1039-1038 رياح المسك العطرة بفوائد الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
——
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «شُكْرَكُمْ»
1038 – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ” أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ ”
——-
مشاركة مصطفى الموريتاني وسيف بن غدير :
قال الشيخ الإمام : ابن اعثيمين رحمه الله في القول المفيد علي كتاب التوحيد
وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:
1- علم التأثير.
2- علم التسيير.
فالأول: علم التأثير. وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ: أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور; فهذا شرك أكبر; لأن من ادعى أن مع الله خالقا; فهو مشرك شركا أكبر; فهذا جعل المخلوق المسخر خالقا مُسَخِّرًا.
ب: أن يجعلها سببا يدعي به علم الغيب; فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا; لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا، مثل أن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء; لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة; لأنه ولد في النجم الفلاني; فهذا اتخذ تعلم النجوم وسيلة لا دعاء علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر مخرج عن الملة; لأن الله يقول: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة النمل: من الآية 65] وهذا من أقوى أنواع الحصر; لأنه بالنفي والإثبات، فإذا ادعى أحد علم الغيب; فقد كَذَّب القرآن.
ج: أن يعتقدها سببا لحدوث الخير والشر، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم، ولا ينسب إلى النجوم شيئا إلا بعد وقوعه; فهذا شرك أصغر.
فإن قيل: ينتقض هذا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في الكسوف: “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده”1؛ فمعنى ذلك أنهما علامة إنذار.
فالجواب من وجهين:
الأول: أنه لا يُسلَّم أن للكسوف تأثيرا في الحوادث والعقوبات، من الجدب والقحط والحروب، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته” لا في ما مضى ولا في المستقبل، وإنما يخوف الله بهما العباد لعلهم يرجعون، وهذا أقرب.
الثاني: أنه لو سلمنا أن لهما تأثيرا; فإن النص قد دل على ذلك، وما دل عليه النص يجب القول به، لكن يكون خاصا به.
لكن الوجه الأول هو الأقرب: أننا لا نسلم أصلا أن لهما تأثيرا في هذا; لأن الحديث لا يقتضيه; فالحديث ينص على التخويف، والمخوف هو الله تعالى، والمخوف عقوبته، ولا أثر للكسوف في ذلك، وإنما هو علامة فقط.
الثاني: علم التسيير. وهذا ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية; فهذا مطلوب، وإذا كان يعين على مصالح دينية واجبة كان تعلمها واجبا، كما لو أراد أن يستدل بالنجوم على جهة القبلة; فالنجم الفلاني يكون ثلث الليل قبلة، والنجم الفلاني يكون ربع الليل قبلة; فهذا فيه فائدة عظيمة.
الثاني: أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية; فهذا لا بأس به، وهو نوعان:
النوع الأول: أن يستدل بها على الجهات; كمعرفة أن القطب يقع شمالا، والجدي وهو قريب منه يدور حوله شمالا، وهكذا; فهذا جائز، قال تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [سورة النحل: الآية 16].
النوع الثاني: أن يستدل بها على الفصول، وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر; فهذا كرهه بعض السلف، وأباحه آخرون.
والذين كرهوه قالوا: يخشى إذا قيل: طلع النجم الفلاني; فهو وقت الشتاء أو الصيف: أن بعض العامة يعتقد أنه هو الذي يأتي بالبرد أو بالحر أو بالرياح.
والصحيح عدم الكراهة…….
ثم قال : “وكره قتادة تعلم منازل القمر”: أي: كراهة تحريم؛ بناء على أن الكراهة في كلام السلف يراد بها التحريم غالبا.
وقوله: “تعلم منازل القمر” يحتمل أمرين:
الأول: أن المراد به معرفة منزلة القمر، فالليلة يكون في الشرطين، ويكون في الإكليل، فالمراد معرفة منازل القمر كل ليلة; لأن كل ليلة له منزلة حتى يتم ثمانيا وعشرين، وفي تسع وعشرين وثلاثين لا يظهر في الغالب.
الثاني: أن المراد به تعلم منازل النجوم; أي: يخرج النجم الفلاني في اليوم الفلاني، وهذه النجوم جعلها الله أوقاتا للفصول; لأنها [28] نجما، منها [ 14] يمانية و [14] شمالية; فإذا حلت الشمس في المنازل الشمالية صار الحر، وإذا حلت في الجنوبية صار البرد، ولذلك كان من علامة دنو البرد خروج سهيل، وهو من النجوم اليمانية.
قوله: “ولم يرخص فيه ابن عيينة”: هو سفيان بن عيينة المعروف، وهذا يوافق قول قتادة بالكراهة.
قوله: “ذكره حرب”: من أصحاب أحمد، روى عنه مسائل كثيرة.
قوله: “إسحاق”: هو إسحاق بن راهويه.
والصحيح أنه لا بأس بتعلم منازل القمر; لأنه لا شرك فيها; إلا إن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصوله البرد، وأنها هي الجالبة لذلك; فهذا نوع من الشرك، أما مجرد معرفة الوقت بها: هل هو الربيع، أو الخريف، أو الشتاء; فهذا لا بأس به.انتهي
ومرة قال :وذكر التقسيم السابق :
والعرب في الجاهلية يتشاءمون بالأنواء ويتفاءلون بها، فبعض النجوم يقولون: هذا نجم نحس لا خير فيه، وبعضها بالعكس يقولون: هذا نجم سعود وخير، ولهذا إذا أمطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا، ولا يقولون: مطرنا بفضل الله ورحمته، مع أن النجم ليس سبباً للمطر، ألسنا نجد هذا النوء بعينه سنة يكون فيه مطر وفي سنة أخرى لا يكون فيه مطر؟! ونجد السنوات تمر بدون مطر مع وجود النجوم الموسمية التي كانت كثيراً ما يكون في زمنها الأمطار، فالنوء لا تأثير له فقولنا: طلع هذا النجم كقولنا: طلعت الشمس فليس له إلا طلوع وغروب، والنوء وقت تقدير وهو يدل على دخول الفصول فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني.
فيه دليل على أن النبي ﷺلا يعلم الغيب وأن ذلك من أختصاص الرب عزوجل.
فيه أن الناس ينقسمون إلى قسمين، مؤمن وكافر.
فيه حرص النبيﷺعلى تعليم الناس وخاصة فيما يتعلق بنواقض الإيمان.
فيه أسلوب من أساليب التعليم، وهي طريقة السؤال، وذلك لشد الانتباه.
قلت سيف بن دورة : ومنه طرح سؤال لا يعرفه المسؤول . أما ابن حجر فنقل عن بعضهم أن هذا الحديث دليل على أن للولي المتمكن من النظر في الإشارة أن يأخذ منها عبارات ينسبها إلى الله تعالى ، وتعقبه ابن باز في حاشيته على الفتح قال : هذا خطأ وتقول على الله بغير علم، فلا يجوز لمسلم أن يتعاطى ذلك بل عليه أن يقول اذا سئل عما لا يعلم : الله أعلم. انتهى
فيه أدب الصحابة.
فيه إثبات السلام لله عزوجل.
فيه أن المطر محض فضل الله ورحمته.
فيه بيان قوة فقه البخاري.
فيه خطورة إرخاء العنان للسان، وعدم المبالاة بما يخرج منه، فهذه كلمة كانت سبباً للكفر.
دلَّت هذه الأحاديث على أنه قد يطلق الكفر وليس المراد به الكفر المخرج من الملة، وإنما أريد به التغليظ والتشديد في الوعيد والتشبيه له بالكفار
مشاركة أحمد بن علي :
فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحين الحديث بالموعظة عند وجود السبب.
فيه دليل على إطلاق السماء على المطر.
فيه أنه ينبغي للمعلم أن يعرض العلم على
السامع بصيغة الاستفهام ليكون ذلك أحضر لقلبه.
فيه أنه ينبغي أن يقول القائل في الشيئ لا يعلمه الله ورسوله أعلم، وهذا في الأمور الشرعية، أما الأمور الكونية فبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يعلمها.
فيه أن نسبة النعمة إلى غير مسديها ومجديها كفر بالنعمة.
فيه أن الكافر يكون عبدا لله لكن بالمعنى العام فإن الخلق كلهم عباد الله كما قال الله تعالى: “إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ” العثيمين
—–
مشاركة سيف بن دورة الكعبي :
وهذا بحث لبعض الأخوة اليمانيين :
* رتب العرب تسمية المطر على النحو الآتي: أول المطر رش وطش، ثم طل ورذاذ، ثم نضح ونضخ، وهو قطر بين قطرين، ثم هطل وتَهتان، ثم وابل وجَوْد.
والتهتان : مطر ساعة.
* والمطر رحمة ونعمة من الله جلّ وعلا:
1 – قال تعالى: ((وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ)) البقرة (22).
2 – وقال تعالى: ((وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ)) فصلت (39).
3 – وقال تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)) الشورى (28).
4 – وقال تعالى: ((وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)) الجن (16).
* وأحياناً يكون المطر نقمة وغضباً من الله:
1 – قال تعالى: ((قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ َلا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّه)) هود (43).
2 – وقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خلالهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ)) النور (43).
3 – وقال تعالى: ((فَكلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا)) العنكبوت (40).
4 – وقال تعالى: ((فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ)) سبأ: من الآية (16).
* الأسباب الجالبة للمطر:
1 – تقوى الله، قال الله تعالى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاء والأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) الأعراف: (96).
2 – الاستغفار، قال تعالى عن نوح: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً)) نوح: (10 – 11).
3 – الاستقامة، قال تعالى: ((وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَة لأسقَينَاهُم مَاءً غَدَقاً)) الجن: (16).
4 – صلاة الاستسقاء، لحديث عبدالله بن زيد الأنصاري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه) متفق عليه.
5 – الدعاء أثناء الخطبة، لحديث أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل يغيثنا، فرفع يديه، ثم قال: ((اللهم أغثنا اللهم أغثنا)) متفق عليه.
* جعل الله في المطر فوائد عدة، منها:-
1 – سبب لوجود الرزق لقوله تعالى: ((وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ)) البقرة (22).
2 – إحياء الأرض لقوله تعالى: ((وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)) البقرة: (164).
3 – مطهِّر لقوله: ((وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ)) الأنفال: (11).
4 – يستفاد منه للشرب وسقي الزرع لقوله: ((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ)) النحل
5 – التأمل في خلق الله والتفكر في آيات الله من السحاب المطبق ومن تحمله لتلك البحار العظيمة في جوفه وما فيها من الجبال من البرد، وكيفية نزول المطر على شكل قطرات، ونحو ذلك فإن ذلك يزيد من الإيمان. انتهي
قال ابن رجب في التفسير:
قال ابنُ عبدِ البرِّ : النوءُ في كلامِ العربِ : واحدُ أنْواءِ النجومِ ، وبعضُهم
يجعلُه الطالعَ ، وأكثرهُم يجعلُه الساقطَ ، وقد تسمَّى منازلُ القمرِ كلُّها أنواءً ، وهي ثمانية وعشرونَ.
وقال الخطابيُّ ، النوْءُ واحدُ الأنواءِ ، وهي الكواكبُ الثمانيةُ والعشرونَ التي
هي منازلُ القمرِ ، كانوا يزعمونَ أنَّ القمرَ إذا نزل ببعضِ تلكَ الكواكبِ
مُطِروا ، فجعل النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – سقوطَ المطرِ من فعلِ اللَّهِ دونَ غيرِه ، وأبطل قولَهم. انتهى.
وقال غيرُه : هذه الثمانيةُ وعشرونَ منزلاً تطلعُ كلَّ ثلاثةَ عشرَ يومًا منزلَ
صلاةِ الغداةِ بالمشرقِ ، فإذا طلعَ رقيبُه منَ المغربِ ؛ فسمِّيت أنواءً لهذا المعنى.
وهو من الأضدادِ ، يقال : ناءَ إذا طلعَ ، وناء إذا غربَ ، وناءَ فلان إذا قربَ ، وناء إذا بعدَ.
وقد أجرى اللَّهُ العادة بِمَجيء المطر عند طلوع كلِّ منزلٍ منها ، كما أجرى
العادة بِمجيءِ الحرِّ في الصيف ، والبردِ في الشتاءِ.
فإضافةُ نزولِ الغيثِ إلى الأنْواءِ ، إنِ اعتقدَ أنَّ الأنواءَ هي الفاعلةُ لذلك.
المدبرةُ له دونَ اللَّهِ عز وجل ، فقد كفرَ باللَّهِ ، وأشركَ به كفرًا ينقله عن ملةِ
الإسلامِ ، ويصيرُ بذلك مرتدا ، حكمُه حكمُ المرتدينَ عن الإسلامِ ، إن كان
قبل ذلك مسلمًا.
وإن لم يعتقدْ ذلكَ ، فظاهرُ الحديثِ يدلُّ على أنه كفرُ نعمةِ اللَّهِ.
وقد سبقَ عنِ ابنِ عباس ، أنه جعلَه كفرًا بنعمة اللَّهِ عزَّ وجلَّ.
وقد ذكرنا في “كتابِ الإيمان ” أن الكفرَ كفرانِ : …
وقال : وكره مالكٌ أن يقول الرجلُ للغيم والسحابة : ما أخلقَها للمطرِ.
قال : وهذا يدل على أن القومَ احتاطُوا ، فمنعوا الناسَ منَ الكلامِ بما فيه أدنى متعلَّق مِن كلامِ الجاهليةِ في قولِهم : مُطرنا بنوءِ كذا وكذا. انتهى.
واختلف الناسُ في قول القائل : “مُطِرنْا بنوْءِ كذا وكذا” مِن غيرِ اعتقادِ
أهلِ الجاهليةِ : هو هو مكرُوه ، أو محرَّمٌ ؟على قولين…. انتهى
وفي فتاوى اللجنة الدائمة :
السؤال السادس من الفتوى رقم ( 3543 ) :
س6: ما حكم الذين يتوقتون بالنجوم مثل يقول شخص: إذا كان هذا النجم في هذا المكان فإنه سوف تأتي أمطار غزيرة.
ج6: بناء الأحكام على مواقيت النجوم كما في السؤال لا يجوز، وهذا القائل إما أن يعتقد أن له تأثيرا في إنزال المطر فهذا شرك وكفر، وإما أن يعتقد أن المؤثر هو الله وحده ولكنه أجرى العادة بوجودها عند سقوط ذلك النجم فهذا محرم، فلا يجوز للعبد أن يثبت ما هو من خصائص الله إلى كائن مسخر لا على سبيل الحقيقة ولا على سبيل المجاز، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: « أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت » . الحديث
-الدعوة للتوحيد في كل وقت .
– قول الذكر الوارد في حديث زيد بن خالد كما في الصحيحين (مطرنا بفضل الله ورحمته)
وهو من السنن المنسية.
– فيه الثناء على الله عز وجل :
حريٌ بنا أن نشكر الله على نعمة المطر ولا ننسب نزوله إلى غير الله، ، قال الإمام الشافعي في (الأم): من قال: (مُطرنا بنوء كذا وكذا) على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى مطر نوء كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال (مطرنا بنوء كذا) بمعنى مُطرنا في وقت كذا، فلا يكون كافراً وغيره من الكلام أحبُّ إليّ منه. اهـ.
* وليس القحط بأن لا ينزل علينا المطر، وإنما القحط الحقيقي بأن ينزل علينا المطر ولكن لا نستفيد منه كما قال صلى الله عليه وسلم : (( ليست السَّنةُ بأن لا تمطروا، ولكن السنة أن تُمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً)) رواه مسلم عن أبي هريرة.
* والمطر في المنام إذا لم يحصل منه ضرر فإنه خير ورزق ورحمة وحياة الإنسان والأرض، وإن كان المطر عاماً مؤذياً أو كانت السماء تمطر دماً أو حجارة فإنه يدل على الذنوب والمعاصي.
– يقول العلامة الشيخ حافظ أحمد حكمي رحمه الله:
والمقصود أنّ أكثر شرك الأمم التي بعث الله إليها رسله وأنزل كتبه، غالبهم إنما أشرك في الإلهية، ولم يُذكر جحود الصانع إلا عن الدهرية والثنوية، وأما غيرهم ممن جحدها عناداً كفرعون ونمرود وأضرابهم، فهم مقرون بالربوبية باطناً كما قدمنا،وقال الله عز وجل عنهم: “وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً ” النمل 14، وبقية المشركين يقروون بالربوبية باطناً وظاهراً، كما صرح بذلك القرآن فيما قدمنا من الآيات وغيرها،مع أنّ الشرك في الربوبية لازم لهم من جهة إشراكهم في الإلهية وكذا في الأسماء والصفات؛ إذ أنواع التوحيد متلازمة لا ينفك نوع منها عن الآخر،وهكذا أضدادها فمن ضادّ نوعاً من أنواع التوحيد بشيء من الشرك فقد أشرك في الباقي، مثال ذلك: في هذا الزمن عُبّاد القبور، إذا قال أحدهم يا شيخ فلان لذلك المقبور، أغثني أو افعل لي كذا ونحو ذلك…. معارج القبول 1/ 279. وقرر الشيخ أن هذا شرك في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
وفي بعض شروح كتاب مسائل الجاهليه :
المسألة:
_ أنهم يجعلون لله شركاء في الملك:
وذلك في عبادتهم لغير الله عزوجل , واستغاثتهم ودعائهم بغير الله سبحانه وتعالى , وجعلوا لله مشاركا في ملكه , وهذا من جملة ما وقعوا فيه في الشرك:
والشرك يكون في ثلاثة:
1_ الربوبية:
2_ الألوهية: وهو شرك العرب , لكنهم وقعوا في بعض الشرك في جانب الربوبية , كنسبتهم المطر لغير الله عزوجل
كذلك تعليقهم للتمائم! كذلك السحر الذي وقعوا فيه. ”
والإشراك في ملكه -يتعلق بالربوبية -!
وذكر في هذا الكتاب مسائل أخرى
-يقول ابن عبد البر: “فإن المعتقد أن النوء هو الموجب لنزول الماء، وهو المنشئ للسحاب، دون الله عز وجل، فذلك كافر كفراً صريحاً، يجب استتابته عليه، وقتله، لنبذه الإسلام، ورده القرآن” (17) .
وقال ابن عباس وغيره من السلف في قول الله عز وجل “وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ” [الواقعة:82]: هو الاستمطار بالأنواء (18).
فهذه الآية بيان أن ما أصاب العباد من خير فلا ينبغي أن يروه من قبل الوسائط التي جرت العادة بأن تكن أسباباً، بل ينبغي أن يروه من قبل الله تعالى، ثم يقابلونه بشكر إن كان نعمة، أو صبر إن كان مكروهاً، تعبداً له وتذللاً (19) .
وقد نبه الباري سبحانه على هذا المعنى في آيات كثيرة من كتابه، فمن ذلك قوله عز وجل: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ” [فاطر:3].
وقد بين العلماء أن المحذور في ذلك هو إضافة نزول المطر إلى تلك الأسباب، أما لو جرت العادة بنزول المطر عند نوء من الأنواء، فاستبشر أحد لنزوله عند ذلك النوء، على معنى أن العادة جارية به، وأن ذلك النوء لا تأثير له في نزول المطر، ولا هو فاعل له ولا أثر له فيه، وأن المنفرد بإنزاله هو الله تعالى، لما كفر بذلك, وكذا لو استبشر منتظر المطر إذا رأى الريح التي جرت عادة ذلك البلد أن يمطروا بها، مع اعتقاده أن الريح لا تأثير لها في ذلك، ولا فعل ولا سبب، وإنما الله تعالى هو المنزل للغيث، وقد أجرى العادات بإنزاله عند أحوال يريها عباده (20)
يقول أبو بكر الجصاص (22): وأما دلالة إنزاله الماء على توحيده فمن قبل إمساكه في السحاب غير سائل منه، حتى ينقله إلى المواضع التي يريدها بالرياح المسخرة لنقله فيه، أدل دليل على توحيده وقدرته , فجعل السحاب مركباً للماء، والرياح مركباً للسحاب، حتى تسوقه من موضع إلى موضع، ليعم نفعه لسائر خلقه، كما قال تعالى: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ” [السجدة:27]، ثم أنزل ذلك الماء قطرة قطرة وإلا لكان يكون كما وصف الله تعالى من حال الطوفان في نزول الماء من السماء في قوله تعالى: “فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ” [القمر:11]، انتهى باختصار
-في الحديث تسمية المناطق بأشياء مشهورة في المكان .
– الاسم لواحد له معاني عديده فالسماء اسم للمطر ؛ لأنه ينزل من العلو .
– من أقسام الحديث : الحديث القدسي.
– اثبات الكلام لله عزوجل . قال ابن رجب في شرح الحديث :وهي تدلُّ على أن اللَّه تعالى يتكلَّمُ بمشيئَتِه واختيارِه.
كما قالَ الإمامُ أحمدُ : لم يزلِ اللَّهُ متكلِّمًا إذا شاءَ.
– الكافر يسمى عبد ؛ لأنه تحت تصرف الله وقهره . ولا يدخل إذا أطلق ويراد به المعنى الأخص كما في قوله تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )
-الحديث فيه النهي عن ما يخل بالعقيدة ، ومما ورد من المنهيات التي تخل بالعقيدة :
1 – النَّهْيُ عن الذبح لغير الله
2 – النَّهْيُ عن تعليق التميمة لجلب نفع أو دفع ضُرّ
3 – النَّهْيُ عن وضع خرقة أو خيط في الأعناق لاتقاء العَيْن
7 – النَّهْيُ عن قَوْلِ مُطرنا بنوء كذا
وأوصلها باحث إلى 27.
27 – النَّهْيُ عن تعبيد الأسماء لغير الله
وراجع لها كتاب التوحيد وشروحاته
=======
بَابُ: لاَ يَدْرِي مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ إِلَّا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ»
1039 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مِفْتَاحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ، وَلاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الأَرْحَامِ، وَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ ”
—–
مشاركة عبدالله الديني :
– قال الزجاج : فمن ادعى علم شيء منها ، فقد كفر بالقرآن العظيم .
– المفتاح – بكسر الميم – وفي رواية : مفاتح أي : خزائن الغيب ، جمع مفتح – بفتح الميم –
وهو المخزن ، أو المراد : ما يتوصل به إلى المغيبات.
والمعنى : أنه موصل إلى المغيبات ، المحيط علمه بها ، لا يعلمها إلا هو ، فيعلم أوقاتها ، وما في تعجيلها وتأخيرها من الحكم ، فيظهرها على ما اقتضته حكمته ، وتعلقت به مشيئته .
[ عون الباري (324/3 ) ]
——
مشاركة سيف بن غدير :
العلم بتوقيت المطر غيب لا يعلمه إلا الله، قال الله جل وعلا: ((إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) لقمان (34).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((في خمس لا يعلمهن إلا الله: ((إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام)) متفق عليه.
—–
قلت سيف بن دورة :
قال ابن حجر : سيأتي شرح هذا الحديث إن شاء الله في تفسير سورة لقمان. انتهى
لكن يمكن أن نتعرض هنا إلى ما يسمى التلقيح الاصطناعي للسحاب ، فنقول :
الأصل في مثل هذا العمل هو الجواز والإباحة، مع أنه إلى الآن لم يثبت نجاحه وتكاليفه باهضة إلا أن هذا العمل قد يقترن به بعض المحاذير التي لا بد من التنبيه عليها، ومن ذلك مثلاً اعتقاد من يقوم بهذا العمل، أو غيرهم من عموم الناس أن المطر وجد بهذه الأسباب ولولاها لم يوجد، مع أن هذا لا يتنافى مع النصوص، فقد قال بعض العلماء في فتوى له :
تكاثُف بُخار الماء الموجود في السحاب وفي الجو عامّة يحدث لعواملَ، فينزل المطر أو النّدى، وليس في ذلك مشاركة لقوله تعالى (ويُنزّلُ الغَيثَ) (لقمان: 34) لأن تكوُّن السحاب وامتلاء الجو ببخار الماء على هذا النطاق الواسع هو صنع الله بالوسائط الذي خلقها، فهو الخالق للبخار ولحرارة الشمس والمتحكم في برودة الجو، وكذلك في الرياح وسوقها للسحاب وبقدرته أن يتحكم فيها فلا تنتج أثرًا، كما قال سبحانه: (ألَمْ تَرَ أنَّ الله يُزجِي سَحابًا ثم يؤلِّف بينَه ثم يجعلُه رُكامًا فترى الوَدْقَ يَخرُج من خِلاله وينزِّل من السَّماء من جِبالٍ فيها من بَرَدٍ فيُصيب بِهِ مَنْ يَشاء ويصرِفه عَمَّن يشاء) (سورة النور: 43).
إن العمليات التي يحاول بها بعض الناس إسقاط المطر من السّحاب لها نظائر في نطاق ضيق، في عمليات فصل الملح عن الماء ليصير عذبًا، فهي تدور على التبخير والتكثيف، ومع ذلك فالمحاولات لا تغني، لأن كثيرًا من بلاد هؤلاء العلماء تشكو الجَفاف.
وقال بعض لجان الفتوى :
لا نعلم مانعا شرعيا يمنع من هذا، إلا أننا ننبه على أمرين:
الأول: أن أمر نزول المطر بيد الله، وما يحصل من أسباب البشر إنما حصل بإلهامه تعالى لهم، وإعطائهم الوسائل المساعدة.
الأمر الثاني: أنه يتعين مراجعة أهل الخبرة في البيئة والصحة حتى يتأكد أنه لا يوجد إضرار بالناس يحصل بسبب ما يستخدم من المواد الكيماوية.
ثم إننا ننبه على أن أفضل وسائل حصول المطر وسعة الرزق تقوى الله تعالى والاستغفار من الذنوب. انتهى