1333تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1333 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن عاصم عن أبي هريرة
أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه قال قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك.
هذا حديث صحيح.
– – – – – – – – – – – –
قال باحث:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد:
ففي مسند الإمام أحمد بسند حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر.
وفي رواية: إن المؤمن ينضي شيطانه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر.
[رواه أحمد (2/ 380) والحكيم الترمذي (1/ 132) وابن أبى الدنيا في مكايد الشيطان (ص 41) وقال الهيثمي (1/ 116): فيه ابن لهيعة. والحديث من رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به .. فمن حسنه، حسنه لأن قتيبة بن سعيد لم يكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب عبد الله بن وهب ثم يسمعه من ابن لهيعة، وابن وهب إنما سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه .. والمشهور في التراجم أن رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة صالحة .. ولذلك حسنه الألباني في الصحيحة 3586]
ومن ضعف ابن لهيعة فلا يصح عنده
وقوله: ” إن المؤمن ينضي شيطانه ” أي يهزله ويجعله ضعيفا مهزولاً، ويَجْعله نِضْوا. والنِضْو: الدابة التي أهْزَلَتْها الأسفار، وأذْهَبَت لَحْمَها.
– قال ابن القيم في بدائع الفوائد:
ذكر الله يقمع الشيطان ويؤلمه ويؤذيه كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضرب
بها ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيلا ضئيلا مضني مما يعذبه ويقمعه به من ذكر الله وطاعته كما جاء في هذا الحديث ..
لأنه كلما اعترضه صب عليه سياط الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة فشيطانه معه في عذاب شديد ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحة ودعة ولهذا يكون قويا عاتيا شديداً ..
فمن لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار، فلا بد لكل أحد أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه .. اهـ
وروى عبد الرزاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال:
إن شيطان المؤمن يلقى شيطان الكافر فيرى شيطان المؤمن شاحبا أغبر مهزولاً فيقول له شيطان الكافر: مالكَ ويحكً قد هلكت؟ فيقول شيطان المؤمن: لا والله ما أصل معه إلى شيء، إذا طعم ذكر اسم الله، وإذا شرب ذكر اسم الله، وإذا نام ذكر اسم الله، وإذا دخل بيته ذكر اسم الله ..
فيقول الآخر: لكني آكل من طعامه، وأشرب من شرابه، وأنام على فراشه، فهذا شاح وهذا مهزول.
[المصنف 10/ 419 والطبراني 9/ 156 بسند صحيح عن ابن مسعود]
• أسلحة لقهر الشيطان وغلبته
إذا فلابد من معرفة الأسلحة التي بها نحارب الشيطان، ونرد كيده في نحره، ونغزوه من حيث أراد غزونا ..
وأول ما لابد من معرفته ها هنا أن نتيقن أمور ثلاثة:
أولها: أن الشيطان هو عدونا الأول وأنه يجب علينا أن نتخذه عدوا ..
والثاني: أنه يعمل على إضلالنا وإهلاكنا ويخوفنا أولياءه ..
والثالث: أننا مطالبون بقتاله هو وحزبه وأولياءه تماما كما فرض علينا الجهاد لمقاتلة أعداء الله الكافرين والمارقين.
• إن الشيطان لكم عدو
قال تعالى:) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (فاطر-6
وهذه الآية فيها فريضتان:
الأولى: فريضة علمية ضرورية، وهي العلم بأن الشيطان هو عدونا وهو أمر مؤكد بحرف إن، وأنه يدعوا أتباعه وحزبه إلى سعير جهنم.
والفريضة الثانية: وحج فريضة عملية وهي وجوب اتخاذه عدواً وإنما قلنا وجوب لأن طاعته في معصية الله منها الكفر والضلال ..
والوجوب مأخوذ من قوله: فاتخذوه .. وهي أمر لمبادلته العداوة.
وقال تعالى:) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (يس-62
– يقول أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي المتوفى في (1307هـ) في كتابه القيم: حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة (1/ 116) وهو يتكلم على كيد النساء في موقف المراودة والهم في قصة يوسف عليه السلام:
وَعَن بعض الْعلمَاء إِنِّي أَخَاف من النِّسَاء مَا لَا أَخَاف الشَّيْطَان فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُول {إِن كيد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفا} وَقَالَ للنِّسَاء (إِن كيدكن عَظِيم) وَلِأَن الشَّيْطَان يوسوس مسارقة وَهن يواجهن بِهِ الرِّجَال .. وهَذَا فِيمَا يتَعَلَّق بِأَمْر الْجِمَاع والشهوة لَا أَنه عَظِيم على الْإِطْلَاق إِذْ الرِّجَال أعظم مِنْهُنَّ فِي الْحِيَل والمكايدة فِي غير مَا يتَعَلَّق بالشهوة. اهـ
• التحرز من الشيطان
والطريقة النافعة لمحاربة الشيطان هي التحرز من شره واستخدام الأسلحة كالاستعاذة بالله من الشيطان وذكر الله وقراءة القرآن واستخدام الرقية الشرعية والطهارة والصلاة والتحرز من فضول النظر والكلام والطعام والمخالطة على تفصيل يأتي.
الحرز الأول
وهو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
• استعن بصاحب الغنم لطرد كلبه عنك
من أراد العصمة من الشيطان فعليه اللجوء إلى خالقه. ولله المثل الاعلى
والاستعاذه جاءت عامة وجاءت عند قراءة القرآن:
• فوائد الاستعاذة عند قراءة القرآن
قال ابن القيم:
فأمر سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن لوجوه:
منها: أن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة.
ومنها: أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب كما أن مادة الشيطان نار تحرق فكلما أحس بنبات الخير من القلب سعى في إفساده وإحراقه فأمر أن يستعيذ بالله عز وجل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن.
ومنها: أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها مثل المصابيح فقال عليه الصلاة والسلام: تلك الملائكة.
[رواه البخاري 5018 ومسلم 795 باب نزول السكينة عند قراءة القرآن].
والشيطان ضد الملك وعدوه فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى يحضره خاص ملائكته فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين.
ومنها: أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاعه به فأمر عند الشروع أن يستعيذ بالله عز وجل منه.
ومنها: أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه والله تعالى أشد أذنا للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الرب قراءته.
ومنها: أن الله سبحانه أخبر أنه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته والسلف كلهم على أن المعنى: إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته
ومنها: أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه ..
ومنها: أن الاستعاذة قبل القراءة عنوان وإعلام بأن المأتى به بعدها القرآن ولهذا لم تشرع الاستعاذة بين يدي كلام غيره بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة
وقال ابن كثير: ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له وهو لتلاوة كلام الله وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ولا يقبل مصانعة ولا يدارى بالإحسان بخلاف العدو من نوع الإنسان .. ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان. اهـ
وللاستعاذة صيغ اصحها ما ورد الأمر به في القرآن
• حكم الاستعاذة
اختلف العلماء في حكم الاستعاذة وهل هي واجبة أم مستحبة؟
قال ابن كثير: وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها، وحكي عن عطاء ابن أبي رباح وجوبها في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة لظاهر الآية فاستعذ وهو أمر ظاهره الوجوب، وبمواظبة النبي r عليها، ولأنها تدرأ شر الشيطان وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولأن الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب ..
[مقدمة تفسيره وانظر شرح بلوغ المرام 2/ 49 والشرح الممتع 1/ 470 لابن عثيمين].
• فائدة:
ويلاحظ أنه لم يستعذ بشيطان من الشياطين وإنما استعاذ بالشيطان الأكبر بدليل وصفه بالرجيم وهي نص في الشيطان صاحب القصة مع نبي الله آدم عليه السلام فأفاد هذا الاستعاذة من الجنة عموما وشياطين الإنس والجن لأنهم تبع لوليهم الأكبر إبليس.
من أنواع الاستعاذة
• الاستعاذة بالله من الوسواس الخناس
قال تعالى:) قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ
وصح عن النبي r أنه قال لأبي مليح وكان رديفه: لا تقل تعس الشيطان فإنك إن قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته وإذا قلت بسم الله خنس حتى يصير مثل الذباب.
[رواه أحمد 5/ 59 وأبو داود 4928 والحاكم 4/ 324 وصححه الألباني]
وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب.
ومر معنا حديث النبي r : الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
وذكر البخاري عن ابن عباس: أن الوسواس إذا ولد المولود خنسه الشيطان فإذا ذكر الله عز وجل ذهب وإذا لم يذكر الله ثبت على قلبه. والأثر ضعيف.
وخنسه: أي خنس المولود أي نخسه وطعنه في خاصرته والوسواس هو الشيطان سمي به لكثرة ملابسته الإنسان ووسوسته له ..
والخناس: لأنه يخنس أي يتقهقر ويتأخر عند ذكر الله تعالى.
• التعوذ من الخبث والخبائث
ثبت في الصحيحين [البخاري 142 ومسلم 357] عن أنس أن رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم:
كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
قال كثير من العلماء استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم.
وجاء عن ابن عمر رضي اللّه عنهما وغيره: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل الخَلاء قال: اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجس النَّجِسِ الخَبِيثِ المُخْبِثِ الشَّيْطانِ الرجِيمِ.
[رواه ابن السني 18 عن أنس وابن ماجة رقم 299 والطبراني 8/ 210 عن أبي أمامة وحسنه الحافظ بشواهده ورواه ابن أبي شيبة 1/ 11 عن أبي حذيفة وغيره من قوله].
• همزات الشياطين وأن يحضرون
وقال تعالى: (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) المؤمنون-98
فأمر تعالى أن يستعيذ العبد به من نوعي شر إصابتهم بالهمز وقربهم ودنوهم منه فتضمنت الاستعاذة أن لا يمسوه ولا يقربوه .. وراجع تفسير القرطبي
الاستعاذه من الشيطان بكلمات الله التامات:
وعند البخاري وأحمد عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوذ حسنا وحسينا يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، وكان يقول: كان إبراهيم أبي يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق.
[رواه البخاري 3371 وأحمد 1/ 236 وأبو داود 4737]
الاستعاذه من الشيطان وشركه كما في حديث الباب:
قال في تحفة الأحوذي:
قوله أعوذ بك من شر نفسي: أي من ظهور السيئات الباطنية التي جبلت النفس عليها ومن شر الشيطان أي وسوسته وإغوائه وإضلاله ..
وشركه بكسر الشين وسكون الراء أي ما يدعو إليه من الإشراك بالله ..
ويروى بفتحتين أي مصائده وحبائله التي يفتتن بها الناس.
قال ابن القيم: قد تضمن هذا الحديث الاستعاذة من الشر وأسبابه وغايته فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس أو من الشيطان، وغايته إما أن يعود على العامل أو على أخيه المسلم فتضمن الحديث مصدري الشر الذي يصدر عنهما وغايتيه اللتين يصل إليهما. اهـ
فإن قيل: لم قدم الاستعاذة من شر النفس مع أن شر الشيطان أهم في الدفع وكيده ومحاربته أشد من النفس وشرها وفسادها إنما ينشأ من وسوسته ومن ثم أفردت له في التنزيل سورة تامة بخلافها؟
قيل: الظاهر أنه جعله من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى.
أو يقال: أن النفس هي محل قبول إغواء الشيطان ووساوسه، فالاستعاذة منها أي من ضعفها وتسليم قياد أمرها للشيطان .. والله أعلم
• فائدة الاستعاذة عند الجماع
في الصحيحين عن ابن عباس قال، قال رسول الله r :
لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه.
[البخاري 3283 ومسلم 1434 وأبو داود 2161]
قال في عمدة القاري: قوله: لم يضره .. أي لم يضر الشيطان الولد يعني لا يكون له عليه سلطان ببركة اسمه عز وجل بل يكون من جملة العباد المحفوظين المذكورين في قوله:) إن عبادي ليس لك عليهم سلطان (
ويقال يحتمل أن يؤخذ قوله لم يضره عاما فيدخل تحته الضرر الديني ويحتمل أن يؤخذ خاصا بالنسبة إلى الضرر البدني
• الاستعاذة عند السفر ودخول الفلوات
روت خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل. [أخرجه مسلم 2708 وأحمد 6/ 377 والترمذي 3437]
هل يجوز لعن الشيطان: – وفي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ (1/ 214) قال: ويلحق ببحث لعن الكافر لعن الشيطان أو لعن إبليس، وهذا أيضا اختلف فيه أهل العلم على قولين: القول الأول: منهم من أجاز لعنه بعينه لقول الله ? {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ} [النساء:117 – 118]
وما جاء في الآيات في لعن إبليس وطرده عن رحمة الله.
القول الثاني: أنه لا يُلْعَنْ إبليس ولا الشيطان لما صَحَّ في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لعن الشيطان أو عن لعن إبليس وقال: «لا تلعنوه فإنه يتعاظم» رواه تمَّام في فوائده وغيره بإسناد جيد، قالوا: فهذا يدل على النهي عن اللّعن، وهذا متّجه في أنَّ اللعن عموماً في القاعدة الشرعية أنَّ المسلم لا يلعن؛ لأنّ اللعن منهي عنه المؤمن بعامة، ومن أعظم ما يكون أثراً للعن أنَّ اللَّعان لا يكون شفيعاً ولا شهيداً يوم القيامة. والمسألة فيها أيضاً مزيد بحث فيما جرى من لعن يزيد، ولعن بعض المعينين؛ ولكن الإمام أحمد لما سئل عن حال يزيد قال: أليس هو الذي فعل بأهل المدينة يوم الحرة ما فعل، أليس هو كذا؟ فقال له: لم لا تلعنه؟ فقال: وهل رأيت أباك يلعن أحداً؟. وهذا يدل على أنَّ ترك اللعن من صفات الأتقياء، وأنَّ اللَّعن من صفات من دونهم إذا كان في حقّ من يجوز لعنه عند بعض العلماء، أما لعن من لا يستحق اللعن فهذا يعود على صاحبه؛ يعني من لَعَنَ من لا يستحق اللعن عادت اللعنة؛ يعني الدعاء بالطرد والإبعاد من رحمة الله على اللاعن والعياذ بالله. اهـ
خلاصة ما ذكر: أن لعن الشيطان غير جائز للنص في النهي عن لعنه، وهو نص صحيح ..
وكذا حديث أبو داود: لا تقل تعس الشيطان، وهي وإن لم تكن لعنا إلا أنها أفادت أمرا مهما، وهي أن الشيطان يتعاظم بذلك ..
وأيده أثر مجاهد الصحيح عنه عند ابن أبي الدنيا لعنت لعينا لكن قل لا اله الا الله
أما جواز اللعن فإنه يقيد بحالة الوسوسة والكيد فقط كما صح من حديث أبي الدرداء في مسلم وقول رسول الله له: ألعنك بلعنة الله، ثلاثا ..
فأفاد هذا الحديث جواز اللعن عند حصول الكيد والوسوسة، ولا يلعن ابتداءاً ..
والله أعلى وأعلم.
تكلمنا عن الرقية كالاستعاذة بالله من الشيطان وإن شاء الله في مبحث آخر نكمل بقية الحروز وهي ذكر الله وقراءة القرآن واستخدام الرقية الشرعية والطهارة والصلاة والتحرز من فضول النظر والكلام والطعام والمخالطة