مشكل الحديث رقم: ((13))
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
وشارك أحمد بن علي وسيف بن غدير ونورس وأبو صالح
-_-_-_-_-_-_-_-_-_
حديث أبي سلمة قال:
(دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحوا من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب).
مختصر صحيح البخاري [برقم: (146)]
وجه الإشكال: أنه إذا ثبت أنهم رأو شعرها فيشكل مع ما ورد أن شعر المرأة عورة.
——-
جواب صاحبنا أحمد بن علي:
مشكل الحديث 13
أجاب بعض الباحثين على من استشكل هذا الحديث فقال:
الجواب الحمد لله وحده، وبعد:
أخي الكريم: هذا الأثر متفق على صحته؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه (248)، ومسلم (320)
ولكي تفهم هذا الأثر لا بد أن تقف على النقاط التالية:
(1) إن هدف عائشة -رضي الله عنها- من هذا التصرف هو حسم الجدل في الكمية التي يمكن الاغتسال بها، فكأن هذا الجيل الصاعد من أبناء الصحابة كانوا يستبعدون جداً أن يغتسل الشخص بحوالي صاع فقط من الماء، وأنا أعتقد أنك الآن لن تصدق إذا قلت لك: إن الشخص يمكنه أن يغتسل بليترين ونصف من الماء.
وهو أمر أرادت أمنا عائشة -رضي الله عنها- أن تبين أنه ممكن بأسلوب أقرب ما يكون إلى التحدي؛ فكأنها تقول: هاتوا صاعاً من الماء، وسترون أنه يكفي للاغتسال.
ولهذا تجد أن البخاري جاء بهذا الأثر تحت عنوان: “باب الغسل بالصاع ونحوه”.
(2) إن الأثر صريح في كونها جعلت بينها وبينهما حجاباً؛ ففي لفظ البخاري: “وبيننا وبينها حجاب” وفي لفظ مسلم: “وبيننا وبينها ستر”.
ولا غرابة في اغتسالها في الغرفة نفسها، فالمعروف أنهم كانوا في ذلك الوقت يغتسلون داخل البيوت، ويتخذون لذلك آلة تسمى (المخضب) تكون من النحاس غالباً، يجلس الشخص فيها يرخي ستارة من حوله ويغتسل. وفي هذه الحالة لا حرج من وجود غيره معه في نفس الغرفة، ويشهد لهذا ما في الحديث المشهور من دخول أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يغتسل وفاطمة بنته -رضي الله عنها- تستره بثوب صحيح البخاري (280)، صحيح مسلم (336).
(3) لقد أرادت عائشة -رضي الله عنها- أن تعلم هذين الولدين الاغتسال خطوة خطوة بشكل أقرب ما يكون إلى المشاهدة، وإن كانا لا يريانها لأنها -طبعاً- بينها وبينهما حجاب (ستارة)، وقد ورد في بعض روايات هذه القصة التي لا تخلو من ضعف أنها كانت تختبرهما بعد كل خطوة بأن تسألهما عن الخطوة الموالية وتصحح معلوماتهما.
وتعتبر هذه الطريقة رائدة في إيصال المعلومات إلى الأولاد كما أنها سهلة التطبيق الآن؛ فبالإمكان أن أستدعي أحد الأولاد، وأجعله يقف خلف الباب وأسأله عند كل خطوة ما هي الخطوة التي عليَّ أن أقوم بها الآن؛ فأضمن بذلك سلامة فهمه وتصوره للعملية ومقدرته على التطبيق.
(4) لقد جاء التصريح في هذا الأثر أن أحد صاحبي هذه القصة أخو عائشة -رضي الله عنها- من الرضاعة، وقد ورد في بعض الروايات أنه من بني أبي القعيس، وهم محارم لها من الرضاعة كما هو مشهور. صحيح البخاري (4518).
وأما الثاني وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فإن عائشة -رضي الله عنها- خالته من الرضاعة؛ أرضعته أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. [انظر: التمهيد لابن عبد البر 7/ 61، وسير أعلام النبلاء 4/ 288] وقد يكون في وقت هذه القصة صغيراً دون البلوغ؛ لأنه ولد سنة بضع وعشرين للهجرة، ولأن أمه من الرضاعة -أم كلثوم- لم تولد إلا بعد وفاة والدها -رضي الله عنه وأرضاه- كما هو مشهور.
وبعد .. فأرجو أن تكون هذه الإيضاحات مزيلة لما يقع في النفس، موضحة لما حدث من لبس. والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وزوجاته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. منقول
قال ابن رجب في فتح الباري:
قالَ القرطبي: ظاهر هذا الحديث أنهما – يعني: أبا سلمة وأخا عائشة – أدركا عملها في رأسها وأعلى جسدها، مما يحل لذي المحرم أن يطلع عليهِ من ذوات محارمه، وأبو سلمة ابن أخيها نسباً، والآخر أخوها من الرضاعة، وتحققا بالسماع كيفية غسل ما لم يشاهداه من سائر الجسد، ولولا ذَلِكَ لاكتفت بتعليمهما بالقول، ولم تحتج إلى ذَلِكَ الفعل.
قالَ: وإخباره عن كيفية شعور أزواج النبي (يدل على رؤيته شعرها، وهذا لم يختلف في جوازه لذي المحرم، إلا ما يحكى عن ابن عباس، من كراهة ذَلِكَ. انتهى.
قال القسطلاني في شرح البخاري:
(قال: حدّثني) بالإفراد (أبو بكر بن حفص) أي ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص (قال: سمعت أبا سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف حال كونه (يقول دخلت أنا وأخو عائشة) رضي الله عنها من الرضاعة كما صرح به مسلم في صحيحه وهو عبد الله بن يزيد البصري كما عند مسلم في الجنائز في حديث غير هذا، واختاره النووي وغيره أو هو كثير بن عبيد الله الكوفي رضيعها أيضًا كما في الأدب المفرد للمؤلف وسنن أبي داود، وليس عبد الرحمن بن
أبي بكر ولا الطفيل بن عبد الله أخاها، لأمها، وعطف على الضمير المرفوع المتصل بضمير منفصل وهو أنا لأنه لا يحسن العطف على المرفوع المتصل بارزًا كان أو مستترًا إلا بعد توكيده بمنفصل (على عائشة) رضي الله عنها (فسألها أخوها) المذكور (عن) كيفية (غسل النبي) بفتح الغين كما في الفرع، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدعت بإناء نحو) بالجرّ منوّنًا صفة لإناء، ولكريمة نحوًا بالنصب نعت للمجرور باعتبار المحل أو بإضمار أعني (من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب) يستر أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم بفتح الميم الأولى النظر إليه لا أعاليه الجائز له النظر إليها ليريا عملها في رأسها وأعالي بدنها، وإلاّ لم يكن لاغتسالها بحضرة أخيها وابن أُختها أم كلثوم من الرضاعة معنى، وفي فعلها ذلك دلالة على استحباب التعليم بالفعل لأنه أوقع في النفس من القول وأدل عليه. وهذا الحديث سباعي الإسناد وفيه التحديث والسماع والسؤال.
قال أحد الباحثين:
ولعل الراجح هو القول الثاني وذلك لأن الله تعالى قال: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن- إلى قوله- أو نسائهن}.
والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق، وقد جمعت الآية بين محارم المرأة ونسائهن، وساوت بينهم فيما ينظرون إليه وهو مواضع الزينة من بدنها.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المرأة عورة) أخرجه الترمذي (1173) وصححه غير واحد من أهل العلم، فلا يجوز لها أن تبدي إلا ما ثبت استثناؤه، ومن ذلك ما جاء في (صحيح البخاري) (251) -واللفظ له- ومسلم (320) عن أبي سلمة قال: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة رضي الله عنها فسألها أخوها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب. ففيه رؤية رأسها من قبل أخيها وابن أختها أبي سلمة؛ لأنَّ أمَّ كلثوم أختَها أرضعته، وثبت في البخاري (3894) ومسلم (1422) قصة زواج عائشة رضي الله عنها وتمشيط النساء لها وتزيينها للنبي صلى الله عليه وسلم. وحديث جابر رضي الله عنه في قصة زواجه من الثيب وجوابه للنبي صلى الله عليه وسلم عن سؤاله وأنه أراد أن تقوم على أخواته وتمشطهن أخرجه البخاري (2097) ومسلم (715) فلا بد حال التمشيط من رؤية الشعر والأذن والرقبة، ولا يجادل في هذا أحد.
ولا نعلم عن أحد من السلف خبرا ذكر فيه تكشف النساء وإظهارهن شيئا من أبدانهن فيما بينهن سوى مواضع الزينة، ولو وقع ذلك لنقل عنهم كما نقل غيره مما هو دونه.
وكذلك فإن المرأة لا تحتاج في قيامها بعملها إلى كشف ما زاد عن مواضع زينتها، والظهر والبطن وما أشبههما- مما ليس موضعا للزينة- لا تحتاج لكشفه عند مزاولة المهنة في البيت.
جواب سيف بن غدير:
قال الحافظ في الفتح:
قوله: فدعت بإناء نحو بالجر والتنوين صفة لإناء، وفي رواية كريمة: نحوًا بالنصب على أنه نعت للمجرور باعتبار المحل أو بإضمار أعني قوله: وبيننا وبينها حجاب، قال القاضي عياض: ظاهره أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل نظره للمحرم؛ لأنها خالة أبي سلمة من الرضاع أرضعته أختها أم كلثوم، وإنما سترت أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم النظر إليه، قال: وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرتهما معنى، وفي فعل عائشة دلالةٌ على استحباب التعليم بالفعل؛ لأنه أوقعُ في النفس، ولما كان السؤال محتمِلاً للكيفية والكمية ثبت لهما ما يدل على الأمرين معًا، أما الكيفية فبالاقتصار على إفاضة الماء، وأما الكمية فبالاكتفاء بالصاع.
فتح الباري لابن حجر [1/ 365]
جواب نورس الهاشمي:
يمكن الجمع انها تغتسل في المنزل و عليها الثياب و بينهم وبيننا الحجاب لان المقام مقام تعليم. اظن هذا اقرب ما فهمته
جواب سيف بن دورة الكعبي:
كنا نسكن في بيئة قريبة من بيئة المدينة فنحن أصحاب نخيل ومواشي وإبل، ودرجة الحرارة واحدة، فسألت أمي: هل كان النساء في زمنكن يغتسلن بملابسهن، قالت: نعم في الصيف للتبرد.
أقول: أما الستر الذي تضعه المرأة إذا اغتسلت بملابسها، من أجل أن الماء يحجم الجسم.
جواب أبي صالح: مشكل الحديث (13)
م?حظات في حديث عائشة
1) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي من أصحاب الكتب الستة.
2) لم يذكر في طرق الحديث سوى غسل الشعر.
3) ثبت من طريق أبي سلمة عن عائشة وصف صفة غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4) مع أن عائشة رضي الله عنها غسلت شعرها أمام محارمها إ? أنها تسترت أي أنهم رأوا رأسها وما حوله مما يجوز النظر إليه ليتعلموا طريقة غسل الرأس بالكمية القليلة من الماء.
5) كان الناس يكرمون شعورهم فيحتاحون إلى الماء أكثر من أي عضو آخر فلذا اقتصرت عليه رضي الله عنها.