1278 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والتخريج رقم 1،والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله المشجري)
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1278 – قال أبو داود رحمه الله: حدثنا الحسن بن علي حدثنا زيد بن الحباب حدثنا عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده)).
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه اللهُ: هذا حديث صحيح.
————————
أولاً: ما يتعلَّق بسند الحديث:
* صحح الألباني الحديث في الصحيحة برقم 324، وصححه محققو سنن أبي داود (3/ 503).
* سبق هذا الحديث في الصحيح المسند برقم 176 من مسند بريدة بن الحصيب رضي الله عنه بلفظ: ((ليس منا من حلف بالأمانة و من خبب على امرئ زوجته أو مملوكه، فليس منا)).
* (عبد الله بن عيسى) هو ابن أبي ليلى كما قال الشيخ مقبل رحمه الله
– قال علي بن المديني كما في ” تاريخ دمشق ” (31/ 397): (عبدالله بن عيسى الذي روى عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ((ليس منا من خبب امرأةً على زوجها … )) عبدالله بن عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى هو عندي منكر).
– ووثقه ابن معين، وقال النسائي: ثقة ثبت، وذكره ابن حبان في الثقات – أما قول ابن المديني، فقد قال ابن حجر في ” تهذيب التهذيب “: (والمذكور في الأصل عن علي بن المديني تعقبه ابن عبد الهادي بأنه قاله في عبد الله بن عيسى الذي يروي عن عكرمة عن أبي هريرة حديث ((من خبب امرأة)) وأما بن أبي ليلى فذكره ولم يذكر فيه شيئا)
ثانياً: ما يتعلَّق بمتن الحديث وفوائده:
* ذكر أبو داود هذا الحديث في أول كتاب الطلاق، قال الشيخ عبدالمحسن العباد: (ولهذا قدمه في أول الطلاق؛ لأن من أسباب الطلاق تخبيب المرأة على زوجها حتى تتمرد عليه وتسعى إلى التخلص منه بسبب هذا الإفساد).
* قوله ((ليس منا)): قال الشيخ عبدالمحسن العباد: (يدل على تحريمه وأنه من الأمور المحرمة، وأن من يفعل ذلك فقد عرض نفسه لأن يكون من أهل هذا الوصف، لكن لا يعني ذلك أنه ليس من المسلمين، بل هو مسلم، ولكنه ليس على المنهج الصحيح وعلى الطريق الصحيح، بل هو عاص ومخالف).
* قوله ((من خبب)): قال ابن الاثير في ” النهاية “: (أي: خدعه وأفسده).
* قوله ((من خبَّب امرأة على زوجها)): بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته أو محاسن أجنبي عندها. قاله صاحب عون المعبود.
* قوله ((أو عبداً على سيده)): بأنَّ حسَّن له الإباق أو طلب البيع، وفي معناه: إفساد الزوج على امرأته والجارية على سيدها. قاله المناوي.
* ذكر الشيخ عبدالمحسن العباد أنه يدخل في الحديث مَن يفسد على الكفيل عاملَه؛ لأنه تعب عليه واستقدمه.
* في الدرر السنية (7/ 195): سئل عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب عن رجل خبَّب امرأةً على زوجها وتزوجها؟
فأجاب رحمه الله: نكاح الثاني الذي خببها على زوجها باطل ويجب أن يفارقها؛ لأنه عاصٍ لله في فعله ذلك. * قال ابن القيم في ” الداء والدواء” في فصل [مقامات العاشق ثلاثة]: ( … وكم خبِّبت امرأةٌ على بعلها وجاريةٌ وعبدٌ على سيدهما، وقد لعن رسول الله من فعل ذلك وتبرأ منه، وهو من أكبر الكبائر، وإذا كان النبي قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه، فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين امرأته وأمَتَه حتى يتصل بهما؟!!
وعشاقُ الصور ومساعدوهم من الدِيَثة لا يرون ذلك ذنباً، فإنَّ في طلب العاشق وصل معشوقه ومشاركة الزوج والسيد، ففي ذلك من إثم ظلم الغير ما لعله لا يقصر عن إثم الفاحشة إن لم يربُ عليها.
ولا يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة؛ فإن التوبة وإن أَسقَطت حقَّ الله, فحق العبد باق له المطالبة به يوم القيامة، فإنَّ ظلمَ الوالد بإفساد ولده وفلذة كبده ومن هو أعز عليه من نفسه, وظلم الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه؛ أعظم من ظلمه بأخذ ماله كله، ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه أخذُ ماله، ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه.
فيا له من ظلم أعظمَ إثماً من فعل الفاحشة، فإنْ كان ذلك حقاًّ لغازٍ في سبيل الله وقِّف له الجاني الفاعل يوم القيامة، وقيل له ((خذ من حسناته ما شئت)) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال ((فما ظنكم؟!!)) أي: فما تظنون تبقى له من حسناته؟ فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلومُ جاراً له أو ذا رحم محرم، تعدَّد الظلمُ وصار ظلماً مؤكداً لقطيعة الرحم وأذى الجار، و ((لا يدخل الجنة قاطع رحم)) ولا ((من لا يأمن جاره بوائقه)). ا. هـ.
قلت (سيف):
– وممن أفتى بتحريم التخبيب اللجنة الدائمة. وجعله الهيتمي في الكبائر.
– إبطال زواج المخبب هو قول المالكية وقول لأصحاب أحمد، وذهب الجماهير أنه يأثم، لكن لا يبطل الزواج، ويبين للمرأة جلية التخبيب، فإن أرادت الرجوع لزوجها رجعت بعد فراق المخبب.
وعدم البطلان رجحته بعض لجان الفتوى.
-الحديث ذكره الطحاوي في مشكله مع أحاديث أخرى فيها (ليس منا)، وذكر أن الأمور المحمودة هي التي اختارها الله عزوجل لنبيه، ونفى عنه الأمور المذمومة، فمن اختار المذمومة فليس منه قال تعالى في إبراهيم (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) وفي قصة داود عليه السلام (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني … )
– التخبيب من فعل السحرة ومن أعظم أفعال الشياطين، كما في الحديث الذي أخرجه مسلم وأن إبليس يضع عرشه على الماء … فيأتيه الشيطان الذي فرق بين زوجين فيدنيه. بمعناه قاله ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى 22/ 363)
– بل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أقاربها إذا كان يدخل عليه ضرر بتخبيب زوجته، ولو كان الأقارب هم الوالدان (قرره صاحب الإنصاف 8/ 361، وانظر الشرح الممتع 12/ 422)
-وافتى ابن تيمية مرة بأنه إذا أمكن الصلاة خلف غير رجل يخبب امرأة على زوجها صلى؛ لأنه لا يصلى خلف من ظهر فجوره. (مجموع الفتاوى)
– وافتت بعض لجان الفتوى أن عدم إنجاب أحد الزوجين ليس عذراً للتخبيب من أجل الفراق.