72 جامع الأجوبة الفقهية ص123
مسألة: هل يشترط النية في إزالة النجاسة؟
”””’
مشاركة مجموعة ناصر الريسي؛؛:
أختلف أهل العلم في اشتراط النية لإزالة النجاسة على قولين:
الأول: أن إزالة النجاسة لا يشترط لها نية، وهذا قول جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة،
انظر؛ بدائع الصنائع (1/ 19)، والمجموع (1/ 354)،
والمبدع (1/ 117)، الموسوعة الفقهية الكويتية (29/ 95)
الثاني: اشترطوا النية في طهارة الاستنجاء من المذي خاصة، وهو المعتمد في مذهب المالكية.
انظر (حاشية الدسوقي (1/ 112)). وقال القرافي: تشترط النية في إزالة كل النجاسات، مواهب الجليل (1/ 160).
قال في حاشية الدسوقي
(1/ 112): واعلم أن غسل الذكر من المذي وقع فيه خلاف، قيل: إنه معلل بقطع المادة، وإزالة النجاسة.
وقيل: إنه تعبد، والمعتمد الثاني. (أي كونه تعبداً) ثم قال: ويتفرع أيضاً، هل تجب النية في غسله أو لا تجب، فعلى القول بالتعبد تجب، وعلى القول بأنه معلل لا تجب، والمعتمد وجوبها. اهـ
وأما في غير المذي فقد صرحوا بأن الاستنجاء يجزئ بلا نية،
جاء في التاج والإكليل:
(1/ 229): قال ابن أبي زيد في الاستنجاء: ويجزئ فعله بغير نية، وكذلك غسل الثوب النجس. اهـ
وانظر مواهب الجليل (1/ 160).
دليل الجمهور على عدم اشتراط النية:
1 : الإجماع.
حكى جماعة الإجماع على أن طهارة الخبث لا تحتاج إلى نية، منهم القرطبي في تفسيره (تفسير القرطبي (5/ 213)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 101) وابن بشير وابن عبد السلام من المالكية ومواهب الجليل (1/ 160)، والبغوي، وصاحب الحاوي من الشافعية والمجموع (1/ 354)، وشيخ الاسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى (22/ 477)
2 إن الطهارة من الخبث من باب التروك، وهو لا يحتاج إلى نية كترك الزنا والخمر، فلو أن المطر نزل على ثوب نجس، فزالت النجاسة طهر الثوب ولو لم ينو.
قال إبن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1/ 197): إزالة النَّجاسة ليست فعلاً، ولكنها تَخَلٍّ عن شيء يُطلب إِزالته، فلهذا لم تكن عبادة مستقلَّة، فلا تُشتَرطُ فيها النيَّة.
3 الخبَث معنًى، متى ما زال، زال حُكمه؛ فلا معنى لاشتراط النيَّة.
دليل المالكية على اشتراط النية:
الأول:
عن علي قال كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فسأل فقال توضأ واغسل ذكرك (صحيح البخاري (269)، ومسلم (303).
الثاني: فقوله صلى الله عليه وسلم: اغسل ذكرك، حقيقة في جميع الذكر، فهو مفرد مضاف، فيعم جميع الذكر، فيغسل مخرج الذكر من أجل النجاسة، أما بقية الذكر فالراجح عندهم أن غسله تعبدي غير معقول المعنى، وهذا سبب اشتراط النية.
الثالث: وقال القاضي أبو الوليد كما في المنتقى للباجي (1/ 50): الصحيح عندي أنه يفتقر إلى النية لأنها طهارة تتعدى محل وجوبها
وأجيب:
بما قاله بعضهم: إن غَسْل الذكر إنما هو من أجل قطع مادة المذي، فهو كغسل النجاسات، لا يفتقر إلى نية.
الثاني:
أن الله سبحانه وتعالى أوجب على عباده حال المثول بين يديه أن يتطهروا من الخبث كما يتطهرون من الحدث، فتكون من باب المأمورات التي لا تكفي صورتها في تحصيل مصلحتها، فتحتاج إلى النية (الذخيرة 1/ 190).
وأجيب:
أن طهارة الخبث من باب التروك وهو لا يحتاج إلى نية كترك الزنا والخمر. فلو أن المطر نزل على ثوب نجس، فزالت النجاسة طهر الثوب ولو لم ينو.
”””’
مشاركة سعيد الجابري:
قلت: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإن القصد في إزالة النجاسة ليس بشرط عند أحد من الأئمة الأربعة ولكن بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد ذكروا وجها ضعيفا في ذلك؛ ليطردوا قياسهم في مناظرة أبي حنيفة في اشتراط النية في طهارة الحدث.
(مجموع الفتاوى)
وقال الإمام النووي في شرح مسلم: وأما إزالة النجاسة فالمشهور عندنا أنها لاتفتقر إلى نية لأنها من باب التروك والترك لايحتاج إلى نية وقد نقلوا الإجماع فيها وشذ بعض أصحابنا فأوجبها وهو باطل.
(شرح صحيح مسلم)
”مشاركة سيف بن دورة الكعبي:
قال بعض علماء نجد في سؤال وجه له:
“الخامسة” إذا كان في أعضاء الوضوء أو في بدن الجنب نجاسة؛ فزالت بغسل الوضوء أو غسل الجنابة، ولم ينو إزالتها هل تزول أم لابد من النية؟.
“الجواب” غسل النجاسة لا يفتقر إلى نية، بل متى زالت عين النجاسة بالماء طهر المحل؛ لأنها من التروك بخلاف الأوامر، فإنها مفتقرة إلى نية لقوله عليه السلام: “إنما الأعمال بالنيات” الحديث، لكن عليه أن يزيل النجاسة عن أعضائه وعن بدنه قبل الغسل.
وأجاب بعض لجان الفتوى في سؤال وجه لهم مفاده: [السُّؤَالُ]
ـ[فهل يجب استحضار نية الوضوء أو الصلاة عند الاستنجاء لإتمام الوضوء، وهل يكفي الاستنجاء عند رفع الحدث دون استحضار نية الوضوء لإتمام الوضوء والدخول في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على من استنجى أن يستحضر حال الاستنجاء أن يكون هذا الاستنجاء للوضوء ولا استحضار نية الوضوء ثم الدخول في الصلاة عند الاستنجاء، والاستنجاء نفسه لا تشترط له نية في قول أكثر أهل العلم، بل حكى بعض العلماء الإجماع عليه.
قال النووي في المجموع: إزالة النجاسة لا تفتقر إلى نية فهو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور، ونقل صاحب الحاوي والبغوي في شرح السنة إجماع المسلمين عليه، وحكى الخراسانيون وصاحب الشامل وجها أنه يفتقر إلى النية .. إلخ.
وقال الحطاب المالكي: إزالة النجاسة لا يشترط فيها النية هذا هو المعروف، وحكى القرافي قولا بأنها تفتقر للنية وهو ضعيف؛ بل حكى ابن بشير وابن عبد السلام الاتفاق على عدم افتقارها للنية ..
ومحل الشاهد أن الاستنجاء نفسه لا يحتاج إلى نية الاستنجاء، فمن باب أولى أن لا تجب النية في الاستنجاء لأجل الوضوء والصلاة بعده.
والله أعلم.