1076 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا )
———-‘———–‘
———‘——-‘——-
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1076):
قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا وكيع عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال مسح النبي صلى الله عليه وسلم على رأسي.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح.
* ورواه أحمد رحمه الله، فقال: حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن أبي إياس عن أبيه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له ومسح رأسه.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح.
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).
أ – ترجمة الراوي. سبق تحت رقم (1075).
ب – التخريج:
والحديث أورده الوادعي رحمه الله في ((الجامع الصحيح)) (4/ ص 106-107)، تحت باب: ” فضل قرة بن إياس رضي الله عنه”.
الوجه الثاني: فقه الحديث:
أ – إن الدين الإسلامي دين كامل وشامل لكل زمان، ومكان، ولجميع أمور الحياة، ومن ضمن ذلك الدعوة إلى الرحمة، والألفة بين أفراد المجتمع، ومن بينهم الصغار.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة في ذلك، فكان مع عظم مكانته، وكثرة ما يشغله إلا أنه في كل فعل له درس عملي في بيان كيفية الحياة التي يجب أن نتعايشه، وكان ضمن ذلك تعامله صغار السن، فما كان يمر به حالة معهم إلا وتجد في ذلك خلقه صلى الله عليه وسلم، من الرحمة بهم، مسح الرأس، والدعاء لهم، ولهذا جاء في رواية عن أنس رضي الله عنه في الحديث أنه قال: “كان رسول الله ﷺ يزور الأنصار”، يعني: هذا يتكرر منه، “ويسلم على صبيانهم، ويمسح رءوسهم، ويدعو لهم”. [أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب المناقب، أبناء الأنصار (7/ 386)، رقم: (8291)، وابن حبان، كتاب البر والإحسان، باب الرحمة (2/ 205)، رقم: (459)]
قلت سيف بن دورة : أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح.
وراجع حديث رقم 1381 من صحيح المسند فقد جمعنا الأحاديث التي فيها مسحه صلى الله عليه وسلم. لرأس الصغار.
” ثلاثة أشياء، يزور الأنصار، يُسلم على الصبيان، ويمسح رءوسهم، ويدعو لهم، فمسح رأس الصغير يُشعره بشيء من الحنوّ والأمان، فيطمئن ويستريح.
بل لو أخذت بهيمة كالسِّنَّوْر -القط- لو مسحت عليه أغمض عينيه،
هذه المعاملة، النبي ﷺ كان إذا مر يُسلم على الصبيان، الصبيان لهم قيمة، الصبيان هؤلاء هم الذين سيكونون رجالا،
بهذا يرق القلب وفيه حديث
ولهذا قال الله: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى:6]، يعني: فآواك، ثم قال له: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى:9]، كما أن الله آواك حين اليُتم، فاليتيم لا تقهره، ذُقت اليتم فلا تقهر اليتيم.
وكون النبي ﷺ يأتي على الصبيان ويُسلم عليهم هذا فيه تعليم لهم، يُسلمون على الكبار، ، وترك ما يجرح نفوسهم، وذلك أن مثل هذه التصرفات والكلمات أو الفعال التي من شأنها أن تجرح تترك ندوباً في نفس الصغير،
ب- ولهذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبادرون الذهاب بصبيانهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم لينالوا بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكانوا كما قالت عائشة” رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالبَرَكَةِ وَيُحَنِّكُهُمْ» [أخرجه مسلمٌ في «الطهارة» (٢٨٦)، وأبو داود في «الأدب» بابٌ في الصبيِّ يُولَدُ فيُؤذَّنُ في أُذُنه (٥١٠٦)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها]
وفي الصحيحين مِن حديثِ أبي بُرْدَةَ عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى» [مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «العقيقة» بابُ تسميةِ المولودِ غَداةَ يُولَد لمن لم يَعُقَّ عنه وتحنيكِه (٥٤٦٧)، ومسلمٌ في «الآداب» (٢١٤٥)، مِن حديث أبي بُرْدةَ بنِ أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه].
ج – بيان علة وسبب الدعاء ومسح الرأس:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” في هذا الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم.
الدعاء لهم بالبركة: أي: بأن يُنزل الله عليهم البركة، وإذا نزلت البركة على الشخص بارك الله له في قوله وفعله وماله وولده وجميع أحواله.
ومسح رؤوسهم؛ لأن مسح الرأس يستنزل الرحمة والرقة كما هو مشاهد معلوم، والإنسان ينبغي له أن يُعامل الصبيان بالرقة واللين؛ لأن هذا يرقق القلب، وربما يُدمع العين أحيانا، ففي ملاطفتهم سر عجيب في تليين القلوب وترقيقها.
– وإذا بعُد بالإنسان التأمّل وتأمّل حكمة الله عز وجل، كيف هذه المخلوقات، هذا شيخ كبير، وهذا كهل، وهذا شاب، وهذا صغير، يتأمّل حكمة الله عز وجل في هذا الكون الذي يجمع بين هذه الأصناف كلها من أجل أن تبقى الحياة.
فإذا تأمّل الإنسان مثل هذه الأمور ومسح رأس الصبي حصل في هذا خير كثير، ورقة في القلب.
والإنسان ينبغي له أن يكون رقيق القلب؛ لأنه إذا كان رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم صار من أصحاب الجنّة الذين ذكرهم الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثة.
– وفي هذا دليل أيضا، نعم، وفيه أيضا مسألة ثانية: الصبي الصغير لن ينسى ما يفعل به غيره، ما ينسى، فتجد هذا الصبي إذا عملت فيه مثل هذا العمل مسحت على رأسه وبرّكت عليه وما أشبه ذلكط ما ينسى هذا أبدا، يذكره وهو كبير، فلان تلك السنة وأنا صغير فعل بي كذا وكذا، وإذا عقل ربما يكون في ذلك سبب؛ لأن يدعو الله لك على ما فعلت فيه” انتهى كلامه رحمه الله تعالى، وسيأتي تتمة كلامه عن إيراد حديث السائب بن يزيد، رقم (7) إن شاء الله تعالى.
فتذكر أيام الصغر والطفولة والصبا، من الذين تعلق صورهم في ذهنك، وتحبهم ويميل قلبك إليهم؟ هم أولئك الذين ما كانت تخلو جيوبهم من هدية أو حلوى أو نحو ذلك، إذا لقوا الصغير وضعوا شيئاً بيده، أما الذين كانوا يلقونه بوجه مكفهر فإنه ينفر منهم ويبغضهم، ولربما بقيت ذكراهم السيئة معه إلى أن يشيب.
الوجه الثالث: ما يستفاد من الحديث، والروايات الملحقة:
1 – بيان أن الإسلام دين الرحمة، والألفة.
2 – بيان ما ينبغي أن يتخلق به المسلم في حياته مع الصبيان.
3 – أن الدين الإسلامي يدعو إلى الرحمة واللين في تربية النشء، وهو الأصل في التربية، والنصيحة.
4 – من الأخلاق التي دعة إليها الإسلام مع الصبيان المسح على الرأس، والدعاء لهم بالبركة.
5 – إن مما يحفظ الله به الصبيان الدعاء لهم.
6 – أن المسح على الرأس مما يلين القلوب، ويؤلفوها.
7 – التنبيه على أن أفعال الكبار للصبيان تبقا أثرها في نفسياتهم، وسلوكهم، وحياتهم.
8 – بيان خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع الصبيان، وتواضعه صلى الله عليه وسلم.
9 – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستخدم أكثر من حساسة وهو يتواصل مع الصبيان أو عندما يؤتى بهم، من الكلام واليد، وأثر ذلك في التعامل مع الأخرين.
10 – على العبد أن يسع بما يؤلف بين القلوب ويجمعها في أقواله وأفعاله، وأعظم ذلك التوحيد.
11 – أن الدعاء ومسح رأس الصبي والتحنيك من الأمور التي هي أشبه بالسنن المنسية.
12 – فيه الرأفة، وفيه الرحمة، وفيه العطف على الصبيان، فيُستحب للمسؤولين أن يكون عندهم من العطف والرحمة والإحسان ما يكسب به ودَّ الناس، وما يحصل به للناس من الخير والمنفعة، والصبيان في حاجةٍ إلى ذلك؛ لأنهم ضعفاء العقول، فهم بحاجةٍ إلى الرأفة والرحمة والعطف والإحسان والتعليم، ولهذا مسح على رأسه عليه الصلاة والسلام، ودعا له بالبركة عليه الصلاة والسلام، وكان ابن سبع سنين، حجَّ به مع النبي وهو ابن سبع سنين، أما عرضه على النبي ﷺ في هذه القصة فيحتمل أنه قبل ذلك بمدةٍ. قاله ابن باز رحمه الله تعالى تحت حديث السائب بن يزيد.
الوجه الرابع: المسائل المتعلقة بالحديث، وفيه:
وسيكون الحديث في (8) أمور كالتالي:
1 – مما ورد في مسح رأس الصبيان والدعاء لهم:
وقد ثَبَتَتْ أحاديثُ أخرى في هذا البابِ، وسبق في فضائل الصحابة في صحيح مسلم في فضائل ابن عباس رضي الله عنهما، وهذه جملة من مما ورد في المسح، غير ما ذكر:
1- عن زهرة بن معبد عن جّده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذهبت به أُمُّهُ زَيْنَبُ بنتُ حُمَيْدٍ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالتْ : يا رسولَ اللهِ بايعْهُ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هو صغيرٌ ) . فمسحَ رأسهُ، ودعا له، وكان يُضَحِّي بالشاةِ الواحدةِ عن جميعِ أهلهِ . [صحيح البخاري]
وعنْ زُهْرةَ بنِ مَعبَدٍ، عَن جَدِّه عبدِ اللهِ بنِ هِشامٍ، وَكان قَد أَدركَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وذَهبَت به أُمُّه زَينبُ بِنتُ حُميدٍ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فَقالت: يا رَسولَ اللهِ، بايِعْه، فَقال: هوَ صَغيرٌ! فمَسَحَ رَأسَه وَدَعا له. وَعَن زُهرةَ بنِ مَعبَدٍ: أنَّه كان يَخرُجُ بِه جَدُّه عبدُ اللهِ بنُ هِشامٍ إلى السُّوقِ، فيَشتَري الطَّعامَ، فيَلقاهُ ابنُ عُمَرَ وابنُ الزُّبيرِ رَضيَ اللهُ عَنهُم: فيَقولانِ لَه: أَشْرِكْنا؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قَد دَعا لكَ بِالبَركةِ، فيُشرِكُهم، فربَّما أصابَ الرَّاحلةَ كَما هيَ، فيَبعَثُ بِها إلى المَنزلِ.
(*) (أصاب الراحلة كما هي) أي: يربحها بتمامها. [صحيح البخاري – (2 / 885)]
قال في عمدة القاري (19 / 419): ” وفيه من الفوائد مسح رأس الصغير”.
قال الشيخ ابن عثيمين: ” وفي الحديث مسح رأس الصغير. ….. ثم ذكر فوائد في الحديث أخرى.
2- شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ- وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَسَحَ عَنْهُ- أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. [أخرجه البخاري في الصحيح، بَابُ الدُّعَاءِ لِلصِّبْيَانِ بِالْبَرَكَةِ وَمَسْحِ رُءُوسِهِمْ، برقم (6356)].
3- عن سلمة بن وردان، قال: رأيت أنس بن مالك يصافح الناس، فسألني: من أنت؟ فقلت: مولى لبني ليث، فمسح على رأسي ثلاثاً، وقال: “بارك الله فيك”. صحيح الأدب المفرد – (1 / 377).
4- عن عمرو بن حريثٍ، قال: “ذهبت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح على رأسي، ودعا لي بالرزق”. صحيح الأدب المفرد – (1 / 243).
5- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ بِنْتِ الْمُجَلِّلِ، قَالَتْ: أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ -أَوْ لَيْلَتَيْنِ- طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخًا، فَفَنِيَ الْحَطَبُ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ، فَتَنَاوَلْتَ الْقِدْرَ، فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ. فَتَفَلَ فِي فِيكَ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ، وَدَعَا لَكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدَيْكَ، وَيَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا». فَقَالَتْ: فَمَا قُمْتُ بِكَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى بَرَأَتْ يَدُكَ.
أخرجه أحمد (27506)، وقال شعيب الأرناءوط: مرفوعه صحيح وهذا إسناد ضعيف. والحاكم (6909)، وابن حبان (2977)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن في الشواهد. والطبراني: المعجم الكبير (20922). وابن أبي عاصم: الآحاد والمثاني (783)، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني إلَّا أنه قال: قلت: يا رسول الله هذا محمد بن حاطب، وهو أول من سمي بك. وفيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي ضعفه أبو حاتم. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد 5/113.
قال الشوكاني رحمه الله: “وهذا الحديث وإن كانت الرقية به لمحروق فإنه لا يدل على أنه لا يُرقى بها إلا المحروق، بل يرقى بها كل من أصيب بشيء كائناً ما كان”.
6 – عن يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: سَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوسُفَ، وَأَقْعَدَنِي عَلَى حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي. [صحيح الأدب المفرد].
وهذا الحديث بوب عليه البخاري في الأدب المفرد: “باب مسح رأس الصبي”.
7- عَنِ الْجَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ ((فَمَسَحَ رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ)).
[صحيح البخاري، باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم، برقم (6352). وصحيح مسلم، كتاب الفضائل / 30 – باب إثبات خاتم النبوة، وصفته، ومحله من جسده صلى الله عليه وسلم، حديث رقم 2345، واللفظ له].
فائدة وتنبيه: وأما تتمة كلام الشيخ ابن عثيمين فقد قال رحمه الله: ” …..
– فوائد حديث السائب بن يزيد .
الشيخ: وفي هذا الحديث دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يذهب الناس إليه للدعاء لهم، لا أن يُغيثهم؛ لأنه لا يغيث إلا الله، لكن ليدعو الله لهم.
وفيه دليل على جواز التبرّك بفضل ماء الرسول عليه الصلاة والسلام، بفضل وَضوئه، لأنه قال: فشربت من وَضوئه، أي من الماء الذي فضل بعد وضوئه، ولكن لا أحد سوى الرسول عليه الصلاة والسلام يتبرّك بفضل مائه أو بعرقه أو بثوبه أو ما أشبه ذلك، بل هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلّم.
– ما الدليل على الخصوصية ؟ لماذا لا نقول إذا كان الناس يتبركون بالرسول صلى الله عليه وسلم فأجيزوا للناس أن يتبركوا بخلفاء الرسول وهم العلماء ؟
الشيخ : نقول الدليل على هذا أن الصحابة لم يفعله بعضهم في بعض، ما كانوا يتبرّكون بأبي بكر، ولا عمر ولا عثمان ولا علي، ولا غيرهم من الصحابة، ولو كان هذا من الأمور الجائزة أو المشروعة لكان الصحابة أول من يفعل هذا الشيء، فلما لم يفعلوه علم أنه ليس بمشروع، وأنه لا ينتفع به الإنسان.
وأظن أنكم تذكرون أننا ذكرنا أن كل سبب لم يثبت نفعه شرعا ولا حسا فإن اتخاذَه سببا إيش؟ نوع من الشرك؛ لأن الإنسان يُثبت حكما أو أثرا في شيء لم يجعله الله تعالى فيه فيكون مشاركا لله تعالى في هذا الأمر الذي أثبته في هذا الشيء.”. انتهى كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
2 – من الآثار عن السلف في ذلك:
8- عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، فَنَلْقَى شَيْخًا عليه بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ ومعافري، قُلْتُ: أَيْ عَمِّ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَ غُلَامَكَ هَذِهِ النَّمِرَةَ (*)، وَتَأْخُذَ الْبُرْدَةَ، فَتَكُونُ عَلَيْكَ بُرْدَتَانِ، وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ؟ فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي، فَقَالَ: ابْنُكَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: ((أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَكْتَسُونَ)).
يَا ابْنَ أَخِي، ذَهَابُ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَتَاعِ الْآخِرَةِ.
قُلْتُ: أَيْ أَبَتَاهُ! مَنْ هَذَا الرجل؟ قال: أبو اليسر كعب بْنُ عَمْرٍو.
[صحيح الأدب المفرد] هذا الحديث بوب عليه البخاري في الأدب المفرد: “بَابُ مَنْ مَسَّ رَأْسَ صَبِيٍّ مع أبيه وبرّك عليه”.
(*) هي شملة مخططة من مآزر الأعراب. و(البردة) كساء مخطط يلتحف به.
9 – عن فاطمة بنت سعد، قالت: “ربما أجلسني أبو هريرة في حجره وأنا أو الا تصلصل ذهبا، فيمسح على رأسي ويدعو لي بالبركة”. [أخرجه ابن أبي الدنيا، كتاب العيال (2/ برقم 246)]
10 – أن جده حنيفة قال لجذيم : اجمع لي بني فإني أريد أن أوصي . فجمعهم فقال : إن أول ما أوصي أن ليتيمي هذا الذي في حجري مائة من الإبل التي كنا نسميها في الجاهلية المطيبة فقال جذيم : يا أبت إني سمعت بنيك يقولون : إنما نقر بهذا عند أبينا فإذا مات رجعنا فيه . قال : فبيني وبينكم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال جذيم : رضينا ، فارتفع جذيم وحنيفة وحنظلة معهم غلام وهو رديف لجذيم ، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سلموا عليه ؛ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : وما رفعك يا أبا جذيم ؟ قال : هذا ، وضرب بيده على فخذ جذيم . فقال : إني خشيت أن يفجأني الكبر أو الموت فأردت أن أوصي وإني قلت : إن أول ما أوصي أن ليتيمي هذا الذي في حجري مائة من الإبل كنا نسميها في الجاهلية المطيبة ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى رأينا الغضب في وجهه ، وكان قاعدا فجثا على ركبتيه وقال : لا لا لا الصدقة خمس ، وإلا فعشر ، وإلا فخمس عشرة وإلا فعشرون ، وإلا فخمس وعشرون ، وإلا فثلاثون ، وإلا فخمس وثلاثون ، فإن كثرت فأربعون . قال : فودعوه ومع اليتيم عصا وهو يضرب جملا ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : عظمت هذه هراوة يتيم . قال حنظلة : فدنا بي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : إن لي بنين ذوي لحى ودون ذلك ، وإن ذا أصغرهم فادع الله له ، فمسح رأسه وقال : بارك الله فيك أو بورك فيك ، قال ذيال : فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم وجهه أو البهيمة الوارمة الضرع فيتفل على يديه ، ويقول : بسم الله . ويضع يده على رأسه ويقول على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيمسحه عليه . وقال ذيال : فيذهب الورم.
الراوي: حنظلة بن حذيم الأسدي – خلاصة الدرجة: صحيح ورواته ثقات – المحدث: الوادعي – المصدر: الصحيح من دلائل النبوة – الصفحة أو الرقم: 160 أخرجه أحمد والبخاري في التاريخ ، وابن سعد ، والطبراني والبيهقي وغيرهم.
3- الأحاديث الواردة في مسح رأس اليتيم خاصة:
والحديث الذي قد يقوم في هذه المسألة حسنه لغيره العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب – (2 / 341): ” عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين” رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . اهـ
ورواية اخرى حسنها رحمه الله في الصحيحة السلسلة الصحيحة – مختصرة – (2 / 507): ((إن أردت تليين قلبك؛ فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم)). ( حسن ). عن أبي هريرة: أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال له: فذكره. اهـ.
وقال أيضا رحمه الله في تلخيص أحكام الجنائز – (1 / 74): “ويستحب مسح رأس اليتيم وإكرامه لحديث عبد الله بن جعفر، قال: ( حسن ) ( لو رأيتني وقثم وعبيد الله بن عباس ونحن صبيان نلعب إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على دابة فقال : ارفعوا هذا إلي قال : فحملني أمامه وقال : لقثم : ارفعوا هذا إلي فحمله وراءه وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قثم فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه، قال: ثم مسح على رأسي ثلاثا، وقال كلما مسح: ((اللهم اخلف جعفرا في ولده)).
قال : قلت لعبد الله : ما فعل قثم ؟ قال : استشهد قال : قلت : والله أعلم ورسوله بالخير . قال : أجل ) ” اهـ
وسأورد مسألة لطيفة في هذا الباب عن الإمام مالك ان شاء الله تعالى.
المسألة أن الإمام مالك رحمه الله أورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم له أو لغيره في الجنة كهاتين إذا اتقى وأشار بإصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ”
في “باب السّنة في الشَّعر” وهي مسألة لطيفة (من حيث وجه إيراد حديث كفالة اليتيم في باب السنة في الشعر) وهي مسألة قليل من تطرق إليها من شرّاح الموطإ.
انظر: المشاركات في [مقال: مـا جـاء في مـسـح رأس الـصّـبـي والـدعـاء لـه بالـبـركـة – سحاب السلفية].
تنبيه: في صفة المسح.
1072 – ” امسح برأس اليتيم هكذا إلى مقدم رأسه ، و من له أب هكذا إلى مؤخر رأسه ” .
قال الألباني في ” السلسلة الضعيفة و الموضوعة ” ( 3/185 ) : موضوع.
رواه البخاري في ” التاريخ ” ( 1/1/97 ) و العقيلي في ” الضعفاء ” ( ص 381 )، ….
وفي مسح رأس اليتيم حديث آخر من رواية أبي هريرة و غيره ، و هو مخرج في الصحيحة ( 854 ). انتهى كلام الألباني رحمه الله تعالى.
4- التحنيك:
وإن مما ورد في بعض الآثار مع دعائه صلى الله عليه وسلم كان يحنكهم أيضًا، ومما جاء من أحكام التحنيك:
اسْتَحبَّ بعضُ أهلِ العلمِ تحنيكَ المولود [انظر: «شرح النووي على مسلم» (١٤/ ١٢٣)، «تحفة المودود» لابن القيِّم (٥٢)، «الإنصاف» للمرداوي (٤/ ١٠٤).]؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالبَرَكَةِ وَيُحَنِّكُهُمْ»، [أخرجه مسلمٌ في «الطهارة» (٢٨٦)
5 – حفظ الأطفال مما يضرهم :
، ومن هذه الوسائل :
1 – اختيار الوالدين الصالحين قبل تكوين الطفل:
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأسس التي تبنى عليها الأسرة الصالحة المؤهلة لتربية الأجيال المسلمة ، ومن هذه الأسس اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة؛ فقد روى الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)) وحسنه الألباني في “صحيح الترمذي” . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((تنكح المرأة لأربع ؛ لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك)). [أخرجه البخاري ( 5090 ) ، ومسلم ( 1466 )]
2 – البسملة والذكر والدعاء قبل تكوين خلق الطفل :
قال صلى الله عليه وسلم : لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا – فقضي بينهما ولد ، لم يضره شيطان أبدا أي لم يضره بمس ولا بزيغ. أخرجه البخاري وسلم.
3 – تحنيك المولود والتبريك عليه
4 – اختيار الاسم الحسن للمولود، ويلاحظ في ذلك:
أ – نوع الاسم: فالاسم الحسن مما يجلب السرور لحامله والتفاؤل لغيره.
فعلى الوالد أن يسميه بالأسماء الحسنة، لا السيئة التي تجعله يتحاشى ويخجل من ذكر اسمه أمام الغير؛ فإن الأسماء لا تباع ولا تشترى، فهي بلا ثمن. فعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير ، ويعجبه الاسم الحسن، [أخرجه أحمد وغيره، وقال الألباني: صحيح]، وقد سمى ابن الزبير وابن طلحة بعبد الله؛ لأنه أحب الأسماء إلى الله.
5 – حلق رأس المولود وإراقة الدم عنه:
لقد ورد في الحديث السابق حلق رأس المولود والعق عنه، ولقد عق صلى الله عليه وسلم عن الحسن، عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما ولدت فاطمة حسنا , قال لها رسول صلى الله عليه وسلم: ((احلقي رأسه , وتصدقي بوزن شعره من فضة على المساكين والأوفاض))، قالت: ففعلت ذلك، فلما ولدت حسينا، فعلت مثل ذلك.
[(حم) 27227 , (هق) 19082 , وحسنه الألباني في الإرواء: 1175، وصحيح الجامع: 7960، وقال في الإرواء: وظاهر الحديث مخالف لما استفاض عنه صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن والحسين – رضي الله عنهما – كما تقدم برقم (1150) وأجيب عن ذلك بجوابين , ذكرهما الحافظ في (الفتح) (9/ 515): (قال شيخنا في (شرح الترمذي): يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم كان عق عنه , ثم استأذنته فاطمة أن تعق هي عنه أيضا , فمنعها. …..
6 – ختان المولود :
لقد شرع الختان لما فيه من دفع المضرة والأذى عن الصبي، والآن غير المسلمين اتجهوا نحو الختان لما رأوا فائدته للصحة، وقد ختن صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما، يقول المباركفوري : ” وإذا قلنا بالصحيح استحب أن يختن في اليوم السابع من ولادته وهل يحسب يوم الولادة من السبع أو يكون سبعة سواه فيه وجهان أظهرهما يحسب”. [تحفة الأحوذي].
7 – حفظ الصبيان من اللعب في المساء:
وفيه حديث
8 – تربية الولد تربية حسنة:
لا بد من الاهتمام بهذا الأمر لحفظه وحفظ دينه بإذن الله، قال صلى الله عليه وسلم : ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه)) أخرجه البخاري، فمن من حق الولد على والده أن يحسن أدبه وتعليمه.
9 – العدل بين الأولاد :
وفيه حديث. … : ((يا بشير ، ألك ولد سوى هذا ؟)) قال : نعم ، فقال : ((أكلهم وهبت له مثل هذا ؟)) قال: لا، قال: ((فلا تشهدني إذا ، فإني لا أشهد على جور)). أخرجه مسلم.
10 – تركهم أغنياء غير محتاجين:
وفيه حديث سعد بن أبي وقاص. …. قال : فأتصدق بشطره ؟ قال: ((لا، الثلث يا سعد، والثلث كثير، فإنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)).
11 – الرفق في جميع الأمور وخصوصا مع الأطفال ورحمتهم:
وفي الحديث : ((إن الرفق لم يكن في شيء
إلا زانه ولم ينزع من شيء إلا شانه)) أخرجه مسلم، وكيف لا يكون زينا والله يحبه ، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) أخرجه البخاري
قال أبو قتادة : خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها أخرجه البخاري، قال أبو هريرة رضي الله عنه: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا قط فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ((من لا يرحم لا يرحم)) أخرجه البخاري، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تقبلون الصبيان فما نقبلهم ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟! أخرجه البخاري، ويقول ابن حجر شارحا هذه الأحاديث : ”
واستنبط منه بعضهم عظم قدر رحمة الولد لأنه تعارض حينئذ المحافظة على المبالغة في الخشوع والمحافظة على مراعاة خاطر الولد فقدم الثاني ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك لبيان الجواز . قوله : من لا يرحم لا يرحم أي الذي يفعل هذا الفعل لا يرحم ”
12 – ألا يضرب الطفل دون سن العاشرة من العمر: لأنه لم يرد في الشريعة أمر بضرب الأطفال على شيء إلا على الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام فهي من أعظم الأعمال بعد الشهادة ، ومع ذلك لا يضرب الطفل على تركها قبل سن العاشرة وبعد أن يكرر الأمر عليه بصلاتها خمس مرات باليوم لمدة ثلاث سنوات ، قال صلى الله عليه وسلم : ((مروا صبيانكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر)) أخرجه أحمد وأبي داود وغيرهما، وقال الألباني في الإرواء: صحيح .
وعند إرادة ضرب الطفل فوق سن العاشرة على المؤدب ملاحظة أن:
أ – يكون الضرب للتأديب لا للانتقام كما يشاهد من بعض الناس.
ب – يرفق بالطفل أثناء الضرب ولا يضرب بما يسبب عاهة.
ج – لا يضرب الوجه، نعم عليه أن يتجنب الضرب في بعض المواضع التي قد يتسبب الضرب فيها بعاهة أو موت، فلا يضربه فيها ومنها الوجه، فعن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب على الوجه وعن الوسم في الوجه [أخرجه مسلم]؛ لأن الوجه مقر الحسن والجمال، فهو لطيف يجمع المحاسن لشرف أعضائه فهو يجمع الحواس، فإن أكثر ما يقع الإدراك به من أعضائه فيخشى من ضربه أن تبطل أو تتشوه كلها أو بعضها، والشين فيها فاحش لظهورها وبروزها بل لا يسلم إذا ضربه غالبا من شين، والآن الدراسات الغربية تتحدث الآن عن ضرب الوجه وتذكر أنه يسبب العقد النفسية.
13 – الدعاء للطفل بالخير:
فعلى الوالد أن يدعو للأطفال بخيري الدنيا والآخرة من الحفظ والعافية والتسديد، فقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: أن دعاء الوالد لولده مستجاب. أخرجه ابن ماجه، والبيهقي في الكبرى، وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير: حسن.
14 – تعويذ الأطفال:
ينبغي للمسلم تعويذ بنيه ، إذا نزل منزلا يعوذهم، وفي الصباح والمساء كما مر في التعويذ؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول : ((أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ثم يقول : ((هكذا كان يعوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق)) أخرجه الترمذي وغيره، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
والأفضل أن يكون هذا التعويذ صباحا ومساء، وأن يكون ثلاث مرات.
15 – عدم الدعاء على الأطفال، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثة لا ترد دعوتهم))، وذكر منها: ((دعوة الوالد)) على ولده، رواه البيهقي وهو في صحيح الجامع (2032)،
16 – قول ” ما شاء الله ” على الأولاد والمال: ما أنعم الله على عبد نعمة من مال أو أهل أو ولد، فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ}
[مجلة البحوث الإسلامية تصفح برقم المجلد > العدد السابع والثمانون – الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الآخرة لسنة 1430 هـ > البحوث > أسباب لرفع البلاء قبل وقوعه وأسباب لرفعة بعد وقوعه > الفصل الأول أسباب دفع البلاء قبل وقوعه > المبحث الثالث عشر حفظ الأطفال مما يضرهم]
6 – بعض أحوال النبي مع الأطفال وصغار السن :
وكان لا يأنف من الأكل معهم، ومع ذلك لو رأى منهم مخالفة للأدب، فكان ينصح لهم ويأمرهم بما يصلحهم، فقد نصح عمرو بن أبي سلمة بآداب الطعام بلين ورفق ورحمة، لما رأى منه مخالفة الأدب. أخرجه البخاري، كتاب الأطعمة، باب التسمية، رقم: (2309).
وكان يوصيهم بالخير، ويعلمهم التوحيد والدين، فلم يكن رفقه وشفقته العظيمة عليهم بمانعة له من نصحهم وإرشادهم وإصلاحهم، فقد أوصى ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-. أخرجه الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب(59)رقم ( 2516). وكل هذا الاهتمام منه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بالأطفال جاء لعلمه بأنهم في أشد الحاجة إلى الرعاية والعطف والحنو أكثر من غيرهم؛ وذلك لتنمية ثقة الطفل بنفسه حتى ينشأ قوياً ثابت الشخصية، مَرِحَاً عَطُوفاً على غيره، عضواً فَعَّالاً في مجتمعِهِ.
نماذج وأساليب حكيمة من تعامل النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مع الأطفال:
وإليكم نماذج جلية، ومواقف شريفة، وأساليب حكيمة من تعامل النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مع الأطفال، وكيف كان تواضعه، وحبه لهم، ورحمته بهم، وشفقته عليهم، والغرض من ذلك تحفيز القلوب، وحثها على التأسي بقدوتنا وإمامنا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم، فمن تلك النماذج المشرقة ما يلي:
- السلام عليهم:
عن أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- على غِلْمانٍ يلعبون فسلَّم عليهم. رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب السلام على الصبيان، رقم(5202)
- مسحه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-رؤوس الصغار:
وسبق ذكر الأحاديث
وعن جابر بن سمرة قال: صليت مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- صلاة الأولى ثم خرج إلى أهله وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً. قال: وأما أنا فمسح خدي قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جُؤنة عطارٍ. رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب طيب رائحة النَّبيّ ولين مسه والتبرك بمسحه (4/1814) رقم (2329).
- مداعبته وملاطفته للصغار:
عن أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كان رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول: (يا زوينب، يا زوينب) مراراً. رواه الضياء المقدسي، وصححه الألباني في الصحيحة رقم (2141). وعن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كان رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-ليدلع لسانه للحسين بن علي فيرى الصبي حمرة لسانه، فيبهش إليه، أي يسرع إليه. رواه أبو الشيخ في كتاب “أخلاق النَّبيّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وآدابه”، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم(70). وروى الطبراني عن جابر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فدعينا إلى الطعام، فإذا الحسين يلعب في الطريق مع صبيان فأسرع النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أمام القوم ثم بسط يده فجعل -الغلام- يفر هاهنا وهناك، فيضاحكه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حتى أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه، والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه وقبله، ثم قال: (حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط). رواه البخاري في الأدب، والترمذي وابن ماجه والحاكم، وحسنه الألباني، في صحيح الجامع، رقم (3146). راجع: منتهى السول على وسائل الوصول إلى شمائل الرَّسُول (2/440-441).
- وروى البخاري في الأدب المفرد والطبراني عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: سمعت أُذناي هاتان وبصرت عيناي هاتان، ورسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، أخذ بيديه جميعاً، بكفي الحسن والحسين، وقدميه على قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يقول: (ارْقه) قال: فرقى الغلام، حتى وضع قدميه على صدر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ثم قال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-:(افتح فاك)، ثم قبَّله، ثم قال: (اللهم إني أحبه فأحبه). اللفظ الأخير في البخاري، كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين (7/119) رقم (3749). وقد وقف بين يديه ذات مرة محمود بن الريبع، وهو ابن خمس سنين، فمجَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في وجهه مجة من ماء من دلو يمازحه بها، فكان ذلك من البركة أنه لما كبر لم يبق في ذهنه من ذكر رؤية النَّبيّ إلا تلك المجة، فعد بها من الصحابة والحديث أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير، رقم(75). ودخلت عليه ربيبته زينب بنت أم سلمة وهو في مغتسله، فنضح الماء في وجهها، فكان في ذلك من البركة في وجهها أنه لم يتغير، فكان ماء الشباب ثابتاً في وجهها ظاهراً في رونقها وهي عجوز كبيرة. راجع ” المواهب الدينية بالمنح المحمدية” (2/354). وعن أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أحسنُ الناسِ خُلقاً وكان لي أخ، يُقال له أبو عُمير -وهو فَطيم- كان إذا، جاءنا قال: (يا أبا عُمير ما فعل النُّغير؟!) النغير: طائر كان يلعب به. أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل (10/598) رقم (3947)، ومسلم كتاب الآداب، باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله إلى صالح (3/1692) رقم (2150). قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في الفتح: إن هذا الحديث فيه جواز الممازحة وتكرير المزاح، وأنها إباحة سنة لا رُخصة، وأن ممازحة الصبي الذي لم يميز جائز وتكرير زيارة الممزوح معه، وفيه ترك التكبر والترفع، ومنه التلطف بالصديق، صغيراً كان أو كبيراً، والسؤال عن حاله. فتح الباري (10/584).
7 – بعض أعمال النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال وصغار السن:
- رحمته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بالصغار:
عن أنس قال: ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-.رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك (4/1808) رقم (2316).
وعن ابن مسعود قال: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يصلَّي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما، أشار إليهم أن دعوهما، فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره، وقال: (من أحبني فليحبَّ هذين). أخرجه أبو يعلى في مسنده وابن خزيمة في صحيحه، وحسنه الألباني في الصحيحة (312) وصحيح ابن خزيمة (887).
وعن أنس – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مرفوعاً: (إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبيِّ، فأجوز في صلاتي، مما أعلم من شدةِ وجد أمه ببكائه). أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي (2/236).
وعنه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: (من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامةِ أنا وهو، وضمَّ أصابعه). رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات (4/2027) رقم (2631).
وعن بُريدة قال: كان النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يخطب، فجاء الحسن والحسين- رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-، وعليهما قميصان أحمران يعثران فيهما، فنزل النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فقطع كلامه، فحملهما، ثم عاد إلى المنبر، ثم قال: (صدق الله: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} التغابن(15)، رأيت هذين يعثران في قميصيهما، فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما). رواه النسائي وغيره وصححه الألباني في صحيح النسائي برقم (1430).
وعن عائشة – رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- مرفوعاً: (من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار). أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة (3/332) رقم (1418) . وعنها – رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتهما ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدةٍ منهما تمرة، ورفعت إلي فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينها، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فقال: (إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار). رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات (4/2027) رقم (2630).
وعن أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، قال: كان إبراهيم مسترضعاً له في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن، وكان ظئره قيناً فيأخذه فيقبِّله ثم يرجع. قال عمرو بن سعيد راوي الحديث عن أنس: فلما توفي إبراهيم قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (إن إبراهيم ابني وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة). رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك (4/1808) رقم (2316).
وعن أسامة بن زيد قال: طرقتُ النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتملٌ عليه؟ فكشفه فإذا حسن وحسين على وركيه، فقال: (هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إني أحبُّهما فأحبهما وأحب من يحبُّهما).رواه الترمذي وابن حبان، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي رقم (2966).
وعن شداد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: خرج علينا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في إحدى صلاتي العشيِّ -الظهرِ أو العصر- وهو حاملٌ حسناً أو حسيناً فتقدم النَّبيّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فوضعه عند قدمه اليمنى ثم كبر للصلاةِ فصلَّى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال: فرفعت رأسي -من بين الناس- فإذا الصبي على ظهر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الصلاة قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك –هذه- سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يُوحى إليك، قال: (كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني، فكرهتُ أن أعجله حتى يقضي حاجته). رواه النسائي وابن عساكر والحاكم (4/257/1-2) وصححه، ووافقه الذهبي، واستدل به الألباني في إطالة الركوع، راجع “صفة الصلاة” للألباني صـ(148).
- حمله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الأطفال:
روى ابن عساكر عن عبد الله بن جعفر – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كان سول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إذا قدم من سفر تلقاه الصبيان من أهل المدينة، وإنه جاء من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة الحسن أو الحسين -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-، فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة. رواه أحمد ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن جعفر (4/1885) رقم (2428)، وأبو داود، انظر صحيح الجامع (رقم(3765).
- المسابقة بينهم وإكرامهم:
كان النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يصفُّ عبد الله، وقثم، وكُثيراً، أبناء العباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثم يقول: (من سبق إلي فله كذا وكذا). مجمع الزوائد (9/285) وقال: رواه أحمد وإسناده حسن.
- إعطائه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الهدايا للأطفال:
فقد روى أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كان الناس إذا رأوا الثمر جاؤوا به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فإذا أخذه رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قال: (اللهم بارك لنا في مدينتا وفي ثمارنا وفي صاعنا، بركة مع بركة، ثم يعطيه أصغر من يحضر من الولدان). مسلم كتاب الحج باب فضل المدينة ودعاء النَّبيّ فيها بالبركة (2/1000) رقم (1373).
وروى أبو داود عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- قالت: قدمت هدايا من النجاشي، فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي فأخذه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بعودٍ أو ببعض أصابعه معرضاً عنه، ثم دعا أمامة بنت أبي العاص من زينب فقال: (تحلّّي بهذا يا بنية). رواه أبو داود وابن ماجة، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، رقم (3564) وصحيح ابن ماجه رقم (2955).
انظر مقال:[ بعض أحوال النبي مع الأطفال وصغار السن 1، بعض أعمال النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال وصغار السن2]
8 – من الأبواب الواردة في هذا:
– صحيح البخاري، كتاب الاستئذان، باب التسليم على الصبيان، رقم: (6247).
– ومسلم، كتاب الآداب، باب استحباب السلام على الصبيان رقم: (2168).
– والبيهقي في السنن الكبرى، باب ما يستحب من مسح رأس اليتيم وإكرامه (4/ 100)، رقم: (7094)