تخريج الفتح
كتاب الوتر
باب الوتر على الدابة
وروى محمد بن نصر من طريق بن جريج قال حدثنا نافع أن بن عمر كان يوتر على دابته قال بن جريج وأخبرني موسى بن عقبة عن نافع أن بن عمر كان يخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
هو في سنن النسائي 1687 وصححه الألباني
………………………………….
وروى عبد الرزاق من وجه آخر عن بن عمر أنه كان يوتر على راحلته وربما نزل فأوتر بالأرض
مصنغ عبدالرزاق
4534 – عن عبد الله بن عمر، عن نافع، أن ابن عمر كان يوتر على راحلته، وربما أوتر بالأرض
………………………………….
باب القنوت قبل الركوع وبعده
فروى أصحاب السنن من حديث الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت الحديث.
صحيح. الإرواء 429
……………………………….
وفي صحيح بن خزيمة من وجه آخر عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم
………………………………
ويبينه ما أخرجه بن ماجه من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال قبل الركوع وبعده إسناده قوي
صحيح. الإرواء 424
……………………………….
وروى بن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع وبعضهم بعد الركوع.
قال ابن المنذر في الأوسط:
حدثنا يحيي قال ثنا علي بن عثمان قال ثنا حماد عن حميد عن انس ان بعض اصحاب رسول الله قنتوا في صلاه الفجر قبل الركوع وبعضهم بعد الركوع.
…………………………………..
وروى محمد بن نصر من طريق أخرى عن حميد عن أنس أن أول من جعل القنوت قبل الركوع أي دائما عثمان لكي يدرك الناس الركعة.
صحيح. الإرواء 424
…………………………………..
الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة كما ثبت أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد
482 مسلم
……………………………
تخريج الفتح كتاب الاستسقاء
باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا
قال الحافظ:
وأوضح من ذلك ما أخرجه البيهقي في الدلائل من رواية مسلم الملائي عن أنس قال جاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يغط ثم أنشده شعرا يقول فيه وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام يجر رداءه حتى صعد المنبر فقال اللهم اسقنا الحديث
وجدته في الدعاء للطبراني:
2180 – حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي، ثنا عمي سعيد بن خثيم ثنا مسلم الملائي، عن أنس بن مالك، قال: جاء أعرابي …
…………………………………..
وأما حديث أنس عن عمر فأشار به أيضا إلى ما ورد في بعض طرقه وهو عند الإسماعيلي من رواية محمد بن المثنى عن الأنصاري بإسناد البخاري إلى أنس قال كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا به فيستسقي لهم فيسقون فلما كان في إمارة عمر فذكر الحديث
صحيح ـ ((الإرواء)) (672): خ.
…………………………….
روى عبد الرزاق من حديث بن عباس أن عمر استسقى بالمصلى فقال للعباس قم فاستسق فقام العباس فذكر الحديث
4913 – عن إبراهيم بن محمد، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن عمر، استسقى بالمصلى، فقال للعباس [ص:93]: قم فاستسق، فقام العباس …
مصنف عبدالرزاق
……………………………
وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري وكان خازن عمر قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له ائت عمر الحديث
قال الألباني: لا يصح إسناده.
موسوعة الألباني في العقيدة
…………………………………
وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس
ذكر الأثر الألباني ناقلا له من الفتح مقرا له ولم يتعقبه
التوسل أنواعه وأحكامه
…………………………………..
وأخرج أيضا من طريق داود عن عطاء عن زيد بن أسلم عن بن عمر قال استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فذكر الحديث
قال الألباني في الإرواء: واهٍـ جدا
…………………………………..
باب تحويل الرداء في الاستسقاء
وزاد فيه بن ماجة وبن خزيمة من هذا الوجه والشمال على اليمين
سنن ابن ماجه 1267 و 1268 وضعفه الألباني
……………………………..
وله شاهد أخرجه أبو داود من طريق الزبيدي عن الزهري عن عباد بلفظ فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن
سنن أبي داود 1163 وصححه الألباني
……………………………….
وله من طريق عمارة بن غزية عن عباد استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه
صححه في الإرواء 676
………………………………….
ويشهد له ما رواه أحمد من طريق أخرى عن عباد في هذا الحديث بلفظ وحول الناس معه
المسند 16465 وصححه محققو المسند
…………………………………..
وقد بينه مالك في روايته المذكورة ولفظه حول رداءه حين استقبل القبلة
رواه مسلم 891
……………………………………
وقد وقع ذلك في حديث عائشة عند أبي داود وبن حبان قالت شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه فخرج حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر الحديث
((صحيح أبي داود)) (1064).
………………………………..
وفي حديث بن عباس عند أحمد وأصحاب السنن خرج النبي صلى الله عليه وسلم متبذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فرقى المنبر
سنن أبي داود 1165 وصححه الألباني
……………………………..
وفي حديث أبي الدرداء عند البزار والطبراني قحط المطر فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لنا فغدا نبي الله صلى الله عليه وسلم الحديث
مسند البزار 4102
……………………………..
لكن وقع عند أحمد في حديث عبد الله بن زيد التصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة
منكر بكر الخطبة بعد الصلاة. الضعيفة 5630
………………………………….
وكذا في حديث أبي هريرة عند بن ماجه حيث قال فصلى بنا ركعتين بغير أذان ولا إقامة
ضعيف. سنن ابن ماجه 1268
……………………………..
وقد أخرج الدارقطني من حديث بن عباس أنه يكبر فيهما سبعا وخمسا كالعيد وأنه يقرأ فيهما بسبح وهل أتاك وفي إسناده مقال
ضعيف جدا. الضعيفة 5631
……………………………
لكن أصله في السنن بلفظ ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد
حسن. الإرواء 665
……………………………….
باب الاستسقاء في المسجد الجامع
ولكن رواه بن ماجه من طريق شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة يا كعب حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق الله عز وجل فرفع يديه فقال اللهم اسقنا الحديث
أحاديث معلة 380
……………………………….
وقد وقع في رواية ثابت أيضا عند أحمد إذ قال بعض أهل المسجد وهي ترجح الاحتمال الأول
المسند 13016 على شرط مسلم قله محققو المسند
…………………………………
هي خوخة أبي بكر الصديق التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر
البخاري 3904
………………………………….
قال عبد العزيز فكانت فيها الدواوين وبيت المال ثم صيرها السفاح رحبة للمسجد وزاد أحمد في رواية ثابت عن أنس إني لقائم عند المنبر
هو بلفظ “إني لقاعد … ” مسند أحمد 13016 على شرط مسلم
……………………………….
ووقع لأحمد في رواية قتادة وأمحلت الأرض
مسند أحمد 13743. على شرط الشيخين
………………………………
زاد النسائي في رواية سعيد عن يحيى بن سعيد ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون
هي في البخاري 1029
……………………..
وزاد في رواية شريك حذاء وجهه ولابن خزيمة من رواية حميد عن أنس حتى رأيت بياض إبطيه
صحيح. سنن أبي داود 1171
……………………….
ووقع في رواية ثابت في علامات النبوة قال قال أنس وإن السماء لفي مثل الزجاجة
على شرط البخاري. صحيح أبي داود 1065
………………………….
لأن في رواية حفص بن عبيد الله عند أبي عوانة فنشأت سحابة مثل رجل الطائر وأنا أنظر إليها فهذا يشعر بأنها كانت صغيرة
2499 – حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، حدثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة أن حفص بن عبيد الله بن أنس حدثه، أنه سمع أنس بن مالك يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكت الماشية …
مستخرج أبي عوانة
…………………………….
وقد وقع في رواية مالك عن شريك فمطرنا من جمعة إلى جمعة
أخبرنا مالك بن أنس، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مسند الشافعي 490
………………………………..
ولابن خزيمة في رواية حميد حتى أهم الشاب القريب الدار الرجوع إلى أهله
سنن النسائي 1527 وصححه الألباني
……………………………….
ومثله لأبي عوانة من طريق حفص عن أنس بلفظ فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى
2499 – حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، حدثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة أن حفص بن عبيد الله بن أنس حدثه، أنه سمع أنس بن مالك يقول: …
مستخرج أبي عوانة
……………………………..
ويؤيد ذلك رواية البيهقي في الدلائل من طريق يزيد أن عبيدا السلمي قال لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة وفيه خارجة بن حصن أخو عيينة قدموا على إبل عجاف فقالوا يا رسول الله ادع لنا ربك أن يغيثنا فذكر الحديث وفيه فقال اللهم اسق بلدك وبهيمك وانشر بركتك اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا …
صحيح، الإرواء (2/ 145)
……………………………….
ولأحمد من هذا الوجه فتقور ما فوق رءوسنا من السحاب حتى كأنا في إكليل
على شرط مسلم 13016
……………………………
ومنه قول أنس كان يعجبنا أن يجيء الرجل من البادية فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
مسلم 12
………………………..
1371 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مشاركة مجموعة الديني
———–
1371 – قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا معاوية ثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه قد رضي منكم بما تحقرون.
هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
ومعاوية هو ابن عمرو، وأبو إسحاق هو محمد بن إبراهيم الفزاري.
…………………………………………..
وصححه الألباني في الصحيحة 471 ومحققو المسند 14/ 409
وجاء الحديث في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (2812) بلفظ: ” إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم ”
فوائده:
1) قال النووي رحمه الله: هذا الحديث من معجزات النبوة، وقد سبق بيان جزيرة العرب، ومعناه: أيس أن يعبده أهل جزيرة العرب، ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها.
2) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد خطب الناس بعرفة، وقال: ” إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ” فكيف تقع عبادته؟
فالجواب: أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بيأسه لا يدل على عدم الوقوع، بل يجوز أن يقع، على خلاف ما توقعه الشيطان، لأن الشيطان لما حصلت الفتوحات، وقوي الإسلام، ودخل الناس في دين الله أفواجا؛ يئس أن يعبد سوى الله في هذه الجزيرة، ولكن حكمة الله تأبى إلا أن يكون ذلك، وهذا نقوله ولا بد، لئلا يقال: إن جميع الأفعال التي تقع في الجزيرة العربية، لا يمكن أن تكون شركا، ومعلوم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله جدد التوحيد في الجزيرة العربية، وأن الناس كانوا في ذلك الوقت فيهم المشرك وغير المشرك.
فالحديث أخبر عما وقع في نفس الشيطان ذلك الوقت، ولكنه لا يدل على عدم الوقوع، وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ” لتركبن سنن من كان قبلكم “وهو يخاطب الصحابة وهم في جزيرة العرب. (القول المفيد شرح كتاب التوحيد)
3) قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله: وقد يحتج بعض المشركين والخرافيين بأن هذه الأمة حماها الله – جل وعلا – من أن تعود إلى عبادة الأوثان، وعصمت من الوقوع في الشرك الأكبر بدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم»، فلما قال عليه الصلاة والسلام: «إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب» علمنا أن عبادة الشيطان لا تكون في هذه الأمة، وأن الشرك الأكبر لا يكون، هكذا يدعي القبوريون.
والجواب: أن هذا الاحتجاج في غير موضعه، وفهم ذلك الدليل، وذلك الحديث، ليس على ذلك النحو، وجواب ما قالوا من أن قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب» هو أن نقول: إن الشيطان لا يعلم الغيب، وهو حريص على إغواء بني آدم، كما قال تعالى: {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62] هو أيس ولكن لم يأيسه الله – جل وعلا – فالشيطان أيس بنفسه لما رأى عز الإسلام، ولما رأى ظهور التوحيد على الكفر في جزيرة العرب، فأيس لما رأى ذلك ولكنه لم يأيسه الله – جل وعلا – من أن يعبد في جزيرة العرب.
ثم إن في قوله: ” أيس أن يعبده المصلون ” إشارة إلى أن أهل الصلاة، هم الذين لا تتأتى منهم عبادة الشيطان، لأن المصلين لا شك أنهم آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر؛ لأن المصلي هو الذي أقام الصلاة، ومن أقام الصلاة فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأعظم المنكر الذي سينكره المصلي، هو: الشرك بالله -جل وعلا- فيكون الشيطان بذلك قد يأس أن يعبده من أقام الصلاة على حقيقتها كما أراد الله -جل وعلا-.
فليس في هذا الحديث – إذًا – أن عبادة الشيطان لا تكون في هذه الأمة، بل فيه: أن الشيطان أيس لما رأى عز الإسلام ولكنه لم يُأيَّس؛ ولهذا فإن طائفة من العرب ارتدوا عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقليل، ولا شك أن ذلك الارتداد كان من عبادة الشيطان؛ لأن عبادة الشيطان تكون – أيضا – بطاعته؛ كما قال – جل وعلا -: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس: 60] وعبادة الشيطان كما في تفسير الآية: بطاعته في الأمر والنهي، وطاعته في الشرك، وطاعته في ترك الإيمان وترك لوازمه.
وقد كان إمام الدعوة -رحمه الله- مستحضرا لهذا الدليل الذي يحتج به المشركون من هذه الأمة، من أهل عصره وغيرهم على نفي عبادة هذه الأمة للأوثان، وعدم وقوع الشرك منهم، فأراد -رحمه الله- التنبيه على بطلان الاستدلال بذلك الدليل على ما ادعوه، بل هو لا يدل على قولهم، إذ قد عرفنا معناه وتفسيره فيما تقدم. (التمهيد شرح كتاب التوحيد).
4) جاء في ” الدرر السنية “:
والعلماء قد ذكروا لهذا الحديث عدة احتمالات، فمما قالوا فيه:
1 – إن الشيطان أيس بنفسه –ولم ييأس- لما رأى عز الإسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وإقبال القبائل على الدخول في هذا الدين الذي أكرمهم الله به، فلما رأى ذلك يئس من أن يرجعوا إلى دين الشيطان، وأن يعبدوا الشيطان أي: يتخذوه مطاعاً.
وهذا كما أخبر الله عن الذين كفروا في قوله: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ [المائدة: 3]، فهم يئسوا أن يراجع المسلمون مع عليه المشركون من الدين القائم على اتخاذ الأنداد مع الله، وصرف العبودية إلى أشياء مع الله أو دونه.
فكما أن المشركين لما رأوا تمسك المسلمين بدينهم يئسوا من مراجعتهم، هكذا الشيطان يئس لما رأى عز المسلمين ودخولهم في الدين في أكثر نواحي جزيرة العرب.
والشيطان – لعنه الله- لا يعلم الغيب، ولا يعلم أنه ستحين فرص يصد الناس بها عن الإسلام والتوحيد، وكانت أول أموره في صرف الناس لعبادته بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أطاعه أقوام وقبائل فارتدت عن الإسلام إما بمنع الزكاة، أو باتباع مدعي النبوة، فنشط وكانت له جولة وصولة، ثم كبته الله.
والمقصود: أن الشيطان ييأس إذا رأى التمسك بالتوحيد والإقرار به والتزامه، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو حريص على أن يصد الناس عن هذا، ولذا تمكن من هذا في فترات مختلفة، فعبده القرامطة عبادة طاعة وهم في الجزيرة، وأفسدوا ما أفسدوا، وعبده من بعدهم مما يعرفه أولو البصيرة.
فالقول بأن الشرك منتف عن هذه الأمة مخالف للواقع، كما أنه مخالف للفهم الصحيح لنصوص الشرع.
2 – ولا يبعد أن يقال: (مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إن الشيطان … )) الشيطان لا يطمع أن يعبده المؤمنون في جزيرة العرب، وهم المصدَقون بما جاء به الرسول من عند ربه المذعنون له، والممتثلون لأوامره، ولا شك أن من كان على هذه الصفة فهو على بصيرة ونور من ربه، فلا يطمع الشيطان أن يعبده … ووجود مثل هذا في جزيرة العرب لا ينافي الحديث الصحيح كما لا يخفى على من له قلب سليم وعقل راجح، وإطلاق لفظ المصلين على المؤمنين كثير في كلام العارفين.
3 – ويحتمل أن يراد بالمصلين أناس معلومون بناء على أن تكون (أل) للعهد وأن يراد بهم الكاملون فيها … وهم خير القرون، يؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث-: ((ولكن في التحريش بينهم)). يقول الطيبي: لعل المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه رضوان الله عليهم أجمعين، أي أيس أن يعبد فيها، ولكن يطمع في التحريش … والدليل متى طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال).
قلت (سيف)
تنبيه: نقلوا ثمانية احتمالات هذه الثلاثة أقواها.
وعلى كل حال: لا يمكن أن يدعى أنه لن يعبد غير الله في بلاد العرب في وقت من الأوقات، فإن هذا باطل كاذب بالإجماع والضرورة والنصوص المتواترة.
5) قوله: “بما تحقرون”، أي: بما تستصغرون من الذنوب.
وفي الحديث الصحيح:
” إياكم ومحقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى
أنضجوا خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه “. الصحيحة 389
6) قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
“وعلى هذا يرد الحديث الصحيح: (فذكره) “.
وبهذا يكون ذكر جزيرة العرب؛ لمزيتها بأنها أصل ديار الإسلام، و أهلها أصل المسلمين مادتهم. والله أعلم.