1340 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
وشارك أحمد بن علي
وراجعه سيف بن غدير النعيمي
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1340 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي على قريش حقاً، وإن لقريش عليكم حقاً، ما حكموا فعدلوا، وأتمنوا فأدوا، واسترحموا فرحموا)
——-
قال صاحب الدراية بما زيد من أحاديث معلة الرواية:
قلت: هذا الحديث رجاله ثقات وقد صححه ابن حبان (7/ 52،53) والشيخ مقبل (3/ 356) (1340) ولكن ابن أبي حاتم قال: وَسَأَلْتُ أبي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عبدالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابن أبي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيَّ حَقًّا، مَا إِنْ حَكَمُوا عَدَلُوا، وَإِنِ اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا، وَإِنِ ائْتُمِنُوا أَدَّوْا، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ).
قال أبي: يَرْوُونَهُ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلٌ. اه
جواب أحمد بن علي:
قال ابن حجر في لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش:
حديث أبي هريرة في ذلك
قال الطبراني: لم يروه عن ابن أبي ذئب إلا معمر، تفرد به عن عبد الرزاق.
وهكذا رواه إسحاق بن راهويه في “مسنده” عن عبد الرزاق.
ورواه ابن حبان في “صحيحه” عن عبد الله بن محمد الأزدي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، ومن وجه آخر عن عبد الرزاق.
قلت: هكذا حكم ابن حبان بصحته، وهو معلل، فقد رواه جماعة عن عبد الرزاق، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. اهـ
أورد السيوطي في الجامع الكبير بعد حديثنا حديثا مطلقا لم يقيده بقريش:
1700) إن لى عليكم حقًّا وللأئمة عليكم حقًّا ما أقاموا ثلاثًا إذا استرحموا رحموا وإذا حكموا عدلوا وإذا عاهدوا وفوا فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منهم صرف ولا عدل (الطبرانى فى الأوسط عن ابن عباس) [المناوى]
أخرجه الطبرانى فى الأوسط (2/ 320، رقم 2097). قال الهيثمى (5/ 216): فيه جماعة لم أعرفهم. اهـ
قال الإمام النووي في شرح مسلم:
33 – كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش والخلافة فى قريش.
قال الإمام مسلم في صحيحه:- (1818) عن أبى هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الناس تبع لقريش فى هذا الشأن، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم “.
– (1819) عن جابر بن عبد الله يقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم: ” الناس تبع لقريش فى الخير والشر “.
قال النووي:
ومعنى قوله: ” الناس تبع لقريش، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم “: إشارة لقوله فى الرواية الأخرى: ” فى الخير والشر “؛ لأنهم كانوا فى الجاهلية رؤساء العرب وأصحاب حرم الله وحج البيت، وكانت الجاهلية تنتظر إسلامهم … وقد أشعر صلى الله عليه وسلم أن هذا هو الحكم والحال، ما بقيت الدنيا وبقي من الناس أو من قريش اثنان. وقد ظهر ما قاله صلى الله عليه وسلم … وقيل: لعل هذا فى أمر الجور، والأئمة المضلين. اهـ
قال الصنعاني شرح الجامع الصغير (التنوير):
(الأئمة من قريش) قيل هو إخبار في معنى الأمر وأنهم لا يكونون إلا منهم وبه احتج أبو بكر يوم السقيفة على الأنصار وإليه ذهب الجماهير وتأولوا: “ولو عبداً حبشياً” بأن المراد من ولاه الإِمام القرشي، وقيل أنه من باب الأذان في الحبشة ونحوه كما يأتي عن ابن الأثير. اهـ.
قلت (سيف): قال ابن الأثير في النهاية في حديث (الخلافة في قريش والحكم في الأنصار والدعوة في الحبشة):أراد بالدعوة الأذان، جعله فيهم تفضيلاً لمؤذنه بلال. انتهى
والحديث في الصحيحة 1851، وقلنا: على شرط المتمم على الذيل في كتابنا مع الأصحاب الذيل على الصحيح المسند
قال الصنعاني في مكان آخر: يحتمل أن أوائل هذه الأمور كانت لهؤلاء، أو أنهم أحق بها إن وجدوا. (التنوير)
ووجه سؤال لابن عثيمين: ما وجه الجمع بين قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي)، وقوله: (الأئمة من قريش)؟ وهل يمكن أو يجوز لعبدٍ حبشي أن يكون إماماً أعظم؟ وهل يوجد في هذا الزمان إمام أعظم؟
الجواب
إنما قال ذلك في الاختيار، إذا أردنا أن نختار إماماً للمسلمين فلنختر من قريش، ولكن من قريش من؟ الذين قاموا بالدين، أما مجرد الانتساب لقريش أو إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه ليس بفضيلة إلا إذا اقترن بالدين، لو جاءنا رجل من قريش وقال: إنه أحق بالإمامة من غيره وهو فاسق.
قلنا: لا، لأن من شرط الإمامة عند ابتداء الاستخلاف: أن يكون عدلاً، لكن لو أن أحداً قهر الناس وحكمهم فإنه يجب له السمع والطاعة، ولو كان عبداً حبشياً كأن رأسه زبيبة … ولا ننابذ إلا أن نرى كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان.
ولا يوجد إمام أعظم، وهذا من زمان، الإمامة العامة فقدت من وقت …
القاء المفتوح للعثيمين
وورد في شرحنا لصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة. عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)
– تفضيل العرب:
يقول ابن تيمية:
” الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم: عبرانيهم، وسريانيهم، رومهم، وفرسهم، وغيرهم، وأن قريشا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم، فهو أفضل الخلق نفسا، وأفضلهم نسبا.
وليس فضل العرب، ثم قريش، ثم بني هاشم، بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم – وإن كان هذا من الفضل – بل هم في أنفسهم أفضل، وبذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا، وإلا لزم الدور.
ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل بن خلف الكرماني، صاحب الإمام أحمد، في وصفه للسنة التي قال فيها: هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر … فكان من قولهم: أن الإيمان قول وعمل ونية، وساق كلاما طويلا إلى أن قال:
ونعرف للعرب حقها، وفضلها، وسابقتها، ونحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق). انتهى ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب، ولا يقرون بفضلهم، فإن قولهم بدعة وخلاف …
ويسمون الشعوبية، لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل، كما قيل القبائل للعرب، والشعوب للعجم.
ومن الناس من قد يفضل بعض أنواع العجم على العرب.
والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق: إما في الاعتقاد، وإما في العمل المنبعث عن هوى النفس، مع شبهات اقتضت ذلك.
مع أن الكلام في هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى للنفس، ونصيب للشيطان من الطرفين، وهذا محرم في جميع المسائل.
فإن الله قد أمر المؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعا، ونهاهم عن التفرق والاختلاف، وأمر بإصلاح ذات البين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله)
وهذان حديثان صحيحان، وفي الباب من نصوص الكتاب والسنة ما لا يحصى.
والدليل على فضل جنس العرب، ثم جنس قريش، ثم جنس بني هاشم: …
وذكر أحاديث بعضها ضعيف.
ثم قال: وعن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم).
وهذا يقتضي أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم، فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحق، ومعلوم أن ولد إسحق الذين هم بنو إسرائيل أفضل العجم، لما فيهم من النبوة والكتاب، فمتى ثبت الفضل على هؤلاء فعلى غيرهم بطريق الأولى، وهذا جيد …
واعلم أن الأحاديث في فضل قريش ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة، وليس هذا موضعها، وهي تدل أيضا على ذلك، إذ نسبة قريش إلى العرب كنسبة العرب إلى الناس، وهكذا جاءت الشريعة.
فإن الله تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها، ثم خص قريشا على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص، فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها، والله عليم حكيم.
(الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) و (الله أعلم حيث يجعل رسالته) وقد قال الناس في قوله تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك) وفي قوله: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) أشياء ليس هذا موضعها.
وفي المسألة آثار غير ما ذكرته، في بعضها نظر، وبعضها موضوع.
وأيضا فان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم، فبدأ بأقربهم نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انقضت العرب ذكر العجم، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الخلفاء من بني أمية وولد العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك.
وسبب هذا الفضل – والله أعلم – ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وذلك أن الفضل إما بالعلم النافع، وإما بالعمل الصالح، والعلم له مبدأ، وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم، وتمام وهو قوة المنطق الذي هو البيان والعبارة، والعرب هم أفهم من غيرهم، وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة، ولسانهم أتم الألسنة بيانا، وتمييزا للمعاني جمعا وفرقا، يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل.
وأما العمل فإن مبناه على الأخلاق، وهي الغرائز المخلوقة في النفس، وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك من الأخلاق المحمودة ” انتهى.
“اقتضاء الصراط المستقيم” (148 – 162)
وانظر: “منهاج السنة النبوية” (4/ 364)
والله أعلم.
تنبيه: (حب قريش إيمان … ) رواه الحاكم في “المستدرك” (4/ 97) وقال الذهبي: الهيثم بن حماد متروك. وانظر “السلسلة الضعيفة” (1190)
– وتفضيل العروبة هو تفضيل جنس وليس تفضيل أفراد.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب خلقا كثيرا خيرا من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار من هو خير من أكثر قريش، وفي غير بني هاشم من قريش وغير قريش من هو خير من أكثر بني هاشم ” انتهى.
“مجموع الفتاوى” (19/ 29 – 30)
وتكلم أيضا ً الشيخ الألباني على تفضيل العرب، ونبه على عدم جواز التفاخر، وأن النسب بدون عمل وتقوى لا ينفع (راجع الضعيفة 103)
وقد كتب كثير من العلماء كتبا خاصة في هذا الموضوع، كالإمام ابن قتيبة في كتابه ” فضل العرب “، والإمام العراقي في “محجة القرب في فضل العرب”، ونحوه للإمام الهيثمي، ومن المتأخرين العلامة مرعي الكرمي في رسالته: ” مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب “،
-قال المناوي في شرحه للحديث:
قال ابن حجر: وهذا ذكره لإفادة الكفاءة والقيام بشكر النعم، ونهيه عن التفاخر بالآباء موضعه مفاخرة تفضي لتكبر أو احتقار مسلم.
(واصطفى من قريش بني هاشم) ومعنى الاصطفاء والخيرة في هذه القبائل ليس باعتبار الديانة بل باعتبار الخصال الحميدة (فيض القدير)
وبوب ابن حبان على حديث واثلة بن الأسقع، ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرَّحِ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا زُجِرَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ التَّفَاخُرِ.
-وطهر الله هذا النسب الشريف من سفاح الجاهلية. واعلم أن بني إسماعيل بالأخلاق الكرام فضلوا لا باللسان العربي فحسب إذ هم أزكى الناس أخلاقا وأطيبهم نفسا يدل عليه دعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال {واجعلنا مسلمين لك} ثم قال {ومن ذريتنا} فإنما سأل في ذرية إسماعيل خاصة. ألا ترى لتعقيبه بقوله {وابعث فيهم رسولا منهم}.
تنبيه: قال ابن تيمية: قضية الخبر أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحاق ومعلوم أن ولد إسحاق وهم بنو إسرائيل أفضل العجم لما فيهم من النبوة والكتاب فمتى ثبت الفضل على هؤلاء فعلى غيرهم بالأولى وهذا جيد إلا أن يقال الحديث يقتضي أن إسماعيل عليه السلام هو المصطفى من ولد إبراهيم وأن بني كنانة هم المصطفون من بني إسماعيل وليس فيه ما يقتضي أن ولد إسماعيل أيضا مصطفون على غيرهم إذا كان أبوهم مصطفى وبعضهم مصطفى على بعض فيقال: لو لم يكن ذا مقصود لم يكن لذكر اصطفاء إسماعيل فائدة إذ كان اصطفاؤه لم يدل على اصطفاء ذريته إذ على هذا التقدير لا فرق بين ذكر إسماعيل وذكر إسحاق .. الخ.
قال ابن كثير:
قوله: {وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا} في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق؛ لأنه إنما صف بالنبوة فقط، وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة.
ثم ذكر الحديث بالزيادة وعزاها لمسلم.
تنبيه: قال العقيلي:
الهيثم بن جماز الحنفي حديثه غير محفوظ، ثم ذكر حديثه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب قريش إيمان وبغضهم كفر وحب العرب إيمان وبغضهم كفر ومن أحب العرب فقد أحبني ومن أبغض العرب فقد أبغضني
قال العقيلي مرة:
يزيد بن عوانة الكلبي: وذكر حديثه عن ابن عمر وفيه ( … فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم) والرواية في هذا من غير هذا الوجه لينة أيضا.
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/ 512): منكر.
و الحديث أورده ابن أبي حاتم في ” العلل ” (2/ 367 – 368) من بعض طرقه:
و قال عن أبيه: إنه حديث منكر، و أقره الذهبي في ترجمة ابن ذكوان من ” الميزان “.
وورد عن سلمان رضي الله عنه أنه قال: (نفضلكم يا معشر العرب لتفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم، لا ننكح نساءكم، ولا نؤمكم في الصلاة) وورد مرفوعاً، ورجح البيهقي الموقوف، واختلف على أبي إسحاق في تسمية شيخه ورجح أبوحاتم رواية الثوري على شعبه، وضعفه الألباني بتدليس أبي إسحاق، لكن ذكر للفظ الصلاة أصل عن سلمان. (راجع الإرواء 1874).
قلت: من كان يمشي تدليس أبي إسحاق صحح الأثر.
حتى نقل عن بعض الأئمة أنهم كانوا يحبون أن يأخذوا الحديث من العرب، ويحدثوا به العرب:
فعن محمد بن يوسف الفريابي قال كان سفيان الثوري لا يحدث النبط ولا سفل الناس وكان إذا رآه ساءه فقيل له في ذلك فقال: إنما العلم إنما أخذ عن العرب فاذا صار إلى النبط وسفل الناس قلبوا العلم
وقيل للزهري زعموا انك لا تحدث عن الموالي قال اني لأحدث عنهم ولكن اذا وجدت ابناء المهاجرين والانصار اتكاء عليهم فما اصنع بغيرهم.
وعن شعبة قال حدثوا عن اهل الشرف فإنهم لا يكذبون.
و قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وجعفر بن خالد بن سارة من أكابر مشايخ قريش وهو كما قال شعبة اكتبوا عن الأشراف فإنهم لا يكذبون.
وعن يونس قال سمعت نافعا يقول يا عجبا لزهريكم هذا يجيء فيسألني فأحدثه عن عبدالله ثم يأتي سالما فيقول سمعت من ابيك كذا وكذا فيقول: نعم فيحدث عنه ويتركني
– مسألة: الخلافة في قريش:
وهو ثابت بالإجماع وثابت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد لا يتطرق إليها شك.
أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: ” الأئمة من قريش.” رواه أحمد وصححه محققو المسند، وأصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ، وهو ما استدل به أبو بكر رضي الله عنه كما نقله ابن العربي في العواصم من القواصم، كما روى مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع
وأما الإجماع: فمستنده حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم.” متفق عليه.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم عند هذا الحديث: هذا الحديث وأشباهه دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة، فكذلك من بعدهم. انتهى.
ولا يتنافى تخصيص قريش بالخلافة مع قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات:13] لأن الآية تتصل ببيان تساوي الناس في أصل الخلقة مع تفاوتهم في القرب من الله تعالى بحسب أعمالهم. أما تخصيص قريش بالخلافة فهو اختيار من الله تعالى لهم، كما ورد في الأحاديث السابقة الذكر، وكما في قوله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [القصص:68]
وأخرج أحمد من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غير قريش) فقيل للزهري ما عنى بذلك؟ قال: نبل الرأي.
وهو في الصحيح المسند 259
وأخرج البخاري 3434، ومسلم 2527 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: نساء قريش خير نساء ركبن الإبل أحناه على طفل وأرعاه على زوج في ذات يده. يقول أبو هريرة على إثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيراً قط. وراجع شرح ابن حجر. وبوب عليه النووي: باب من فضائل نساء قريش
قال ابن تيمية: ولا يعارض هذا ما دلت عليه نصوص الوحي من تفضيل أهل التقوى، فإن أتقياء العرب وقريش وبني هاشم أفضل من أتقياء غيرهم إذا تساوى الجمع في درجة التقوى، وأما الكفار والفجار منهم، فإنهم لا يساوون شيئاً بالنسبة لأتقياء المسلمين، فإن الكفار هم شر الدواب عند الله كما تدل عليه الآية: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {الأنفال:55}، فليس للعرب والآل فضل بمجرد النسب، وإنما الفضل بالتقوى، ولهذا فإن أبا بكر وعمر وعثمان أفضل من بني هاشم وسلمان الفارسي وبلال الحبشي أفضل من القرشيين الذين أسلموا عام فتح مكة باتفاق أهل السنة.
وقد روى ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. رواه الترمذي وصححه الألباني
فإن الفخر بمجرد النسب لا يجوز، وقد ورد في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا … أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنْ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهِ” فالفخر بالأحساب من أمور الجاهلية
“أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ”
“مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ”
فمع أن هذا الشرف لم ينفع بقية قبيلته كأعمامه الذين حرموا من متابعته ومنهم: عمه أبو لهب –
-مقالة اليهود: إنهم شعب الله المختار:
هذه المقالة ثبتت في النصوص لكثرة الأنبياء فيهم
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ) [المائدة:20]، وقال تعالى: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان:32].
ولكنهم كفروا هذه النعمة وتنكروا لما جاءت به الأنبياء فاستحقوا غضب الله عز وجل ولعنته … ولما ختمت النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعل الله عز وجل خير الناس أتباع هذا النبي فقال سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]، وقال سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس) [البقرة:143] أقول: لما كان الأمر كذلك لم يكن حال اليهود في زمنه بأحسن من حالهم مع من تقدمه من الرسل، بل كذبوه وهموا بقتله وألبوا عليه وآذوه.
-ذكر المعلمي في التنكيل في معرض دفاعه عن الشافعي وأنه مطلبي:
((باب قصة خزاعة)) وفي (الإصابة) ترجمة أكثم بن الجون ما يعلم منه أن عمر بن لحي أول من بدل دين إبراهيم أي والله أعلم في مكة ونواحيها، وعمرو هذا من اليمن على الراجح وليس من ذرية إسماعيل على الراجح، وكان في عصر كنانة، وفي (صحيح مسلم) وغيره من حديث واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا” من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ((فهذا يدل أن عمرو بن لحي استغوى بعض بني إسماعيل وثبت كنانة، ثم سرى التبديل إلى بعض ذرية كنانة، وثبت قريش فانفرد بالاحتراز عن التبديل أو عن الإغراق فيه، ثم سرى الفساد في ذرية قريش وانفرد هاشم بنحو ما انفرد به قريش، فكان بنو هاشم أقرب الناس إلى الحق حتى اصطفى الله تعالى رسوله منهم، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: ((بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد))، افترق بنو عبد مناف فانضم بنو نوفل إلى عبد شمس وانضم بنو المطلب إلى بني هاشم فكانوا معه ودخلوا معهم شعب أبي طالب لما فاطعن قريش بني هاشم بسبب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بقوا مع بني هاشم في الإسلام، وبقوا معهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولما افترق بنو هاشم، انضم بنو إلى ألصق الفريقين بالنبي صلى الله عليه وسلم وهم بنوا ابنته. انتهى
تنبيه: قوله (وثبت قريش فانفرد بالاحتراز عن التبديل أو عن الإغراق فيه): كأنه يقصد أنه مات على التوحيد أو أنه مشرك لكن لم يغرق في الشرك.
وهذا التقرير لعله أخذه من كتب أهل الكتاب؛ لأنه قبل هذه الفقرة نقل عنهم مثل ذلك ولم أر هذا التقرير لغيره، وإنما كما سبق النقل أن المقصود بالإصطفاء قوة الصفات الحميدة.
إشكال:
فَإِنْ قِيلَ: كيف التوفيق بين قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى على موسى … ) وَبَيْنَ قَوْلِهِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ».
فَالْجَوَابُ: الْمَذْمُومَ إِنَّمَا هُوَ التَّفْضِيلُ عَلَى وَجْهِ الْفَخْرِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَاصِ بِالْمَفْضُولِ، وهناك أوجه أخرى للجمع، فلتراجع في كتب شروح الحديث.