1395 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مشاركة مجموعة مصطفى الموريتاني.
الصحيح المسند
1395 قال الإمام الدارمي رحمه الله: أخبرنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة ان نبي الله صلى الله عليه و سلم قال: ما من أمير عشرة الا يؤتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه أطلقه الحق أو أوبقه.
مجموعة مصطفى الموريتاني
ورد في مسند أحمد بإسناد جيد وفيه (يفكه العدل أو يوبقه الجور) وهو في الصحيحة 2921
وورد في الضعيفه 6866 وفيه (وإن كان مسيئا؛ زيد إلى غله)
فكلمة (زيد) لا تصح.
وورد عن يحيى عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة موقوف: ما من أمير عشرة …
رواه عنه مالك
واعلم أن كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة، أو درء مفسدة لقوله تعالى {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ولقوله عليه السلام ” من ولي من أمور أمتي شيئا ثم لم يجتهد لهم , ولم ينصح فالجنة عليه حرام ” .. اهـ
وقال الفقيه الحنفي ابن نجيم في الأشباه والنظائر ص139:
تصرف القاضي فيما له فعله في أموال اليتامى، والتركات، والأوقاف مقيد بالمصلحة، فإن لم يكن مبنيا عليها = لم يصح.
وفي المنثور في القواعد للفقيه الزركشي الشافعي 1/ 309:
تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة نص عليه: قال الفارسي في عيون المسائل: قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: “منزلة الوالي من الرعية: منزلة الوليّ من اليتيم ” انتهى.
وهو نص في كل وال. اهـ.
والعدل في الرعية يدل عليه الشرع والعقل:
أولاً: من الكتاب: قول الله عز وج: “إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (النحل:90). فهذا أمر بإقامة العدل، والعدل اسم جامع لكل ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو ضد الجور، ومما يتضمنه اسما لعدل، العدل في الأموال عطاءً وتقديراً فيكون مأموراً به، بل دخول المال في الآية أولوي؛ لعظم مكانة المال في النفوس، وشدة الشح به، وهو من أخطر أسباب التباغض والشحناء.
ثانياً: من السنة:
1 الأحاديث التي دلت على عقوبة من لم يعدل في رعيته، ومنها:
أ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً، لا يفكه إلا العدل، أو يوبقه الجور.
ب وعن معقل بن يسار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من والي أمة قلَّت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبَّه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار. الضعيفة 2033
دل الحديثان على وجوب عدل ولي الأمر في شؤون رعيته، وتحريم الجور فيها؛ إذ مثل هذا الوعيد الشديد لا يمكن أن يكون إلا على فعل كبيرة من كباشر الذنوب، ولا شك أن من آكد شؤون المسلمين التي يجب العدل فيها المال؛ فإنه قسيم النفس، قال ابن حجر في بيان ما يقع به الجور ويحصل ذلك بظلمه لهم، وبأخذ أموالهم، أو سفك دمائهم، أو انتهاك أعراضهم، وحبس حقوقهم .. ونقل عن ابن بطال قوله: .. وهذا وعيد شديد على أئمة الجور، فمن ضيع من استرعاه الله، أو خانهم، أو ظلمهم، فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة، فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة.
2 الأحاديث التي دلت على فضيلة الإمام العادل في رعيته، والأجر العظيم الذي ينتظره يوم القيامة، ومنها:
أ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلساً، إمام عادل، وأبغض الناس إلى الله يوم القيامة، وأبعدهم منه مجلساً إمام جائر.
ب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل … .
ج عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذي يعدلون في حكمهم، وأهليهم، وما ولوا.
ففي هذه الأحاديث حث عظيم لأهل الولايات على العدل فيما ولوا، وهو يشعر بمدى أهمية العدل في الولاية، حتى وعد المتصف به بكل هذه الفضائل التي قل أن تجتمع في شيء.
قال النووي شارحاً قوله صلى الله عليه وسلم: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا: معناه: أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة، أو قضاء، أو حسبة، أو نظر … (48)، والمال مما يليه ولي الأمر للمسلمين، فكان من جملة الأمور التي يترتب على إقامة العدل فيها هذا الأجر العظيم.
ثالثاً: من المعقول:
أ إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالعدل في القسم بين الأولاد، ونهى أن يخص الأب أحدهم بشيء دون الآخر، وعد التخصيص بالعطية جوراً. فإذا كان المرء مأموراً بالعدل ومنهياً عن الظلم في ماله الذي يملكه، وبين أولاده الذين مالُهم مالُه، فأولى أن يثبت هذا الأمر والنهي في حق ولي الأمر، الذي يتصرف على من ليسوا بأولاد، ولا هم إخوة، وفي مال ليس بماله، بل مالُهم جميعاً.
ب إنه إذا تقرر وجوب أن يتصرف ولي الأمر في المال العام بالأصلح للمسلمين كما تقدم فإن مقتضى ذلك العدل بينهم في قسم مالهم؛ لأن هذا أصلح لهم.
مثلا: ما يتحقق به العدل في إنفاق المال العام: يتحقق العدل في المال العام إعطاء كل ذي حق حقه: قال الشافعي وإن فضل بعضهم على بعض في العطاء فذلك تسوية إذا كان ما يعطى لكل واحد منهما لسد خلته.
ومنه حديث:
عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه من يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى العزب حظاً صحيح أبي 2953
بل تجوز المفاضلة حسب المصلحة كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بعض المؤلفة قلوبهم مائة من الإبل
وقال صاحب التنوير:
: (ما من أمير عشرة) فصاعداً (إلا وهو يؤتى به يوم القيامة مغلولاً) أي مغلولة يده إلى عنقه وتقدم مصفداً. (حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور) أوبقه أهلكه ولا يفكه من الغل إلا الهلاك بمعنى أنه يرى بعد الفك الهلاك أو بعد الغل سلامة. (هق عن أبي هريرة)، رمز المصنف لحسنه، وقال الذهبي: فيه عبد الله ابن محمَّد عن أبيه وهو واه انتهى، ورواه عنه باللفظ المزبور البزار والطبراني في الأوسط , قال المنذري: رجاله رجال الصحيح.
ثم ذكر حديث ابن عباس بنحوه ونقل أن الذهبي قال: إسناده حسن.
وقال: وهذا شامل لمن كان أميرا على أهله في منزله
بوب عليه المنذري باب
2 (ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره، وترهيبه أن يشق على رعيته أو يجور أو يغشهم أو يحتجب عنهم أو يغلق بابه دون حوائجهم).
ثم أورد أحاديث كثيرة في الباب منها حديث (السبعة الذين يظلهم الله في ظله)، وحديث (إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا) أخرجه مسلم
وحديث (أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال) أخرجه مسلم
وحديث “ما مِنْ عبدٍ يَسْتَرْعيه الله عزَّ وجلَّ رَعيَّةً، يموتُ يومَ يموتُ وهو غَاشٌّ رَعيَّتَهُ؛ إلا حَرَّمَ الله تُعالى عليه الجَنَّةَ”.
وفي رواية:”فلم يُحِطْها بِنُصْحِهِ، لَمْ يَرَحْ رائحَةَ الجَنَّةِ”.رواه البخاري ومسلم.
وحديث:
“ما مِنْ أميرٍ يَلي أمورَ المسلمينَ ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ، ويَنْصَح لَهُم؛ إلا لَمْ يَدْخلْ معَهُمُ الجَنَّةَ”.
[حسن] رواه مسلم،
وبوب مسلم باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها وأورد أحاديث منها حديث عبدالرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبدالرحمن، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة أكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وحديث (إنا لا نولي على هذا العمل أحدا يسأله، ولا أحدا حرص عليه) ثم بوب باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، وأورد فيه حديث سؤال أبي ذر العمل فقال (يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها) ثم بوب باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم؛ وأورد أحاديث منها عن عبد الرحمن بن شماسة، قال: أتيت عائشة أسألها عن شيء، فقالت: ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر، فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئا، إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير، والعبد فيعطيه العبد، ويحتاج إلى النفقة، فيعطيه النفقة، فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في بيتي هذا: «اللهم، من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به»، وحديث: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))؛ قال القرطبي في المفهم: قد تقدم: أن الراعي: هو الحافظ للشيء المراعي لمصالحه. وكل من ذكر في هذا الحديث قد كلف ضبط ما أسند إليه من رعيته، واؤتمن عليه، فيجب عليه أن يجتهد في ذلك، وينصح، ولا يفرط في شيء من ذلك.
فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر، والأجر أكبر. وإن كان غير ذلك طالبه كل واحد من رعيته بحقه، فكثر مطالبوه، وناقشه محاسبوه؛ ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((ما من أمير عشرة فما فوقهم، إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا، فإما أن يفكه العدل، أو يوبقه الجور)). وقد تقدم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((من استرعي رعيه فلم يجتهد لهم، ولم يتصح لم يدخل معهم الجنة)).
والحديث ذكره الذهبي في الكبائر في غش الإمام الرعية
وهناك بحث بعنوان القائد أورد صفات مطلوبة في القائد فقال:
وعلى القائد أن يتحلى بالصفات الحميدة خاصة: الأمانة، والحكمة، والقدوة، والعزم، والصبر، العدل، واستشعار المسؤولية، والصدق، الوفاء بالعهد … وغير ذلك
وأورد مع كل صفة أدلة من الكتاب والسنة وآثار عن الصحابة والتابعين:
وفي العدل نقل النصوص السابقة؛ وقال:
قال شيخ الإسلام:” إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام … وذلك لأن العدل نظام كل شيء”
وذكر حديث قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه:” إن شئتم أنبأتكم عن الأمارة، أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل” الصحيحة1562
وهو في الصحيح المسند 1036
وورد في الصحيحة 394 بلفظ حديث الباب ثم تتمته الامارة أولها …
وقد ذكر العلماء حقوق الحاكم وحقوق الرعية ففي جواب اللجنة الدائمة أن من واجبات الحاكم العمل بشرع الله تعالى وإمضاء حكمه والنصح للرعية. انتهى
إن الأمة التي لا أمانة فيها هي التي تنتشر فيها الرشوة وتهمل الأكفاء وتبعدهم وتقدم من ليسوا أهلاً للوظائف والمناصب، وهذا من علامات الساعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)) فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة))
وعن معقل بن يسار قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) [متفق عليه].
فهذا تحذير من رذيلة خلقية وهي الغش للرعية ليكون محلها النصح للرعية.
وفي لفظه: ((ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجتهد لهم ولا ينصح لهم إلا لم يدخل الجنة)) [رواه مسلم].
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فأرفق به)) [رواه أحمد ومسلم].
وفي هذا الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم ترغيب وترهيب في رفق القائد بالأمة وبعده عن المشقة عليهم.
وفي السيرة العملية للرسول القائد صلى الله عليه وسلم يأتي ما رواه جابر رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم)) [رواه أبو داود 2629] وصححه الألباني في صحيح أبي داود وهو في الصحيحة 2120.
قال محقق الدراري ط الآثار فيه عنعنة أبي الزبير لكن قلنا في تحقيقنا لسنن أبي داود أن الألباني قال: صرح بالتحديث
وعلى الأمير المشاورة لما فيه صلاح المسلمين: قال الشوكاني في الدراري: وأما كون على الأمير مشاورة الجيش والرفق بهم وكفهم عن الحرام فلدخول ذلك تحت قوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159] وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور الغزاة معه في كل ما ينوبه ووقع منه في غير موطن وأخرج مسلم وغيره من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور أصحابه لما بلغه إقبال أبي سفيان والقصة مشهورة وأجاب عليه سعيد بن عبادة بقوله: والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها وأخرج أحمد والشافعي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: مارأيت أحدا قط كان أكثر مشورة لأصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج مسلم رحمه الله وغيره من حديث عائشه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به” …. وذكر حديث معقل وحديث جابر وقد سبق ذكرهما