الفوائد المنتقاة من شرح صحيح مسلم
(25 باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة)
2203 عن عثمان بن أبي العاص أنه؛ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال * يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
الفوائد:
– عدم جواز التفل للقبلة؛ وفيه أحاديث.
– هذا الذكر من السنن المهجورة.
– ورد في دلائل النبوة للبيهقي رواية (يا شيطان أخرج من عثمان) وراجع الصحيحة 2918 حيث رد الشيخ الألباني على الذين أنكروا تلبس الجني بالأنسي؛ واستدل عليهم بهذه الرواية، وبقوله تعالى (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس).
– عظم منزلة الصلاة والإهتمام بما يصلحها؛ والخشوع فيها؛ ومنه حديث الخميصة ذات العلم (ألهتني عن صلاتي) بمعناه.
– الشيطان لا يفتر عن أذية بني آدم.
– للشيطان أعوان.
– ضعف الشيطان، وبركة التعوذ والدعاء؛ ومنه قوله تعالى (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) و (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين).
وقوله صلى الله عليه وسلم (يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته).
وفي رواية (فليقل: آمنت بالله)
– تسمية الشياطين؛ ومنه؛ (ولهان) شيطان الوضوء وفيه حديث ضعيف، والأجدع، والحباب؛ وتحتاج بحث، ولا يجوز التسمي بأسماء الشياطين.
– الشيطان يجري من آدم مجرى الدم، ويتشكلون فمنهم حيات وغير ذلك؛ ومنه قصة الشاب الذي طعن حيه بحربه فاضطربت عليه فقتلته، وحديث أبي هريرة وقول النبي صلى الله عليه وسلم (صدقك وهو كذوب).
-ذكر الله عزوجل دافع للشرور؛ وجالب للخيرات.
– الشيطان لا يقدر على ابن آدم إلا بالوسوسه؛ ومنه حديث (فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا)، أو بالتخويف؛ فلما عرض الشيطان على النبي صلى الله عليه وسلم بشهاب من نار، فخنقه النبي صلى الله عليه وسلم.
بل حتى شياطين الإنس ضعفاء أمام الحق؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حق الدجال (هو أهون على الله من ذلك).
أما حديث (إذا تعثرت دابة أحدكم فلا يقل: تعس الشيطان … ) فليس فيه أن الشيطان هو الذي أعثرها؛ إنما فيه الإرشاد إلى عدم أعتقاد ذلك. (قرره الطحاوي في شرح مشكل الآثار).
– الأفعال اليسيرة لمصلحة الصلاة جائزة، ولا تبطل الصلاة بها؛ خلافا لمن قال: أن الأمر بالتفل كان بعد الأنتهاء من الصلاة.
-تلبيس الشيطان على ابن آدم (وراجع كتاب تلبيس أبليس).
– كره بعض الأئمة أمامة الموسوس والذي يصرع.
– التعوذ أثناء القراءة لا يفسد الصلاة لأنه ذكر؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لما عرض له الشيطان (أعوذ بالله منك)، وحديث (ما مرَّ بآية فيها تسبيح إلا سبح … ) بمعناه.
– السهو في الصلاة من الشيطان؛ فيجب تعلم أحكام السهو.
– الوسوسة في الصلاة لا تبطلها؛ لكن يجب على الموسوس أن يجاهد نفسه لدفعها.
– أعظم علاج للوسوسة التعوذ والأذكار، والإعراض عنها فإنه متى أصغى إليها قادته للجنون، وكم من الموفقين أعرضوا عنها فلم يلبثوا إلا مدة فشافاهم الله عزوجل. فعليه أن يعتبر نفسه كالمجاهد قال تعالى (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، وعليه أن يجد حلول عمليه فإن كان وسوسته في البول يرش إزاره، ويقنع نفسه أن ما يجده أثر بلل الماء. وإن كان وسوسته في الوضوء يحدد كمية من الماء في إناء ولا يزيد عليها. وإن كان وسوسته في الصلاة فإن كان مأموما فيتابع الإمام، وإن ابتلي بأن كان إماما فلا يزيد في الركعات إلا إذا نبهه الناس.
ومن العلاج قراءة القرآن والسور الطاردة للشياطين مثل؛ المعوذات والبقرة وآية الكرسي. والأبتعاد عن المعاصي والإقبال على الطاعات والأستقامة ومخالطة الأخيار وحضور الدروس. والأبتعاد عن الغضب ومنه حديث (إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، ملازمة ذكر الله والأستغفار و كثرة السجود؛ لأن الشيطان يقول: (يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد … ) قال تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان).
ومنه الاستنثار عند الإستيقاظ، وكف الصبيان عند أول الليل، وتغطية الآنية وإيكاء السقاء وإغلاق الباب مع ذكر إسم الله، وعدم النوم وفي اليد بقايا غمر أو طعام. وكل هذا وردت فيه أحاديث.
تنبيه: لابد للمسلم في لجوئه لله أن يكون حسن الظن به سبحانه؛ وأن يكون قوي الشكيمة كالجمل الأنف؛ لا ينقاد إلا للخير.
ويجب على المسلم أن لا يعتقد في هذه الوساوس أنه مسحور مقهور بالجن، فأغلب الحالات التي يعتقد الناس أن بهم سحر أو مس من الجن إنما هي وساوس، بل لو أتضح أنه مسحور أو به مس فيجب أن يضاعف لجوءه إلى ربه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا سحر. ويجب على المسلم أن لا يستهزئ بمن أبتلي بالوسواس، فقد يعاقبه رب العزة به.