1557 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——
الصحيح المسند
1557 عن عائشة رضي الله عنها قالت : لم يقتل من نسائهم تعني بني قريظة إلا امرأة إنها لعندي تحدث تضحك ظهرا وبطنا . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالهم بالسيوف إذ هتف باسمها : أين فلانة ؟ قالت : أنا . قلت : وما شأنك ؟ قالت : حدث أحدثته . قالت : فانطلق بها فضربت عنقها ، فما أنسى عجبا منها ، إنها تضحك ظهرا وبطنا وقد علمت أنها تقتل
———‘——–‘——–
مشاركة عبدالله البلوشي ابي عيسى :
*قال العباد حفظه الله في شرح السنن:*
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنه لما كان قتل بني قريظة لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة.
قالت عائشة: [إنها لعندي تحدث تضحك ظهراً وبطناً].
قولها: [ظهراً وبطناً] معناه أنها في غاية الارتياح والسرور، ولعله كناية عن شدة ارتياحها وطمأنينتها وعدم حصول الألم والضجر منها، ولعل قولها: [ظهراً] معناه أنها من شدة الضحك قد تسقط على ظهرها كما يقال عن الشخص الذي استغرق في الضحك: إنه قد يذهب على قفاه من شدة ضحكه.
قولها: [إذ هتف هاتف] أي: نادى مناد باسمها [أين فلانة؟ قالت: أنا.
قلت: وما شأنك؟ قالت: حدث أحدثته] قيل: إن الحدث الذي أحدثته أنها كانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم.
فخرجت فقتلت، وكفى الله المسلمين لسانها، وذلك لأنها كانت تسب رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قولها: [فما أنسى عجباً منها أنها تضحك ظهراً وبطناً وقد علمت أنها تقتل!].
معناه أنها في غاية الارتياح والطمأنينة مع كون القتل موجوداً في رجالها، أما علمها بأنها ستقتل فقد تكون فهمت ذلك من كونها أتت بشيء يؤدي بها إلى الهلاك ويكون سبباً في هلاكها، وهو الحدث الذي أحدثته، وهو كونها كانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقولها: [إنها لعندي تحدث تضحك] معناه أنها تتكلم وتضحك مع حديثها.
_______
*قال البغوي رحمه الله في تفسيره:*
قال الواقدي: وكان اسم تلك المرأة شبابة (وفي طبعة نباتة)، امرأة الحكم القرظي وكانت قتلت خلاد بن سويد، رمت عليه رحًى فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فضرب عنقها بخلاد بن سويد.
_________
*قال الواقدي رحمه الله في المغازي:*
قالوا: وكانت امرأة من بني النضير يقال لها نباتة، وكانت تحت رجل من بني قريظة فكان يحبها وتحبه، فلما اشتد عليهم الحصار بكت إليه وقالت: إنك لمفارقي. فقال: هو والتوراة ما ترين، وأنت امرأة فدلي عليهم هذه الرحى، فإنا لم نقتل منهم أحدًا بعد، وأنت امرأة، وإن يظهر محمد علينا لا يقتل النساء. وإنما كان يكره أن تسبى، فأحب أن تقتل بجرمها. وكانت في حصن الزبير بن باطا، فدلت رحًى فوق الحصن، وكان المسلمون ربما جلسوا تحت الحصن يستظلون في فينه، فأطلعت الرحى، فلما رآها القوم انفضوا، وتدرك خلاد بن سويد فتشدخ رأسه، فحذر المسلمون أصل الحصن. فلما كان اليوم الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتلوا، دخلت على عائشة فجعلت تضحك ظهرًا لبطن وهي تقول: سراة بني قريظة يقتلون! إذ سمعت صوت قائل يقول:
يا نباتة. قالت: أنا والله التي أدعى. قالت عائشة: ولم؟ قالت:
قتلني زوجي- وكانت جاريةً حلوة الكلام. فقالت عائشة: وكيف قتلك زوجك؟ قالت: كنت في حصن الزبير بن باطا، فأمرني فدليت رحًى على أصحاب محمد فشدخت رأس رجل منهم فمات وأنا أقتل به. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فقتلت بخلاد بن سويد. قالت عائشة:
لا أنسى طيب نفس نباتة وكثرة ضحكها، وقد عرفت أنها تقتل. فكانت عائشة تقول: قتلت بنو قريظة يومهم حتى قتلوا بالليل على شعل السعف.
=====
مشاركة إبراهيم البلوشي :
هذا جواب لسؤال لبعض أهل الفتوى :
السؤال:
ما حكم قتل نساء وأطفال أعوان النظام، وخاصة من الطائفة النصيرية أثناء اقتحام قراهم؟ وهل يجوز معاملتهم بالمثل استدلالاً بقوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}؟ وما رأيكم بمن يستدل بكونهم مرتدين على جواز قتلهم دون استتابة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا ريب أن مقاومة هذا النظام المجرم والانتقام لهؤلاء الضحايا الأبرياء الذين يفتك بهم من أوجب الواجبات بكل وسيلة شرعية متاحة، إلا أن الواجب على المسلم التقيد بالضوابط الشرعية في ذلك، ومنها ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة من تحريم قصد نساء العدو وأطفاله بالقتل، إلا في حالات مخصوصة قام الدليل على استثنائها، وفيما يلي تفصيل المسألة:
أولاً: الأصل في النساء والأطفال أنَّهم ليسوا من أهل الحرب والقتال، فلا يجوز قتلهم، ولا الاعتداء عليهم، قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا} [البقرة: 190].
قال ابن جرير الطبري –رحمه الله- في “تفسيره”: “وَإِنَّمَا الِاعْتِدَاءُ الَّذِي نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ نَهْيُهُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، وَالذَّرَارِيِّ”. والذراري: هم الأبناء ” .
وعن ابْنِ عُمَرَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا_ قَالَ: (وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ) أخرجه البخاري ومسلم.
وفي حديث رباح بن الربيع عند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى امرأة مقتولة أنكر ذلك وقال: (مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ).
قال ابن عبد البر –رحمه الله- في “التمهيد”: ” وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَتْلُ نِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا أَطْفَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ يُقَاتِلُ فِي الْأَغْلَبِ”.
وقال النووي -رحمه الله- في “شرحه على صحيح مسلم”: “أجمع العلماء على تحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا”.
ثانيًا: دلت أقوال أهل العلم على استثناء ثلاث حالات فقط من منع القتل، كما يلي:
الحال الأولى: الاشتراك في القتال حقيقةً أو حُكماً، سواء بحمل السلاح، أو التحريض على القتال، أو التجسس لصالح المقاتلين، أو الإيقاع بالنساء المسلمات بما يؤدي لانتهاك أعراضهن أو قتلهن أو اعتقالهن.
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في الفتح عن قوله صلى الله عليه وسلم (مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ): “فإنَّ مفهومه أنَّها لو قاتلت لقُتلت”.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في “المغني”: ” وَمَنْ قَاتَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ النِّسَاءِ أَوْ الْمَشَايِخِ أَوْ الرُّهْبَانِ فِي الْمَعْرَكَةِ قُتِلَ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا”.
وقال الكاساني –رحمه الله- في “بدائع الصنائع”: ” وكذا لو حرَّض على القتال أو دلَّ على عورات المسلمين، أو كان الكفرة ينتفعون برأيه، أو كان مطاعًا، وإن كان امرأة أو صغيرًا, لوجود القتال من حيث المعنى”.
الحال الثانية: في حال التَّبييت والغارات الحربية إذا احتيج إليه؛ لعدم القدرة على التمييز بينهم وبين غيرهم من المقاتلين.
عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الذَّرَارِيِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ؟، فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ) أخرجه البخاري ومسلم.
قال الحافظ –رحمه الله- في “الفتح”: “ومعنى البيات المراد في الحديث: أن يُغار على الكفار بالليل، بحيث لا يُميَّز بين أفرادهم”.
قال الخطابي _رحمه الله_ في “معالم السنن”: ” يريد أنهم منهم في حكم الدين وإباحة الدم، وفيه بيان أن قتلهم في البيات وفي الحرب إذا لم يتميزوا من آبائهم وإذا لم يتوصلوا إلى الكبار إلاّ بالإتيان عليهم جائز “.
ويدخل في هذا : رميهم بما يعم كالصواريخ والقاذفات والقنابل وغيرها، في حالة الحصار، أو ضرب المقرات والثكنات، أو الرد على قصف القرى والبلدات بالمثل؛ لأنَّه لا يمكن التمييز بين المقاتلين وغيرهم في هذه الحالات.
قال ابن رشد –رحمه الله- في “بداية المجتهد”: “وَاتَّفَقَ عَوَّامُ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ رَمْيِ الْحُصُونِ بِالْمَجَانِيقِ، سَوَاءً كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ وَذُرِّيَّةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِمَا جَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ”.
الحالة الثالثة: إذا تَترَّس بهم العدو واتخذهم دروعاً بشرية بحيث لا يَقْدِرُ المسلمون على مهاجمته في ثكناته أو حصونه أو آلياته أو أثناء انسحابه إلا بقتل هؤلاء المُتَتَرس بهم، فيجوز للمجاهدين ضرب هؤلاء المجرمين وإن أدى ذلك إلى قتل النساء والأطفال، بغير خلاف بين الفقهاء، مع تحاشي قصد ضرب النساء والأطفال ما أمكن.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في “المغني”: “إِنْ تَتَرَّسُوا فِي الْحَرْبِ بِنِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ، جَازَ رَمْيُهُمْ، وَيَقْصِدُ الْمُقَاتِلَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَمَعَهُمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَلِأَنَّ كَفَّ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ، لِأَنَّهُمْ مَتَى عَلِمُوا ذَلِكَ تَتَرَّسُوا بِهِمْ عِنْدَ خَوْفِهِمْ فَيَنْقَطِعُ الْجِهَادُ “.
ثالثًا: لم نجد في كلام أهل العلم المتقدمين ما يدل على جواز قتل النساء والصبيان من باب المعاملة بالمثل، مع وجود الداعي له من كثرة الحروب والإجرام في حق المسلمين.
وأما الاستدلال بقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]، وقوله: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، على جواز قتلهم معاملةً بالمثل، فهو استدلال في غير محله، وذلك لأمور:
1_ أن المماثلة في العقوبة: مشروطة بكونها لا تشتمل على معصية.
قال الشوكاني –رحمه الله- في “نيل الأوطار”: “وقوله: (وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُكَافَأَةُ الْخَائِنِ بِمِثْلِ فِعْلِهِ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}، وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}.
وقال ابن قدامة –رحمه الله- في “المغني:” “وَإِنْ قَتَلَهُ بِمَا لَا يَحِلُّ لِعَيْنِهِ، مِثْلَ إنْ لَاطَ بِهِ فَقَتَلَهُ، أَوْ جَرَّعَهُ خَمْرًا أَوْ سَحَرَهُ، لَمْ يُقْتَلْ بِمِثْلِهِ اتِّفَاقًا، وَيَعْدِلُ إلَى الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ..”، ولا شك أن قتل النساء والأطفال معصية، لثبوت النهي عنه بإجماع العلماء.
2- أنَّ المماثلة في العقوبة تكون مع الجاني نفسه لا غيره، ولذلك استدل العلماء بهذه الآية على الاقتصاص من الجاني بمثل جنايته، ولا يراد منها الاعتداء على غير الجاني، فمن قتل مسلماً تغريقًا أو خنقاً أو بحجر قُتل بمثل فعله.
3- أن هذه الآيات هي نصوص عامة مخصصَّةٌ بما سبق من أدلة عدم قتل النساء والأطفال.
ورغم الغزوات التي خاضها المسلمون على مدى أربعة عشر قرنًا لم يُعرف لهم مخالف في ذلك، رغم ما تعرضوا من اعتداءات وانتهاكات ومجازر.
4- أنَّ قواعد ونصوص الشريعة دلت على أن المرء لا يجوز أن يُؤخذ بجريرة غيره، قال تعالى: { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وقال –صلى الله عليه وسلم- في حجَّة الوداع: (أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ) رواه الترمذي.
ونساء وأطفال الأعداء لا يجوز أن يؤاخذوا بجريرة وأوزار آبائهم.
رابعًا: وأما الاستدلال بكون النصيرية ” أهل ردة ” أو ” مرتدين ” على جواز قتل النساء والأطفال ، فيجاب عنه من وجوه:
1- أنَّ الصبي المرتد لا يجوز قتله عند عامة العلماء؛ لأنه ليس من أهل العقوبة.
قال أبو حامد الغزالي – في “فضائح الباطنية” عن النصيرية: “فإن قيل هَل يقتل صبيانهم وَنِسَاؤُهُمْ؟ قُلْنَا: أما الصّبيان فَلَا، فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخذ الصَّبِي …”.
وقال ابن قدامة –رحمه الله- في “المغني”: ” الصبي لا يُقتل، سواء قلنا بصحة ردته أو لم نقل؛ لأنَّ الغلام لا يجب عليه عقوبة، بدليل أنه لا يتعلق به حكم الزنا والسرقة في سائر الحدود، ولا يُقتل قصاصًا، فإذا بلغ فثبت على ردته ثبت حكم الردة حينئذ”.
2- أما قتل المرأة المرتدة:
أ- فهو من المسائل الخلافية بين العلماء، فمنهم من أجاز قتلها وهم الجمهور، ومنهم من منع من ذلك ، وهي من مسائل الاجتهاد التي يقرر فيها إمام المسلمين ما يراه مناسباً وفق المصلحة الشرعية.
قال أبو حامد الغزالي –رحمه الله- في “فضائح الباطنية” عن النصيرية: “فَإِن الْمُرْتَدَّة مقتولة عندنَا بِعُمُوم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من بدَّل دينه فَاقْتُلُوهُ)، نعم للْإِمَام أَن يتبع فِيهِ مُوجب اجْتِهَاده، فَإِن رأى أَن يسْلك فيهم مَسْلَك أبي حنيفَة ويكف عَن قتل النِّسَاء، فَالْمَسْأَلَة فِي مَحل الِاجْتِهَاد”.
ب- ومن قال بجواز قتلها قال بوجوب استتابتها، وهم جمهور أهل العلم، قال الماوردي –رحمه الله- في “الحاوي الكبير”: ” إِذَا ظُفِرَ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُ قَتْلِهِمْ قَبْلَ اسْتِتَابَتِهِمْ، فإن تابوا حقنوا دمائهم بِالتَّوْبَةِ ، وَوَجَبَ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِمْ “.
وقال ابن تيمية –رحمه الله- في “الصارم المسلول”: “والكافرة الحربية من النساء لا تُقتل إن لم تقاتل، والمرتدة لا تقتل حتى تستتاب”.
ج_ أن إقامة حكم الرِّدة من اختصاص الحاكم الشرعي، وليس لآحاد الناس تنفيذه حسب آرائهم وأهوائهم، وإلا انفتح باب من الشر يتعذر إغلاقه.
قال ابن الهمام –رحمه الله- في “فتح القدير”: “وقتل المرتد مطلقًا إلى الإمام عند عامة أهل العلم”.
وقال ابن مفلح في “المبدع”: ” وَلَا يَقْتُلُهُ إِلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ”.
وقال ابن قدامة المقدسي –رحمه الله- في “الكافي”: “ولا يقتله إلا الإمام؛ لأنه قتلٌ يجب لحق الله تعالى، فكان إلى الإمام”.
وعلى هذا جاءت أقوال أهل العلم في النصيرية؛ فإنَّه لم يُنقل عن أحد منهم أنه أفتى الجنود والعساكر الإسلامية بقتل نساء النصيرية دون إذن الحاكم.
وما سبق هو بناء على القول بردتهم، وإلا فمن أهل العلم من يرى أنهم في حكم الكفار الأصليين، وليس هذا مجال تفصيل ذلك. انتهى الجواب