1044 رياح المسك العطرة بفوائد الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة.
——
صحيح البخاري :
باب الصدقة في الكسوف
صحيح البخاري :
1044 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، فَقَامَ، فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا»
ثُمَّ قَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»
—————
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى راداً على من أثبت أكثر من ركوعين في الركعة الواحدة من صلاة الكسوف:
ومثل ما روى مسلم أن {النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف ثلاث ركوعات وأربع ركوعات} انفرد بذلك عن البخاري فإن هذا ضعفه حذاق أهل العلم وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم وفي نفس هذه الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركوعات وأربع ركوعات أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين ولا كان له إبراهيمان وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذ ركوعين في كل ركعة كما روى ذلك عنه عائشة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم؛ فلهذا لم يرو البخاري إلا هذه الأحاديث وهذا حذف من مسلم؛ ولهذا ضعف الشافعي وغيره أحاديث الثلاثة والأربعة ولم يستحبوا ذلك وهذا أصح الروايتين عن أحمد وروي عنه أنه كان يجوز ذلك قبل أن يتبين له ضعف هذه الأحاديث.
وذهب لهذا ابن عبدالبر أيضا في التمهيد ونقله عن أهل الحديث فقال:
قال أبو عمر الأحاديث في هذا الوجه في بعضها اضطراب تركت ذلك لشهرته عند أهل الحديث ولكراهة التطويل والمصير إلى حديث ابن عباس وعائشة من رواية مالك أولى لأنهما أصح ما روي في هذا الباب من جهة الإسناد ولأن فيها زيادة في كيفية الصلاة يجب قبولها واستعمال فائدتها ولأنهما قد وصفا صلاة الكسوف وصفا يرتفع معه الإشكال والوهم …
وقال بمثل ذلك القاضي عياض في إكمال المعلم:
ذكر مسلم صلاة النبى صلى الله عليه وسلم كسوف الشمس، وهى سنة عند جميع الفقهاء، وكذلك التجميع لها، وحكى الخطابى عن العراقيين أنه لا يجمع لها ، واختلفوا فى صفتها، فجمهورهم على ما جاء فى حديث عائشة من رواية عمرة وعروة وما وافقه من الأحاديث عن ابن عباس وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص بأنها ركعتان، فى كل ركعة ركعتان وسجدتان. قال أبو عمر: وهذا أصح ما فى هذا الباب. وغيره من الروايات التى خالفتها معلولة ضعيفة وهذا قول مالك والشافعى والليث وأحمد وأبى ثور وجمهور علماء أهل الحجاز، وقال أهل الكوفة: هما ركعتان كسائر النوافل على ظاهر حديث أبى سمرة وأبى بكرة: ” أنه صلى ركعتين “، وحمله أصحابنا أن الأحاديث الأخر تفسرها بأنها ركعتان، فى كل ركعة ركعتان. وقد ذكر مسلم من طريق عائشة [وابن عباس وجابر: ركعتان، فى كل ركعة ثلاث ركعات، وقد ذكر عن] ابن عباس – أيضا – وعن على ابن أبى طالب: ركعتان، فى كل ركعة أربع ركعات ، والروايات الأول أصح، ورواته أحفظ وأضبط، وذكر أبو داود من حديث أبى بن كعب: ” ركعتان، فى كل ركعة خمس ركعات ” ، وقد قال بكل مذهب منها بعض الصحابة.
قال الإمام: قال بعض أهل العلم: إنما ذلك حسب مكث الكسوف، فما طال مكثه زاد تكرير الركوع فيه، وما قصر اقتصر فيه، وما توسط اقتصد فيه.
قال القاضى: وإلى هذا نحا الخطابى وإسحاق بن راهويه وغيرهما. وقد يعترض عليه بأن طولها ودوامها لا يعلم من أول الحال ولا من الركعة الأولى، وقد جاء بالركعتين.
قلت سيف :وراجع مختلف الحديث ، ففيه ترجيح ركوعين في كل ركعة وبيان شذوذ بقية الروايات.
مسألة الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف:
قال ابن عبدالبر في التمهيد:
(ومن حجة من قال بالجهر في صلاة الكسوف إجماع العلماء على أن كل صلاة سنتها أن تصلى في جماعة من صلوات السنن سنتها الجهر كالعيدين والاستسقاء وكذلك الخسوف) وقال الطبري إن شاء جهر في صلاة الكسوف وإن شاء أسر.
قال النووي في شرح مسلم:
قوله جهر في صلاة الخسوف هذا عند أصحابنا والجمهور محمول على كسوف القمر لأن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والليث بن سعد وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد واسحق وغيرهم يجهر فيهما وتمسكوا بهذا الحديث واحتج الآخرون بأن الصحابة حزروا القراءة بقدر البقرة وغيرها ولو كان جهرا لعلم قدرها بلا حزر وقال بن جرير الطبري الجهر والإسرار سواء.
فوائد الكسوف
قال الطبري في غاية الأحكام (3/252-253):
قال بعضهم في الكسوف سبع فوائد:
إحداها: ظهور التصرف في الشمس والقمر ، وهما خلقان عظيمان.
الثانية: أن يبين بتغييرها تغير شأن ما بعدهما.
الثالثة: إزعاج القلوب الساكنة بالغفلة وإيقاضهما ، فإن المواعظ شأنها ذلك.
الرابعة: ليرى الناس أنموذج ما سيجري في القيامة وَخَسَفَ الْقَمَرُ* وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ».
الخامسة: أنهما يوجدان في حال الكمال ويكسفان ، ثم يلطف بهما ويعادان إلى ما كانا عليه تنبيهاً على خوف المكر ورجاء العفو.
السادسة: إعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له ، فيحذر من له ذنب.
السابعة: أن الناس قد أنسوا بالصلوات المكتوبات ، فيأتونها من غير إنزعاج ولا خوف ، فأتى بهذه الآية ، وسبب لهما هذه الصلاة ليفعلوها بانزعاج وتخوف ، ولعل بركة ذلك يصير ذلك عادة لهم في المفروضات.اهـ
ذكر الشيخ العثيمين في الباب فوائد فقال:
فيه دليل على سنية الخطبة في صلاة الكسوف وذلك ليبين أهمية الأمر وأنها بعدالصلاة وإنما كانت بعدها لألا يفوت الوقت فينجلي الكسوف قبل أن يصلي والصلاة في الكسوف أهم فيصلي ثم يخطب.
امر النبي بأربعة أشياء إذا وقع الكسوف : الدعاء التكبير الصلاة الصدقة.
فيه التحذير البليغ من الزنا.
فيه إثبات الغيرة لله عزوجل وهي صفة حقيقية ثابتة لله عزوجل لأنها أعظم من غيرتنا وأبلغ ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: أجد لكع – يعني على أهلي – فأذهب أطلب أربع شهود! والله لأضربنه بالسيف غير مصفح. فقال عليه الصلاة والسلام : ألا تعجبون من غيرة سعد. والله إني لأغير من سعد والله أغير مني. ثم أنزل الله آية اللعان.
فيه قوة شدة النبي صلى الله عليه وسلم وصبره حيث قال: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً. وفيه رواية في غير الصحيحين : ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى. وكل هذا والنبي صلى الله عليه وسلم صابر وعالم به لكن الله تعالى أعطاه الصبر العظيم والقوة والشجاعة.اهـ
فوائد أخرى:
1- أخرجه الستة.
2- مشروعية الصدقة في الكسوف.
والمبادرة إلى الخير، وأعمال البر.
3- الخطبة بعد صلاة الكسوف.
4- لا حرج في قولك كسفت الشمس أو خسفت الشمس لثبوت ذلك كله في السنة.
5- التعوذ من عذاب القبر في الكسوف.
6- السنة في صلاة الكسوف أن تصلى في المسجد.
7- ﻻ تنخسف الشمس ولا القمر لموت أحد ولا لحياة أحد. وله طرق قال الحافظ في الفتح تفيد القطع عند من اطلع عليها من أهل الحديث، فيجب تكذيب من زعم أن الكسوف علامة على موت أحد أو حياة أحد.
8- الركعة اﻷولى في صلاة الكسوف أطول.
9- وكذلك القراءة اﻷولى والركوع والسجود.
10 القيام اﻷول قريب من سورة البقرة.
قلت سيف : ذكر ابن حجر الرواية وعزاها للبخاري وأيضاً أورد رواية أخرى فقال : ونحوه لأبي داود من طريق سليمان بن يسار عن عروة وزاد فيه أنه قرأ في القيام الأول من الركعة الثانية نحواً من آل عمران ) وهي في صحيح أبي داود للألباني. وورد في البخاري( وهو دون القيام الأول )
11- مشروعية الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف.
12- مشروعية النداء ب “الصلاة جامعة” للكسوف.
13- جواز الحركة الخفيفة في الصلاة ﻷمر عارض.
14- آيات الله كونية وشرعية، ومن الكونية الشمس والقمر.
15- عمرو بن لحي من أهل النار، وهو أول من سيب السوائب.
16- نحن المسلمون أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
17- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم في وصف نفسه ب “محمد”.
قلت سيف : ورد في حديث سمرة( وشهد أنه عبده ورسوله ) وهو في ضعيف النسائي
18- مشروعية الدعاء والتكبير في الكسوف.
19- التحذير من انتهاك المحارم، وخص الزنا بالتحذير لعظم خطره.
20- إن الله تبارك وتعالى يغار. ولا أحد أغير منه.
21- العلم درجات، والعلم النافع يورث الخشية والتواضع.
22- مشروعية البكاء من خشية الله.
23- كراهية كثرة الضحك.
24- مشروعية الخطبة قائما ، ويقدم الحمد والثناء على الله تعالى ثم يقول أما بعد.
25- يرسل الله تعالى بالآيات تخويفا لعباده ليتوبوا ويرجعوا ويطيعوا ربهم.
26- مشروعية صلاة الكسوف للرجال والنساء.
27- أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد في الكسوف.
28- يفتن المسلم في قبره كفتنة الدجال.
29- قوله (ثم انصرف) أي سلم بعدما تشهد.
30- علو الله تعالى على خلقه كما في رواية (ثم رفع يديه فقال اللهم هل بلغت؟)
31- صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكسوف وقت الضحى.
32- قوله (إن الشمس والقمر آيتان..) وذلك أن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم كان مات يومئذ، فقال الناس إنما كان هذا لموت إبراهيم.
قلت سيف :
33 – قوله( ثم قال : سمع الله لمن حمده ) وزاد من وجه آخر عنه في أواخر الكسوف( ربنا ولك الحمد ) واستدل به على استحباب الذكر المشروع في الاعتدال في أول القيام الثاني من الركعة الأولى….
34- لم تذكر هذه الروايات ما قال في الركوع لكن اتفقوا أنه لا يقرأ فيه القرآن وإنما فيه الذكر من تسبيح وتكبير ونحوهما.
35- ذكر ابن حجر في موضع آخر أن تطويل الاعتدال الذي يقع بعده السجود وقع في رواية لمسلم، أما التطويل في الجلوس بين السجدتين فصحح تطويله بحديث أخرجه ابن خزيمة والنسائي.
36 – تعقب الشيخ ابن باز على ابن حجر على تأويله الغيرة لله( حاشية ابن باز على الفتح )
37 -( يا أمة محمد ) فيه معنى الاشفاق ولم يقل( يا أمتى ) لأن المقام مقام تحذير
38- علم الرسول صلى الله عليه وسلم بعظم عذاب الله.
38-يرجح التخويف في الخطبة.
39 – الرد على القائلين أن للكواكب تأثيراً
40 من حكم الكسوف ظهور انموذج لما سيقع يوم القيامة.
41- تقبيح عباد الشمس والقمر حيث لم تستطع أن تدفع عن نفسها هذا التغير مع أن حالتها الأولى أجمل.
اغلب فوائدي ملخصة من الفتح.