السلام عليكم أيها الإخوة تعقيب على التفسير في سورة القتال:
تفسير عبد الرزاق:
نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ
(1025) – عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: (57)] , قَالَ: «أَنْذِرْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ»
نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ
(1026) – عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} [الأنفال: (61)] , قَالَ: ” لِلصُّلْحِ , وَنَسَخَهَا قَوْلُهُ: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}
نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ
(2870) – عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: (4)] قَالَ: ” نَسَخَتْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ , فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: (57)]
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
(2871) – سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ الثَّقَفِيَّ , يُحَدِّثُ مَعْمَرًا قَالَ: «كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ فِي غَزَاةٍ , فَأَبَقَ أَسِيرٌ مِنْ رَجُلٍ فَتَبِعَهُ فَقَتَلَهُ , فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُجَاهِدٌ»
(2872) – نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أرنا مَعْمَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: (4)] قَالَ: «حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ , وَالْحَرْبُ مَنْ كَانَ يُقَاتِلُهُ سُمِّيَ هُوَ حَرْبًا»
تفسير الطبري:
القول في تأويل قوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ((57))}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإما تلقيَنَّ في الحرب هؤلاء الذين عاهدتهم فنقضوا عهدك مرة بعد مرة من قريظة، فتأسرهم، ((3)) = (فشرد بهم من خلفهم)، يقول: فافعل بهم فعلا يكون مشرِّدًا مَن خلفهم من نظرائهم، ممن بينك وبينه عهد وعقد.
* * *
و”التشريد”، التطريد والتبديد والتفريق.
* * *
وإنما أمِرَ بذلك نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بالناقض العهد بينه وبينهم إذا قدر عليهم فعلا يكون إخافةً لمن وراءهم، ممن كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه عهد، حتى لا يجترئوا على مثل الذي اجترأ عليه هؤلاء الذين وصف الله صفتهم في هذه الآية من نقض العهد.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
(16212) – حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، يعني: نكّل بهم من بعدهم.
(16213) – حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فشرد بهم من خلفهم)، يقول: نكل بهم من وراءهم.
(16214) – حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، يقول: عظْ بهم من سواهم من الناس.
(16215) – حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، يقول: نكل بهم من خلفهم، مَنْ بعدهم من العدوّ، لعلهم يحذرون أن ينكُثوا فتصنع بهم مثل ذلك.
(16216) – حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير: (فشرد بهم من خلفهم)، قال: أنذر بهم من خلفهم.
(16217) – حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قال: نكل بهم من خلفهم، مَنْ بعدهم =قال ابن جريج، قال عبد الله بن كثير: نكل بهم مَنْ وراءهم.
(16218) – حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون)، أي: نكل بهم من وراءهم لعلهم يعقلون.
(16219) – حُدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: (فشرد بهم من خلفهم)، يقول: نكل بهم من بعدهم.
(لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) قال: لا يُبالون نِعم الله. وهذه الآية منسوخة بأمر الله بقتال المشركين. وإنما قُلنا: هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك.
* ذكر من قال ذلك:
وقد ذكرنا الرواية في ذلك عن ابن عباس، حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) قال: نسختها ما في الأنفال (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) وفي براءة (قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) أمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) قال: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ).
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) قال: هذا منسوخ، أمر الله بقتالهم في سورة براءة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة عمن ذكره عن أبي صالح (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) قال: نسختها التي في الحج (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) قال: هؤلاء المشركون، قال: وقد نسخ هذا وفرض جهادهم والغلظة عليهم.
ج 22/ ص 67
وقوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) يقول: فإذا أسرتموهم بعد الإثخان، فإما أن تمنوا عليهم بعد ذلك بإطلاقكم إياهم من الأسر، وتحرروهم بغير عوض ولا فدية، وإما أن يفادوكم فداء بأن يعطوكم من أنفسهم عوضا حتى تطلقوهم، وتخلوا لهم السبيل.
واختلف أهل العلم في قوله (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) فقال بعضهم: هو منسوخ نسخه قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ).
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيد وابن عيسى الدامغانيّ، قالا ثنا ابن المبارك، عن ابن جُرَيج أنه كان يقول، في قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) نسخها قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السديّ (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) قال: نسخها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) نسخها قوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) إلى قوله (وَإِمَّا فِدَاءً) كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم، فإذا أسروا منهم أسيرا، فليس لهم إلا أن يُفادوه، أو يمنوا عليه، ثم يرسلوه، فنسخ ذلك بعد قوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ): أي عظ بهم من سواهم من الناس لعلهم يذّكرون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، قال: كتب إلى أبي بكر رضي الله عنه في أسير أُسر، فذكر أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا، فقال أبو بكر: اقتلوه، لقتلُ رجل من المشركين، أحبّ إليّ من كذا وكذا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ) … إلى آخر الآية، قال: الفداء منسوخ، نسختها: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ) … إلى (كُلَّ مَرْصَدٍ) قال: فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولا حرمة بعد براءة، وانسلاخ الأشهر الحرم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) هذا منسوخ، نسخه قوله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولاذمة بعد براءة.
ج 22 / ص 155