الإشكال الخامس:
-كيف التوفيق بين حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أَنّ رجلاً سأل النبي-صلى الله عليه وسلم –
أيُّ الإسلام خيْرٌ؟ قالَ:
[تطعمُ الطعامَ، وتقرأُ السلامَ على من عرفتَ ومن لم تعرفْ]
وما جاء في بعض الأحاديث أن الخيرية في أعمال أخرى؟
_ (جمع الأخ أحمد بن علي البلوشي).
*باشراف الأخ سيف غدير النعيمي وسيف الكعبي)
– باب أى الإسلام أفضل؟
_ فيه: أبو موسى قال: قالوا: يا رسول الله، أى الإسلام أفضل؟ قال: تمت من سلم المسلمون من لسانه ويده -. قال: هذا الجواب خرج على سؤال سائل، لأنه قد سئل، (صلى الله عليه وسلم)، مثل هذا السؤال، فأجاب بغير هذا الجواب، وذلك تمت أنه سئل: أى الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام -. فدل اتفاق السؤال واختلاف الجواب أن ذلك كله منه، (صلى الله عليه وسلم)، فى أوقات مختلفة، لقوم شتى، فجاوب كل إنسان بما به الحاجة إلى علمه، وجعل إسلام من سلم المسلمون من لسانه ويده من أفضل الإسلام، وهو خلاف قول المرجئة.
[شرح صحيح البخارى لابن بطال].
وقوله: أي المسلمين خير، أي: أي خصالهم أفضل؛ بدليل جوابه بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف، وكأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهم عن هذا السائل أنه يسأل عن أفضل خصال المسلمين المتعدية النفع إلى الغير، فأجابه بأعم ذلك وأنفعه في حقه؛ فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يجيب كل سائل على حسب ما يفهم عنه، وبما هو الأهم في حقه والأنفع له.
[المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم].
أي الاسلام خير أي خصاله أي أموره وأحواله وإنما وقع اختلاف الجواب في خير المسلمين لاختلاف حال السائلين أو الحاضرين وكان في أحد الموضعين الحاجة إلى إفشاء السلام وإطعام الطعام أكثر وأهم لما حصل من إهمالهما والتساهل في أمرهما أو نحو
ذلك وفي الموضع الآخر الكف عن إيذاء المسلمين.
[الديباج على مسلم].
قوله: “أي الإسلام خير؟ ” … ويمكن التوفيق بأنهما متلازمان، إذ الإطعام مستلزم لسلامة اليد والسلام لسلامة اللسان، [قاله الكرماني].
وكأنه أراد في الغالب ويحتمل أن يكون الجواب اختلف لاختلاف السؤال عن الأفضلية، إن لوحظ بين لفظ أفضل ولفظ خير فرق. وقال الكرماني: الفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة، والخير بمعنى النفع في مقابلة الشر، فالأول من الكمية والثاني من الكيفية فافترقا. واعترض بأن الفرق لا يتم إلا إذا اختص كل منهما بتلك المقولة، أما إذا كان كل منهما يعقل تأتيه في الأخرى فلا. وكأنه بنى على أن لفظ خير اسم لا أفعل تفضيل، وعلى تقدير اتحاد السؤالين جواب مشهور وهو الحمل على اختلاف حال السائلين أو السامعين، فيمكن أن يراد في الجواب الأول تحذير من خشي منه الإيذاء بيد أو لسان، فأرشد إلى الكف، وفي الثاني ترغيب من رجى فيه النفع العام بالفعل والقول فأرشد إلى ذلك.
[فتح الباري لابن حجر].
وقريب من هذا الجواب للشيخ ابن عثيمين حيث سأله سائل نصيحة حول بعض الأعمال أيهما أفضل؟
أرى أن طلب العلم الشرعي أفضل هذه الخيارات؛ لأن الدين لا يقوم إلا بالعلم، والناس اليوم محتاجون إلى العلم الشرعي، محتاجون إلى العلم الراسخ؛ لئلا يهلك العلماء فيتخذ الناس رؤساء جهالاً يفتون بغير علم فيضلون ويضلون، فطلب العلم الشرعي هو أفضل هذه الخيارات عندي، … إلى آخر كلامه رحمه الله وأنه يمكن أن ينفع المسلمين بأعمال أخرى، حسب قدرة الشخص واستعداداته.
اللقاء الشهري