*مختلف الحديث رقم: ((67))
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
كيف التوفيق بين حديث: {إن عينى تنامان، ولا ينام قلبى”}
وبين ما جاء أن النبى صلى الله عليه وسلم {نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس}
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
جواب أحمد بن علي:
قال العيني في شرح سنن أبي داود:
فإن قيل: قد رُوِيَ عن النبي- عليه السلام- أنه قال: ” تنام
عيناي ولا ينام قلبي ” فكيف ذهب عنه الوقت ولم يشعُر به؟ قلنا:
الجواب عنه: أن ذلك خاص في أمر الحدث؛ لأن النائم قد يكون منه الحدث وهو لا يشعر به، وليس كذلك رسول الله؛ فإن قلبه لا ينام حتى لا يشعر بالحدث إذا كان منه.
وجواب آخرُ: أن ذلك من أجل أنه يوحى إليه في منامه، فلا ينبغي لقلبه أن ينام، فأما معرفة الوقت وإثبات رؤية الشمس طالعة، فإن ذلك إنما يكون دركه ببصر العين دون القلب؛ فليس فيه مخالفة للحديث الآخر ” فافهم. اهـ
قال النووي في شرح مسلم:
فإن قيل كيف نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس مع قوله صلى الله عليه وسلم إن عيني تنامان ولا ينام قلبي فجوابه من وجهين أصحهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما ولا يدرك طلوع الفجر وغيره مما يتعلق بالعين وإنما يدرك ذلك بالعين والعين نائمة وإن كان القلب يقظان. والثاني أنه كان له حالان أحدهما ينام فيه القلب وصادف هذا الموضع والثاني لا ينام وهذا هو الغالب من أحواله وهذا التأويل ضعيف والصحيح المعتمد هو الأول اهـ
قال ابن عبدالبر في التمهيد:
وسنذكر في هذا الباب جميع هذه الآثار إن شاء الله ونومه صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس أمر خارج والله أعلم عن عادته وطباعه وطباع الأنبياء قبله، وأظن الأنبياء مخصوصين بأن تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم على ما روي عنه صلى الله عليه وسلم وإنما كان نومه ذلك ليكون سنة والله أعلم وليعلم المؤمنون كيف حكم من نام عن الصلاة أو نسيها حتى يخرج وقتها وهو من باب قوله عليه السلام إني لأنسى أو أنسى لأسن والذي كانت عليه جبلته وعادته صلى الله عليه وسلم أن لا يخامر النوم قلبه ولا يخالط نفسه وإنما كانت تنام عينه وقد ثبت عنه أنه قال (إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) وهذا على العموم لأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم (إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا) ولا يجوز أن يكون مخصوصا بذلك لأنها خصلة لم يعدها في الست التي أوتيها ولم يؤتها أحد قبله من الأنبياء فلما أراد الله منه ما أراد ليبين لأمته صلى الله عليه وسلم قبض روحه وروح من معه في نومهم ذلك وصرفها إليهم بعد طلوع الشمس ليبن لهم مراده على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا التأويل جماعة أهل الفقه والأثر وهو واضح والمخالف فيه مبتدع وللكلام عليه موضع غير هذا وبالله تعالى التوفيق
———-
جواب حسين البلوشي وعبدالله بن مفتاح النعيمي:
قال ابن عبد البر في الاستذكار:
وقد أوضحنا في ((التمهيد)) معنى نوم النبي – عليه الس?م – عن ص?ته في سفره حتى طلعت الشمس مع قوله – عليه الس?م – ((إن عيني تنامان و? ينام قلبي))
والنكتة في ذلك أن ا?نبياء – عليهم الس?م – تنام أعينهم و? تنام قلوبهم ولذلك كانت رؤيا ا?نبياء وحيا وكذلك قال بن عباس رؤيا ا?نبياء وحي وت? (افعل ما تؤمر) الصافات 102
وقد روي عن النبي – عليه الس?م – أنه قال ((إنا معشر ا?نبياء تنام أعيننا و? تنام قلوبنا))
وقد ذكرنا الحديث بذلك في ((التمهيد)) ……
ونومه عليه الس?م في سفره من باب قوله ((إني ?نسى أو أنسى ?سن)) فخرق نومه ذلك عادته عليه الس?م ليسن ?مته
أ? ترى إلى قوله في حديث الع?ء بن خباب ((لو شاء الله ?يقظنا ولكنه أراد أن تكون سنة لمن بعدكم))
—————–
جواب نورس الهاشمي:
الجمع بين الحديثين ((إن عيني تنامان ولا ينام قلبي))
الحمدلله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده: قال الحافظ ابن حجر في الفتح ((1) / (450) – (451)) معقبا على كلام النووي: وهو كما قال ولا يقال القلب وإن كان لايدرك ما يتعلق بالعين من رؤية الفجر مثلا لكنه يدرك إذا كان يقظانا مرور الوقت الطويل فإن من ابتداء طلوع الفجر إلى أن حميت الشمس مدة طويلة لا تخفى على من لم يكن مستغرقا لأنا نقول يحتمل أن يقال كان قلبه صلى الله عليه وسلم إذ ذاك مستغرقا بالوحي ولا يلزم مع ذلك وصفه بالنوم كما كان يستغرق صلى الله عليه وسلم حالة إلقاء الوحي في اليقظة وتكون الحكمة في ذلك بيان التشريع بالفعل لأنه أوقع في النفس كما في قضية سهوه في الصلاة وقريب من هذا جواب ابن المنير أن القلب قد يحصل له السهو في اليقظة لمصلحة التشريع ففي النوم بطريق الأولى أو على السواء وقد أجيب على أصل الإشكال بأجوبة أخرى ضعيفة منها أن معنى قوله لا ينام قلبي أي لا يخفى عليه حالة انتقاض وضوئه، ومنها أن معناه لا يستغرق بالنوم حتى يوجد منه الحدث وهذا قريب من الذي قبله. قال بن دقيق العيد: كأن قائل هذا أراد تخصيص يقظة القلب بإدراك حالة الانتقاض وذلك بعيد وذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم إن عيني تنامان ولا ينام قلبي خرج جوابا عن قول عائشة أتنام قبل أن توتر وهذا كلام لا تعلق له بانتقاض الطهارة الذي تكلموا فيه وإنما هو جواب يتعلق بأمر الوتر، فتحمل يقظته على تعلق القلب باليقظة للوتر وفرق بين من شرع في النوم مطمئن القلب به وبين من شرع فيه متعلقا باليقظة قال فعلى هذا فلا تعارض ولا إشكال في حديث النوم حتى طلعت الشمس لأنه يحمل على أنه اطمأن في نومه لما أوجبه تعب السير معتمدا على من وكله بكلاءة الفجر اه والله أعلم
-ومحصله تخصيص اليقظة المفهومة من قوله ولا ينام قلبي بإدراكه وقت الوتر إدراكا معنويا لتعلقه به وأن نومه في حديث الباب كان نوما مستغرقا ويؤيده قول بلال له: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، كما في حديث أبي هريرة عند مسلم ولم ينكر عليه، ومعلوم أن نوم بلال كان مستغرقا وقد اعترض عليه بأن ما قاله يقتضي اعتبار خصوص السبب، وأجاب بأنه يعتبر إذا قامت عليه قرينة وأرشد إليه السياق وهو هنا كذلك ومن الأجوبة الضعيفة أيضا قول من قال كان قلبه يقظانا وعلم بخروج الوقت لكن ترك إعلامهم بذلك عمدا لمصلحة التشريع، وقول من قال: المراد بنفي النوم عن قلبه أنه لا يطرأ عليه أضغاث أحلام كما يطرأ على غيره بل كل ما يراه في نومه حق ووحي فهذه عدة أجوبة أقربها إلى الصواب الأول على الوجه الذي قررناه والله المستعان.
– وقال الحافظ في التلخيص: لا ينتقض وضوءه صلى الله عليه وسلم بالنوم.
-قال ابن رجب في الفتح من (الشاملة): وأن عائشة سألته عن ذلك، فقال: ((أن عيني تنامان، ولا ينام قلبي))
وهذا يدل على أن وقت نومه كان يختلف.
-قال ابن تيمية في المجموع (ج (21) / (391)): فدل على أن قلبه الذي لم ينم كان يعرف به أنه لم يحدث ولو كان النوم نفسه كالبول والغائط والريح: لنقض كسائر النواقض.
-قال البيهقي: (“ولا ينام قلبي”: ليعي الوحي الذي يأتيه، ولذا كانت رؤياه وحيا ولا تنقض طهارته بالنوم، وكذا الأنبياء لقوله صلى الله عليه وسلم: إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا). “عون المعبود”
-و في “شرح بلوغ المرام للشيخ العثيمين: فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه و سلم كانت تنام عيناه و لا ينام قلبه؟ فالجواب بلى فهل يعارض هذا الحديث؟ الجواب: لا، لا يعارضه لأن عيناه نائمة، و الفجر يدرك بماذا بالقلب أو بالعين؟ فلا ينافي الحديث.
-قال العباد في شرحه على سَنَن ابي دَاوُدَ: وهذا من خصائصه التي يتميز بها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه عن الأمة.
فما جاء متعلقا بالرسول صلى الله عليه وسلم يكون من خصائصه، يعني: من كونه يحصل منه النوم، ثم يقوم ويصلي؛ لأن عينه تنام ولا ينام قلبه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
-و سئل الشيخ العباد حفظه الله:.
الجمع بين كونه صلى الله عليه وسلم نام عن الصلاة وبين قوله: (تنام عيناي ولا ينام قلبي)
السؤال
كيف نجمع بين هذا الحديث الذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نام ولم يستيقظ حتى طلعت الشمس)، وبين حديث: (تنام عيناي ولا ينام قلبي)؟
الجواب
لا تنافي بينهما؛ لأن قوله: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) يتعلق بالحدث، يعني: لا يحصل منه الحدث حال النوم، أما كونه يحصل منه النوم حتى تطلع الشمس فهذا لا ينافي ذلك الحديث الذي فيه ارتفاع الحدث عنه في حال نومه صلى الله عليه وسلم. [شرح سَنَن ابي دَاوُدَ]
أعده: أخوكم نورس الهاشمي
—————
جواب سيف بن دورة الكعبي:
ستكون مشاركتي بتخريج ما ذكر أصحابنا في أجوبتهم:
حديث (إني أنسى لأسن) الذي ذكروه أصحابنا في أجوبتهم عن ابن عبد البر من بلاغات مالك، ويغني عنه قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) وراجع الضعيفة 101.
وكذلك حديث: (إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا) ذكره الألباني في الصحيحة1705 من مراسيل عطاء، وقال يشهد له حديث أنس بن مالك، وفيه: والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم أخرجه البخاري.
وللحديث شواهد منها ما ذكره الألباني في الصحيحة 1872، وفيه (أن علامة النبي تنام عينه ولا ينام قلبه، وسأل عن صوت الرعد فقال ذلك ملك بيده مخراق يزجر السحاب) بمعناه أخرجه أحمد 2483
وصحح الحديث الشيخ مقبل في أسباب النزول فقال: فيه بكير خولف لكن له طرق.
وذهب باحث لتضعيفه يعني كون الرعد صوت ملك: حيث نقل أن ابن منده قال: هذا إسناد متصل، ورواته مشاهير ثقات. وصححه الشيخ أحمد شاكر.
لكن قال ابونعيم: غريب من حديث سعيد، تفرد به بكير.
وهو بكير بن شهاب الكوفي وليس بالدامغاني، قال أبوحاتم؛ هو شيخ، فانفراده عن سعيد بن جبير تجعل روايته منكرة، وشاهده عن جابر باطل قاله الذهبي ترجمة يوسف بن يعقوب ابوعمران (الميزان)
وورد موقوف على علي بن أبي طالب وفيه مغيرة بن مسلم مجهول، وله عن علي أيضا طريق أخرى رجحها الدارقطني وفيها ربيعة بن الأبيض مجهول وفيه ذكر البرق دون الرعد.
وورد عن ابن عباس من قوله وله عنه طرق:
الأولى قال ابن جرير حدثت عن منجاب وهذه جهالة.
وآخر فيه عبدالملك بن حسين هو أبومالك النخعي الوسطى
وثالث وفيه شهر بل حدث به مره عن كعب الاحبار
ورابع وفيه علي بن عاصم متروك.
وخامس في الأدب المفرد من قول ابن عباس أيضا
وثبت عن عكرمة ومجاهد وأبي صالح والسدي وكعب الاحبار. ولعلهم إنما أخذوه من كعب الاحبار. انتهى كلام الباحث ملخصا
واعترض على الباحث: بأن ابن عبدالبر نسب كون أن الرعد صوت ملك لجمهور السلف. وذكر كذلك عن عبدالله بن عمرو وأبي هريرة.
-أما حديث ((لو شاء الله لأيقظنا ولكنه أراد أن تكون سنة لمن بعدكم)) رواه أسباط بن نصر من طريق سماك بن حرب عن عبدالله بن العلاء عن أبيه
قال ابن كثير في جامع المسانيد: وقال ابوعمر: ما اظن انه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم. (راجع 1460 العلاء بن خباب – جامع المسانيد) (الشاملة)
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن عبيدة بن حميد عن يزيد بن أبي زياد عن تميم بن سلمة عن مسروق عن بن عباس قال ((ما يسرني أن لي الدنيا بما فيها بصلاة النبي – عليه السلام – الصبح بعد طلوع الشمس)) وفيه يزيد بن أبي زياد ضعيف وتغير ثم إن أبا حاتم وأبا زرعة رجحا من رواه مرسلا فقالا: هذا خطأ؛ أخطأ فيه عبيدة، رواه جماعة فقالوا: عن تميم بن سلمة، عن مسروق؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر … مرسل فقط.
قال ابن أبي حاتم لهما: الوهم ممن هو؟
قالا: من عبيدة. انتهى من العلل (262)