الصحيح المسند
تعليقات (مسوده)
قام بجمعها (الأخوة في مجموعة السلام)
بإشراف الأخ؛ سيف الكعبي
819 – قال أبو داود رحمه الله: حدثنا مسدد حدثنا يحيى أخبرنا ثابت بن عمارة حدثني غنيم بن قيس عن أبي موسى
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا.
قال قولا شديدا.
هذا حديث حسن.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا مروان بن معاوية قال ثنا ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية.
وقال رحمه الله: حدثنا عبدالواحد وروح بن عبادة قالا: ثنا ثابت بن عمارة به.
التعليق؛
أخرج مسلم في صحيحه عن بسر بن سعيد أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة». وفي رواية عن زينب امرأة عبد الله قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا شهدت إحداكن المسجد، فلا تمس طيباً». فهذا يؤيد حديث الباب في عدم جواز خروج المرأة متطيبه، وحديث الباب؛ حسن؛ فثابت بن عمارة الحنفي؛ لا بأس به؛ قاله أحمد والنسائي. وقال ابن معين: ” ثقة “،. وغنيم بن قيس؛ احتج به مسلم، ووثقه ابن سعد والنسائي وابن حبان
فالأحاديث تدل على منع المرأة من الخروج متعطرة إن غلب على ظنها أنها ستمر على رجال، بل منع بعض أهل العلم خروج المرأة المحجبة مع امرأة أخرى متبرجة أو متعثرة، لئلا يساء فيها الظن.
قال ابن خزيمة عن هذا الحديث: «المتعطرة التي تخرج ليوجد ريحها قد سماها النبي صلى الله عليه وسلم زانية. وهذا الفعل لا يوجب جلداً ولا رجماً. ولو كان التشبيه بكون الاسم على الاسم، لكانت الزانية بالتعطر يجب عليها ما يجب على الزانية بالفرْج. ولكن لما كانت العِلة الموجبة للحد في الزنا الوطء بالفرج، لم يجز أن يحكم لمن يقع عليه اسم زان وزانية بغير جماع بالفرج في الفرج بجلدٍ ولا رجم».
قلت: المقصود أن زنا العينين النظر وزنا اليد اللمس وأمثال ذلك، لا يوجب حد. ومن ينادي المتعطرة بالزانية (على المعنى المتبادر عند العوام)، فهو قاذِفٌ يجب جلده حدّ الفِرية.
قال المناوي في فيض القدير (5|27): «والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فقد هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها، فكل من ينظر إليها فقد زنى بعينه. ويحصل لها إثمٌ لأنها حملته على النظر إليها وشوشت قلبه. فإذن هي سببُ زناه بالعين. فهي أيضاً زانية».
ومقصود ابن خزيمة والمناوي هو ما دل عليه حديث أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب على بن آدم حظّه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة. فزنى العينين النظر. وزنى اللسان النطق. والنفس تَمنّى وتَشتهي. والفَرج يُصدِّق ذلك أو يكذبه»
والراجح أن اللام “لام العاقبة”،وليست تعليليه كاللام في قوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً} [القصص: 8]. فالتقاط فرعون موسى صلى الله عليه وسلم كان عاقبة له.
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء وأخبر بأنه من أعظم ما يتضرر به الرجال، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء}. بل ما فتنت الأمم السابقة بمثل الفتنة بالنساء، وجاء الأمر: بالوقاية من فتنتها كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء}.
واحتج من أجاز للمرأة بأن تتطيب بما أخرج أبو داود في سننه أن عائشة أم المؤمنين قالت: «كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فنضمد جباهنا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عند الإحرام. فإذا عرقت إحدانا، سال على وجهها. فيراه النبي r فلا ينهاها».
فالصواب؛ إن غلب على ظن المرأة أنها ستمر على رجال، فتمنع من الطيب.
820 – قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا الفضل بن سهل أبو العباس الأعرج البغدادي حدثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح أخبرنا يونس بن أبي إسحق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال
خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من قريش ما علمك فقال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا إن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس وإنا قد أخبرنا خبره بعثنا إلى طريقك هذا فقال هل خلفكم أحد هو خير منكم قالوا إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا قال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا قال فبايعوه وأقاموا معه قال أنشدكم بالله أيكم وليه قالوا أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
قال أبو عبدالرحمن: ذكر أبي بكر وبلال في الحديث وهم كما قال الحافظ في الإصابة في ترجمة بحيرى الراهب، وكما قال الجزري كما في تحوة الأحوذي.
(التعليق)
قال الإمام الذهبي رحمه الله في السيرة من تاريخ الإسلام
سفره مع عمّه إن صحّ
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة
وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعري أخرجها الترمذي وغيره ولم يسم فيها الراهب وزاد فيها لفظة منكرة وهي قوله واتبعه أبو بكر بلالا وسبب نكارتها أن أبا بكر حينئذ لم يكن متأهلا ولا اشترى يومئذ بلالا الا أن يحمل على أن هذه الجملة الأخيرة مقتطعة من حديث آخر أدرجت في هذا الحديث وفي الجملة هي وهم من أحد رواته
وقد بين كذلك ابن القيم رحمه الله النكارة التي في متن الحديث، فقال: وقال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد: ثم كفله عمه أبو طالب واستمرت كفالته له فلما بلغ ثنتي عشرة سنة خرج به عمه إلى الشام وقيل كانت سنة تسع سنين وفي هذه الخرجة رآه بحيرا الراهب وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى المدينة ووقع في كتاب الترمذي وغيره أنه بعث معه بلالاً وهو من الغلط الواضح فإن بلالاً إذ ذاك لعله لم يكن موجوداً وإن كان فلم يكن مع عمه ولا مع أبي بكر، وذكر البزار في مسنده هذا الحديث ولم يقل: وأرسل معه عمه بلالاً ولكن قال رجلاً انتهى
وممن استغرب الحديث الإمام أحمد وابن معين قالا؛ (إنما سمعناه من قراد للغرابه والتفرد … )
حتى قال عباس الدوري: لم يروه أحد في الدنيا غير قراد
وراجع تاريخ دمشق