مختلف الحديث رقم: {93}
مشاركة مجموعة رجب
إشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
[ومن كتاب الصلاة]
مختلف الحديث رقم: {93}
كيف التوفيق بين ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: {كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلاةَ لا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ}
رواه البخاري ومسلم.
وبين حديث رافع بن خديج مرفوعاً: {أسفروا بالفجرِ فإنَّه أعظمُ للأجرِ}
رواه أحمد والدارمي وأصحاب السنن الأربعة وصححه الألباني.
””””””””””””””””
مشاركة رجب المصري:
ذكر الإمام مسلم
(باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها)
وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها
وذكر الحديث التغليس ثم قال
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّبْكِيرِ بِالصُّبْحِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ وَفِيهَا جَوَازُ حُضُورِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُخْشَ فِتْنَةٌ عَلَيْهِنَّ أَوْ بِهِنَّ قَوْلُهُ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ هُوَ بَقَايَا ظَلَامِ اللَّيْلِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أنساءهن أَمْ رِجَالٌ وَقِيلَ مَا يُعْرَفُ أَعْيَانُهُنَّ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُتَلَفِّعَةَ فِي النَّهَارِ أَيْضًا لَا يُعْرَفُ عَيْنُهَا فَلَا يَبْقَى فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعْرِفُهُ فَيَعْرِفُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَكَانَ يَنْصَرِفُ حِينَ يَعْرِفُ بَعْضُنَا وَجْهَ بَعْضٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ أَيْ يُسَلِّمُ فِي أَوَّلِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَ بَعْضُنَا وَجْهَ مَنْ يَعْرِفُهُ مَعَ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ قِرَاءَةً مُرَتَّلَةً وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي شِدَّةِ التَّبْكِيرِ وَلَيْسَ فِي هَذَا مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ فِي النِّسَاءِ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ لِأَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ رُؤْيَةِ جَلِيسِهِ وَذَاكَ إِخْبَارٌ عَنْ رؤية النساء من بعد
وذكر ابن رجب في الفتح
باب
خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس
ذكر حديث التغليس ثم قال
وفيه: دليلٌ على شهود النساء صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجوعهن في غلس الظلام.
ابن رجب في الفتح
باب وقت الفجر
المسألة الثانية: (حديث 578)
مسألة:
في أن الأفضل: هل هو التغليس بها في أول وقتها، أم الإسفار بها؟ وفيه قولان:
أحدهما: أن التغليس بها أفضل، وروي التغليس بها عن أبي بكر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي موسى، وابن عمر، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، ومعاوية، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول الليث، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وإسحاق، وأبي ثور، وداود
وسبق أدلة التغليس، وذهب آخرون إلى أن الإسفار بها أفضل، وروي الإسفار بها عن عثمان، وعلي وابن مسعود.
روى الأوزاعي: حدثني نهيك بن يريم الأوزاعي: حدثني مغيث بن سمي، قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس، فلما سلم أقبلت على ابن عمر، فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاتنا، كانت مع رسول الله (وأبي بكر وعمر، فلما طعن عمر أسفر بها عثمان).خرجه ابن ماجه. وذكر الترمذي في (علله) عن البخاري، أنه قال: هو حديث حسن.
واستدل من رأى الإسفار: بما روى عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود ابن لبيد، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر).خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح. وخرجه ابن حبان في (صحيحه).وقال العقيلي: إسناده جيد.
قال الأثرم: ليس في أحاديث هذا الباب أثبت منه.
يشير إلى أن في الباب أحاديث وهذا أثبتها، وهو كما قال.
وأجاب من يرى التغليس أفضل عن هذا بأجوبةٍ:
تضعيفه، وراجع له فتح الباري لابن رجب والجواب عنه
ومنها: تأويله، واختلف المتأولون له:
فقال الشافعي وأحمد وإسحاق وغيره: المراد بالإسفار: أن يتبين الفجر ويتضح، فيكون نهياً عن الصلاة قبل الوقت، وقبل تيقن دخول الوقت.
وذكر الشافعي: أنه يحتمل أن بعض الصحابة كان يصلي قبل الفجر الثاني، فأمر بالتأخير إلى تبين الفجر وتيقنه.
ورد ذلك بعضهم بأن قوله: (هو أعظم للأجر) يدل على أن في ترك هذا الإسفار أجراً، ولا أجر في الصلاة قبل وقتها إلا بمعنى أنها تصير نافلة.
ومنهم من قال: أمروا أن لا يدخلوا في صلاة الفجر حتى يتيقنوا طلوع الفجر، وقيل لهم: هو أفضل من الصلاة بغلبة الظن بدخوله.
وهذا جواب من يقول بجواز الدخول في الصلاة إذا غلب على الظن دخول وقتها من أصحابنا كالقاضي أبي يعلي وغيره، وأكثر أصحاب الشافعي، وحملوا حديث ابن مسعود في تقديم النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة يوم النحر بالمزدلفة على أنه صلاها يومئذ بغلبة ظن دخول الوقت.
وقال آخرون: بل الإسفار يكون باستدامته الصلاة، لا بالدخول فيها، فيدخل فيها بغلس، ويطيلها حتى يخرج منها وقد أسفر الوقت.
وقد رد هذا القول على من قاله كثير من العلماء، منهم: الشافعي وابن عبد البر والبيهقي، وقال: أكثر الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل فيها بغلس، ويخرج منها بغلس؛ لحديث عائشة وغيره، وكذلك أكثر أصحابنا، وإن كان منهم من كان يخرج منها بإسفار ويطيل القراءة، كما روي عن الصديق لما قرأ بالبقرة، وعن عمر أيضا. وقد روي أن عمر هو الذي مد القراءة في الفجر، وروي عن عثمان أنه تبعه على ذلك. وروي عن علي، أنه كان يقصر فيها القراءة، ولعله لما كان يسفر بها.
ومن الناس من ادعى أن في هذه الأحاديث ناسخاً ومنسوخاً، وهم فرقتان.
فرقة منهم ادعت أن الأحاديث في الإسفار منسوخة.
واستدلوا بما في حديث أسامة بن زيد، عن الزهري، عن عروة، عن بشير ابن أبي مسعود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (فذكر حديث المواقيت بطوله، وقال: في آخره: وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، لم يعد إلى أن يسفر).
خرجه أبو داود.
وقد تقدم أن أسامة تفرد به بهذا الإسناد، وإنما أصله: عن الزهري مرسلاً.
وفرقةً ادعت أن أحاديث التغليس منسوخة بالإسفار، منهم: الطحاوي.
وزعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغلس بالفجر قبل أن تتم الصلوات لما قدم المدينة، ثم لما أتمت الصلوات أربعاً أربعاً أطال في قراءة الفجر، وغلس بها حينئذ. وأخذه من حديث عائشة الذي ذكرناه في أول (الصلاة): أن الصلوات أتمت بالمدينة أربعاً، وأقرت الفجر لطول القراءة.
وهذا في غاية البعد، ولم ترد عائشة أنه حينئذ شرعت طول القراءة فيها عوضاً عن الإتمام، وإنما أخبرت أنها تركت على حالها لما فيها من طول القراءة، ولم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخفف القراءة في الفجر ثم أطالها، ولا أنه لما كان يخففها كان يسفر بها، وكل هذه ظنون لا يصح منها شيء.
وقد روي عن أحمد ما يدل على كراهة التأخير إلى الإسفار الفاحش.
قال إسحاق بن هانئ في (مسائله): خرجت مع أبي عبد الله من المسجد في صلاة الفجر، وكان محمد بن محرز يقيم الصلاة، فقلت لأبي عبد الله: هذه الصلاة على مثل حديث رافع بن خديج في الإسفار؟ فقال: لا، هذه صلاة مفرط؛ إنما حديث رافع في الإسفار أن يرى ضوء الفجر على الحيطان. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: الحديث في التغليس أقوى.
يشير أحمد إلى أنه مع تعارض الأحاديث يعمل بالأقوى منها، وأحاديث التغليس أقوى إسناداً وأكثر.
وكذلك الشافعي أشار إلى ترجيح أحاديث التغليس بهذا، وعضده بأنه: موافقاً ظاهر القرآن من الأمر بالمحافظة على الصلوات.
وقد حمل أحمد حديث رافع في الإسفار في هذه الرواية على ظاهره، لكنه فسر الإسفار برؤية الضوء على الحيطان، وجعل التأخير بعده تفريطاً.
وبعضهم قال أن أول الوقت وآخره سواء في الفضل. انتهى ملخصاً من فتح الباري لابن رجب 3/ 218 239
قلت سيف بن دورة الكعبي: أكثر الأحاديث تدل على التغليس بقي نقول أحياناً النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة وهو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم، وأحيانا أقصر من ذلك.
سئل الشيخ بن باز رحمه الله
يتأخر البعض في صلاة الفجر حتى الإسفار معللين ذلك بأنه ورد فيه حديث وهو: ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)) هل هذا الحديث صحيح؟ وما الجمع بينه وبين حديث: ((الصلاة على وقتها))؟
فأجاب رحمه الله
الحديث المذكور صحيح أخرجه أحمد وأهل
السنن بإسناد صحيح عن رافع بن خديج رضي الله عنه، وهو لا يخالف الأحاديث الصحيحة الدالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس، ولا يخالف أيضاً حديث: ((الصلاة لوقتها)) وإنما معناه عند جمهور أهل العلم: تأخير صلاة الفجر إلى أن يتضح الفجر، ثم تؤدى قبل زوال الغلس، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤديها، إلا في مزدلفة فإن الأفضل التبكير بها من حين طلوع الفجر؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حجة الوداع. وبذلك تجتمع الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في وقت أداء صلاة الفجر، وهذا كله على سبيل الأفضلية. ويجوز تأخيرها إلى آخر الوقت قبل طلوع الشمس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وقت الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)) رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، والله ولي التوفيق.
جواب سيف بن دورة الكعبي: ورد في:
34 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
12963 قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبدالله حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الغداة فصلى حين طلع الفجر، ثم أسفر فقال أين السائل عن وقت صلاة الغداة قال ما بين هذين وقت.
وورد في الصحيح المسند 1287 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحو
قال صاحبنا: نورس الهاشمي:
وقت صلاة الغداة:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
الحديث يبين أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر ممتد الى آخر الإسفار، و الصلاة بين هذين الوقتين صحيحه، و لا يفهم من ذلك التفريط في مبادرتها في أول الوقت، أو التساهل في تأخيرها و ترك الجماعة، فليس هذا المقصود، و إنما المراد المبادرة في أول وقتها ويمتد الى الإسفار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت قراءته بين الستين الى المئة.
قال أبو عمر: وفي هذا الحديث أيضا أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر وإن وقتها ممدود إلى آخر الإسفار حتى تطلع الشمس. التمهيد (4/ 334)
قال ابن المنذر في الأوسط (ج 2/ 347 – 348): وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صلى الصبح بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فقد صلاها في وقتها.
قال ابن رجب في الفتح (3/ 237 – 238): قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن خرشة بن الحر، قال: كان عمر يغلس بالفجر وينور.
وحدثنا سيف بن هارون، عن عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، قال: كان علي ينور بها أحياناً، ويغلس بها أحياناً.
وفعل هؤلاء يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون ذلك على حسب مراعاة حال المأمومين في تقديمهم وتأخيرهم، وقد روي هذا صريحاً عن عمر.
والثاني: أن يكون التقديم والتأخير عندهم سواء في الفضل.
قال ابن عبد البر: ذهب طائفة إلى أن أول الوقت وآخره سواء في الفضل؛ لقوله: (ما بين هذين وقت).
قال: ومال إلى ذلك بعض أصحاب مالك، وذهب إليه أهل الظاهر، وخالفهم جمهور العلماء. انتهى
قال ابن عبد البر في التمهيد (ج 4/ 333): والله أعلم وفي هذا الحديث من الفقه تأخير البيان عن وقت السؤال إلى وقت آخر يجب فيه فعل (ذلك إذا كان لعلة جائز عند أكثر أهل العلم) وأما تأخير البيان عن حين تكليف الفعل والعمل حتى ينقضي وقته فغير جائز عند الجميع.
وقد اختلف العلماء في وقت الفجر المختار، فذهب أبوحنيفة وسفيان بن سعيد وأكثر العراقيين: إلى أنّ الإسفار أفضل، قالوا: وهو قوة الضوء، قال في المحيط: إذا كانت السماء مصحبة بالإسفار أفضل إلا للحاج
فالمراد لغة، فهناك التغليس أفضل، وفي المبسوط: الإسفار بالفجر أفضل من
التغليس في الأوقات كلّها، قال الطحاوي: إن كان من غرمه التطويل شرع
بالتغليس ليخرج في الإسفار، قال: وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، قال:
وحديث الإسفار ناسخ لحديث التغليس،/
وقال الدبوسي: لا يدع التأخّر لمن
ينام في بيته بعد الفجر، بل يحضر المسجد لأوّل الوقت، ثم ينتظر الصلاة
ليكون له ثواب المصلى بانتظارها، ويكف عن الكلام بالكينونة في المسجد، ثم
يصلى لآخر الوقت، ولو صلى لأوّل الوقت قبل ما يمكنه المكث والمقام إلى
طلوع الشّمس، بل ينتشر بعد الفراغ لحديث الدنيا، وذهب الشافعي وأحمد
وإسحاق والليث والأوزاعي وأبو ثور وداود ومالك في الصحيح عنه: إلى أن … التغليس أفضل، قال ابن المنذر: وقد روينا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وأبي موسى وابن الزبير وابن عمر، وأبي هريرة أخبارا تدل على أنّ التغليس
بالصلاة أفضل من تأخيرها انتهى. قد ذكرنا عن علي ما يخالف هذا وكذلك
عن عمر بن الخطاب، وأما آخر وقتها، فمذهب الجمهور: أنه طلوع الشمس،
قال القرطبي: وهو المشهور من مذهب مالك، قال: وعلى هذا لا يكون لهما
عنده وقت ضرورة ولا يؤثم تارك الصلاة إلى ذلك الوقت تعمدا، وروى ابن
القاسم وابن عبد الحكم عنه أنّ أخر وقتها الإسفار الأعلى، فعلى هذا يكون ما
بعد الإسفار وقت لأصحاب الأعذار، ويؤثم من أخرّ إلى ذلك الوقت وعن
أبي سعيد الإصطخري: من صلاها بعد الإسفار الشديد كان قاضيا لا مؤديا
وإن لم تطلع الشمس، ومن الاشراف أجمع أهل العلم على أنّ: مصلى الصبح
بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس أنه مصليها في وقتها، وقال في الإقناع:
أوّل وقت صلاة الصبح: طلوع الفجر الثانى المعترض المتطير، وآخر وقتها لغير
المعذور: الإسفار انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث جعله في الأوّل وقتا مطلقا
لغير المعذور، وللمعذور في الثانى قدّم بالمعذور/وجعله إجماعا، وقد ذكرنا قبل
أن الإجماع والله تعالى أعلم. شرح ابن ماجه لمغلطاي (969 – 970).انتهى
قلت: فمن فقال بالإسفار، استدل بالحديث عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم فهو أعظم لأجر. خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي، قال ابن عبدالبر: وهذا أحسن أسانيد هذا الحديث.
و من فضل بالتغليس، والحجة لهم في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح فينصرف النساء (متلففات بمروطهن) ما يعرفن من الغلس وأنه صلى الله عليه وسلم لم يزل يغلس بالصبح إلى أن توفي صلوات الله عليه.
قال أبو عمر صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون ومحال أن يتركوا الأفضل ويأتوا الدون وهم النهاية في إتيان الفضائل. التمهيد (4/ 340).
قال النووي رحمه الله تعالى: لصلاة الصبح اسمان: الفجر، والصبح، جاء القرآن بالفجر، والسنة بالفجر والصبح، قال الشافعي رحمه الله في الأم: أحب أن لا تُسَمَّى إلا بأحد هذين الاسمين، ولا أحب أن تسمى الغداة، هذا نص الشافعي، وكذا قال المحققون من أصحابنا، فقالوا: يستحب تسميتها صبحًا وفجرًا، ولا يستحب تسميتها غداةً، ولم يقولوا: تكره تسميتها غداة، وقول صاحب المهذب، وشيخه أبي الطيب: “يكره أن تسمى غداة” غريب ضعيف، لا دليل له، وما استدل به؛ من أن الله تعالى سماها بالفجر، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم الصبح، لا يدل على الكراهة، لأن المكروه ما ثبت فيه نهي غير جازم، ولم يَرِدْ في الغداة نهي، بل اشتهر استعمال لفظ الغداة فيها في الحديث وفي كلام الصحابة رضي الله عنهم من غير معارض، فالصواب أنه لا يكره، لكن الأفضل الفجر، والصبح. والله أعلم. انتهى “المجموع” جـ 3 ص 46.
وسئل ابن تيمية:
هل التغليس أفضل أم الإسفار؟.
فأجاب:
الحمد لله، بل التغليس أفضل إذا لم يكن ثم سبب يقتضي التأخير فإن الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أنه كان يغلس بصلاة الفجر كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: {لقد كان رسول صلى الله عليه وسلم الله يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس} والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في مسجده قناديل كما في الصحيحين عن أبي برزة الأسلمي: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بما بين الستين آية إلى المائة وينصرف منها حين يعرف الرجل جليسه …
وبهذا تتفق معاني أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأما إذا أخرها لسبب يقتضي التأخير مثل المتيمم عادته إنما يؤخرها ليصلي آخر الوقت بوضوء والمنفرد يؤخرها حتى يصلي آخر الوقت في جماعة أو أن يقدر على الصلاة آخر الوقت قائما وفي أول الوقت لا يقدر إلا قاعدا ونحو ذلك مما يكون فيه فضيلة تزيد على الصلاة في أول الوقت فالتأخير لذلك أفضل والله أعلم. المجموع (22/ 97 – 98) بتصرف
“. قال الألباني: وهو من أدلة القائلين بأن الوقت الأفضل لصلاة الفجر إنما هو الغلس وعليه جرى الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته كما ثبت في الأحاديث الصحيحة وإنما يستحب الخروج منها في الإسفار وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ” أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر “. ” السلسلة الصحيحة ” (ج 3/ 109)
وسئل فضيلة العلامة العثيمين: أيهما أفضل تعجيل الفجر أم تأخيرها؟
فأجاب بقوله: تعجيلها أفضل لقوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات) وهذا يحصل بالمبادرة بفعل الطاعة، ولأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعجل بصلاة الفجر ويصليها بغلس وينصرف منها حين يعرف الرجل جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المئة، وقراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتلة يقف عند كل آية مع الركوع والسجود وبقية أفعال الصلاة فدل ذلك على أنه كان يبادر بها جدا.
فإن قيل: جاء في الحديث: ” أسفروا بالفجر فإنه أعظم لأجوركم ”
فالجواب: أن المراد لا تتعجلوا بها حتى يتبين لكم الإسفار وتتحققوا منه، وبهذا نجمع بين هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراتب الذي كان لا يدعه وهو التغليس بالفجر وبين هذا الحديث والله أعلم. المجموع (12/ 210 – 211).
قال الشيخ البسام:
وأجابوا عن حديث ” أسفروا بالفجر … إلخ ” بأجوبة كثيرة، وأحسنها جوابان:
1 . فإما أن يراد بالأمر بالإسفار تحقق طلوع الفجر حتى لا يتعجلوا، فيوقعونها في أعقاب الليل، ويكون ” أفعل التفضيل ” الذي هو ” أعظم ” جاء على غير بابه، وهو يأتي لغير التفضيل كثيراً.
2 وإما أن يراد بالإسفار إطالة القراءة في الصلاة، فإنها مستحبة، وبإطالة القراءة، لا يفرغون من الصلاة، إلا وقت الإسفار. تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، (87).
قال العباد شرح سنن ابي داود: يعني أنه كان يحافظ على الصلاة في أول وقتها ولم يعد إلى الإسفار، وإنما فعله في بعض الأحيان لبيان الجواز ولبيان أن ذلك سائغ، ولكن الذي داوم عليه والمعروف من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها بغلس.
2016/ 8/4، 9:26 ص سيف الكعبي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
[ومن كتاب الإيمان]
مختلف الحديث رقم:91
كيف التوفيق بين ما جاء في حديث عن عبدالله بن مسعود قال: كنا مع النبي في قبَّة، فقال: ((أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟))، قلنا: نعم، قال: ((أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة)) قلنا: نعم، قال: ((أترضَون أن تكونوا شَطر أهل الجنة))، قلنا: نعم، قال: ((والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر)).
رواه مسلم.
وبين ما جاء بـ[بأن أهل الجنة عشرون ومائة صف هذه الأمة منها ثمانون صفا].