سُورَةِ الجاثية تفسير آيات 15 – 12 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي ا?رْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ ?يَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ ?َ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)}
————
يَذْكُرُ تَعَالَى نِعَمَهُ عَلَى عَبِيدِهِ فِيمَا سَخَّرَ لَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ {لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ}، وَهـيَ السُّفُنُ فِيهِ بِأَمْرِهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ هـوَ الَّذِي أَمَرَ الْبَحْرَ أَنْ يَحْمِلَهَا {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أَيْ: فِي الْمَتَاجِرِ وَالْمَكَاسِبِ، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أَيْ: عَلَى حُصُولِ الْمَنَافِعِ الْمَجْلُوبَةِ إِلَيْكُمْ مِنَ ا?َْقَالِيمِ النَّائِيَةِ وَا?ْفَاقِ الْقَاصِيَةِ.ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي ا?رْضِ} أَيْ: مِنَ الْكَوَاكِبِ وَالْجِبَالِ، وَالْبِحَارِ وَا?َْنْهَارِ، وَجَمِيعِ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ، أَيِ: الْجَمِيعُ مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ وَامْتِنَانِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {جَمِيعًا مِنْهُ} أَيْ: مِنْ عِنْدِهِ وَحْدَهُ ?َ شَرِيكَ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النَّحْلِ: 53]
{إِنَّ فِي ذَلِكَ ?يَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
وَقَوْلُهُ: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ ?َ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} أَيْ: يَصْفَحُوا عَنْهُمْ وَيَحْمِلُوا ا?َْذَى مِنْهُمْ. وَهـذَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ ا?ِْسْ?َمِ، أُمِرُوا أَنْ يَصْبِرُوا عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَأَهـلِ الْكِتَابِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ لِتَأْلِيفِ قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَمَّا أَصَرُّوا عَلَى الْعِنَادِ شَرَعَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ الْجِ?َدَ وَالْجِهَادَ. هـكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةَ (1)
وَقَالَ مُجَاهـدٌ [فِي قَوْلِهِ] {?َ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}
?َ يُبَالُونَ نِعَمَ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} أَيْ: إِذَا صَفَحُوا عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ مُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ فِي ا?ْخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} أَيْ: تَعُودُونَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتُعْرَضُونَ بِأَعْمَالِكُمْ
[عَلَيْهِ] فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ خَيْرِهـا وَشَرِّهـا.
———
(1) وهذا بحث في أحكام الجهاد:
الدرس الخامس والعشرون: من أحكام الجهاد:
_ ثانياً: حكم الجهاد: أي مقاتلة الكفار ومحاربتهم: فهو فرض كفاية: بحيث لو قام به بعض المكلفين سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثم القادرون (0)
_ وهذا قول جماهير أهل العلم إن لم نقل عامة أهل العلم (0)
_ وقد يتعين في بعض الحالات كما قرر ذلك أهل العلم، أي قد يكون فرض عين على من توفرت فيه شروط الجهاد وذلك في الأحوال التالية:
(1) _ إذا استنفر ولي الأمر للجهاد: أي إذا دعا ولي الأمر المسلم للجهاد فحينئذ يكون الجهاد واجباً على من تحققت فيه شروطه (0)
(2) _ إذا داهم العدو البلد: حينئذ يجب على أهل ذلك البلد مقاتلة هذا العدو قدر استطاعتهم (0)
(3) _ عند التقاء الصفين: أي عند ملاقاة الكفار في ساحة الحرب فلا يجوز للمسلم حينئذ التولي والهروب فهو من كبائر الذنوب إلا لعذر شرعي (0)
(4) _ عند الحاجة لشخص معين من المكلفين لاتقانه مهنة معينةفي الحرب مثلاً يحتاج إليها ونحو ذلك (0)
_ ثالثاً: شروط الجهاد:
(1) الإسلام (2) _ العقل (3) _ النية
(4) _ البلوغ (5) _ الذكورة (6) _ القدرة (0)
_ فلا يصح الجهاد من الكافر، ولا من المجنون، ولا ممن جاهد رياء ونحو ذلك، ولا يجب على الصغير، ولا على المرأة، ولا على العاجز من مرض وكبر سن ونحو ذلك (0)
_ رابعاً: مراحل مشروعية الجهاد
المرحلة الأولى: الصبر على أذى الكفار والصفح عنهم ومجاهدتهم بالقرآن وعدم مقابلتهم بالمثل وذلك لعدم القدرة، وكان ذلك في مكة قبل الهجرة إلى المدينة، وفي هذه المرحلة نزل قول الله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وقوله تعالى:
{قل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وقوله سبحانه:
{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} وقوله تعالى:
{و اصبر لحكم ربك}
_ المرحلة الثانية: مقاتلة من قاتلهم من الكفار والكف عمن كف عنهم، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}
_ المرحلة الثالثة: مقاتلة الكفار ابتداءاً حسب الاستطاعة، ولكن بعد دعوتهم إلى الإسلام، فإن أبو أخذ الجزية منهم وهم ذليلون إن كانوا ممن يؤخذ منهم الجزية كأهل الكتاب، والجزية عبارة عن مقدار مالي يضعه عليهم ولي الأمر المسلم، فإن أبوا قوتلوا، وفي هذه المرحلة نزل قول الله تعالى: {” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وقوله تعالى
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} وقوله سبحانه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}
أخوكم في الله / أبو طارق:
عبد الرحمن بن مرزوق العوفي
إمام وخطيب مسجد ذياب
عبد الله بالمدينة المنورة