بسم الله الرحمن الرحيم
1 سلسلة الحقوق الشرعية: {حق الله تبارك وتعالى}
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولله عزوجل على عباده حقوقاً كثيرة نذكر منها:
[من حق الله تعالى على عباده
{الإيمان به سبحانه}]
قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [سورة البقرة 177]
وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ل كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [سورة البقرة 285]
وفي حديث جبريل عليه السلام، لما سُأل النبيل، عن الإيمان قال النبيل: {الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره} {مسلم}
وخلاصة ذلك أن الإيمان بالله جل وعلا يتضمن أربعة أمور:
1 الإيمان بوجود الله عزوجل وهذا الأمر قد دلت عليه الفطرة فما من مخلوق إلا قد فطر على الإيمان بالله ووجوده سبحانه، ودل العقل على وجود الله سبحانه وتعالى.
2 الإيمان بربوبية الله عزوجل، أي بأنه وحده هو الرب لا شريك له، وهو الخالق للعالم المدبر المحيي المميت، وهو الرزاق ذو القوة المتين، ولا يوجد أحد ينكر ربوبية الله عزوجل إلا مكابر ومعاند، قال تعالى في فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ل فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [سورة النمل 14]
3 الإيمان بألوهيته سبحانه وتعالى، وهو إفراد الله بالعبادة، وأنه لا يستحق العبودية غيره سبحانه وتعالى.
4 الإيمان بأسمائه وصفاته، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة نبيهل، من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
[ومن حق الله تعالى على عباده
{النصح له سبحانه}]
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، من حديث تميم الداري رضي الله عنه، أن النبيل، قال: {الدين النصيحة (ثلاثاً)،قلنا لمن يا رسول الله، قال: لله عزوجل، ولكتابه، ولرسولهل، وللأئمة المسلمين وعامتهم}
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
فالنصيحة لله:
الإخلاص له؛ بالاعتراف بوحدانيته، وتفرُّده بصفات الكمال على وجه لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه، والقيام بعبوديته ظاهرًا وباطنًا، والإنابة إليه في كل وقت بالعبودية والطلب، رغبة ورهبة، مع التوبة والإستغفار الدائم.
بهجة قلوب الأبرار (18).
قال الشيخ ابن باز حمه الله:
فالنصيحة لله توحيده سبحانه وتعالى والإخلاص له وصرف العبادة له جل وعلا من صلاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك.
يعني: أن يعمل في غاية الإخلاص لله، لا يعبد معه سواه بل يعبده وحده، وينصح في هذه العبادة ويكملها، مع الإيمان به وبكل ما أمر به، وهكذا ينصح في أداء ما فرض الله عليه وترك ما حرم الله عليه يؤدي ذلك كاملاً لعلمه بحق الله وأن الله أوجبه عليه فهو يخلص في ذلك ويعتني به.
[من الموقع الرسمي للشيخ رحمه الله]
[ومن حق الله تعالى على عباده. {التعجيل بالتوبة}]
فلا يدري الإنسان ما يعرض له خلال عمره من حوادث الزمن ونوائب الدهر، فاليوم صحيح وغداً سقيم، واليوم غني، وغداً فقير، واليوم فراغ، وغداً في شغل، وهكذا.
فينبغي على العاقل أن يستغل وقته لما فيه خير له في دينه ودنياه، وليعجل بالتوبة النصوح، ولا يسوف ولا يؤجل ويقول غداً، غداً، قالل: {والله إني الأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة} {البخاري}، وقال ل: {أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة}
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فإذا تاب الإنسان إلى ربه حصل بذلك فائدتين:
الفائدة الأولى: امتثال أمر الله ورسوله؛ وفي امتثال أمر الله ورسوله كل الخير.
فعلى امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.
والفائدةالثانية: الإقتداءبرسول اللهل.
حيث كانليتوب إلى الله في اليوم مائة مرة؛ يعني: يقول: أتوب إلى الله، أتوب إلى الله …
والتوبة لابد فيها من صدق، بحيث إذا تاب الإنسان إلى الله أقلع عن الذنب.
أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه مُنطوٍ على فعل المعصية، أو على ترك الواجب أو يتوب إلى الله بلسانه، وجوارحه مُصِرَّة على فعل المعصية؛ فإن توبته لا تنفعه، بل إنها أشبه ما تكون بالإستهزاء بالله عزوجل!
كيف تقول أتوب إلى الله من معصية وأنت مُصرٌ عليها، أو تقول أتوب إلى الله من معصية وأنت عازم على فعلها؟
الإنسان لو عامل بشرًا مثله بهذه المعاملة لقال هذا يسخر بي، ويستهزئ بي!! كيف يتنصَّل من أمر عندي وهو مُتلبِّس به؟
ما هذا إلا هزؤٌ ولعب، فكيف برب العالمين؟
إن من الناس من يقول إنه تائب من الربا، ولكنهوالعياذ بالله مُصِرٌ عليه!! يمارس الربا صريحا، ويمارس الربا مخادعة ..
[شرح رياض الصالحين]
[ومن حق الله على عباده {الصبر}]
الصبر منزلة عُظمى لا يدركها إلا قلة من العباد الذين عرفوا قدر وعظمة هذه المنزلة عند الله تعالى، فالواجب على العباد أن يصبروا محتسبين، يصبروا على أقدار الله التي قدرها عليهم، فلا يجزع الإنسان ولا يعترض على قضاء الله وقدره، بل الواجب عليه الصبر والاحتساب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران 200]
وقال: {ومن يتصبّر يُصبّره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر} {متفق عليه}.
قال ابن بطال:
“أرفع الصابرين منزلة عند الله من صبر عن محارم الله، وصبر على العمل بطاعة الله، ومن فعل ذلك فهو من خالص عباد الله وصفوته، ألا ترى قوله ل: {لن تعطوا عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر} “.
قَوْله: {وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاء خَيْرًا وَأَوْسَع مِنْ الصَّبْر}
قال القاري:
” وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَامَ الصَّبْرِ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ؛ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِمَكَارِمِ الصِّفَاتِ وَالْحَالَاتِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَوْسَعَ: أَنَّهُ تَتَّسِعُ بِهِ الْمَعَارِفُ، وَالْمَشَاهِدُ، وَالْأَعْمَالُ، وَالْمَقَاصِدُ “.
“مرقاة المفاتيح” (4/ 1311).
انتهى من “شرح صحيح البخارى ” (10/ 182).
والصبر أنواع ثلاثة:
النوع الأول: الصبر على طاعة الله:
النوع الثاني: الصبر عن محارم الله:
النوع الثالث: الصبر على أقدار الله:
وهو قسمان:
الأول: أقدار الله الملائمة: وهي التي تحتاج إلى شكر والشكر من الطاعات التي تحتاج إلى صبر عليها، فيحصل له الثواب بإذن الله تعالى.
الثاني: أقدار الله المؤلمة: بحيث لا تلائم الإنسان، فقد يبتلى الإنسان في ماله وبدنه وأهله وغير ذلك، فأنواع البلايا كثيرة، وهي تحتاج إلى صبر وجلد ومعاناة، فيُصبّر الإنسان نفسه عما يحرم عليه من إظهار الجزع والهلع وعدم الرضا بما قدر الله عليه، سواءً باللسان أو بالجوارح، أو بالقلب.
فيصبر الإنسان على ما قدره الله عليه وليبشر بالثواب من الله تعالى، قال جل وعلا: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ل وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ل وَأُولَئِكَ هُمُ؟ الْمُهْتَدُونَ} [سورة البقرة 155 157]
[ومن حق الله تعالى على عباده … {الصدق معه سبحانه}]
قال ابن القيم واصفاً الصدق:
{وهي منزلة القوم الأعظم، الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم، الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران}.
[مدارج السالكين]
من ثمرات الصدق:
1 تحقيق العبودية لله تعالى بالإخلاص له، والمتابعة للنبيل.
2 حسن العاقبة لأهله في الدنيا والآخرة، لقولهل: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِّرِّ، وِإِنَّ البِّرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ.
3 مراقبة الله سبحانه وتعالى،
لقولهل:وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْق.
َ4 الثناء على صاحبه في الملأ الأعلى، لقولهل:حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا.
5 الثناء على أهله في الدنيا، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين}
6 حصول البركة العاجلة والآجلة، لقولهل:فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا.
البخاري (2079) ومسلم (1532)
7 عِظَم القَدْر، وعُلُو المنزلة في المجتمع، فالذي يتحلى بالصدق يَعْظُم قَدْرُهُ، وتعلو منزلته بين الناس؛ لاعتقادهم أنه ما فعل ذلك إلا عن حسن سيرة، ونقاء سريرة، وكمال عقل.
8 الطمأنينة والراحة النفسية، لِتَخَلُّصِه من المُكَدِّرات في تعامله مع الآخرين، فعن أبي الحوراء قال: قلت للحسن بن علي: ما حفظتَ مِن رسول اللهل؟
قال: حفظتُ مِن رسول اللهل:دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقِ طُمَانِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ.
9 ظهور الصدق على وجه صاحبه، فعن
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: [لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثَلَاثًا، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ]
10 تيسير أسباب الهداية للحق، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
قال الطبري: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} يقول: لنوفقنهم لإصابة الطريق المستقيمة، وذلك إصابة دين الله الذي هو الإسلام الذي بعث الله به محمدًال.
11 دوامُ الصلة بالله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع بطلب الثبات على الإيمان، لقوله:ل: [إِنَّ الإيمانَ لَيخلَقُ في جَوفِ أحدكم كما يَخلقُ الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يُجدد الإيمانَ في قلوبكم]
الصحيحة برقم: {1585}
12 الالتزام بالعهد، لقوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}
13 الصدق عاقبته خير، لقوله تعالى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُم} ْ.
14 الصدق نجاة لصاحبه، كما في قصة كعب بن مالك لما تخلف عن غزوة تبوك.
15 إدراك الأجور الكثيرة من الله تعالى وإن عجز عن العمل، ويدل على ذلك قولهل: [مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ]
مسلم (1909)
16 التوفيق لحسن الخاتمة، لقوله ل [وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا]
البخاري (6094)، ومسلم (2607)
17 حصول الثواب الأخروي، لالتزامهم بما أوجب الله عليهم من تحري الصدق تعبدًا لله تعالى، لقوله تعالى: قَالَ اللَّهُ {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}
قال القرطبي: [أي: صِدْقُهم في الدنيا، فأما في الآخرة فلا ينفع فيها الصدق.
وصدقهم في الدنيا يحتمل أن يكون صدقهم في العمل لله، ويحتمل أن يكون تركهم الكذب عليه وعلى رسله، وإنما ينفعهم الصدق في ذلك.
[ومن حق الله تعالى على عباده {مراقبته} سبحانه وتعالى]
قال ابن منظور:
راقب الله تعالى في أمره أي خافه، ورقبه يرقبه رقبة ورقبانا، بالكسر فيهما، ورقوبا، وترقّبه، وارتقبه: انتظره ورصده، وارتقب: أشرف وعلا، والمرقب والمرقبة: الموضع المشرف، يرتفع عليه الرّقيب.
ورقب الشّيء يرقبه: حرسه، وفي أسماء الله تعالى: {الرّقيب}: وهو الحافظ الّذي لا يغيب عنه شيء، فعيل بمعنى فاعل.
مقاييس اللغة (2/ 427) ولسان العرب (1/ 424/ 426)
قال ابن القيّم: المراقبة دوام علم العبد وتيقّنه باطّلاع الحقّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه.
مدارج السالكين (2/ 68).
قال ابن كثير عند قول الله تعالى ل إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا لأي: هو مراقب لجميع أعمالكم وأحوالكم كما قال: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [البروج 9]
وفي الحديث الصحيح {اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك}
وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب …
تفسير ابن كثير (2/ 206)
يقول ابن القيم في النونية:
وَهْوَ الرَّقِيبُ عَلَى الخَوَاطِرِ واللَّوَا …
حِظِ كَيْفَ بالأَفْعَالِ بالأَرْكَانِ
[القصيدة النونية (244)]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله: {كيف بالأفعال بالأركان}: أي أنه إذا كان الله – عز وجرقيبا على دقائق الخفيات، مطلعا على السرائر و النيات كان من باب أولى شهيدا على الظواهر و الجليات، وهي الأفعال التي تفعل بالأركان أي الجوارح”.
شرح القصيدة النونية للسعدي (ص89).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
فهوعزوجل رقيب يراقب الخواطرَ والأفعال، ذكر ثلاثة أشياء:
الخواطرَ في القلب،
واللواحظَ في العين،
والأركان في بقية الأعضاء،
ولهذا قال: (كَيْفَ بالأَفْعَالِ بالأَرْكَانِ؟!)
فهو_سبحانه وتعالى_رقيب على خواطرنا، على ما في قلوبنا؛ لقوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ل وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق 16]،
وكذلك اللواحظ لقول الله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [سورة غافر 19]،
وهذه الآية فيها دليل لهذا وهذا، كيف بالأفعال؟ من باب أولى؛ يعني: حركاتُنا الآن يراها الله عزوجل ويراقبُها_تبارك وتعالى_، فما من إنسانٍ يتحرك في أي مكان ولا ملكٍ ولا من أي شيء ٍّ يتحرك إلا والله_سبحانه وتعالى_يعلمُه ويراقبُه_وهذا دليل على إحاطته_سبحانه وتعالى_بكل شيء علماً.
شرح الكافية الشافية (3/ 152)
ذم التخلي عن المراقبة:
1 عدم المراقبة من صفات المنافقين.
قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا {[النساء/107، 108].
2 تعريض الحسنات للضياع.
فعن ثَوْبَانَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ لأَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَاتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا الله عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا».
قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا؛ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ. قَالَ: {أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَاخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَاخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا}
رواه ابن ماجة، وهو في الصحيح المسند برقم: [189]
من فوائد [المراقبة]
1 الفوز بالجنّة والنّجاة من النّار.
2 الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة.
3 دليل على كمال الإيمان وحسن
الإسلام.
4 تثمر محبّة الله تعالى ورضاه.
5 دليل على حسن الخاتمة.
6 مظهر من مظاهر صلاح العبد واستقامته.
راجع سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى رقم (29) عند الكلام على اسم الله [الرقيب]
[ومن حق الله على عباده. {تقواه} سبحانه]
ذكر الحافظ ابن رجب: نقولاً كثيرة في كتابه «جامع العلوم والحكم» تُظهر عنايةَ السَّلف بالتَّقوى ورعايتَهم لها وروايتَهم فيها ودرايتَهم بها.
حقيقتها:
قال طلق بن حبيب رحمه الله : ـ لمَّا كانت فتنة ابن الأشعث ـ: «إذا وقعت الفتنة فادفعوها بالتَّقوى؛ قالوا: وما التَّقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله تخاف عقاب الله».
أخرجه ابن المبارك في «الزُّهد» (1054)
قال ابن القيِّم: «وهذا من أحسن ما قيل في حدِّ التَّقوى».
«الرِّسالة التَّبوكيَّة» (45).
أهميتها:
وإنَّ ممَّا يدلُّ على أهمِّيتها ويؤيِّد القول بعظم قدرها وعموم أثرها ما يلي:
كونها ـ التَّقوى ـ وُسمت بكلمة التَّوحيد والإخلاص وسمِّيت بها: قال تعالى: لإِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًال [الفتح: 26]
قال ابن القيِّم: «وكلمة التَّقوى هي الكلمة الَّتي يتَّقى الله بها, وأعلى أنواع هذه الكلمة هي قول: «لا إله إلاَّ الله» , ثمَّ كلُّ كلمةٍ يُتَّقى الله بها بعدها فهي من كلمة التَّقوى».
«شفاء العليل» (ص60).
وهي كذلك ميزان التَّفاضل بين النَّاس وعنوان أهل الإكرام والإعزاز, قال تعالى: ليَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌل [الحجرات:13] , وما في هذه الآية يدلُّك على أنَّ التَّقوى هي المراعى عند الله وعند رسولهدون الحسب والنَّسب.
هي ميزان الأعمال وميزة حسنها وبرهان قبولها وعنوانها وشعار أهلها, قال تعالى: لإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَل [المائدة: 27] ,
قال ابن القيِّم رحمه الله : «وأحسن ما قيل في تفسير الآية: أنَّه إنَّما يتقبَّل الله عمل من اتَّقاه في هذا العمل, وتقواه فيه أن يكون لوجهه على موافقة أمره, وهذا إنَّما يحصل بالعلم, وإذا كان هذا منزلة العلم وموقعه عُلِم أنَّه أشرف شيءٍ وأجلُّه وأفضله».
«مفتاح دار السَّعادة» (1/ 82).
وهي وصيَّة الأنبياء لأقوامهم, فكانت محتوى بيانهم ومقتضى خطابهم, فما من نبيٍّ أرسله الله إلاَّ أوصى قومه بتقوى الله تعالى, وأكَّد في الوصيَّة لما لها من الأهمِّيَّة.
فبها أوصى نوحٌ؛ قومَه, قال تعالى: لإِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَل [الشّعراء:106] , وعليها قامت ودامت وصيَّةُ غيره من الأنبياء والمرسلين, قال تعالى عنهم: لإِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَل [الشّعراء:124] , وقال تعالى: لإِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَل [الشّعراء:142] , وقال تعالى: لإِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَل [الشّعراء:161] , وهكذا استمرَّت الوصيَّة بها ـ من قبل الأنبياء ـ جميعهم, وزادها النَّبيُّ محمَّدٌبيانًا لعظيم شأنها وتأكيدًا على أهمِّيتها.
وممَّا يدلُّ كذلك على أهمِّيَّة التَّقوى أمر الله لعباده عامَّةً بالتَّحلِّي بها وأكَّد ذلك للمؤمنين خاصَّة حيث أمرهم بتقواه حقَّ تقاته, وممَّا جاء في ذلك من الأدلَّة قوله تعالى: لوَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِل [المؤمنون:52] ,وقوله تعالى:ليَا عِبَادِ فَاتَّقُونِل [الزمر:16] , وقال تعالى: ليَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَل [آل عمران:102].
وكانت وصيَّةً عظيمة الشَّأن والأهمِّيَّة لما أوصى الله تعالى بها كلَّ البريَّة، فقال تعالى:لوَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَل [النساء:131].
وتتجلَّى كذلك أهمِّيتها وعظمتها لمَّا أمر الله تعالى خلقه بعبادته لتحقيقها, فالتَّقوى ثمرةٌ للعبادة, والعبادةُ وسيلةٌ للتَّقوى, وممَّا جاء في ذلك من البيان ما ورد ذكره في القرآن من قوله تعالى: ليَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَل [البقرة:21] , وقوله تعالى في آية الصِّيام وأنَّه من أكبر أسباب التَّقوى حيث قال تعالى: ليَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَل [البقرة:183].
وكذا أوصى الله تعالى بالتزام أمره وعدم معصيته والسَّير في طريقه وعدم الحيدة عنه, وبذلك يحقِّق العبد التَّقوى, وهي مقتضى تلك الوصيَّة حيث قال تعالى: لوَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَل [الأنعام:153].
ثمارها:
ونذكر من ثمرات التَّقوى ما يلي:
أنَّ صاحبها يوفِّقه الله تعالى لتحصيل العلم النَّافع, ويجعل له بسببها نورًا يهتدي به في ظلمات الجهل والضَّلال، ويرزقه بصيرةً وفرقانًا يميِّز به بين الحقِّ والباطل, والخير والشَّرِّ, قال الله تعالى: ليَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌل (17) [الحديد:28]
أنَّ الله تعالى يجعل للمتَّقي من كلِّ همٍّ فرَجًا, ومن كلِّ ضيقٍ سعةً ومخرجًا, ومن كلِّ بلاءٍ عاقبة, ومنها أيضًا تحصيل الرِّزق له, وتيسير الأمور عليه, قال تعالى: لوَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُل (18) [الطّلاق:2 3] , وقال تعالى: لوَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ل [الطّلاق:4] , قال الرَّبيع بن خثيم: «يجعل له مخرجًا من كلِّ ما ضاق على النَّاس».
تكفير سيِّئات المتَّقي, وتعظيم أجوره, ومضاعفة حسناته ولو مع يسر عمله, قال تعالى: لوَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) ل [الطّلاق:5].
قال ابن كثير: «أي يذهب عنه المحذور, ويجزل له الثَّواب على العمل اليسير … ».
نيل ولاية الله تعالى الَّتي لا تنال إلاَّ بطاعته وخشيته سبحانه, وتحصل له بها البشرى في الدُّنيا والآخرة, قال تعالى: لأَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِل [يونس:62 63 64].
بالتَّقوى ينال العبد محبَّة الله, ويكون الله معه, قال سبحانه: لإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) ل [التوبة: 4] , وقال تعالى: لوَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) ل [البقرة: 194].
نجاة العبد من النَّار بعد الورود عليها يوم القيامة بحيث يرد التَّقيُّ عليها ورودًا ينجو به من عذابها, بينما الظَّالمون يردونها ورودًا يصيرون جثيًّا فيها بسبب الظُّلم, قال تعالى: لوَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) ل [مريم: 71 72].
أنَّها تكون سببَ كونه من ورثة جنَّة النَّعيم, قال تعالى: ل تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) ل [مريم: 63].
حصول العاقبة الحسنة والطَّيِّبة لهم في الدُّنيا والآخرة:لوَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ل [القصص: 83].
وإنَّ ثمار التَّقوى كثيرة وغزيرة, ومتنوِّعة متعدِّية, لا يمكن ذكرها وحصرها في هذا المقال.
وإنَّما ذكرنا بعضها على سبيل المثال حتَّى يحسن بها الامتثال فيسعد صاحبها في الحال والمآل, واللهَ نسأل أن يرزقنا التَّقوى في كلِّ الأحوال.
[ومن حق الله تعالى على عباده … {التوكل} عليه سبحانه]
قال ابن سيده:
يقال وكل بالله وتوكّل عليه واتّكل بمعنى استسلم إليه، ويقال توكّل بالأمر إذا ضمن القيام به، ووكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه، ووكل فلانا إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته، أو عجزا عن القيام بأمر نفسه، ووكل إليه الأمر سلّمه، ووكله إلى رأيه وكلا ووكولا: تركه.
[مواطن التوكل على الله]
إنّ التّوكّل على الله عزّوجلّ مطلوب في كلّ شئون الحياة، بيد أنّ هناك مواطن كثيرة ورد فيها الحضّ على التّوكّل والأمر به للمصطفىلوالمؤمنين، وقد ذكر الفيروز آباديّ من ذلك:
1 إن طلبتم النّصر والفرج فتوكّلوا عليه: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون} َ (آل عمران/ 160).
2 إذا أعرضت عن أعدائك فليكن رفيقك التّوكّل: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا} (النساء/ 81).
3 إذا أعرض عنك الخلق فاعتمد على التّوكّل: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت} ُ (التوبة/ 129).
4 إذا تلي القرآن عليك أو تلوته فاستند على التّوكّل: {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الأنفال/ 2).
5 إذا طلبت الصّلح والإصلاح بين قوم لا تتوسّل إلى ذلك إلّا بالتّوكّل: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (الأنفال/ 61).
6 إذا وصلت قوافل القضاء فاستقبلها بالتّوكّل: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة/ 51).
7 إذا نصبت الأعداء حبالات المكر فادخل أنت في أرض التّوكّل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْت} ُ (يونس/ 71).
8 إذا عرفت أنّ مرجع الكلّ إلى الله وتقدير الكلّ فيها لله فوطّن نفسك على فرش التّوكّل: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (هود/ 123).
9 إذا علمت أنّ الله هو الواحد على الحقيقة، فلا يكن اتّكالك إلّا عليه: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ} (الرعد/ 30).
10 إذا كانت الهداية من الله، فاستقبلها بالشّكر والتّوكّل: {وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (إبراهيم/ 12).
11 إذا خشيت بأس أعداء الله والشّيطان والغدّار فلا تلتجئ إلّا إلى باب الله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (النحل/ 99).
12 إذا أردت أن يكون الله وكيلك في كلّ حال، فتمسّك بالتّوكّل في كلّ حال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا} (النساء/ 81).
13 إذا أردت أن يكون الفردوس الأعلى منزلك فانزل في مقام التّوكّل: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون} َ (النحل/ 42).
14 إن شئت أن تنال محبّة الله فانزل أوّلا في مقام التّوكّل: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين} َ (آل عمران/ 159).
15 إذا أردت أن يكون الله لك، وتكون لله خالصا فعليك بالتّوكّل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (الطلاق/ 3).
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (النمل/ 79).
بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروز ابادي. (2/ 313 315).
[ومن حق الله تعالى على عباده. … {الاستقامة} على دينه:
الاستقامة لغة: مصْدر “استقام”، مأخوذة من مادَّة (ق و م)، الَّتي تدلُّ على معنَيين، أحدُهُما: جماعة من النَّاس، والآخَر: اعتدال أو حزم، والمعنى الثَّاني هو المراد.
“لسان العرب” مادة (قوم).
وأمَّا في الشَّرع، فمِن أفضل التَّعريفات ما ذكره ابن رجب رحمه الله:
بقوله:”الاستقامة: هي سلوك الطريق المستقيم، وهو الدّين القويم من غير تعويج عنه يَمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطَّاعات كلّها الظَّاهرة والباطنة، وترْك المنهيَّات كلّها كذلك”.
“جامع العلوم والحكم” لابن رجب ص: (193).
أمر الله عزَّ وجلَّ بالاستِقامة وحثَّ عليْها في عدَّة آيات، منها:
- قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].
•وقوله تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت: 6].
•وقوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112].
مِن ثمرات الاستِقامة:
1 تتنزَّل على أهل الاستِقامة السكينة؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30]، فالملائكة تتنزَّل عليهم بالسُّرور والحبور والبشرى في مواطن عصيبة، قال وكيع: “البشرى في ثلاثة مواطن:
عند الموت، وفي القبر، وعند البعث”.
انظر: تفسير القرطبي عند هذه الآية، وكذا “فتح القدير” للشوكاني.
2 الطُّمَأنينة والسَّكينة؛ حيثُ قال تعالى: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا}؛ أي: لا تخافوا ممَّا تقدَمون عليه من أمور الآخرة، ولا تحزنوا على ما فاتَكم من أمور الدنيا، وقال عطاء رحِمه الله:”لا تخافوا ردَّ ثوابِكم فإنَّه مقبول، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإنِّي أغفِرُها لكم”.
انظر المرجعَين السَّابقين.
3 البشرى بالجنَّة؛ فقال تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}، وهذا هو الهدَف الذي ينشدُه كلُّ مسلم، نسأل الله من واسِع فضله.
4 سَعة الرزق في الدُّنيا؛ قال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً} [الجن: 16]؛ أي: كثيرًا، والمراد بذلك سعة الرِّزق، وكما قال عمر بن الخطَّاب رضِي الله عنْه: “أيْنما كان الماء كان المال”.
انظر تفسير القرطبي على هذه الآية.
5 الانشراح في الصدر والحياة الطيبة؛ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، ومن جاء بالاستقامة فقد عمِل أحسن العمل فاستحقَّ الحياة الطيّبة الهنيَّة.
سبُل تحقيق الاستِقامة والمحافظة عليْها: للاستقامة والثبات عليها عدَّة مقوّيات ومغذّيات، منها:
1 فعل الطَّاعات والاجتِهاد فيها ومُجاهدة النَّفس عليْها:
ومن الأصول العقديَّة في مذهب أهل السنَّة والجماعة: أنَّ الإيمان يزيد بالطَّاعة وينقص بالمعصية، والأدلَّة على هذا الأصل كثيرة مستفيضة، وأهمّ ما يحافظ عليه العبد الصَّلوات الخمس وكذلك بقيَّة الفرائض، ويستزيد من النَّوافل ويكثر منها، وفي الحديث القدسي حديثِ أبي هُريرة رضِي الله عنْه مرفوعًا: قال الله عزَّ وجلَّ : {وما تقرَّب إليَّ عبْدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُه عليْه، ومازال يتقرَّب إليَّ بالنَّوافل حتَّى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمْعَه الَّذي يسمع به، وبصرَه الَّذي يبصر به، ويدَه الَّتي يبطِش بها، ورجْله الَّتي يَمشي بها}؛ رواه البُخاري.
فيحفظ الله عزَّ وجلَّ جوارحَه فلا يصدر منْها إلاَّ ما يُرْضيه سبحانه وبهذا يكون حقَّق الاستِقامة.
2 الاشتِغال بالعِلْم الشَّرعي وطلبه:
قال ابن القيم رحمه الله:”به يُعرَف الله ويُعبد، ويُذكر ويُوحَّد، ويُحمد ويُمجَّد، وبه اهتدى إليه السَّالكون، ومن طريقِه وصل إليه الواصِلون، ومن بابه دخل القاصرون”.
انظر: “تهذيب مدارج السَّالكين” (484).
3 الإخلاص في العلم والعمل:
فلا بدَّ من مجاهدة النَّفس على الإخلاص؛ فهو روح كل عبادة، وبه تستقيم النفس وتصدق مع الله في الأقوال والأعمال؛ قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [الروم: 30].
4 الدُّعاء:
من مقويات الإيمان دعاء الله تعالى تحقيق الاستقامة والثبات عليها كما كان النبييسأل ربَّه الثَّبات على الدين، وقد أمرنا بقراءة الفاتحة في كلِّ ركعة، وفيها نسأل الله تعالى فنقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6، 7]، فندعو الله تعالى؛ لأنَّ الاستقامة والثبات عليْها بيد الله تعالىحيث قال: {مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَا يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39].
5 الإكثار من قراءة القرآن:
قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28]، وقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} [الإسراء: 9]
6 الصّحبة الصالحة:
لأنَّ صحبة البطَّالين وأهل المعاصي تضعف الاستقامة، تأمَّل كيف أنَّ اللهتعالىبعد أن أمر بالاستِقامة حذَّر من الركون إلى أهل المعاصي؛ لأنَّ هذا يؤثر على الاستِقامة، فقال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلا تَرْكَنُوا إلَى الَذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 112، 113].
قال أهل العلم: أي: لا تَميلوا إلى العصاة.
7 التوسط والاعتدال:
لا إفراط وغلو وتشديد؛ فإنَّ النَّبيَّ قال: {لن يشادّ الدين أحد إلا غلبه}؛متَّفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[ومن حق الله تعالى على عباده
وجوب الانقياد له والتحاكم.
إليه، ومجاهدة النفس على
طاعته]
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
[فصل]
إذا علم أن التحاكم إلى شرع الله من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فإن التحاكم إلى الطواغيت والرؤساء والعرافين ونحوهم ينافي الإيمان بالله عز وجل، كفر وظلم وفسق، يقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون} َ [12]، ويقول:
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} َ [13]، ويقول: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} َ [14].
وبيّن تعالى أن الحكم بغير ما أنزل الله حكم الجاهلين، وأن الإعراض عن حكم الله تعالى سبب لحلول عقابه، وبأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، يقول سبحانه: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُون} َ [15].
وإن القارئ لهذه الآية والمتدبر لها يتبين له أن الأمر بالتحاكم إلى ما أنزل الله، أكد بمؤكدات ثمانية:
الأول: الأمر به في قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنْزَلَ اللَّه} ُ [16].
الثاني: أن لا تكون أهواء الناس ورغباتهم مانعة من الحكم به بأي حال من الأحوال وذلك في قوله: {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}
الثالث: التحذير من عدم تحكيم شرع الله في القليل والكثير، والصغير والكبير، بقوله سبحانه: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}
الرابع: أن التولي عن حكم الله وعدم قبول شيء منه ذنب عظيم موجب للعقاب الأليم، قال تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}
الخامس: التحذير من الاغترار بكثرة المعرضين عن حكم الله، فإن الشكور من عباد الله قليل، يقول تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}
السادس: وصف الحكم بغير ما أنزل الله بأنه حكم الجاهلية، يقول سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ}
السابع: تقرير المعنى العظيم بأن حكم الله أحسن الأحكام وأعدلها، يقول عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا}
الثامن: أن مقتضى اليقين هو العلم بأن حكم الله هو خير الأحكام وأكملها، وأتمها وأعدلها، وأن الواجب الانقياد له، مع الرضا والتسليم، يقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، وهذه المعاني موجودة في آيات كثيرة في القرآن، وتدل عليها أقوال الرسولل وأفعاله، فمن ذلك قوله سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} ٌ [17]، وقوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [18] الآية، وقوله: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُم} ْ [19]، وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [20].
[رسالة وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه]