سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (22)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(الصمد)
ذكر اسم الله الصمد في القرآن مرة واحدة في سورة الاخلاص قال تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد) ُ [الإخلاص: 2]:
*ومن السنة:
في عدة مواضع منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (قال النبيُّ صلي الله عليه وسلم لأصحابِهِ: أَيعجِزُ أحدُكم أن يقرَأَ ثلثَ القرآن في ليلة؟
فشقَّ ذلك عليهم وقالوا: أَيُّنا يطيقُ ذلك يا رسول الله؟
فقال: اللهُ الواحِدُ الصَّمَدُ ثلث القرآنِ)
وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (خرج إلينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: أقرأ عليكم ثلث القرآن فقرأ:} قل هو الله أحد الله الصمد {حتى ختمها)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
*اختلف المفسرون من السلف في تفسير “الصمد” على قولين مشهورين وكل قول فيه تفصيل وأيضا القول منهما يدل على الأخر بنوع من الدلالة:
القول الأول: “الصمد”: هو الذي لاجوف له كما فسرها بن مسعود ورويت عنه موقوفه ومرفوعة أيضا لكن لايصح المرفوع، أيضا رويت عن ابن عباس وعن جماعة من مفسري السلف بأن “الصمد” الذي لاجوف له، وهذا بمعنى: أنه لايتخلل ذاته جل وعلا شيء بل هو جل وعلا واحد بالذات.
والمخلوقات غير الملائكة لها جوف يدخل فيها مايدخل ويخرج منها مايخرج، ويلدون ويحمل منهم من يحمل ويلد من يلد ويأكلون ويشربون ويتغوطون وهذه كلها من صفات النقص، ولهذا فسرها بأن الصمد: الذي لاياكل ولا يشرب.
وقال بعضهم “الصمد”تفسيره مابعده وهو قوله”لم يلد ولم يولد” وهذه كلها في المعنى واحدة وهو أن “الصمد”الذي لاجوف له لأن الأكل والشرب يحتاج إلى جوف يمر فيه، وكذلك الولادة يحتاج أن تخرج من جوف والله جل وعلا”صمد” قال جل وعلا “الله الصمد” هذا هو المعنى الأول، وهذا كما قال ابن قتيبه وابن الأنباري مأخوذ من الصمت بالتاء، فكأن الدال هنا في قوله”الصمد”مبدلة من التاء، من الصمت أو المصمت من الشيء المصمت، وهو الذي لاشيء في داخله، قالوا الدال مبدلة من التاء، وهذا رده شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وقال ليس هذا بوجيه بل الأولى أن يحمل هذا على الإشتقاق الأكبر وهذاصحيح، لأن “الصمد” والصمت يعني المصمت و “الصمد” بينهما اشتقاق أكبر، فبينهما اتصال في المعنى.
القول الثاني: وهو ايضا مروي عن ابن عباس وجماعة كثير من المفسرين من السلف وهو أن “الصمد” هو الذي كمل في صفات الكمال وهو الذي يستحق أن يصمد إليه في الحوائج يعني يسأل ويطلب ويرغب فيما عنده وهو الذي يأتي بالخيرات، وهو الذي يدفع الشرور عن من يصمد إليه، وهذا مروي من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس في صحيفة التفسير الصحيحة المعروفة حيث قال”الصمد” هو السيد الذي كمل في سؤدده، الشريف الذي كمل في شرفه، العظيم الذي كمل في عظمته، الحليم الذي كمل في حلمه، العليم الذي كمل في علمه.
يعني “الصمد” هو الذي اجتمعت له صفات الكمال.
……………………… ..
فإذن على هذين التفسيرين يكون قوله “الله الصمد” فيها صفة الله جل وعلا-القول الأول-
والثاني فيها أنواع صفات الله جل وعلا لأن معنى “الصمد” السيد الذي كمل في سؤدده والشريف الذي كمل في شرفه يعني من كملت له صفات الكمال، وهذا ثابت في حق الله جل وعلا، وأيضا على هذا يكون “الصمد” الذي يصمد إليه في الحوائج، فيكون على هذا التفسير يكون قد جمعت كلمة “الصمد” بين توحيد الأسماء والصفات وبين توحيد الالوهية، لأن الذي يصمد إليه وحده في الحوائج يرغب إليه وحده ويطلب منه السؤال وحده يحتاج إليه وحده، هو “الصمد”وهو الله جل وعلا، وفي هذا رد على المشركين الذين الهوا غير الله أو وصفوا الله جل وعلا بصفات النقص من اليهود والنصارى والمشركين ومن شابههم.
المرجع: شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-
وقال الشنقيطي: من المعروف في كلام العرب إطلاق الصمد على السيد العظيم، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له، فمن الأول قول الزبرقان:
سيروا جميعاً بنصف الليل
واعتمرواولا رهينة إلا سيد صمد
ومن الثاني قول الشاعر:
شهاب حروب لا تزال جياده
عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
فإذا علمت ذلك، فالله تعالى هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات، وهو الذي تنزه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين كأكل الطعام ونحوه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
((أضواء البيان)) (2/ 187).
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
و كذلك لفظ (الصمد) فيه الجمع، والجمع فيه القوة؛ فإن الشيء كلما اجتمع بعضه إلى بعض و لم يكن فيه خلل كان أقوى مما إذا كان فيه خلو، ولهذا يقال للمكان الغليظ المرتفع: صمد؛ لقوته و تماسكه واجتماع أجزائه.
كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير ج17/ص229
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
وأما اسم (الصمد) فقد استعمله أهل اللغة في حق المخلوقين كما تقدم فلم يقل: الله صمد، بل قال ((الله الصمد)) فبيّن أنه المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه فإنه المستوجب لغايته على الكمال والمخلوق وإن كان صمداً من بعض الوجوه فإن حقيقة الصمدية منتفية عنه فإنه يقبل التفرق و التجزئة، وهو أيضا محتاج إلى غيره فإن كل ما سوى الله محتاج إليه من كل وجه فليس أحد يصمد إليه كل شيء و لا يصمد هو إلى شيء إلا الله تبارك وتعالى وليس فى المخلوقات إلا ما يقبل أن يتجزأ و يتفرق و يتقسم و ينفصل بعضه من بعض والله سبحانه هو الصمد الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك بل حقيقة الصمدية و كمالها له و حده واجبة لازمة لا يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه كما لا يمكن تثنية أحديته بوجه من الوجوه فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء بوجه من الوجوه كما قال في آخر السورة ((ولم يكن له كفوا أحد)) استعملها هنا في النفي أي: ليس شيء من الأشياء كفوًا له فى شيء من الأشياء؛ لأنه أحد
كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير ج17/ص238
وقال ابن القيم في نونيته:
وهو الإله السيد الصمد الذي
حمدت إليه الخلق بالإذعان
الكامل الأوصاف كماله ما
فيهمن كل الوجوه من نقصان.
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام (الصمد)
أي السيد العظيم الذي قد كمل في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزَّته وعظمته وجميع صفاته، فهو واسع الصفات عظيمها، الذي صَمَدَت إليه جميعُ المخلوقات، وقصدته كلُّ الكائنات بأسرها في جميع شؤونها، فليس لها ربٌ سواه، ولا مقصود غيره تقصده وتلجأ إليه في إصلاح أمورها الدينية، وفي إصلاح أمورها الدنيوية، تقصده عند النوائب والمزعجات، وتضرع إليه إذا عرتها الشدَّات والكربات، وتستغيث به إذا مسَّتها المصاعب والمشقات، لأنَّها تعلم أنَّ عنده حاجاتها، ولديه تفريج كرباتها لكمال علمه وسعة رحمته، ورأفته وحنانه، وعظيم قدرته وعزته وسلطانه.
(06) / (07) / (2015)، (10): (12) ص – احمد بن علي: مشكل الحديث رقم 8
قال البغوي في شرح السنة:
كانت لأهل الجاهلية عادات في الأنكحة، وفي أمر
الإماء أبطلها الشرع، فمن عادتهم في الأنكحة ما روي عن عائشة:
أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء، فنكاح منها نكاح الناس
اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته، أو ابنته، فيصدقها، ثم ينكحها.
ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته: إذا طهرت من طمثها:
أرسلي إلى فلان، فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها حتى يتبين حملها من
ذلك الرجل، فإذا تبين حملها، أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل
ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا نكاح الاستبضاع
ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم
يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومرت ليال بعد أن تضع حملها، أرسلت
إليهم حتى يجتمعوا عندها تقول لهم: قد ولدت، فهو ابنك يا فلان،
تسمي من أحبت، فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع الرجل.
ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير، فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن
جاءها وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما، فمن
أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن، ووضعت حملها، دعوا
لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون ودعي ابنه، لا يمتنع من ذلك،
فلما بعث محمد (صلى الله عليه وسلم) بالحق، هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس
اليوم. اهـ