1295 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله المشجري)
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1295 – قال الإمام أبو عبدالله بن ماجه رحمه الله (ج1 ص74): حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي قال حدثني أبي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحث عليه، فقال رجل: عندي كذا وكذا. قال: فما بقي في المجلس رجل إلا تصدق عليه بما قل أو كثر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من استن خيرا فاستُن به، كان له أجرُه كاملاً ومن أجور من استن به، ولا ينقص من أجورهم شيئا، ومن استن سنة سيئة فاستُنَّ به، فعليه وزرَه كاملاً ومن أوزار الذي استَنَّ به ولا ينقص من أوزارهم شيئا)).
قال الشيخ مقبل الوادعي – رحمه الله -: هذا حديث حسن على شرط مسلم.
—————–
أولاً: ما يتعلق بسند الحديث:
* هذا الحديث صححه الألباني ومحققو سنن ابن ماجه برقم 204.
* ورد قريب من معنى هذا الحديث، حديث جرير المشهور في صحيح مسلم 1017وفيه ((من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ….. ))، وذكر ابن ماجه في سننه في باب: من سنَّ سنة حسنة أو سيئة، خمسة أحاديث
1 – عن جرير السالف،
2 – وحديث أبي هريرة الذي في الباب
3 – وحديث أنس وأبي هريرة وأبي جحيفة بمعنى حديث الباب، وكلها حسنها أو صححه الشيخ الألباني رحمه الله.
ثانياً: ما يتعلق بمتن الحديث:
* قوله: (فحثَّ عليها): أي: فحث على الصدقة.
* قول الرجل (عندي كذا وكذا): أي: من المال وأنا أتصدق به ثم جاء به قبل الناس فتبعه الناس في التصدق.
* بوب ابن ماجه على هذا الحديث باب: من سنَّ سنة حسنة أو سيئة، وأورد تحتها خمسة أحاديث كلها بمعنى حديث الباب، كما سبق، قال الشيخ عبيد حفظه الله معلقاً على أحاديث الباب: (إن قول النبي صلى الله عليه وسلم (من سنَّ سنة حسنة) يفهم معناه من سبب الحديث وهو ما جاء في حديث جرير بن عبدالله الذي في صحيح مسلم في قصة النفر الذين جاؤوا من مُضَر وهم مجتابي النمار …. وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على الصدقة، وفيه أن الرجل من الأنصار تصدق وتتابع الناس على الصدقة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فيكون المراد من قوله صلى الله عليه وسلم ((من سن سنة حسنة)) أي: من أحيا سنةً فعُمِل بها، لأن الإسلام لا يقبل الزيادة لقوله تعالى (اليوم أكملتُ لكم دينكم).
* ثم أتبع ابن ماجه الباب السابق بباب: من أحيا سنةً قد أُميتت، قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله: (وهو تفسير للباب السابق وهو من دقة ابن ماجه)، ثم أورد ابن ماجه حديث ((من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل شيئاً))، وهذا الحديث من أوضح الأدلة في الدلالة على أن المراد من استنان السنة الحسنة هو إحياء السنن الثابتة شرعا.
* يدل على معنى حديث الباب حديثُ ((لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سن القتل)) متفق عليه.
* قال بعض الباحثين: (استنان الخير ليس على إطلاقه بل هو مضبوط بكونه مشروعاً، فإن لم يكن له أصل شرعي معتبر يدل عليه فهو ابتداع وضلال، حتى ولو كان في أصله فعل خير، كما جاء عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يكثر فيها الركوع والسجود، فنهاه، فقال: يا أبا محمد! أيعذبني الله على الصلاة؟! قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة.
قال الشيخ الألباني – رحمه الله -: (وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة!! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك) إرواء الغليل (2/ 236).
وقال الشيخ الألباني في الإرواء أيضا (4/ 181): (وما أحسن ما قال الإمام مالك رحمه الله لرجل أراد أن يحرم قبل ذي الحليفة: لا تفعل، فإني أخشي عليك الفتنة، فقال: وأي فتنة في هذه؟! وإنما: هي أميال أزيدها! قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنى سمعت الله يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
* قوله صلى الله عليه وسلم ((من سنَّ سنة حسنة)) مطلق مقيَّد بقول النبي صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وحديث ((فمن رغب عن سنتي فليس مني)) ذكره بعض الباحثين.
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد – حفظه الله -: (المراد بالحديث: السبق إلى فعل الخير والاقتداء بذلك السابق) ذكره في رسالة له بعنوان ” الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع ”
* ذكر بعض أهل العلم أن قوله عليه الصلاة والسلام ((من سنَّ في الإسلام)) والبدع ليست من الإسلام، وقوله ((سنة حسنة)) والبدع ليست حسنة.
* فالمراد بالحديث الذي يدل عليه سببه؛ وهو سن العمل تنفيذاً وليس سن العمل تشريعاً.
* وذكر بعضهم: أن البدعة طريقة في الدين مخترعة، ترى ما الذي اخترعه الأنصاري؟!.
* يراجع مجموع الفتاوى (28/ 150 وما بعدها) ذكر فيها باباً في تأثير مخالطة أهل الشر أو في باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.