*سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (8)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(الشهيد، المهيمن، المحيط)
(الشهيد)
* الدليل من الكتاب:
1 – قوله تعالى: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلَّا هُوَ) [آل عمران: 18].
2 – وقوله تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) [الأنعام: 19].
*الدليل من السنة:
حديث حجة الوداع، وفيه: (( … اللهم اشهد! فليبلغ الشاهد الغائب … )).
قال ابن الأثير: (الشهيد: هو الذي لا يغيب عنه شيء، يقال: شاهد وشهيد؛ كعالم وعليم؛ أي أنه حاضر يشاهد الأشياء ويراها)
(جامع الأصول)) (4/ 179).
وقال الشيخ السعدي: (الشهيد؛ أي: المطلع على جميع الأشياء، سمع جميع الأصوات خفيها وجليها، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وأحاط علمه بكل شيء، الذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه)
(التفسير)) (5/ 303).
و (شهد الله)؛ بمعنى: علم، وكتب، وقضى، وأظهر، وبيَّن. انظر:
((تهذيب اللغة)) للأزهري.
(المهيمن)
-لم يذكر هذا الاسم الجليل في القرآن الكريم إلا مرة واحدة، قال تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُون) َ [الحشر: 23].
_وقد ورد مرة ثانية صفة للقرآن الكريم في قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْه) [المائدة: 48].
*قال السعدي: (المهيمن): المطلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علما.
-تيسير الكريم (5/ 301)
(المحيط)
-قال تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِين) َ [البقرة: 19].
*قال السعدي: “المحيط” بكل شيء علماً وقدرةً ورحمةً وقهراً.
*قال العلامة الشنقيطي-رحمه الله
في أضواء البيان:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: {مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} أَيْ: مُهْلِكُهُمْ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَتَاتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [12/ 66] أَيْ: تُهْلَكُوا عَنْ آخِرِكُمْ.
وَقِيلَ: تُغْلَبُوا. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ؛ لِأَنَّ الْهَالِكَ لَا يَهْلَكُ حَتَّى يُحَاطَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَنْفَذٌ لِلسَّلَامَةِ يَنْفُذُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْمَغْلُوبُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [الطَّوِيلُ]:
أَحَطْنَا بِهِمْ حَتَّى إِذَا مَا تَيَقَّنُوا
بِمَا قَدْ رَأَوْا مَالُوا جَمِيعًا إِلَى السِّلْمِ
وَمِنْهُ أَيْضًا: بِمَعْنَى الْهَلَاكِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} الْآيَةَ [18/ 42]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} الْآيَةَ [10/ 22].
*وقال الخطابي: (المحيط) هو الذي أحاطت
قدرته بجميع خلقه، وهو الذي أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عدداً.
*وقال الحليمي: ومنها “المحيط” ومعناه: الذي لا يقدر على الفرار منه، وهذه الصفة ليست حقاً إلا لله جل ثناؤه، وهي راجعة إلى كمال العلم والقدرة، وانتفاء الغفلة والعجز عنه.
……………..
*قال ابن سعدي -رحمه الله -في فتح الرحيم الملك العلام: (الشهيد، المهيمن، المحيط)
أي المطّلع على جميع الأشياء، الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والخفيات والجليَّات، والماضيات والمستقبَلات، وسمع جميع الأصوات خفيها والجليَّات، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، وصغيرها وكبيرها، وأحاط علمُه وقدرته وسلطانه، وأوليته وآخريته، وظاهريته وباطنيته
بجميع الموجودات، فلا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن، ولا كبير عن صغير، ولا قريب عن بعيد، ولا يخفى على علمه شيء، ولا يشذ عن
ملكه وسلطانه شيء، ولا ينفلت عن قدرته وعزته شيء، ولا يتعاصى عليه شيء، ولا يتعاظمه شيء.
وجميع أعمال العباد قد أحصاها وقد علم مقدارها ومقدار جزائها في الخير والشر، وسيجازيهم بما تقتضيه حكمته وحمده وعدله ورحمته، والملوك والجبابرة وإن عظمت سطوتهم، وعظم ملكهم، واشتد جبروتهم، وتفاقم طغيانهم، فإنَّ الله لهم بالمرصاد قد أحاط بأحوالهم، وأحصى وراقب كلَّ حركاتهم وسكناتهم، ونواصيهم بيده، وليس لهم خروج عن تصرفه وإرادته ومشيئته.
أين المفرُ والإلهُ الطالب
والمجرمُ المغلوبُ ليس الغالب
فهذه الأسماء الثلاثة ترجع إلى سعة علمه، وإحاطته بكلِّ شيء، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وإلى شهادته لعباده وعلى عباده بأعمالهم، وإلى الجزاء وانفراد الرب بتصريف العباد، وإجرائهم على أحكام القدر، وأحكام الشرع، وأحكام الجزاء، والله أعلم.