(8) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / محمد بن رحمة الشامسي
(للأخ؛ سيف الكعبي)
بالتعاون مع الأخوة بمجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1
(من لديه فائده أو تعقيب فليفدنا)
856 – قال عبدالله بن أحمد في (السنة) حدثنا شيبان أبو محمد ا?بلي، نا حماد بن سلمة، نا أبو جمرة، عن إبراهـيم، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” أتيت بالبراق فركبت خلف جبريل عليه الس?م، فسار بنا فأتيت على رجل قائم يصلي، فقال من هـذا يا جبريل؟ قال: هـذا أخوك محمد صلى الله عليه وسلم، فرحب بي ودعا لي بالبركة، فقال: سل ?متك اليسر، فقلت: من هـذا يا جبريل؟ قال: هـذا أخوك عيسى عليه الس?م، قال: ثم سرنا فسمعت صوتا ” وقرئ على شيبان قال: وتذمرا؟ قال: نعم إلى هـا هـنا قرئ على شيبان، ثم حدثنا شيبان ببقية – الحديث قال: ” فأتيت على رجل، قال: من هـذا معك يا جبريل؟ قال: هـذا أخوك محمد صلى الله عليه وسلم قال: فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال سل ?متك اليسر، فقلت: من هـذا يا جبريل؟ فقال: هـذا أخوك موسى عليه الس?م ” ثم قرئ على شيبان فقلت: على من كان صوته وتذمره؟ فقال: على ربه عز وجل يتذمر؟ قال: نعم، إنه يعرف ذلك منه، إلى هـنا قرئ على شيبان، وقال شيبان: كذا سمعته
——————–
* الفوائد:
– ورد في بعض الروايات (أعلى ربه يتذمر) وفي بعضها (عرف منه الحده).
قال أبو نعيم في حلية الأولياء: غريب من حديث إبراهيم لم يروه عنه إلا أبو حمزة الأعور، واسمه ميمون وعنه حماد بن سلمة، وفي المعجم الكبير 10/ 70 وقع (أبوحمزة) وكذلك عزاه الألباني (الضعيفة 1798) للحاكم والبزار وعندهم (أبوحمزة).
قال الحاكم: تفرد به: أبوحمزة ميمون الأعور، وقد اختلفت أقاويل أئمتنا فيه)،
ثم عزاه الشيخ الألباني إلى جزء ابن عرفه، وقال: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وقنان ضعف.
قلت: وكذا وقع (أبوحمزة) عند الطحاوي ومسند الحارث، وكل كتب الزوائد.
والحديث ذكره العقيلي في الضعفاء في ترجمة أبي حمزة، وقال: ولا يتابع عليه، ولا على كثير من حديثه، وهذا الحديث يروى من غير هذا الوجه بإسناد جيد.
قلت: كأنه يقصد ما في الصحيح، وسيأتي الإشارة إليه من كلام ابن كثير.
وقال الذهبي: وأبوحمزة ميمون ضعِّف.
ومن طريق أبي حمزة ذكره ابن كثير، وقال: غريب وفيه من الغرائب سؤال الأنبياء عنه عليه السلام ابتداءا ثم سؤاله عنهم بعد انصرافه، والمشهور في الصحاح كما تقدم أن جبريل يعلمه بهم أولاً ليسلم عليهم سلام معرفة، وفيه أنه اجتمع بهم في السماوات ثم نزل إلى بيت المقدس ثانياً وهم معه وصلى بهم، ثم إنه ركب البراق وكر راجعا إلى مكة. انتهى
* الحديث فيه فضل علم السلف على علم الخلف، فهذا الشيخ مقبل وهو من هو في علم الحديث وتتبع العلل خفي عليه الفرق بين أبي جمرة وأبي حمزة تبعاً للمطبوع من كتاب السنة.
والشيخ مقبل يعتبر من السباقين في الإشادة بجهود علماء الحديث والعلل فكان يقول: إننا لا نعدوا أنا وفلان وفلان إلا أن نكون باحثين أما أولئك فهم حفاظ،
وراجع مقدمة كتابه (أحاديث معلة ظاهرها الصحة، وكتاب غارة الفصل في المعتدين على كتب العلل)
حتى قال ابن حجر في حديث ظاهره الصحة وأعله أبو زرعة: إذا قالت حذامي فصدقوها فإن القول ما قالت حذامي. يقصد أن هذا تخصصهم معرفة العلة في الأحاديث التي ظاهرها الصحة.
– وفيه فضيلة للشيخ الألباني ودقته في التأليف والتخريج، وكنت أحقق كشف الإستار فبجمع الطرق يستبين لي أخطاء كثيرة في المطبوع، فلما أرجع لكتب الشيخ الألباني أجده قد أتى به على الصواب.
ومع ذلك قد يقف الشيخ مقبل على كلام لأئمة العلل لم يقف عليه الشيخ الألباني والعكس فكل واحد منهم، يكمل الثاني، وكل واحد منهم يثني على الآخر.
– فيه تساهل الحاكم.
857 – قال الإمام النسائي، أخبرنا إبراهـيم بن المستمر قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن ا?عمش، عن شقيق بن سلمة، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول: يا رب، هـذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول: إن هـذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لف?ن، فيقول: إنها ليست لف?ن فيبوء بإثمه)
هذا حديث حسن رجاله رجال الصحيح، إلا إبراهيم بن المستمر، وقد قال النسائي: إنه صدوق
—————-
*أعله أبوحاتم كما في العلل (2154) بأنه روي موقوفاً، وأيده ابن أبي حاتم برواية وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، قال الأعمش قال أوائل زاد فيه ابن شرحبيل (يجئ الرجل آخذا بيد الرجل … ) وذكر بقية المتن وأما أبو معاوية فأرسله. انتهى
يعني موقوف على عمرو بن شرحبيل.
أما قول الدارقطني في العلل 5/ 90 وحديث أبي وائل عن عبدالله صحيح، ويشبه أن يكون الأعمش كان يرفعه مره ويقفه أخرى.
إنما يقصد لفظ (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) وهو الذي أخرجه البخاري ومسلم.
858 قال أبو داود حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) ثلاثا، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل.
وأخرجه الترمذي، ونقل عن سليمان بن حرب أنه يقول: قوله (وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل) من قول ابن مسعود.
—————
*الفوائد:
– أقر الإدراج كذلك البخاري، وابن القيم وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم أن يقع في قلبه شئ من الشرك …
– منه حديث معاوية بن الحكم السلمي ( … منا أناس يتطيرون، قال صلى الله عليه وسلم: ذلك شيء تجدونه في صدوركم فلا يصدنكم) فالناس في الطيرة على ثلاث أقسام:
* قسم إذا رأى أمر سوء أو سمع به يعرض عنه وهو متوكل على ربه يدفع وساوس الشيطان التي يقذفها بالتطير والتشائم، ويمضي في عمله، ولسان حاله يقول (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ويسأل ربه الخير، ويعلم أن ما أصابه خير له. ومتفائل وعنده حسن ظن بالله ويحب الكلام الحسن.
* قسم يمضي في عمله، لكن تراه وجلا قلقاً فهذا أثر الشيطان فيه شيئاً بوساوسه.
*قسم لا يمضي لعمله لمجرد سماعه أمر لا يسره فهذا بلغ به الشيطان مبلغ، وهو الشرك الذي ينقص الإيمان.
* أما الكفار فكانوا يعتقدون أن بعملهم بالطيرة يأتيهم بالخير، ويدفع عنهم الشر.
– هذا الحديث صريح في تحريم الطيرة، وأنها من الشرك، لما فيها من تعلق القلب على غير الله، قال ابن مفلح: والأولى القطع بتحريمها.
وإنما جعل الطيرة من الشرك؛ لأنهم يعتقدون أن الطيرة تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه فكأنهم أشركوا مع الله تعالى.
ونقل ابن القيم: أن هذا لا يعارض حديث الشؤم في ثلاثة، فغايته أن الله قد يخلق منها أعيانا مشؤومة على من قاربها وسكنها، وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي الوالدان ولد مباركا يريان الخير على وجهه. انتهى
فالطيرة الشركية جعل ما ليس سبباً سببا، أما سوء خلق المرأة، وصعوبة الدابة وضيق الدار فهذه أسباب ظاهره تجعل للإنسان ضيق في صدره. (التوضيح المفيد على كتاب فتح المجيد)
-ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ففي الحديث (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل، قال: الكلمة الطيبة)
لأن الناس إذا أمَّلوا فائدة من الله ورجوا عائدته عند كل سبب فهم على خير، فإذا قطعوا آمالهم كان ذلك من الشر.
وأما الطيرة فإن فيها سوء ظن بالله، بخلاف التفاؤل ففيه حسن ظن بالله؛ مثل مريض يسمع رجل يقول: يا سالم فيقع ظنه أنه يبرأ. فهذا حسن ظن بالله.
قال ابن القيم: هذا إبانه عن مقتضى الطبيعة وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يوافقها ويلائمها. فالنبي صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والحلواء والعسل، والصوت الحسن ويحب معالي الأخلاق فيحب كل كمال (راجع فتح المجيد شرح كتاب التوحيد)