1611 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2 ، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا )
——‘——‘——-‘
1611 الصحيح المسند
سنن الترمذي
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر فقال: يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإن هذا الغاسق اذا وقب
——–“”——–‘”——–“”
جاء في القاموس المحيط
وَالوَقْبَةُ: الكُوَّةُ العَظيمَةُ فيها ظلٌّ،
وـ مِنَ الثَّريد والدُّهنِ: أنْقوعَتُهما.
ووَقَبَ الظَّلامُ: دَخَلَ،
وـ الشَّمسُ وَقْباً ووقوُبا: غابَتْ،
وـ القَمَرُ: دَخَلَفي الكُسوفِ، ومنه (غاسَقٍ إذا وَقَب)، أو معناه: أيرٍ إذا قامَ، حكاهُ الغَزاليُّ وَغيرهُ، عن ابن عباسٍ.
وأوقَبَ: جاعَ،
وـ الشيءَ: أدْخَلَهُ في الوَقْبَةِ.
والمِيقَبُ: الوَدَعَةُ.
والوُقْبِيُّ، بالضم، ككُرديٍّ: المُولَعُ بِصُحْبَةِ الأوقابِ الحَمْقى.
والميقابُ: الرَّجُلُ الكَثيرُ الشُربِ للماءِ، والحَمْقاءُ، أو المُحْمِقَةُ، والواسِعَةُ الفَرْجِ.
وسَيرُ الميقابِ: أن تواصِلَ بين يومٍ وَليلَةٍ.
وبَنو الميقابِ: يريدونَ به السَّبَّ.
والقِبَةُ، (كَعِدَةٍ): الإنفَحَةُ إذا عَظُمَتْ من الشَّاةِ.
والوَقيبُ: صَوتُ قُنْبِ الفَرَسِ.
والأوْقابُ: قُماشُ البَيتِ.
والوَقْباءُ: ع، وَيُقْصَرُ.
والوَقَبى، كَجَمزَى: ماءٌ لبني مازنٍ.
وذَكَرٌ أوقَبُ: ولَّاجٌ في الهَناتِ.
وفي بحث :
أخرجه أحمد في ((المسند)) ومن طريقه المزي في ((تهذيب الكمال))، والترمذي والنسائي في ((الكبرى)) وعبد بن حميد في ((المسند)) وابن جرير في ((تفسيره)) والطحاوي في ((مشكل الآثار)) من طريق عبد الملك بن عمرو به.
غير أن أحمد مع الحارث بن عبد الرحمن قرن المنذر بن أبي المنذر وهو: المدني مقبول كما في ((تقريب التهذيب))،
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الطحاوي: ولا نعلم لهذا الحديث مخرجا غير مخرجه هذا، ولا نعلم أحدا ممن رواه عن ابن أبي ذئب ذكر في إسناده المنذر مع الحارث غير أبي عامر العقدي، والمنذر هذا هو المنذر بن أبي المنذر، ولا نعلم أن أحدا حدث عنه غير ابن أبي ذئب.
وقال ابن حجر في ((فتح الباري)): إسناده حسن.
وصححه الألباني من أجل متابعة المنذر بن أبي المنذر للحارث بن عبد الرحمن.
وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)): ((ورجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن هذا وهو القرشي العامري وهو صدوق كما في “التقريب” وقد قرن به ابن أبي ذئب: المنذر بن أبي المنذر. رواه أحمد (6/215،252) عن عبد الملك بن عمرو عنه . والمنذر هذا مقبول كما في ” التقريب “. فالحديث صحيح)) اهـ.
وفي رواية أخرجها أحمد في ((المسند)) والنسائي في ((السنن الكبرى)) ومن طريقه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) بإسناد حسن من طريق محمود بن غيلان عن الحفري عن سفيان به، بلفظ: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني وفي رواية كما عند النسائي (فإذا) القمر حين طلع، فقال: ((تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب)).
ولأحمد رواية أخرى أخرجها في ((المسند)) من طريق يزيد بن هارون بإسناد حسن ولفظه: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم أشار إلى القمر، فقال: ((يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا ؟ فإن هذا هو الغاسق إذا وقب)).
وفي رواية أخرجها أبو يعلى في ((المسند)) من طريق عبد الأعلى حدثنا محمد بن بجر به وإسنادها ضعيف لأن فيها ابن بجر وهو: الهجيمي، قال العقيلي: بصري منكر الحديث كثير الوهم، وقال ابن حبان: سقط الاحتجاج، ولفظ الحديث أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي وأشار إلى القمر فقال: يا عائشة! تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب)).
وفي رواية أخرجها الطيالسي في ((المسند)) ومن طريقه ابن منده في ((التوحيد)) والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) بإسناد حسن من طريق ابن أبي ذئب به بإسناد حسن بلفظ أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر فقال: ((استعيذى بالله من شره فإنه الغاسق إذا وقب)).
وقد قرن ابن منده في ((التوحيد)) مع أبي داود الطيالسي، إسحاق بن سليمان هو: الرازي أبو يحيى العبدي مولى عبد القيس كوفي وثقه غير واحد، ولفظه نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى القمر فقال: ((استعيذي بالله، عز وجل من شره، فإنه الغاسق إذا وقب)) وإسناده حسن.
وقال ابن منده: هذا خبر ثابت على رسم النسائي وجماعة. أخرجه في التفسير.
وفي رواية أخرجها الحاكم في ((المستدرك)) واللفظ له والثعالبي في ((تفسيره)) من طريق آدم بن أبي اياس ثنا ابن أبي ذئب به، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدها فأشار بها إلى القمر فقال: ((إستعيذي بالله من شر هذا فإنه الغاسق إذا وقب)).
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الذهبي: صحيح.
وفي رواية أخرجها إسحاق بن راهويه في ((المسند)) بإسناد حسن من طريق عثمان بن عمر وهو: ابن فارس العبدي بصري أصله من بخارى ثقة به، بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وأومأ إلى القمر: ((استعيذي بالله من شر هذا هذا غاسق إذا وقب)).
وفي رواية أخرجها أحمد في ((المسند)) واللفظ له بإسناد حسن والبغوي في ((شرح السنة)) و((تفسيره)) من طريق وكيع به، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فنظر إلى القمر فقال: ((يا عائشة تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب هذا غاسق إذا وقب)).
وفي رواية أخرجها الطحاوي في ((مشكل الآثار)) من طريق ابن وهب به، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القمر يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا، هل تدرين ما هذا ؟ هذا الغاسق إذا وقب)).
وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في ((العظمة)) من طريق ابن وهب به، ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((هذا القمر يا عائشة، استعيذي بالله من شره، هل تدرين ما هذا ؟ هذا الغاسق إذا وقب)).
وفي رواية أخرجها الحربي في ((غريب الحديث)) بإسناد حسن من طريق عاصم به، بلفظ: أراني النبي صلى الله عليه القمر فقال: ((هذا غاسق إذا وقب. فتعوذى من شره)).
وأخرج أبو العباس الأصم كما في ((مجموع فيه مصنفاته) قال: حدثنا أبو عتبة حدثنا بقية حدثنا معاوية بن يحيى به، بلفظ: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وأشار إلى القمر وقال ((استعيذي من شر هذا فإن هذا الغاسق إذا وقب)).
وممن أخرجه كما ذكر السيوطي في ((الدر المنثور)) ابن المنذر وابن مردويه.
هذا تخريج حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأصح هذه الطرق وأضبطها التي جاءت من طريق عبد الملك بن عمرو وهو: القيسي أبو عامر العقدي بفتح المهملة والقاف ثقة كما في ((تقريب التهذيب))، وإن كان غيره من الثقات رووا عن ابن أبي ذئب إلا أن عبد الملك أوثق من أخذ عن ابن أبي ذئب.
ويقول عبد الرحمن بن مهدي: كتبت حديث ابن أبي ذئب عن أوثق شيخ: أبي عامر العقدي.
قال سليمان بن داود القزاز: سألت أحمد بن حنبل، قلت: أريد البصرة عمن أكتب ؟: عن أبي عامر العقدي ووهب بن جرير.
وكان إسحاق بن راهويه إذا حدثنا عن أبي عامر العقدي قال: حدثنا أبو عامر الثقة الأمين.
وقال النسائي: ثقة مأمون.
واختلف أهل العلم في بيان معنى الغاسق على أحد عشر أقوال حسب ما تم جمعه:
الأول: القمر و(إذا وقب) أي: دخل في الظلام أو غاب أو إذا دخل في الكسوف.
قال ابن قتيبة كما في ((غريب الحديث)) لابن الجوزي: ((سُمِّي القمرُ غَاسِقاً لأَنه يَكْسِف فَيَغْسَقُ أي يَسْوَدُّ ويُظْلِمُ والغَسَقُ الظُّلْمةُ فَكَأَنَّه قال تعوَّذي منه إِذ كَسَف)) اهـ.
وقال ابن الأثير في ((النهاية في غريب الأثر)): ((يقال: غَسَق يَغْسِق غُسُوقا فهو غاسق إذا أظْلم وأغْسَق مِثْله. وإنما سَّماه غاسقا لأنه إذا خَسَف أو أخَذ في المَغِيب أظْلم)) اهـ.
وقال القرطبي رحمه الله في ((تفسيره)): ((وقال أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث: وذلك أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر. وأنشد:
أراحني الله من أشياء أكرهها… منها العجوز ومنها الكلب والقمر
هذا يبوح وهذا يستضاء به… وهذه ضمرز قوامة السحر)) اهـ.
وقال ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((فإن قيل فما تقولون في القول الذي ذهب إليه بعضهم أن المراد به القمر إذا خسف واسود وقوله وقب أي دخل في الخسوف أو غاب خاسفا.
قيل هذا القول ضعيف ولا نعلم به سلفًا والنبي لما أشار إلى القمر وقال هذا الغاسق إذا وقب لم يكن خاسفا إذ ذاك وإنما كان وهو مستنير ولو كان خاسفا لذكرته عائشة وإنما قالت نظر إلى القمر وقال هذا هو الغاسق ولو كان خاسفا لم يصح أن يحذف ذلك الوصف منه فإن ما أطلق عليه اسم الغاسق باعتبار صفة لا يجوز أن يطلق عليه بدونها لما فيه من التلبيس.
وأيضا فإن اللغة لا تساعد على هذا فلا نعلم أحدا قال الغاسق القمر في حال خسوفه وأيضا فإن الوقوب لا يقول أحد من أهل اللغة أنه الخسوف وإنما هو الدخول من قولهم وقيت العين إذا غارت)) اهـ.
الثاني: الشمس و(إذا وقب) أي: غربت.
أخرج ابن أبي حاتم كما ذكر السيوطي في ((الدر المنثور)) عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: (الغاسق سقوط الثريا، والغاسق إذا وقب الشمس إذا غربت).
وقال الزهري كما في ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (الشمس إذا غربت).
وعلق البخاري في ((صحيحه)) قال مجاهد: (الفلق الصبح و{غاسق} الليل {إذا وقب} غروب الشمس يقال أبين من فرق وفلق الصبح)
ولعله أخذه من الحديث الذي أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء)).
الثالث: النجم و(إذا وقب) أي: سقطت.
قال السيوطي في ((الدر المنثور)) ((وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ومن شر غاسق إذا وقب} قال: ((هو الغاسق، وهو الثريا)) اهـ.
أخرج الطبري في ((تفسيره)) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} قال: ((النجم الغاسق)).
قال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم)).
وقال السيوطي في ((الدر المنثور)) ((وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: {ومن شر غاسق إذا وقب} قال: كانت العرب تقول الغاسق سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها)) اهـ.
قال ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((قيل إن أراد صاحب هذا القول اختصاص الغاسق بالنجم إذا غرب، فباطل وإن أراد أن اسم الغاسق يتناول ذلك بوجه ما فهذا يحتمل أن يدل اللفظ عليه بفحواه ومقصوده وتنبيهه وأما أن يختص اللفظ به فباطل)) اهـ.
الرابع: الكوكب.
أخرج الطبري في ((تفسيره)) عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] قال: (كوكب).
الخامس: الليل و(إذا وقب) أي: دخل أو أظلم.
قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78].
قال السيوطي في ((الدر المنثور)) ((وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية {ومن شر غاسق إذا وقب} قال: الليل إذا ذهب.
وقال أيضًا:
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن شر غاسق إذا وقب} قال: الليل إذا أقبل.
ثم قال السيوطي:
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {غاسق إذا وقب} قال: الليل إذا دخل)) اهـ.
قال قتادة في قوله تعالى: {غاسق إذا وقب} قال: (الليل إذا دخل على الناس).
أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في ((تفسير القرآن)).
وقال ابن كثير رحمه الله ((تفسيره)): ((قال ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، والضحاك، وخُصَيف، والحسن، وقتادة: إنه الليل إذا أقبل بظلامه)) اهـ.
السادس: الظلمة و(إذا وقب) أي: شدة السواد.
قال السيوطي في ((الدر المنثور)) ((وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: عز وجل {ومن شر غاسق إذا وقب} قال: الغاسق الظلمة والوقب شدة سواده إذا دخل في كل شيء قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت زهيراً يقول:
ظلت تجوب يداها وهي لاهية … حتى إذا جنح الإِظلام والغسق
وقال في الوقب:
وقب العذاب عليهم فكأنهم … لحقتهم نار السماء فأخمدوا)) اهـ.
وقال مقاتل كما في ((تفسير البغوي)): (يعني: ظلمة الليل إذا دخل سواده في ضوء النهار).
السابع: النهار و(إذا وقب) أي: دخل في الليل.
أخرج الطبري في ((تفسيره)) عن القرظي أنه كان يقول في: {غاسق إذا وقب} يقول: النهار إذا دخل في الليل.
الثامن: البرد.
قال القرطبي رحمه الله في ((تفسيره)): ((وقال الزجاج: قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار. والغاسق: البارد. والغسق: البرد؛ ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها، والهوام من أماكنها، وينبعث أهل الشر على العبث والفساد)) اهـ.
وقال ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((وفي تسمية الليل غاسقا قول آخر إنه من البرد والليل أبرد من النهار والغسق البرد وعليه حمل عبدالله بن عباس قوله تعالى هذا فليذوقوه حميم وغساق ص 75 وقوله لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا النبأ 24 25 قال هو الزمهرير يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار بحرها)) اهـ.
التاسع: الأسود من الحيات وقيل: وكل شيء أسود فهو غسق و(إذا وقب) أي: ضرب أو لدغ.
قال القرطبي رحمه الله في ((تفسيره)): ((وقيل: الغاسق: الحية إذا لدغت. وكأن الغاسق نابها؛ لأن السم يغسق منه؛ أي يسيل. ووقب نابها: إذا دخل في اللديغ. وقيل: الغاسق: كل هاجم يضر، كائنا ما كان؛ من قولهم: غسقت القرحة: إذا جرى صديدها)) اهـ.
العاشر: كل هاجم يضر، كائنا ما كان؛ من قولهم: غسقت القرحة: إذا جرى صديدها كما ذكره القرطبي في ((تفسيره).
الحادي عشر: إبليس و(إذا وقب) أي: وسوس.
حكى ذلك السهيلي كم نقل ذلك ابن جزي في ((التسهيل لعلوم التنزيل)).
والذي يرجحه كثير من أهل العلم أن الغاسق إذا وقب أي: الليل إذا دخل وانتشر، وما ذاك إلا بما يحصل فيه من شر وظهور الهوام وخروج السباع وحصول الفجور والفسق فيه وانتشار الشياطين وما يحصل من قتل وشرب الخمر والسرقة وغير ذلك.
ومنه قولهم: الليل أخفى للويل. وقيل: أغدر الليل.
والليل من خصائصه الظلمة، والقمر علامة على دخول الليل، وفي تظهر النجوم والكواكب وينزل البرد، ولا ينتشر الليل إلا بعد غروب الشمس وذهاب النهار، وعندها تنتشر الشياطين وتحرج الحيات.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في ((تفسيره)): ((وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، أن يقال: إن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ ( وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ ) وهو الذي يُظْلم، يقال: قد غَسَق الليل يَغُسْق غسوقا: إذا أظلم ( إِذَا وَقَبَ ) يعني: إذا دخل في ظلامه؛ والليل إذا دخل في ظلامه غاسق، والنجم إذا أفل غاسق، والقمر غاسق إذا وقب، ولم يخصص بعض ذلك بل عمّ الأمر بذلك، فكلّ غاسق، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يُؤمر بالاستعاذة من شره إذا وقب. وكان يقول في معنى وقب: ذهب)) اهـ.
قال الطحاوي رحمه الله في ((مشكل الآثار)) تحت باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعائشة رضي الله عنها لما أشار لها إلى القمر ((استعيذي بالله من شر هذا فإنه الغاسق إذا وقب)): ((فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به إن شاء الله تعالى، إذ كان بعض الناس قد استعظمه وقال: أي شر في القمر، وهو خلق الله، مطيع له، وذكر قول الله عز وجل: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر} إلى قوله: و{كثير من الناس} فأخبر عز وجل بالمطيعين من خلقه، ثم قال: {وكثير حق عليه العذاب} أي: المخالفين عليه من خلقه، فأي شر في القمر، وهو كما ذكرنا حتى يستعاذ منه ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن القمر خلق لله، مطيع له كما ذكر، وأنه لا شر له، وأن المراد بما في هذا الحديث غير الذي توهمه فيه، وهو أن الله جعل الليل والنهار آيتين، فبين لنا ذلك بقوله: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة} وكانت آية الليل هي القمر، وآية النهار هي الشمس، وكان القمر للمحو الذي محاه الله فيه يكون عند الظلمة التي ليست مع النهار، وكان أهل المعاصي الذين لا يستطيعون إظهارها من أنفسهم في النهار لما يخافون من إقامة عقوباتها عليهم يظهرونها من أنفسهم في الليل لما يأمنون عليها فيه، وكان لله عز وجل خلق وهم الشياطين ينبثون في الليل ولا ينبثون في النهار، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كما حدثنا يزيد بن سنان، وإبراهيم بن مرزوق، جميعا قالا حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جنح الليل فكفوا صبيانكم حتى تذهب ساعة من الليل، ثم خلوا سبيلهم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، وأغلقوا أبوابكم واذكروا اسم الله عز وجل، فإن الشياطين لا تفتح مغلقا وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله عز وجل، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله عز وجل، ولو أن تعرضوا عليه بعود)).
ثم قال:
فكان ما ذكرنا من بني آدم، ومن الشياطين يكون في الليل في الظلمة التي تكون من المحو الذي في القمر، مما لا يكون مثله في الضياء الذي في النهار، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها بالاستعاذة من شر القمر الذي هو سبب الليل، مريدا بذلك الأشياء التي تكون في الليل مما القمر سبب لها، ولم يرد بذلك نفس القمر، وكان ذلك منه صلى الله عليه وسلم كمثل قول الله عز وجل: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} لا يريد بذلك القرية نفسها ولا العير نفسه، وإنما يريد به أهل القرية، وأهل العير، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة في القمر: ((استعيذي بالله عز وجل من شر هذا)) ليس يريد القمر نفسه، ولكن يريد به ما يكون في الظلمة التي القمر سببها للمحو الذي فيه من بني آدم، ومن الشياطين الذين هم أعداء لعائشة ولمن سواها من بني آدم. ومثل ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما قد حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي قال: حدثنا حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن كعب قال: أشهد والذي فلق البحر لموسى صلى الله عليه وسلم لسمعت صهيبا يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية يريد نزولها قال: ((اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الرياح وما ذرين، ورب الأرضيين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، أسألك من خير هذه القرية ومن خير أهلها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها)).
والقرية نفسها لا خير لها، ولا شر لها، وإنما يأتي الخير والشر من غيرها، فأضافهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها لكونهم فيها، وهكذا كلام العرب فمثل ذلك ما أضافه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر مما ذكرته عائشة هو من هذا المعنى، والله نسأله التوفيق)) اهـ.
هذا تفسير الشيخ المجدد : محمد بن عبد الوهاب .
قال رحمه الله – تعالى – والشر الثاني:شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وهذا خاص بعد عام، والغاسق: الليل إذا أقبل ودخل في كل شيء، والغسق: الظلمة، والوقوب: الدخول، والسبب الذي لأجله أمر الله بالاستعاذة من شر الليل: هو أن الليل محل سلطان الأرواح الشريرة وفيه تنشر الشياطين، والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع المظلمة، ولهذا كانت القلوب المظلمة هي محل الشياطين وبيوتهم.
وذكر سبحانه في هاتين الكلمتين الليل والنهار والنور والظلمة. فأمر الله عبداه أن يستعيذوا بربْ النور الذي يقهر الظلمة ويزيلها، وهو سبحانه يدعى بأسمائه الحسنى فيُسأل لكل مطلوب باسم يناسبه.
—
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((فذكر سبحانه الاستعاذة من شر الخلق عموما ثم خص الأمر بالاستعاذة من شر الغاسق إذا وقب وهو الزمان الذي يعم شره)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((شر الغاسق إذا وقب فدخل فيه ما يؤثر من العلويات في السفليات من الليل وما فيه من الكواكب كالثريا وسلطانه الذي هو القمر ودخل في ذلك سحر التمرسحات (كذا) الذي هو أعلى السحر وأرفعه)) اهـ.
وقال ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((فالقمر هو آية الليل وسلطانه فهو أيضا غاسق إذا وقب كما غاسق إذا وقب والنبي أخبر عن القمر بأنه غاسق إذا وقب وهذا خبر صدق وهو أصدق الخبر ولم ينف عن الليل اسم الغاسق إذا وقب وتخصيص النبي له بالذكر لا ينفي شمول الاسم لغيره)) اهـ.
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((قال أصحاب القول الأول – وهو أنه الليل إذا ولج -: هذا لا ينافي قولنا؛ لأن القمر آيةُ الليل، ولا يوجد له سلطان إلا فيه، وكذلك النجوم لا تضيء، إلا في الليل)) اهـ.
وقال ابن عثيمين رحمه الله في ((تفسيره)): ((الغاسق قيل: إنه الليل. وقيل: إنه القمر، والصحيح إنه عام لهذا وهذا، أما كونه الليل، فلأن الله تعالى قال: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} [الإسراء: 78]. فهوالليل تكثر فيه الهوام والوحوش، فلذلك استعاذ من شر الغاسق أي: الليل)) اهـ.