حديث لا تفضلوني على موسى تفصيلها
وق ذكر صاحب طرح التثريب في تأثر الحجر توجيهات منها انطفاء الغضب عن موسى
(ثَالِثُهَا) أَنَّهُ لَوْلَا تَأَثُّرُ الْحَجَرِ بِالضَّرْبِ وَبَقَاءُ النَّدَبِ فِيهِ لَعَدَّ أَهْلُ السَّفَاهَةِ وَالْجَهْلِ وَالْعُتُوِّ وَالِاخْتِلَاقِ هَذَا عَبَثًا فَكَانَ يَحْصُلُ لِمُوسَى – عَلَيْهِ السَّلَامُ – بِذَلِكَ أَذًى زَايِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْقَصْدُ رَفْعُ الْأَذَى عَنْهُ لَا جَلْبُهُ إلَيْهِ وَإِقْسَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عَلَى ذَلِكَ تَاكِيدٌ لِلْأَمْرِ وَتَقْوِيَةٌ لَهُ وَمُسْتَنَدُهُ فِيهِ خَبَرُ الصَّادِقِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْهُ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُخْطِئُ وَالْمُعَايَنَةُ قَدْ تُخْطِئُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
—–
-فوائد أخرى من شرح النووي وشرح العيني للبخاري مع بعض الإضافات:
– دَلِيل على إِبَاحَة التعري فِي الْخلْوَة للْغسْل وَغَيره بِحَيْثُ يَامَن أعين النَّاس.
وَفِيه: جَوَاز الْحلف على الْإِخْبَار، كحلف أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَفِيه: مَا غلب على مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من البشرية حَتَّى ضرب الْحجر.
(وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – قَالَ بَينا أَيُّوب يغْتَسل عُريَانا فَخر عَلَيْهِ جَراد من ذهب فَجعل أَيُّوب يحتثي فِي ثَوْبه فناداه ربه يَا أَيُّوب ألم أكن أغنيتك عَمَّا ترى قَالَ بلَى وَعزَّتك وَلَكِن لَا غنى بِي عَن بركتك) هَذَا مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الأول
وَفِيه: دَلِيل على أَن الله تَعَالَى كمل أَنْبيَاء خلقا وخلقا، ونزههم عَن المعايب والنقائص.
قال القاضي عياض الأنبياء منزهون عن النقائص في الخلق والخلق
وَلَمَّا ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْكَلَامَ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ خَلْقِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْنَا بِعَمَى يَعْقُوبَ وَبِابْتِلَاءِ أَيُّوبَ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ طَارِئًا عَلَيْهِمْ مِحْنَةً لَهُمْ وَلِيَقْتَدِيَ بِهِمْ مَنْ اُبْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي حَالِهِمْ وَصَبْرِهِمْ وَفِي أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقْطَعْهُمْ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِمْ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ كَرَامَتَهُمْ وَمُعْجِزَتَهُمْ بِأَنْ أَعَادَ يَعْقُوبَ بَصِيرًا عِنْدَ وُصُولِ قَمِيصِ يُوسُفَ لَهُ وَأَزَالَ عَنْ أَيُّوبَ جُذَامَهُ وَبَلَاءَهُ عِنْدَ اغْتِسَالِهِ مِنْ الْعَيْنِ الَّتِي أَنْبَعَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ رَكْضِهِ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي مُعْجِزَاتِهِمْ وَتَمْكِينًا فِي كَمَالِهِمْ وَمَنْزِلَتِهِمْ انْتَهَى.
حتى قال ابن حجر: (وفيه أن الأنبياء في خَلقهم وخُلُقهم، على غاية الكمال، وأن من نسب نبيّاً إلى نقص في خلقته فقد آذاه، ويخشى على فاعله الكفر)
– شبهة تعري النبي صلى الله عليه وسلم لبناء الكعبة:
فتعري النبي – صلى الله عليه وسلم – كان قبل البعثة أولاً, وثانياً كان لمصلحة لكي يضع ثوبه على عاتقه لكي يتقوى بها على حمل الحجارة, وعلى قربة يتقرب بها لله جل وعلا وهي بناء الكعبة. ثم الإغماء الذي حصل له بسبب ذلك من الله ولم تر عورته بعد ذلك
كما حدث لنبي الله موسى عليه السلام لما اتهمه قومه برجولته فبرّأه الله مما قالوا
– تأييد معجزة النبي صلى الله عليه وسلم بسلام الحجر عليه، وحنين الجذع.
-استدل بهذا الحديث على جواز التعري خاليا سيما إذا كان ذلك لحاجة من مثل الغسل وإلى جواز ذلك ذهب أكثر العلماء كما قال الحافظ في الفتح 1/ 385 وقد بوب البخاري عليه (باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالستر أفضل) وأفضليه الستر مأخوذة من الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وصححه الحاكم عن معاوية بن حيدة قال قلت يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك. قلت: يا رسول الله أحدنا إذا كان خاليا؟ قال: الله أحق أن يستحيى منه من الناس.
وهو من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وذكره البخاري تعليقا بصيغة الجزم
—–
أما حديث أن ملك الموت ومجيئه لموسى عليه الصلاة والسلام:
قال ابن عثيمين:
-جاء ملك الموت بصورة إنسان إلى نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ليقبض روحه
-بعض المبتدعة أنكر الحديث معللا ذلك بأنه يمتنع أن موسى يلطم الملك. ونرد عليهم: بأن الملك أتى موسى بصورة إنسان لا يعرف موسى من هو؟ يطلب منه نفسه، فمقتضى الطبيعة البشرية أن يدافع المطلوب عن نفسه، ولو علم موسى أنه ملك لم يلطمه، ولذلك استسلم له في المرة الثانية حين جاء بما يدل أنه من عند الله، وهو إعطاؤه مهلة من السنين بقدر ما تحت يده من شعر ثور.
مجموع الفتاوى والرسائل بن عثيمين ج5 ص 52
قال ابن حجر أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختيارا وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدمياً دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت، …. وقد جاءت الملائكة إلى ابراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، ولو عرفهم ابراهيم لما قدم لهم المأكول ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه. انتهى
وقال عز وجل في مريم عليها السلام {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا} [مريم /17].
شبهات حول الحديث
وقد تصدى جمع من أئمة الإسلام للرد على كل
من طعن في هذا الحديث بالتكذيب، ودحضوا شبهاتهم ومن هؤلاء الإمام ابن خزيمة، و ابن حبان، وغيرهم ونقلها عنهم شرَّاح الحديث كالحافظ ابن حجر والإمام النووي وغيرهم، بما يرد عن الحديث كل شبهة، وينفي عنه أي تهمة.
هل الحديث من الإسرائيليات
قال باحث:
أما كون رائحة الإسرائيليات تفوح منه لأنه
موقوف على أبي هريرة، فهي فرية جاء بها “أبو رية ” ورددها غيره، والحديث وإن كان قد أورده البخاري و مسلم موقوفاً على أبي هريرة من طريق طاوس، إلا أنه روي أيضاً مرفوعاً إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- في الصحيح من طريق همام بن منبه، قال الحافظ في الفتح (6/ 441): ” وهذا هو المشهور عن عبد الرزاق، وقد رفع محمد بن يحي رواية طاوس أيضاً أخرجه الإسماعيلي ” أهـ.
إشكالات حول المتن: ذكر الباحث قريبا مما ذكر ابن حجر وابن عثيمين، وقال:
ثالثاً: إن كراهية الموت أمر فطري في البشر
فالنبي – صلى الله عليه وسلم – هاجر خفية،
واختبأ في ا لغار، وأعمى أخباره عن الأعداء، واتخذ حرساً يحرسونه حتى نزل قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس} (المائدة67)، فصرفهم عن حراسته، وقاتل يوم أحد بين درعين.
و موسى عليه السلام وقع له من ذلك أمور كما
قال تعالى: {وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين} (القصص 31)، وقال سبحانه: {فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين} (القصص:21)،
وما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام من قوله
(من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)، لأن هذا الحديث يحكي حالة معينه في زمن معين.
وقد جاء هذا مبيناً في رواية مسلم أن شريح
بن هانئ جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال: ” يا أم المؤمنين سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثاً إن كان كذلك فقد هلكنا، فقالت: ” إن الهالك من هلك بقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، وما ذاك؟ قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)، وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت، فقالت: قد قاله رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، وتشنجت الأصابع فعند ذلك من أحب لقاء الله
أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه “.
وموسى عليه الصلاة والسلام اختار الموت
حباً للقاء الله، وشوقاً إلى ما عنده.
وأما شبهة ضياع حق الملك وعدم الاقتصاص
له، فمن أين لهذا المبتدع مشروعية القصاص بين الملائكة والبشر؟!، ومن أخبره أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له؟!، وما الدليل على أن ذلك كان عمداً حتى يطالب بالقصاص؟!،
وزعم بعضهم أن معنى قوله: ” فقأ عينه ” أي أبطل حجته، وهو مردود بقوله في نفس الحديث ” فرد الله عينه ” وبقوله: ” لطمه وصكه “