مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله . ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا )
——
الصحيح المسند :
1599- قال الإمام أبو داود رحمه الله : حدثنا مسدد وموسى بن إسمعيل قالا حدثنا مهدي يعني ابن ميمون حدثنا أبو عثمان قال موسى وهو عمرو بن سلم الأنصاري عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام.
هذا حديث صحيح .
………………………..
مشاركة عبدالله الديني :
قال الذهبي في تنقيح التحقيق : رجح الدَّارَقُطْنِيّ وَقفه.
ضعف الحديث ابن القطان في بيان الوهم الايهام قال : وسكت عنه ، وهو ليس بصحيح ؛ فإنه من رواية مهدي بن ميمون – وهو ثقة – قال : حدثنا أبو عثمان : عمرو بن سالم الأنصاري ، عن القاسم ، عن عائشة . وأبو عثمان هذا / / لا تعرف حاله وإن كان قاضيا بمرو ، لم أجد ذكره في مظان وجوده من مصنفات الرجال الرواة ، وإنما الدارقطني لما ذكر هذا الحديث قال : قال أبو القاسم – يعني البغوي – : اسم أبي عثمان ، عمرو بن سالم ، وكان قاضي أهل مرو ، ورى عنه مطرف .اهــــــــــ
قال الشيخ الالباني في ” الإرواء ” (8/57) : و رجاله ثقات معروفون غير أبى عثمان هذا و اسمه عمرو , و يقال
: عمر ابن سالم و قد وثقه أبو داود و ابن حبان و روى عنه جماعة فالسند عندى
صحيح . اهــــ
—–
قال الشيخ عبدالمحسن العباد : فيدل على أن كل ما أسكر فهو حرام، والتحريم إنما هو لما يسكر كثيره، فيكون قليله تابعاً له من حيث الحرمة، بمعنى: أنه يحرم سداً للذريعة. إذاً: الحكم معلق ومنوط بالإسكار، والوصف الذي من أجله حرمت الخمر هو الإسكار، فالخمر إنما حرمت لحصول الإسكار فيها. ثم إن أبا داود رحمه الله عقد هذه الترجمة ليبين أن الحكم منوط بالإسكار، وأن المسكر حرام مطلقاً من أي شيء كان؛ لأن الحكم الذي هو التحريم أنيط بعلة الإسكار. اهــــ
قال ابن رجب في جامع العلوم : وقد احتج به أحمد وذهب إليه وسئل عمن قال إنه لا يصح فقال هذا رجل مغل يعني أنه قد غلا في مقالته .
وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم تحتج بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل مسكر حرام على تحريم جميع أنواع المسكرات ماكان موجودا منها على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وآله وسلم وما حدث بعده كما سئل ابن عباس عن الباذق فقال (سبق محمد صلى الله عليه و سلم الباذق فما أسكر فهو حرام ) خرجه البخاري يشير إلى أنه إن كان مسكرا فقد دخل في هذه الكلمة الجامعة العامة .
واعلم أن المسكر المزيل للعقل نوعان :
أحدهما : ما كان فيه لذة وطرب فهذا هو الخمر المحرم شربه . وفي المسند عن طلق الحنفي ( أنه كان جالسا عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال رجل يا رسول الله ما تري في شراب نصنعه بأرضنا من ثمارنا فقال صلى الله عليه و سلم من سائل عن المسكر فلا تشربه ولا تسقه أخاك المسلم فو الذي نفسي بيده أو بالذي يحلف به لا يشربه رجل ابتغاء لذة مسكرة فيسقيه الله الخمر يوم القيامة )
قلت سيف بن دورة : وصحح محققو المسند المرفوع . وقالوا عن هذا الحديث حسن .
قالت طائفة من العلماء وسواء كان هذا المسكر جامدا أو مائعا وسواء كان مطعوما أو مشروبا وسواء كان من حب أو تمر أو لبن أو غير ذلك وأدخلوا في ذلك الحشيشة التي تعمل من ورق العنب وغيرها مما يؤكل لأجل لذته وسكره وفي سنن أبي داود من حديث شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت (نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن كل مسكر ومفتر ) والمفتر هو المخدر للجسد وإن لم ينته إلى حد الإسكار .
قلت سيف بن دورة : لفظة ( مفتر ) انكرها الألباني على شهر كما في الضعيفة 10/278
والثاني : ما يزيل العقل ويسكره لا للذة فيه ولا طرب كالبنج ونحوه فقال أصحابنا إن تناوله لحاجة التداوي وكان الغالب منه السلامة جاز وقد روى عن عروة بن الزبير : لما وقعت الأكلة في رجله وأرادوا قطعها قال له الأطباء نسقيك دواءا حتى يغيب عقلك ولا تحس بألم القطع فأبي وقال ما ظننت أن خلقا يشرب شرابا يزول منه عقله حتى لا يعرف ربه وروى عنه أنه قال لا أشرب شيئا يحول بيني وبين ذكر ربي عز و جل .
وإن تناول ذلك لغير حاجة التداوي فقال أكثر أصحابنا كالقاضي وابن عقيل وصاحب المغني إنه محرم ؛ لأنه سبب إلى إزالة العقل لغير حاجة فحرم شرب المسكر وروى حبيش الرحبي وفيه ضعف عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا : فقد أتي بابا من أبواب الكبائر .
وقالت طائفة منهم ابن عقيل في فنونه : لا يحرم ذلك لأنه لا لذة فيه والخمر إنما حرمت لما فيها من الشدة المطربة ولا اطراب في البنج ونحوه ولا شدة فعلى قول الأكثرين لو تناول ذلك لغير حاجة وسكر به فطلَّق فحكم طلاقه حكم طلاق السكران قاله أكثر أصحابنا كابن حامد والقاضي وأصحاب الشافعي وقالت الحنفية : لا يقع طلاقه وعللوا بأنه ليس فيه لذة وهذا يدل على أنهم لم يحرموه وقالت الشافعية : هو محرم وفي وقوع الطلاق معه وجهان وظاهر كلام أحمد أنه لايقع طلاقه بخلاف السكران وتأوله القاضي وقال إنما قال ذلك إلزاما للحنفية لا اعتقادا له وسياق كلامه محتمل لذلك .
——-
مشاركة عبدالله البلوشي أبي عيسى :
ترجم البخاري رحمه الله في كتاب الأشربة من صحيحه،
باب : الخمر من العنب
ثم ترجم بعد هذا الباب،
باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر
*قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (باختصار شديد):*
( قـوله باب الخمر من العنب)
وغيره كذا في شرح بن بطال ولم أر لفظ وغيره في شيء من نسخ الصحيح ولا المستخرجات ولا الشروح سواه
قال ابن المنير غرض البخاري الرد على الكوفيين إذ فرقوا بين ماء العنب وغيره فلم يحرموا من غيره إلا القدر المسكر خاصة وزعموا أن الخمر ماء العنب خاصة
قال لكن في استدلاله بقول ابن عمر يعني الذي أورده في الباب حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء على أن الأنبذة التي كانت يومئذ تسمى خمرا نظر بل هو بأن يدل على أن الخمر من العنب خاصة أجدر لأنه قال وما منها بالمدينة شيء يعني الخمر وقد كانت الأنبذة من غير العنب موجودة حينئذ بالمدينة فدل على أن الأنبذة ليست خمرا إلا أن يقال أن كلام ابن عمر يتنزل على جواب قول من قال لا خمر إلا من العنب فيقال قد حرمت الخمر وما بالمدينة من خمر العنب شيء بل كان الموجود بها من الأشربة ما يصنع من البسر والتمر ونحو ذلك وفهم الصحابة من تحريم الخمر تحريم ذلك كله ولولا ذلك ما بادروا إلى إراقتها.
قلت ويحتمل أن يكون مراد البخاري بهذه الترجمة وما بعدها أن الخمر يطلق على ما يتخذ من عصير العنب ويطلق على نبيذ البسر والتمر ويطلق على ما يتخذ من العسل فعقد لكل واحد منها بابا ولم يرد حصر التسمية في العنب بدليل ما أورده بعده ويحتمل أن يريد بالترجمة الأولى الحقيقة وبما عداها المجاز والأول أظهر من تصرفه وحاصله أنه أراد بيان الأشياء التي وردت فيها الأخبار على شرطه لما يتخذ منه الخمر فبدأ بالعنب لكونه المتفق عليه ثم أردفه بالبسر والتمر والحديث الذي أورده فيه عن أنس ظاهر في المراد جدا ثم ثلث بالعسل إشارة إلى أن ذلك لا يختص بالتمر والبسر ثم أتى بترجمة عامة لذلك وغيره وهي الخمر ما خامر العقل والله أعلم وفيه إشارة إلى ضعف الحديث الذي جاء عن أبي هريرة مرفوعا الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة أو أنه ليس المراد به الحصر فيهما والمجمع على تحريمه عصير العنب إذا اشتد فإنه يحرم تناول قليله وكثيره بالاتفاق وحكى بن قتيبة عن قوم من مجان أهل الكلام أن النهي عنها للكراهة وهو قول مهجور لا يلتفت إلى قائله
وحكى أبو جعفر النحاس عن قوم أن الحرام ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه ليس بحرام قال وهذا عظيم من القول يلزم منه القول بحل كل شيء اختلف في تحريمه ولو كان مستند الخلاف واهيا
ونقل الطحاوي في اختلاف العلماء عن أبي حنيفة الخمر حرام قليلها وكثيرها والسكر من غيرها حرام وليس كتحريم الخمر والنبيذ المطبوخ لا بأس به من أي شيء كان وإنما يحرم منه القدر الذي يسكر وعن أبي يوسف لا بأس بالنقيع من كل شيء وإن غلا إلا الزبيب والتمر
قال وكذا حكاه محمد عن أبي حنيفة وعن محمد ما أسكر كثيره فأحب إلي أن لا أشربه ولا أحرمه.
وقال الثوري أكره نقيع التمر ونقيع الزبيب إذا غلي ونقيع العسل لا بأس به
______
*قال العباد حفظه الله في شرح السنن:*
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام) والفرق هو: مكيال يتسع لشيء كثير.
وقوله: (فملء الكف منه حرام) هذا كقوله: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) وهنا ذكر هذا المكيال الذي يدل على الكثرة فهو من جنس ما تقدم في قوله: (وما أسكر كثيره فقليله حرام).
______
*قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار:*
قوله: (الفرق) بفتح الراء وسكونها والفتح أشهر وهو مكيال يسع ستة عشر رطلًا، وقيل هو بفتح الراء كذلك، فإذا سكنت فهو مائة وعشرون رطلًا قوله: (فملء الكف منه حرام) في رواية الإمام أحمد في الأشربة بلفظ ” فالأوقية منه حرام ” وذكره ملء الكف أو الأوقية في الحديث على سبيل التمثيل، وإنما العبرة بأن التمثيل شامل للقطرة ونحوها قوله: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) قال ابن رسلان في شرح السنن: أجمع المسلمون على وجوب الحد على شاربها سواء شرب قليلًا أو كثيرًا ولو قطرةً واحدةً.
________
*قال الأثيوبي حفظه الله في الذخيرة:*
قَالَ: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) أي ما يحصل السكر بشرب كثيره، فإن القليل منه حرام، وإن كَانَ قليله غير مسكر. قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: وبه أخذ الجمهور، وعليه الاعتماد عند علمائنا الحنفية، والاعتماد عَلَى القول بأن المحرّم هو الشربة المسكرة، وما كَانَ قبلها فحلالٌ، قد ردّه المحقّقون، كما ردّه المصنّف رحمه الله تعالى. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا إنصاف منْ السنديّ الحنفيّ رحمه الله تعالى، حيث اتّبع الدليل مع مخالفة أهل مذهبه، كما ألمح إليه فِي هَذَا الكلام، لكن قوله: وعليه الاعتماد عند علمائنا الحنفيّة،
يريد المنصفين مثله، وإلا فالحنفيّة لا يقولون بهذا، حَتَّى المنتسبون إلى الْحَدِيث، كالطحاويّ، وَقَدْ حالوا فِي تأويل الأحاديث الصحيحة الكثيرة، كحديث: “ما أسكر كثيره، فقليله حرام” بتأويلات واهية، وَقَدْ مرّ قريباً نسفها، وتذريها حَتَّى صارت هباء منثورًا.
قَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى -بعد أن فند مذهب القائلين بأن الخمر لا تكون إلا منْ العنب، وأن الحق أنها تطلق عَلَى كل ما أسكر منْ أيّ نوع كَانَ-: ما نصه: وإذا ثبت أن كلّ ذلك يقال عليه خمر، فليزمه تحريم قليله وكثيره، ولا يحلّ شيء منه تمسّكًا بتحريم مسمّى الخمر، ولا مخصّص، ولا مفصل يصحّ فِي ذلك، بل قد وردت الأحاديث الصحيحة، والحسان بالنصّ عَلَى أن ما حُرّم كثيره، حرّم قليله.
رَوَى الترمذيّ منْ حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما أسكر كثيره، فقليله حرام”، قَالَ: هَذَا حديث حسنٌ غريب. وروى أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “كل مسكر حرام، وما أسكر منه الْفَرَق، فملء الكفّ منه حرام”، وإسناده صحيح.
وأما الأحاديث التي تمسك بها المخالف، فلا يصحّ شيء منها عَلَى ما قد بيّن عِلَلَها المحدّثون فِي كتبهم، وليس فِي الصحاح شيء منها. ثم العجب منْ المخالفين فِي هذه المسألة، فإنهم قالوا: إن القليل منْ الخمر المعتصر منْ العنب حرام ككثيره، وهو مجمع عليه، فإذا قيل لهم: فلم حُرّم القليل منْ الخمر، وليس مذهبًا للعقل؟ فلابدّ أن يقال: لأنه داعية إلى الكثير، أو للتعبد، فحينئذ يقال لهم: كلُّ ما قدّرتموه فِي قليل الخمر هو بعينه موجود فِي قليل النبيذ، فيحرُم أيضًا، إذ لا فارق بينهما، إلا مجرد الاسم، إذا سُلّم ذلك.
وهذا القياس أرفع أنواع القياس؛ لأن الْفَرَع فيه مساو للأصل فِي جميع أوصافه، وهذا كما نقوله فِي قياس الأمة عَلَى العبد فِي سراية العتق.
ثم العجب منْ أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه، فإنهم يتوغّلون فِي القياس، ويُرجّحونه عَلَى أخبار الآحاد، ومع ذلك، فقد تركوا هَذَا القياس الجليّ المعضود بالكتاب والسنّة، وإجماع صدر الأمة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى “المفهم” 5/ 252 – 253.
قلت سيف بن دورة : حديث الخمر من هاتين الشجرتين . أخرجه مسلم وراجع الصحيحة 3159
——–
مشاركة سيف بن دورة :
في مسند أحمد
12099 – حدثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت المختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن الشرب في الأوعية، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزفتة، وقال: ” كل مسكر حرام “، قال: قلت: وما المزفتة؟ قال: ” المقيرة “. قال: قلت: فالرصاص والقارورة؟ قال: ” ما بأس بهما ” قال: قلت: فإن ناسا يكرهونهما، قال: ” دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن كل مسكر حرام “. قال: قلت له: صدقت السكر حرام، فالشربة والشربتان، على طعامنا. قال: ” ما أسكر كثيره، فقليله حرام ” ، وقال: ” الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة، فما خمرت من ذلك فهي الخمر ”
قلت سيف : هو على شرط الذيل على الصحيح المسند
قال ابن رجب إسناد على شرط مسلم وكذا ابن حجر وهو في المقصد في زوائد أحمد
وأورده البزار موقوفا على أنس الكشف 2920 وإسناده حسن ولا يعل المرفوع
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( ٢٩/ ٣٤٢):
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ جَمَعَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أُوتِيَهُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ كُلَّ مَا غَطَّى الْعَقْلَ وَأَسْكَرَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ نَوْعٍ وَنَوْعٍ وَلَا تَأْثِيرٍ لِكَوْنِهِ مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا؛ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ يَصْطَبِغُ بِهَا وَالْحَشِيشَةُ قَدْ تُذَابُ فِي الْمَاءِ وَتُشْرَبُ؛ فَكُلُّ خَمْرٍ يُشْرَبُ وَيُؤْكَلُ وَالْحَشِيشَةُ تُؤْكَلُ وَتُشْرَبُ وَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ؛ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي خُصُوصِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَدَثَ أَكْلُهَا مِنْ قَرِيبٍ فِي أَوَاخِرِ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ أُحْدِثَتْ أَشْرِبَةٌ مُسْكِرَةٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْكَلِمِ الْجَوَامِعِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
——
قال الشوكاني : وقد تقرر بهذا أن الشارع لم يحرّم نوعًا خاصا من أنواع المسكر دون نوع، بل حرمها على العموم وسمّى كل ما يتصف بوصف الإسكار خمرا.
فيتناول النص القرآني- أعني قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} كل ما صدق عليه أنَّه مسكر فيكون تحريمه ثابتا بنص الكتاب ، وبما تواتر من السنَّة.
ويؤيد هذا أن جماعة من أئمة اللغة جزموا بأن الخمر إنما سميت خمرا؛ لمخامرتها العقل وسترها له.
[ البحث المسفر عن تحريم كل مسكر و مفتر ] للعلامة الشوكاني
قال الصنعاني في التحبير : قوله: “كل مسكر” عام سواء اتخذ من العنب ومن غيره. ودل على أن علة التحريم الإسكار، وأن كل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناوله قليله وكثيره.
قال السفاريني : وإلى هذا ذهب جمهور المسلمين من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم من علماء الأمصار، وهو مذهبُ مالك، والليث، والأوزاعي، والشّافعيّ، وأحمد، وإسحاق، ومحمد بن الحسن، وغيرهم، وهو مما اجتمع على القول به أهلُ المدينة كلُّهم. ” كشف اللثام”
منقول من عون الصمد في شرح الذيل على الصحيح المسند
_____
مشاركة إبراهيم البلوشي :
– حُكم المُسكرات اختلف الفقهاء في حدّ السّكْر المُوجِب للعقوبة؛ فعند أبي حنيفة يكون الحدّ إذا وصل شارب الخمر إلى درجة الهذيان، بحيث لا يفرّق بين الرجل والمرأة، ومن الممكن أن يصل فيه الحدّ بأن يفقد وعيه، فإذا كان الرجل في حال وعي نسبيّ؛ بحيث يميّز بعض الأشياء فلا يكون قد وصل إلى حدّ السّكْر، وذلك لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)،
– وأمّا جمهور الفقهاء فيقتصر السّكْر عندهم بعدم وعي شارب الخمر بما يقول.
– إباحة المُسكرات للضرورة أباح الإسلام للمُكلَّف شرب المُسكرات في بعض الحالات، منها: في حال العطش الشديد الذي يؤدّي إلى الهلاك، أو في حال الإكراه، أو في حال المرض، فلا يُقام حدّ شرب الخمر في هذه الحالات؛ لحاجة النّاس إلى ذلك، ولحفظ النّفوس من الهلاك، فهذه المصلحة أولى من مصلحة اجتناب المُحرَّمات، حيثُ يستعمله الأطباء أحيانأ في التخدير، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَقَد فَصَّلَ لَكُم ما حَرَّمَ عَلَيكُم إِلّا مَا اضطُرِرتُم إِلَيهِ)،
– وقال ابن تيمية: (إنّ الخمر التي حرّمها الله ورسوله من أيّ أصل كانت، سواءً من الثمار؛ كالعنب، والرّطب، والتين، أو من الحبوب؛ كالحِنطة، والشّعير، أو الطلول، كالعسل، أو الحيوان؛ كلبن الخيل، فلمّا أنزل الله -سبحانه وتعالى- على نبيّه تحريم الخمر لم يكن في المدينة من خمر العنب شيء؛ بسبب عدم وجود شجر العنب أصلاً، وإنّما كانت تُجلَب من الشّام، وكان عامّة شرابهم من نبيذ التمر)
—
قال الامام ابن باز : في
شرح بلوغ المرام .. كتاب الحدود
وَعَنْ جَابِرٍ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ، وَالْغَدَ، وَبَعْدَ الْغَدِ، فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالِثَةِ شَرِبَهُ وَسَقَاهُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَهْرَاقَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
قلت سيف بن دورة : صححه الألباني بالشواهد . وورد بسند صحيح عن ابن مسعود . وعلقه البخاري بصيغة الجزم راجع في الصحيحة 1633
وَعَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ; أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ الْخَمْرِ يَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا.
هذه الأحاديث كلها تتعلق بالخمر يقول النبي ﷺ: ما أسكر كثيره فقليله حرام وهذه قاعدة كلية ومن جوامع الكلم فكل شيء ثبت أنه يسكر كثيره من شراب أو طعام وجب تركه سواء كانت حشيشة أو غير ذلك فكل ما يسكر وإن كان مطعومًا أو مأكولاً فإنه يكون حرامًا وهكذا الشراب المقصود ما أسكر كثيره يعني كان يسكر من الفرق حرم القليل والكثير سدًا لذريعة الإسكار وحسمًا لمادته وهذا من حكمة الله جل وعلا ومن إحسانه إلى عباده ولهذا في اللفظ الآخر: ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه فهو حرام والمقصود سد باب الشر والحذر منه .
ومن هذا الحديث الثاني أن الرسول ﷺ كان ينبذ له الزبيب في السقاء فيشربه اليوم والغد وبعد الغد فإذا كان مساء الثالثة شربه أو سقاه غيره، وإذا فضل شيء أهراقه، فهذا أيضاً من باب سد الذريعة لئلا يشتد وهو لا يشعر لأن من بعد الثلاث قد يسكر، ولهذا كان يشربه أو يسقيه غيره فإن فضل شيء أهراقه؛ حذرًا من أن يبقى فيشتد فيشربه أحد وهو لا يدري.
وفي هذا العمل بالقاعدة المعروفة من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها وهي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية المخزومية رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله لم يجعل شفاكم فيما حرم عليكم فما حرمه الله ليس فيه شيء بل كله شر، ويجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه وألا يحتج بقوله: إن هذا دواء فما ثبت تحريمه وجب تركه وعدم استعماله ولو دواء فمن زعم أنه يتداوى بالخمر وجب منعه فالله لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا، ويقول النبي ﷺ: عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام ويقول ﷺ لطارق بن سويد لما صنع الخمر قال: إني أصنعها للدواء لا أصنعها للشرب، فقال له النبي ﷺ: إنها ليست بدواء، ولكنها داء فدل ذلك على أن الخمر محرمة مطلقًا ولو زعم صاحبها أنه يشربها دواء وأنه لا يسكر منها وأنه يصنعها للدواء كل هذه الأقوال باطلة يجب تركها والحذر منها مطلقًا؛ سدًا لأبواب الشر. نعم.
وسأل ابن باز :
س: حكم القات؟
ج: القات محرم؛ لأنه فيه شر عظيم كما ذكر أهل الخبرة فقد يسكر ويضر ضررًا كبيرًا
س: بعد اليوم الثالث حكم شرب أي شراب؟
ج: أقل أحواله الكراهة إذا كان يخشى أنه يسكر، أما إذا كان لا يخشى لأنه معروف فما فيه شيء.
—-
قال العلامة ابن عثيمين
يجب التفريق بين نوعين من البيرة :
الأول : البيرة المسكرة التي تباع في بعض البلاد، فهذه البيرة خمر ، حرام بيعها وشراؤها وشربها، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ) رواه مسلم (2003)
ويحرم شرب الكثير والقليل منها ، ولو قطرة واحدة لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ ) رواه الترمذي (1865) صححه الألباني في صحيح الترمذي .
الثاني : البيرة غير المسكرة ، إما لكونها خالية تماماً من الكحول ، أو موجود بها نسبة ضئيلة من الكحول لا تصل إلى حد الإسكار مهما أكثر الإنسان من الشرب منها ، فهذه هي التي أفتى العلماء بأنها حلال .