103 الفوائد المنتقاه من شرح مختصر صحيح مسلم
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
مجموعة حسين البلوشي.
———
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاسَهُ متفق عليه.
——–
الحديث أخرجه أبوداود أيضا باب ما جاء في الفرق 4190 وقلنا في تخريجه ذكره الدارقطني في العلل 12/ 188 ورجح أنه عن مالك عن زياد بن سعد عن الزهري مرسلا، وهذا تعليل إسناد، وإلا حديثنا ثابت كما ترى من غير الطريق التي عليها الخلاف.
ثم أورد أبوداود 4191:عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت إذا أردت أن أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم – صدعت الفرق من يافوخه وأرسل ناصيته بين عينيه
وهو في الصحيح المسند 1619، وضعفه محققو المسند؛ وقالوا: فيه نكارة، واختلف على محمد بن إسحاق، وهو لا يتحمل مثل هذا الاختلاف، ونقلوا عن الدارقطني؛ أن الوجهين محفوظين.
مشاركة حسين البلوشي:
• توضيح لمعنى الحديث:
يقول ابن عبد البر في التمهيد:
والناصية شعر مقدم الرأس كله وسدله تركه منسدلا سائلا على هيئته والتفريق أن يقسم شعر ناصيته يمينا وشمالا فتظهر جبهته وجبينه من الجانبين والفرق سنة مسنونة اهـ.
ويقول السندي في حاشيته على ابن ماجة:
وَالسَّدْل إِرْسَال الشَّعْر حَوْل الرَّاس مِنْ غَيْر أَنْ يَقْسِمهُ نِصْفَيْنِ وَالْفَرْق أَنْ يَقْسِمهُ نِصْفًا عَنْ يَمِينه وَنِصْفًا عَنْ يَسَاره عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا جَائِز وَالْأَفْضَل الْفَرْق اهـ
يقول الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
والفرق: هو قسمة شعر الرأس من الوسط حتى يكون قسم منه على الجانب الأيمن وقسم على الجانب الأيسر، ويكون فيه خط في الوسط يقسم شعر الرأس إلى قسمين فتبدو من ذلك المكان جلدة الرأس؛ هذا هو الفرق. اهـ.
• سبب موافقة النبي صلى الله عليه وسلم لهم في ذلك:
1_ يقول الطحاوي في مشكل الآثار:
وكان أهل الكتاب فيما كانوا يفعلونه في ذلك قد كان محتملا أن يكون كان ذلك منهم لشيء كانوا أمروا به في كتابهم فكان من سواهم من العرب إنما كانوا أهل أوثان وعبادة أصنام فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل مما ذكر في هذا الحديث ما كان أهل الكتاب يفعلونه فيه إذ كان قد يجوز أن يكون كان منهم لما قد ذكرناه اهـ.
وجاء في المنتقى شرح الموطأ:
قَالَ: عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إسْدَالُ الْقُصَّةِ يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْهُ قُصَّةً فِي مُقَدَّمِ الرَّاسِ فَعَلَ ذَلِكَ – وَاَللَّهُ أَعْلَمُ – لِمُتَابَعَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسْدِلُونَ شُعُورَهُمْ وَكَانَ يُحِبُّ مُتَابَعَتَهُمْ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِمُخَالَفَةٍ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ – وَاَللَّهُ أَعْلَمُ – أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُغَيِّرُوهُ مِنْ شَرِيعَةِ أَنْبِيَائِهِمْ إمَّا بِوَحْيٍ، أَوْ بِخَبَرٍ مُتَوَاتِرٍ وَقَدْ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِأَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ فَكَانَ يَتَّبِعُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا طَرَأَ النَّسْخُ دَانَ بِمُخَالَفَتِهِمْ وَعَدَلَ إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ فَلِذَلِكَ فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بَعْدَ أَنْ سَدَلَ اهـ.
قال القاضي: وقال آخرون يحتمل أنه أمر باتباع شرائعهم فيما لم يوح إليه شيء وانما كان هذا فيما علم أنهم لم يبدلوه (شرح النووي على مسلم)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: لأن أهل الكتاب في زمانه كانوا متمسكين ببقايا من شرائع الرسل فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عباد الأوثان، فلما أسلم غالب عباد الأوثان أحب صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب. اهـ
2 – كان ذلك لِتَأَلُّفِهِمْ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَة وهذا الاحتمال ذكره السندي من ضمن الأمور المحتملة.
حتى قال السندي: (ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ)
كَلِمَة بَعْدُ تَاكِيد لِمَا يُفِيدهُ كَلِمَة ثُمَّ أَيْ حِين اِطَّلَعَ عَلَى أَحْوَالهمْ فَرَأَىهُمْ أَبْغَض النَّاس وَأَنَّ التَّأَلُّف لَا يُؤَثِّر فِي قُلُوبهمْ اهـ.
قال النووي قال القاضي واختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه شيء فقيل فعله استئلافا لهم في أول الاسلام وموافقة لهم على مخالفة عبدة الأوثان فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم وأظهر الاسلام على الدين كله صرح بمخالفتهم في غير شيء منها (شرح صحيح مسلم)
• فوائد الحديث:
1 – يقول الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة عند قوله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يتألف اليهود، والنصارى؛ والذي يحب أن يتألفهم يحب أن يرضوا عنه؛ فبين الله عزّ وجلّ أن هؤلاء اليهود والنصارى قوم ذوو عناد؛ لا يمكن أن يرضوا عنك مهما تألفتهم؛ ومهما ركنت إليهم بالتألف ــــ لا بالمودة ــــ فإنهم لن يرضوا عنك حتى تتبع ملتهم؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنهَ عنه؛ ثم بعد ذلك كان يأمر بمخالفتهم.
2 – في هذا الحديث من الفقه ترك حلق شعر الرأس وحبس الجمم. قاله ابن عبد البر في التمهيد.
3 – وفيه دليل على أن حبس الجمة أفضل من الحلق لأن ما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاصته أفضل مما أقر الناس عليه ولم ينههم عنه لأنه في كل أحواله في خاصة نفسه على أفضل الأمور وأكملها وأرفعها صلى الله عليه وسلم. قاله ابن عبد البر في التمهيد.
4 – وفيه أيضا من الفقه أن الفرق في الشعر سنة وأنه أولى من السدل لأنه آخر ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الفرق لا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله. قاله ابن عبد البر في التمهيد
5 – وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يوافق أهل الكتاب إذا خالفوا عبدة الأوثان أخذا بأخف الأمرين، فلما فتحت مكة ودخل عباد الأوثان في الإسلام رجع إلى مخالفة باقي الكفار وهم أهل الكتاب قاله الحافظ في الفتح.
6 – وفيه صفة من صفات النبي صلى الله عليه وسلم قال العيني في شرح البخاري: مطابقته للترجمة من حيث إنه في الأخيرة فرق رأسه وهو صفة من صفاته اهـ
7 – وقيل فيه أن شرع من قبلنا شرع لنا إن لم يخالف شرعنا وتعقب.
قال النووي رحمه الله: واستدل بعض الأصوليين بهذا الحديث أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه. وقال آخرون: بل هذا دليل أنه ليس بشرع لنا لأنه قال: يحب موافقتهم، فأشار إلى أنه إلى خيرته، ولو كان شرعا لنا لتحتم اتباعه. اهـ.
قلت سيف: وسيأتي التوسع في هذه المسألة في آخر البحث؛؛
قلت سيف:
ويمكن أن نضيف فوائد أخرى:
– شمولية دين الإسلام لحياة البشر.
– اختلاف أعراف الناس شيء كونِيٌّ، لأنه منوط بالزمان والمكان.
– التفريق بين سنن العادات والعبادات ووجوب رد ما أشكل إلى (الكتاب والسنة).
– الأصل في العبادات أن لا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى، والأصل في العادات أن لا يحظر منها إلا ما حظره الله تعالى.
——-
• تشبه السلف بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر.
عن ابن القاسم عن مالك قال رأيت عامر بن عبدالله بن الزبير وربيعة بن أبي عبدالرحمن وهشام بن عروة يفرقون شعورهم وكانت لهم شعور وكانت لهشام جمة إلى كتفيه. (التمهيد)
عن الخضر بن داود قال حدثنا أبو بكر يعني الأثرم قال سألت أبا عبدالله يعني أحمد بن حنبل عن صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال جاء في الحديث أنه كان إلى شحمة أذنيه وفي بعض الحديث إلى منكبيه وفي بعض الحديث أنه فرق قال وإنما يكون الفرق إذا كان له شعر قال وأحصيت عن ثلاثة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كان لهم شعر فذكر منهم أبا عبيدة ابن الجراح وعمار بن ياسر والحسن والحسين وعن ابن مسعود أن شعره كان يبلغ ترقوته وأنه كان إذا صلى جعله وراء أذنيه.
• إذا أصبح هذا الفعل من شعار الفساق أو ما شابه ذلك؟
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد:
قال أبو عمر:
صار أهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم إلا الجند عندنا لهم الجمم والوفرات وأضرب عنها أهل الصلاح والستر والعلم حتى صار ذلك علامة من علاماتهم وصارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تشبه بقوم فهو منهم أو حشر معهم فقيل من تشبه بهم في أفعالهم وقيل من تشبه بهم في هيئاتهم وحسبك بهذا فهو مجمل في الإقتداء بهدى من الصالحين على أي حال كانوا والشعر والحلق لا يغنيان يوم القيامة شيئا وإنما المجازاة على النيات والأعمال فرب محلوق خير من ذي شعر ورب ذي شعر رجلا صالحا وقد كان التختم في اليمين مباحا حسنا لأنه قد تختم به جماعة من السلف في اليمين كما تختم منهم جماعة في الشمال وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
الوجهان جميعا.
فلما غلبت الروافض على التختم في اليمين ولم يخلطوا به غيره كرهه العلماء منابذة لهم وكراهية للتشبه بهم لا أنه حرام ولا أنه مكروه وبالله التوفيق. اهـ.
- من الأمور التي وافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الأمر ثم تركه:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وكان الفرق آخر الأمرين، ومما يشبه الفرق والسدل صبغ الشعر وتركه كما تقدم، ومنها صوم عاشوراء، ثم أمر بنوع مخالفة لهم فيه بصوم يوم قبله أو بعده، ومنها استقبال القبلة، ومخالفتهم في مخالطة الحائض حتى قال: “اصنعوا كل شيء إلا الجماع” فقالوا: ما يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، وقد تقدم بيانه في كتاب الحيض، وهذا الذي استقر عليه الأمر. (الفتح)
• ضابط التشبه بالكفار
وبما أن الحديث كان يخالفهم فنذكر هنا الضابط الذي به نعرف أن هذا التشبه محرم أم أنه ليس من التشبه
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
مقياس التشبه أن يفعل المتشبِه ما يختص به المتشبَه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً، فلا يكون حراماً من أجل أنه تشبه، إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى. وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة. وقد صرح بمثله صاحب الفتح حيث قال (صـ272 ج10) “وقد كره بعض السلف لبس البرنس لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: لا بأس به. قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يلبس هاهنا”. أ. هـ. قلت: لو استدل مالك بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، حين سئل ما يلبس المحرم، فقال: “لا يلبس القمص، ولا السراويل، ولا البرانس” الحديث لكان أولى. وفي الفتح أيضاً (صـ307 جـ1): وإن قلنا: النهي عنها (أي عن المياثر الأرجوان) من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة. والله أعلم. أ. هـ.
وقال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله:
وأقول: (مالا يفعله إلا الكفار بغير مقتضى الإنسانية) فإذا كان يفعلونه بمقتضى الإنسانية فإنه لا بأس أن نأخذه عنهم، مثلًا: السيارات، السيارات اختُرعت عند الكفار، ويركبون السيارات بمقتضى حاجة الإنسان إلى ركوبها، فنأخذ عنهم السيارات، ونركب السيارات، هذا بمقتضى الإنسانية، هذا ليس من باب التشبه، لكن إذا كان الفعل لا يفعله إلا الكفار، ويفعلونه بغير مقتضى الإنسانية، مثل بعض الألبسة الخاصة بهم، يمثِّل العلماء بطاقية اليهود مثلا، أو في الألبسة – أنا فيما يظهر لي والله أعلم – أن ما يسمى بالكرفتة من هذا الباب
من شرح الأصول الثلاثة في درسه في المسجد النبوي في موسم حج 1429 – 1430 هـ.
قلت سيف: سيأتي نقل مطول لكلام ابن تيمية في تتمات البحث
———–
تتمات: أخونا حسين جمع شرح طيب للحديث لكن هذه تتمات إن شاء الله تزيد البحث حسنا ملخصه من بحوث مفرقه:
حكم الفرق:
حكى الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض: أن الفرق سنة واستند إلى أنه هو الذي استقر عليه حال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويفهم مما حكاه الحافظ عن بعض العلماء، أن الفرق واجب وأنه قد نسخ به السدل، ووجهه: أنه قد جاء في حديث ابن عباس: “كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء”، فالظاهر أنه فرق بأمر من الله، وقد حكى عن عمر بن عبد العزيز، كما جزم بذلك الحازمي.
أقول إن الظاهر الذي حكاه الحافظ قد صرح به في رواية معمر إذ جاءت بلفظ: “ثم أمر بالفرق”ومعلوم أن الأمر إذا أطلق يستفاد منه الوجوب.
وقد عقب القرطبي على هذا القول بقوله: “الظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب بقصد الاستئلاف فلما لم يؤثر فيهم ذلك، أحب مخالفتهم ففرق، وحينئذ يكون الفرق مستحبا، وما جاء في الحديث بلفظ الأمر؛ لا يبعد عن ذلك لأن الأمر يشمل الواجب والمندوب”.
كما أن دعوى النسخ ليست واردة إذ لو كان السدل منسوخا لتركه الصحابة رضي الله عنهم أو أكثرهم، لكن المنقول عنهم أن بعضهم كان يفرق والبعض الآخر كان يسدل شعره ولم يعب بعضهم على بعض.
لذلك قال الجمهور باستحباب الفرق اتباعا لما كان عليه صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وهو المختار.
وقد حكى الحافظ ابن حجر رأي النووي بقوله: قال النووي: الصحيح جواز السدل والفرق [51].
ولكن الموجود في المجموع له: قوله: يستحب فرق شعر الرأس لحديث ابن عباس وذكر الحديث [52].
ولعله أطلق الجواز لما هو أعم من المباح المستوي الطرفين؛ فقد يطلق الجواز على ما يقابل الحرام حيث يراد به ما يشمل المكروه والمندوب والمباح، أو كان يرى أولا الجواز الذي يراد به المباح المستوي الطرفين، ثم تبين له بعد ذلك أنه مستحب فصرح به في المجموع وهو من آخر أعماله رحمه الله.
واستدل بعضهم بأن الفرق مستحب بحديث فقال: وقد صحَّ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان له لِمَّةٌ، فإنَّ انفرقت فرقها، وإلا تركها. وهذا يدلُّ على أن هذا كان غالب حاله؛ لأنَّ ذلك ذكره مع جملة أوصافه الدائمة، وحِليته التي كان موصوفًا معروفًا بها، فالصحيح: أن الفرق مستحبٌّ لا واجب، وهذا الذي اختاره مالك. وهو قول جل أهل المذاهب. والله تعالى أعلم.
قال باحث في فتوى له:
وقد بحث العلماء في فقه هذا الحديث، وخلاصة القول ما قاله الإمام النووي:
والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق، وأن الفرق أفضل. ” شرح مسلم ” (15/ 90).
فائدة:
ذكر بعض لجان الفتوى أن الفرق الجانبي ليس من التشبه فقالوا في جواب سؤال حول هذه المسألة:
وعليه ففرق الشعر من جانب لا بأس به إذا لم يكن يقصد منه التشبه بالكافرات أو التشبه بالرجال.
إشكال حول حديث (نهى عن السدل)
فقيل أن المراد بالنهي عن سدل الشعر محمول على سدله على الناصية خاصة. وبعضهم قال هو سدل الثوب بحيث يمس الأرض:
قال صاحبنا مصطفى الموريتاني:
حديث أبي هريرة أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ نَهى عنِ السَّدلِ في الصَّلاةِ وأن يغطِّيَ الرَّجلُ فاهُ
وحسنه الألباني – في صحيح أبي داود 643
وقال الطبراني في المعجم الأوسط -:2/ 70
: لم يرو هذا الحديث عن عامر إلا سعيد تفرد
وقال أبو داود في سننه: 643
: رواه عسل عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي نهى عن السدل في الصلاة [وروي عن عطاء أكثر ما يصلي سادلا] وهذا يضعف الحديث
وقال صاحبنا عبدربه: وأخرجه أحمد من غير تقييد في الصلاة 8582 – حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا سعيد يعني ابن أبي عروبة، عن عسل، عن عطاء، عن أبي هـريرة، ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن السدل
وضعفه محققو المسند
قال صاحبنا أبوأسامه:
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
قَالَ الْخَطَّابِيّ: السَّدْل إِرْسَال الثَّوْب حَتَّى يُصِيب الْأَرْض.
وَقَالَ فِي النَّيْل: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي غَرِيبه: السَّدْل إِسْبَال الرَّجُل ثَوْبه مِنْ غَيْر أَنْ يَضُمّ جَانِبَيْهِ بَيْن يَدَيْهِ، فَإِنْ ضَمَّهُ فَلَيْسَ بِسَدْلٍ.
وَقَالَ صَاحِب النِّهَايَة: هُوَ أَنْ يَلْتَحِف بِثَوْبِهِ وَيُدْخِل يَدَيْهِ مِنْ دَاخِل فَيَرْكَع وَيَسْجُد وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ: وَهَذَا مُطَّرِد فِي الْقَمِيص وَغَيْره مِنْ الثِّيَاب.
قَالَ وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَضَع وَسَط الْإِزَار عَلَى رَاسه وَيُرْسِل طَرَفَيْهِ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله مِنْ غَيْر أَنْ يَجْعَلهُمَا عَلَى كَتِفَيْهِ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ: سَدَلَ ثَوْبه يَسْدُلهُ بِالضَّمِّ سَدْلًا أَيْ أَرْخَاهُ.
وَلَا مَانِع مِنْ حَمْل الْحَدِيث عَلَى جَمِيع هَذِهِ الْمَعَانِي إِنْ كَانَ السَّدْل مُشْتَرَكًا بَيْنهَا، وَحَمْل الْمُشْتَرَك عَلَى جَمِيع مَعَانِيه هُوَ الْمَذْهَب الْقَوِيّ.
وقال صاحبنا هشام السوري:
معنى السدل في الصلاة:
قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم:
والسدل المذكور هو أن يطرح الثوب على أحد كتفيه، ولا يرد أحد طرفيه على كتفه الآخر هذا هو المنصوص عن أحمد، وعلله: بأنه فعل اليهود، وقال حنبل ” قال أبو عبد الله: والسدل أن يسدل أحد طرفي الإزار ولا ينعطف به عليه، وهو لبس اليهود، وهو على الثوب وغيره مكروه السدل في الصلاة.