1272 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والتخريج رقم 1،والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله المشجري)
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1272 – قال أبو داود رحمه الله ((179) / (13)): حدثنا ابن بشار، حدثنا أبو عامر، وأبو داود، قا?: حدثنا زهـير بن محمد، قال: حدثني موسى بن وردان، عن أبي هـريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)).
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه اللهُ: هذا حديث حسن.
وزهير بن محمد يُضَعَّف إذا روى عنه الشاميون, وليس أبو داود وأبو عامر بشامِيَيْن.
الحديث أخرجه الترمذي ((49) / (7)) وقال: هذا حديث حسن غريب.
———————–
أولاً: ما يتعلَّق بسند الحديث.
* (زهير بن محمد) إذا روى عنه الشاميون فلا تقبل روايته; لأنه حدَّث في الشام من حفظه فكثُر خطؤه, لذا قال أبوحاتم عنه: حدَّث بالشام من حفظه فكثُر غلطه.
وقال الإمام أحمد: كأنَّ زهيراً الذي يروي عنه الشاميون آخر.
* (موسى بن وردان): قال عنه ابن حبان: كثر خطؤه حتى كان يروي المناكير عن المشاهير.
* صحح هذا الحديث النووي في رياض الصالحين ((371)).
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: إسناد جيد وموسى حديثه حسن.
وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند ((8015)).
وحسنه الألباني في الصحيحة ((927))
وحسنه محققو سنن أبي داود ((204) / (7)).
* ذكر الدارقطني في العلل ((1595)) الخلاف في أسانيد هذا الحديث, ثم قال: (وهو معروف من رواية موسى بن وردان عن أبي هريرة).
* ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في كتابه ” الموضوعات ” ولكن خطَّأه الزركشي, والعراقي في ”المقاصد الحسنة ” (596) فقال: توسَّع ابن الجوزي فأورده في “الموضوعات”.
* وقد ذُكر الحديث في ” ذخيرة الحفاظ ” برقم 5692 – فقال: (حديث: المرء على دين خليله؛ فلينظر المرء من يخالل. رواه زهـير بن محمد المكي: عن موسى بن وردان، عن أبي هـريرة. وزهـير هـو الخراساني من أهـل مرو. قال أبو زرعة الدمشقي: فذكرته لمحمد بن المبارك الصفدي في سنة ث?ث عشرة ومائتين. فقال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن زهـير بن محمد، عن موسى بن وردان فقلت له: إن أبا مسهر حدثنا يعني موصو?؟ فقال: ما أخال صاحبك سمع شيئا. وقد رواه الوليد بن مسلم: عن زهـير أيضا موصو?. وأورده في ترجمة أبي داود سليمان بن عمرو النخعي: عن أبي حازم، عن سهل. وأبو داود هـذا كذاب). ا. هـ
* وردت زيادة في آخر هذا الحديث (( …. ولا خير في صحبةِ مَن لا يرى مثل ما ترى له)) ولكنها لا تصح ; فيها سليمان بن عمرو النخعي, قال الإمام أحمد عنه: أبوداود سليمان بن عمرو النخعي كذَّاب , وأورد هذا الحديث بالزيادة المذكورة ابن عدي في ” الكامل ” ((247) / (3)).
* وكذلك ورد حديث قريب من حديث الباب: ((الناس كأسنان المشط إنما يتفاضلون بالعافية, والمرء كثير بأخيه يرفده ويحمله, ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له)) ولكن حكم ابن عدي عليه بالوضع; وضعه سليمان بن عمرو.
راجع الكامل ((225) / (4)) والسلسلة الضعيفة (596).
ثانياً: ما يتعلَّق بمتن الحديث وفوائده:
* قوله (على دين خليله): قال صاحب عون المعبود: أي: على عادة صاحبه وطريقته وسيرته.
* بوَّب أبو داود في سننه على هذا الحديث: باب: مَنْ يُؤمَر أن يُجالِس؟
قال الشيخ العباد: أي: من يُؤمر الإنسان أن يُجالسه.
وذكر أبوداود تحت هذا الباب أربعة أحاديث:
(1) – حديث ((مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة)) أخرجه البخاري (5535) ومسلم (2628).
(2) – وحديث ((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي)) حسنه الألباني.
(3) – حديث الباب.
(4) – حديث ((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)) البخاري (3336) ومسلم (2638).
* وكذلك بوَّب البيهقي في كتابه ” الآداب “: باب: مَن يجالس ومن يصاحبه؟ ثم ذكر الأربعة أحاديث التي ذكرها أبو داود.
* في الحديث: النهي عن مجالسة أهل البدع وخلطتهم, وعليه بوب ابن وضاح في كتابه ” البدع ” على هذا الحديث , وذكر آثاراً كثيرةً في هذا الباب.
* قوله: ((فلينظر أحدكم من يخالل)): قال الشيخ عبدالمحسن العباد: لأنَّ البلاء الذي يحصل لكثير من الناس إنما يأتي من مخالطة الأشرار, واختيار الأخلاء والأصدقاء المستقيمين هو الذي ينفع.
* الآيات والأحاديث الواردة في الإخاء كثيرة جداً ; ذكر صاحب كتاب ” نضرة النعيم ” (24) آيةً, و (55) حديثاً, و (47) أثراً عن الإخاء والمؤاخاة فلتراجع.
* لابن أبي الدنيا كتاب عنوانه ” الإخوان “.
قلت (سيف): والأدلة على مجانبة أهل البدع كثيرة، وكتب العقيدة مليئة بها، وأفردت في رسالة، أقتصر على بعضها:
قال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام:68]
قال ابن كثير عند الآية السالفة: والمراد بذلك كل فرد من آحاد الأمة أن لا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله, ويضعونَها على غير موضعها. أهـ.
وراجع كتب التفسير
وقال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء:140]
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ, قَالَ: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. [البخاري رقم (6170) ومسلم رقم (2640)]
وجاء نحوه عن أنس وابن مسعود في الصحيحين وفي خارجهما.
وأخرج مسلم في مقدمة صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (سَيَكُونُ فِي آخِر أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ) وفي رواية (لا يُضِلُّونَكُمْ وَلا يَفْتِنُونَكُمْ)
وقال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153] وأخرج الإمام أحمد والنسائي والمروزي في السنة والبغوي وغيرهم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ” أنه خط للصحابة خطاً ثم قال: هذا سبيل الله ثم خط عن يمينه وشماله خطوطاً ثم قال: هذا سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعوا إليه ثم قرأ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ … )
وورد في الحديث أنهم (دعاة على أبواب جهنم من أجابَهم إليها قذفوه فيها)
وورد في الحديث (من سمع الدجال فلْينأ عنه)
وأخرج الإمام ابن بطة في كتابه الإبانة (بسند صحيح عن عبدالرحمن بن أبي زناد أنه قال: أدركنا أهل الفضل والفقه من خيار أولية الناس يعيبون أهل الجدال والتنقيب والأخذ بالرأي أشد العيب, وينهون عن لقائهم, ومجالستهم, وحذرنا مقاربتهم أشد التحذير) اهـ.
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في كتابه عقيدة السلف وأهل الحديث: (ويبغضون – يعني أهل الحديث من السلف – أهلَ البدع, والذين أحدثوا في الدين ما ليس منه, ولا يحبونهم ولا يصحبونَهم, ولا يسمعون كلامهم, ولا يجالسونَهم, ولا يجادلونَهم في الدين ولا يناظرونَهم, ويرون صون آذانِهم عن سماع أباطيلهم, التي إذا مرّت بالآذان وقرّت في القلوب ضرّت وجرت إليها الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت, وفيهم أنزل الله عز وجل قوله وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا .. الآية) اهـ.
وكلام الأئمة كثير في مجانبة أهل البدع
وقد حذر الله ورسوله من أهل البدع، فقد ورد في القرآن أنهم هم الذين يتبعون ما تشابه من القرآن.
وبين الكتاب والسنة تحريم تكثير سواد أهل الفتن، والعقاب ينزل على فاعل المنكر وعلى من لم ينكر، وأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
ولأهل الأهواء الذين يجيزون الخلطة بأهل البدع شبه، فنَّدها العلماء وبينوا أنها لا تصلح للاستدلال، بل تساهل بعض العلماء في مخالطة أهل البدع فتأثروا بهم.