68 الفوائد المنتقاه من شرح مختصر صحيح مسلم -رقم 68
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف بن دورة الكعبي)
وممن شارك الأخ أبوصالح والديني وغيرهم بفوائد قيمة.
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1، والاستفادة
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(مختصر مسلم لعبدالحق الأشبيلي)
-عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وعن أبي هريرة مثله.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رؤيا المسلم يراها أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) وفي لفظ آخر (الرؤيا الصالحة) وفي آخر (رؤيا الرجل الصالح).
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة) وفي بعض الطرق: (الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح. ذكر أبو مسعود الدمشقي أن هذا أخرجه مسلم في كتاب الرؤيا من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع عن ابن عمر، قال الحميدي: ولم أجده في كتاب مسلم.
——————-
– نقل الدارقطني الخلاف في بعض أسانيد الحديث، ورجح الرفع. (العلل للدارقطني 10/ 30)
-نقل الأخ الديني: قال ابن قتيبة الدينوري رحمه الله:
” وليس فيما يتعاطى الناس من فنون العلم, ويتمارسون من صنوف الحكم شيء هو أغمض وألطف, وأجل وأشرف, وأصعب مرارا, وأشد إشكالا من الرؤيا ; لأنها جنس من الوحي, وضرب من النبوة.
ولأن كل علم يطلب فأصوله لا تختلف … خلا التأويل , فإن الرؤيا تتغير عن أصولها باختلاف أحوال الناس في هيآتهم وصناعاتهم وأقدارهم وأديانهم وهممهم وإرادتهم وباختلاف الأوقات والأزمان فلأنها مرة مثل المضروب يعتبر بالمثل النظير, ومرة مثل المضروب يعتبر بالضد والخلاف, ومرة تنصرف عن الرائي لها إلى الشقيق أو النظير أو الرئيس, ومرة تكون أضغاثا.
ولأن كل عالم بفن من العلوم يستغني بآلة ذلك العلم لعلمه، خلا عابر الرؤيا؛ فإنه يحتاج إلى أن يكون عالما بكتاب الله عزوجل، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ليتعبرهما في التأويل، وبأمثال العرب، والأبيات النادرة، واشتقاق اللغة، والألفاظ المبتذلة عند العوام. وأن يكون مع ذلك أديبا لطيفا ذكيا عارفا بهيآت الناس وشمائلهم وأقدارهم وأحوالهم عالما بالقياس حافظا الأصول. ولن تغني عنه معرفة الأصول إلا أن يمد الله بتوفيق يسدد حكمه للحق، ولسانه للصواب ولن يحضره الله تعالى تسديده حتى يكون طيب الطعمة نقيا من الفواحش، طاهرا من الذنوب …. // تعبير الرؤيا للدينوري (72) – (76)
-قال الأخ أبوصالح: قال ابن عبد البر في التمهيد: ” اخت?ف آثار هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا من النبوة ليس ذلك عندي باخت?ف تضاد وتدافع والله أعلم ?نه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة …. على حسب ما يكون الذي يراها من صدق الحديث وأداء ا?مانة والدين المتين وحسن اليقين … ”
وقال ابن بطال في شرحه:
يعني تصديق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق. انتهى
وسيأتينا إن شاء الله في الباب القادم نقلاً للأخ أبي صالح عن بعض الأئمة يوضح معنى حديث (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة)
– قال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين؛
فصل المرتبة العاشرة من مراتب الهداية الرؤيا الصادقة وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي أنه قال الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
وقد قيل في الجمع بينهما إن ذلك بحسب حال الرائي فإن رؤيا الصديقين من ستة وأربعين ورؤيا عموم المؤمنين الصادقة من سبعين والله أعلم. انتهى
وقال أيضاً: والرؤيا مبدأ الوحي وصدقها بحسب صدق الرائي، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا، وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطاء كما قال النبي_صلى الله عليه وسلم_ وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيتعوض المؤمنون بالرؤيا، وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا.
وإذا تواطأت رؤيا المسلمين لم تكذب، وقد قال النبي_صلى الله عليه وسلم-لأصحابه لما أروا ليلة القدر في العشر الأواخر قال: أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر فمن كان منكم متحريها فليتحرها في العشر الأواخر من رمضان.
والرؤيا كالكشف منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي_صلى الله عليه وسلم_الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام، والذي هو من أسباب الهداية هو الرؤيا التي من الله خاصة.
ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان وهذا باتفاق الأمة ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرؤيا.
وأما رؤيا غيرهم فتعرض على الوحي الصريح فإن وافقته وإلا لم يعمل بها، فإن قيل فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة أو تواطأت.
قلنا متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي بل لا تكون إلا مطابقة له منبهة عليه أو منبهة على اندراج قضية خاصة في حكمه لم يعرف الرائي اندراجها فيه فيتنبه بالرؤيا على ذلك ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق.
فصل المرتبة التاسعة مرتبة الإلهام قال تعالى … (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)
وقال النبي_صلى الله عليه وسلم_لحصير بن منذر الخزاعي لما أسلم قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي.
والتحديث أخص من الإلهام فإن الإلهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم فكل مؤمن، فقد ألهمه الله رشده الذي حصل له به الإيمان، فأما التحديث فالنبي_صلي الله عليه وسلم – قال فيه إن يكن في هذه الأمة أحد فعمر يعني من المحدثين فالتحديث إلهام خاص وهو الوحي إلى غير الأنبياء،
إما من المكلفين كقوله تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) وقوله (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي) وإما من غير المكلفين كقوله تعالى (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) فهذا كله وحي إلهام … إلى آخر ما قال رحمه الله.
وقال: فصل:
وهو – يعني الإلهام – على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: نبأ يقع وحيا قاطعا مقرونا بسماع إذ مطلق النبأ الخبر الذي له شأن فليس كل خبر نبأ وهو نبأ خبر عن غيب معظم ويريد بالوحي والإلهام الإعلام الذي يقطع من وصل إليه بموجبه إما بواسطة سمع أو هو الإعلام بلا واسطة.
قال: أما حصوله بواسطة سمع فليس ذلك إلهاما بل هو من قبيل الخطاب وهذا يستحيل حصوله لغير الأنبياء وهو الذي خص به موسى إذ كان المخاطب هو الحق عز و جل،
وأما ما يقع لكثير … من سماع فهو من أحد وجوه ثلاثة لا رابع لها:
-أعلاها أن يخاطبه الملك خطابا جزئيا فإن هذا يقع لغير الأنبياء فقد كانت الملائكة تخاطب عمران بن حصين بالسلام فلما اكتوى تركت خطابه، فلما ترك الكي عاد إليه خطاب ملكي وهو نوعان:
أحدها: خطاب يسمعه بأذنه وهو نادر بالنسبة إلى عموم المؤمنين.
والثاني: خطاب يلقى في قلبه يخاطب به الملك روحه كما في الحديث المشهور (إن للملك لمة بقلب ابن آدم وللشيطان لمة فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالوعد ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد ثم قرأ (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا).
تنبيه (سيف):الحديث رجح أبوحاتم وأبو زرعة وقفه، لكن قال البخاري: وأرى رفعه غير أبي الأحوص عن عطاء بن السائب وهو حديث أبي الأحوص.
قلت: رجح الترمذي وغيره تفرده بالرفع، وكذلك ورد من طريق الزهري موقوفا. (راجع حاشية الجريسي على علل ابن أبي حاتم 2224) انتهى التنبيه
قال ابن القيم: وقال تعالى (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) قيل في تفسيرها: قووا قلوبهم وبشروهم بالنصر، وقيل: احضروا معهم القتال والقولان حق فإنهم حضروا معهم القتال وثبتوا قلوبهم.
ومن هذا الخطاب واعظ الله عز و جل في قلوب عباده المؤمنين كما في جامع الترمذي ومسند أحمد من حديث النواس بن سمعان عن النبي-صلى الله عليه وسلم- (إن الله تعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما وعلى كنفتي الصراط سوران لهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وداع يدعو على رأس الصراط وداع يدعو فوق الصراط فالصراط المستقيم الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله فلا يقع أحد في حد من حدود الله حتى يكشف الستر والداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن) أخرجه أحمد قلت (سيف) وهو في الصحيح المسند 1179
فهذا الواعظ في قلوب المؤمنين هو الإلهام الإلهي بواسطة الملائكة
وأما وقوعه بغير واسطة فمما لم يتبين بعد والجزم فيه بنفي أو إثبات موقوف على الدليل والله أعلم
فصل: النوع الثاني من الخطاب المسموع: خطاب الهواتف من الجان وقد يكون المخاطب جنيَّا مؤمناً صالحا، وقد يكون شيطان، وهذا أيضاً نوعان:
أحدهما: أن يخاطبه خطاب يسمعه بإذنه
والثاني: أن يلقى في قلبه عند ما يلم به ومنه وعده وتمنيته حين يعد الإنسى ويمنيه ويأمره وينهاه كما قال تعالى (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وقال (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء) وللقلب من هذا الخطاب نصيب وللأذن أيضا منه نصيب والعصمة منتفية إلا عن الرسل ومجموع الأمة
فمن أين للمخاطب أن هذا الخطاب رحماني أو ملكي بأي برهان أو بأي دليل والشيطان يقذف في النفس وحيه ويلقى في السمع خطابه فيقول المغرور المخدوع: قيل لي وخوطبت صدقت لكن الشأن في القائل لك والمخاطب وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لغيلان بن سلمة وهو من الصحابة لما طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك …
فصل: النوع الثالث: خطاب حالي تكون بدايته من النفس وعوده إليها
فيتوهمه من خارج وإنما هو من نفسه منها بدا وإليها يعود
وهذا كثيرا ما يعرض للسالك فيغلط فيه ويعتقد أنه خطاب من الله كلمه به منه إليه …
فهذه الوجوه الثلاثة هي وجوه الخطاب ومن سمع نفسه غيرها فإنما هو غرور وخدع وتلبيس وهذا الموضع مقطع القول وهو من أجل المواضع لمن حققه وفهمه والله الموفق للصواب. انتهى كلام ابن القيم بحذف بعض العبارات
-ويؤيد كلام ابن القيم أن الوحي التشريعي لا يكون إلا للأنبياء ما قال الأخ أبوصالح: أن جبريل عليه السلام الذي هو مكلف بالوحي لا ينزل إلا على الأنبياء.
قلت: – ويدل عليه الحديث الذي أخرجه البخاري 2641 عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَاخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَامَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ
وأخرج مسلم 2454 عن أنس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (انطلق بنا إلى أم ايمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهينا إليها بكت فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم إن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.
-سألت اللجنة الدائمة: هل في إمكان إنسان أن يصل إلى درجة تمكنه من التلقي عن الله مباشرة وهو غير نبي ولا رسول؟
ج5: ليس هناك من البشر من يتلقى عن الله مباشرة شيئا من الوحي إخبارا أو تشريعا سوى الأنبياء أو الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإلا الرؤيا الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له مناما لا يقظة فإنها جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحي، وإلا الفراسة الصادقة فإنها نوع من الإلهام كما كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، لكن الرؤيا المنامية والفراسة من غير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لا تعتبر أصلا في التشريع ولا يجب التصديق بها، فإن المنامات والفراسات يكثر فيها التخليط والتباس الصادق منها بالكاذب، فلا يعتمد عليها إلا إذا كانت من الرسل أو الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولذا لم يعول عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى ما كان منها من عمر رضي الله عنه، إنما عول على ما نزل عليه من الوحي.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
– وقال بعض لجان الفتوى:
وأما الإطلاع على بعض غيب الله، فمن الممكن أن يحصل لمن يشاء الله تعالى من عباده فقد أطلع الأنبياء بطريق الوحي على كثير من المغيبات.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فهو عمر”. والمحدثون الملهمون الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات. كأنما حدثوا بها.
كذلك الرؤيا الصادقة، فإن المرء يرى رؤيا تتضمن الإخبار عن أمر مستقبل فيحصل الأمر كما رأى الرائي
ويجب التنبه لأمور:
1 – يجب على المسلم أن يعرف الفرق بين الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية حتى لا يقع في شرَك المبطلين. فالإلهامات الإلهية هي ما يحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى في الاعتقاد والقول والعمل. وأما الإيحاءات الشيطانية فهي ما يحصل لأولياء الشيطان من الزنادقة والمبتدعة المنحرفين الضالين.
2 – أن حصول المكاشفات والإلهامات الإلهية لأحد أولياء الله لا يعني أنه أفضل من سواه ممن لم يحصل له ذلك. بل قد يحصل للمفضول من ذلك ما لم يحصل لمن هو أفضل منه بكثير.
3 – أن المدرك الوحيد لأخذ الأحكام الشرعية هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح لهذه الأمة. أما غير ذلك من المكاشفات والإلهامات فليس مدركاً للأحكام ألبتة، فلا ينبني عليه حكم شرعي إطلاقاً. انتهى
وقالوا مرة: -وأما الإلهام والتحديث فهو واقع في الأمم السابقة ويقع أيضا في هذه الأمة، وقد اختلف في معناه على أقوال فقيل: هو الإصابة بغير نبوة، وقيل: المحدَّث هو الملهم بالصواب الذي يُلْقَى على فيه. وقيل غير ذلك،
ومدار الأمر على استقامة الحال وسلامة المعتقد، فإن جنس هذا العلم يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، والمحدَّث والكاهن. (قلت: راجع كلام ابن القيم الذي سبق أن نقلناه فهو يؤيد ذلك، وعلم الكهنة كما في كتاب التوحيد مما تلقيه الشياطين إذا استرقوا السمع، فيكذب الكاهن معها مائة كذبة)
وكما قال السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله، حتى يعرض على الكتاب والسنة.
وعليه فقد يلقي الشيطان بعض الأمور الغيبية على لسان شخص ما، ليفتتن به الناس، لا سيما إذا كانوا جهالا مولعين بالقبور وأهلها، يثبتون الولاية والكرامة بأوهى سبب. فالحذر الحذر من مكر الشيطان وحيله.
وفق الله الجميع لما يجب ويرضى. والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وقد ذكر الله تعالى أنواعَ جنسِ تكليمه لعباده في قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ)، فجعل ذلك ثلاثة أنواع … وذكر الأنواع المذكورة في الآية
” جامع المسائل ” (5/ 284، 285).