سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (2)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
============================
(الرحمن، الرحيم، البر، الكريم،
الجواد، الوهاب، الرؤوف)
قال ابن سعدي رحمه الله: هذه الأسماء الكريمة متقارب معناها، وكلها تدل على أنه موصوف بكمال الرحمة وسعة البر والإحسان، وكثرة المواهب والحنان والرأفة.
قال تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيم) ُ [البقرة: 163].
(الرحمن الرحيم) اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة, ورحمن أشد مبالغة من رحيم فالرحمن يدل على الرحمة العامة كما قال تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5] والرحيم يدل على الرحمة الخاصة بالمؤمنين كما قال تعالى: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [الأحزاب:47]
(البر)
قال تعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور: 25 – 28]
اسم الله البر، فهو فاعل البرِّ (بالكسر)، والبر: هو الإحسان والاتساع والصلة والخير، وقيل: البر هو خير الدنيا والآخرة.
*قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله: والبر هو الموصوف بالبر، وهو كثرة الخير
والإحسان، فالبر وصفه سبحانه،
وآثار هذا جميع النعم الظاهرة والباطنة، فلا يستغني مخلوق عن إحسانه وبره طرفة عين.
*شرح القصيدة النونية (2/ 487)
قال الشيخ زيد بن هادي رحمه الله: (البر) أسم كريم لله عزوجل، ومعناه المحسن إلى خلقه بالرزق والحفظ والأمن والأستقرار …. )
*العمل الأسنى (ص:22)
وقد ورد هذا الاسم مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة الطور.
(الكريم)
قال تعالى: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون: 116].
وقوله: يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار: 6].
قال ابن جرير: (“كريم” ومن كرمه إفضاله على من يكفر نعمه، ويجعلها وصلة يتوصل بها إلى معاصيه)
وقال الحليمي: (“الكريم” ومعناه: النفاع، من قولهم: شاة كريمة، إذا كانت غزيرة اللبن تدر على الحالب، ولا تقلص بأخلافها، ولا تحبس لبنها).
(الجواد)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جواد يحب الجود، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها … )).
قال ابن القيم – رحمه الله – في نونيته:
(وهو الجواد فجوده عم الوجود
جميعه بالفضل والإحسان
وهو الجواد فلا يخيب سائلاً
ولو أنه من أمة الكفران)
وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (الجواد: يعني أنه تعالى الجواد المطلق الذي عم بجوده جميع الكائنات، وملأها من فضله، وكرمه، ونعمه المتنوعة، وخص بجوده السائلين بلسان المقال أو لسان الحال من بر، وفاجر، ومسلم، وكافر، فمن سأل الله أعطاه سؤاله، وأناله ما طلب، فإنه البر الرحيم: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل: 53].
ومن جوده الواسع ما أعده لأوليائه في دار النعيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)
وقال أيضاً: (والجواد الذي عم بجوده أهل السماء، والأرض فما بالعباد من نعمة فمنه وهو الذي إذا مسهم الضر فإليه يرجعون، وبه يتضرعون، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين، ولكن يتفاوت العباد في إفاضة الجود عليهم بحسب ما من الله به عليهم من الأسباب المقتضية لجوده، وكرمه، وأعظمها تكميل عبودية الله الظاهرة، والباطنة العلمية، والعملية القولية، والفعلية، والمالية، وتحقيقها باتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
(الوهاب)
قال تعالى: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّاب) ُ [آل عمران: 8].
قال ابن جرير في تفسير قوله (إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [ص: 35] يعني إنك أنت المعطي عبادك التوفيق والسداد للثبات على دينك وتصديق كتابك ورسلك.
وقال: الوهاب لمن يشاء من خلقه، ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة.
وقال: إنك وهاب ما تشاء لمن تشاء، بيدك خزائن كل شيء تفتح من ذلك ما أردت لمن أردت.
وقال الحليمي: (الوهاب) وهو: المتفضل بالعطايا المنعم بها لا عن استحقاق عليه.
وقال النسفي: الوهاب الكثير المواهب المصيب بها مواقعها الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته.
وقال ابن القيم في (النونية)
وكذلك الوهاب من أسمائه
فانظر مواهبه مدى الأزمان
أهل السموات العلى والأرض عن
تلك المواهب ليس ينفكان.
(الرَّؤوف)
قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيم) ٌ [البقرة: 143].
قال ابن جرير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ: (إن الله: بجميع عباده ذو رأفه، والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة)