50 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي و الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند :
50 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 133): حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن السدي قال سمعت أنس بن مالك يقول: لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكان صديقًا نبيًّا.
هذا حديث حسنٌ.
والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن وهو حسن الحديث إن شاء الله.
————————–
الصحيح المسند
50 روى الامام احمد عن أنس بن مالك يقول : لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا .
=====
=====
أولاً: دراسة الحديث رواية:
ورد من حديث عبدالله بن أبي أوفى عند البخاري 6194 من طريق إسماعيل قلت لابن أبي أوفى : رأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مات صغيرا ، ولو قضي أن يكون بعد محمد صَلَّى الله عليه وسلم نبي عاش ابنه ، ولكن لا نبي بعده.
ومن حديث البراء بن عازب عند البخاري (1382)،3255، 6195
لما مات إبراهيم عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن له مرضعا في الجنة.
—–
أما حديث أنس :
* قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/255): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
* قال السيوطي في الحاوي للفتاوى (3/ 143): هذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
* قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة تحت حديث 220: وعن أنس قال: رحمة الله على إبراهيم لو عاش كان صديقا نبيا، أخرجه أحمد (3 / 133 و280 ، 281) بسند صحيح على شرط مسلم، ورواه ابن منده وزاد: ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء ” كما في “الفتح ” للحافظ ابن حجر (10 / 476) وصححه .
* أخرج ابن ماجه في سننه 1511 عن ابن عباس قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَلَوْ عَاشَ لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ، وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ»
– قال الحافظ فى ” الإصابة ” 1 / 151 : فى سنده أبو شيبة الواسطى إبراهيم بن عثمان و هو ضعيف .
– قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/33): هذا إسناد ضعيف لضعف إبراهيم بن عثمان أبو شيبة وله شاهد في صحيح البخاري وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى.
– قال محققو المطالب العالية (5/412): وسنده ضعيف جدًا، وقصر البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/ 269: 545) إذ قال: إِسناده ضعيف، لضعف إبراهيم بن عثمان أبو شيبة. اهـ. إذ إن إبراهيم هذا متروك -كما في التقريب (92: 215) -.- قال الألباني رحمه الله في تخريج سنن ابن ماجه: صحيح دون جملة العتق.وقال في السلسلة الضعيفة 3202: وأما الجملة الأخيرة فلم أجد لها شاهدًا قويًا موصولًا . وإنما أخرج ابن سعد (1/ 144) بسند صحيح عن مكحول أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في ابنه إبراهيم لما مات : لو عاش ما رق له خال.
ومكحول تابعي ، فالحديث مرسل ، فتبقى هذه الجملة على الضعف لتعريها عن الشاهد القوي . والله أعلم.- وقال محققو سنن ابن ماجه: إسناده ضعيف جدًا، إبراهيم بن عثمان -وهو العبسي- متروك.
والصحيح في قوله: “لو عاش لكان صدِّيقا نبيا” أنه موقوف على ابن أبي أوفى، كما سبق، وعلى أنس عند أحمد (12358).
وقوله: “إن له مرضعًا في الجنة” صحيح من حديث البراء بن عازب عند البخاري (1382)، وأحمد (18497) و (18502).
وفي باب صلاة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على ابنه إبراهيم عن أنس عند أبي يعلى (3660).وعن أبي سعيد عند البزار (816 – كشف الأستار). وعن جعفر بن محمَّد عن أبيه عند البيهقي في “الدلائل” 5/ 431. وعن البراء عند أحمد (18497)، والبيهقي في “السُّنن” 4/ 9. وأسانيدها كلها ضعيفة. وأخرج أحمد (26305)، وأبو داود (3187) من حديث عائشة قالت: لقد توفي إبراهيم ابن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، فلم يصلِّ عليه. وإسناده حسن.
وجمع صاحب “الفتح الرباني” 7/ 210 بين هذه الأحاديث فقال: إنها (يعني السيدة عائشة) لم تعلم بصلاة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عليه، وعَلِمَ غيرُها، فأخبر كل بما علم، والمثبت مقدم على النافي. ورجح البيهقي 4/ 9 الصلاة عليه.
* قال محقق جامع المسانيد لابن كثير بعد إيراد ابن كثير حديث أنس: الخبر أخرجه البارودي عن أنس. وابن عساكر عن جابر وعن ابن عباس وعن ابن أبي أوفى، ورمز له السيوطي بالضعف. وعقب عليه المناوي فقال: … وقضية كلام المصنف أن هذا لم يتعرض له أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل إلى هذين، وهو عجب فقد رواه ابن ماجه بزيادة ولفظه (لو عاش إبراهيم لكان صديقاً نبياً ولو عاش لأعتقت أخواله من القبطه وما استرق قبطي) ورواه أحمد باللفظ الأول. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
… ولكن ابن حجر وهن طريق ابن ماجه في الإصابة كما ساق عدة طرق أخرى للخبر
ووهنها.
… أَمَّا ابن الأثير فقد عقب على الروايات التي أوردها في أسد الغابة برأي نقله عن أبي عمر هو: قال أبوعمر: لا أدري ما هذا القول؟ فقد ولد نوح غير نبي، ولو لم يلد النبي إلا نبياً لكان كل أحد نبياً لأنهم من ولد نوح عليه السلام.
* قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص 547: ” 893 حديث ( لو عاش إبراهيم لكان نبيا):
قال النووي في ترجمة إبراهيم من تهذيبه وأما ما روى عن بعض المتقدمين لو عاش إلى آخره فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم
ونحوه قول ابن عبد البر في تمهيده لا أدري ما هذا فقد ولد نوح عليه السلام غير نبي ولو لم يلد النبي إلا نبيا لكان كل أحد نبيا لأنهم من ولد نوح انتهى
قال شيخنا – يعني ابن حجر – ولا يلزم من الحديث المذكور ما ذكره لما لا يخفى وكأنه سلف النووي وقد قال شيخنا أيضا عقب كلام النووي إنه عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة قال وكأنه لم يظهر له وجه تأويله فقال في إنكاره ما قال وجوابه أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع ولا يظن بالصحابة الهجوم على مثل هذا بالظن
قلت والطرق الثلاثة أحدها ما أخرجه ابن ماجه وغيره من حديث ابن عباس قال لما مات إبراهيم ابن النبي قال ( إن له مرضعا في الجنة ولو عاش لكان صديقا نبيا ولو عاش لاعتقت أخواله من القبط وما استرق قبطي ) وفي سنده أبو شببة إبراهيم بن عثمان الواسطي وهو ضعيف ومن طريقه أخرجه ابن مندة في المعرفة وقال إنه غريب
ثانيها ما رواه إسماعيل السدي عن أنس قال ( كان إبراهيم قد ملأ المهد ولو بقي لكان نبيا لكن لم يكن ليبقى فإن نبيكم آخر الأنبياء )
ثالثها ما عند البخاري من طريق محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى رأيت إبراهيم ابن النبي قال مات صغيرا ولو قضى أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه إبراهيم ولكن لا نبي بعده
وأخرجه أحمد عن وكيع عن إسماعيل سمعت ابن أبي أوفى يقول لو كان بعد النبي نبي ما مات ابنه قلت وعزاه شيخنا للبخاري من حديث البراء فينظر
ولأحمد والترمذي وغيرهما عن عقبة بن عامر رفعه ( لو كان بعدي نبي لكان عمر ) وفي الباب عن جماعة. انتهى
قوله إن ابن حجر عزا حديث البراء للبخاري فينظر سبق ذكره برقم 1382 ولفظه ؛ لما توفي إبراهيم عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة.
===
* يوجد بحث منشور في مجموعة السلام عبارة عن تخريج الأحاديث الواردة في القبط فلينظر بعنوان ” «دُررُ السِّمْطِ» في ضَعْف أحاديث «الوِصاية بالقِبط» “.
* من الأحاديث الواردة في فضائل إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره صاحب السراج المنير في ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير : باب فضائل إبراهيم ابن سيد الخلق
4376 – لو عاش إبراهيم لكان صديقًا نبيًا.
(صحيح) (الباوردي) (4) عن أنس (ابن عساكر) عن جابر وابن دباس وابن أبي أوفى. (الضعيفة 3/ 23)
4377 – إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي (5)، وإن له ظِئرين (6) يكملان رضاعه في الجنة.(صحيح) (حم م) عن أنس. (الصحيحة 2493)
4378 – إن له مرضعًا في الجنة -يعني: ولده إبراهيم-. (صحيح) (ق 3) عن البراء. (الضعيفة 3202)
—–
قال النووي) فى تهذيب الأسماء ابراهيم بن أبى القاسم محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه مارية القبطية ولدته فىذى الحجة سنة ثمان من الهجرة وتوفى سنة عشر، وثبت فىالبخارى أيضا من حديث البراء بن عازب أنه لما توفى ابراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا فى الجنة وسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بولادته كثيرا وكانت قابلته سلمى مولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبى رافع فيشر أبو رافع به النبى صلى الله عليه وسلم فوهبه عبدا وحلق شعره يوم سابعه، قال الزبير بن بكار وتصدق بزنة شعره فضة ودفنه وسماه، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة لترضعه، قال الزبير تنافست الأنصار فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبى صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث موته المذكور فى هذا الباب وبكاء النبى صلى الله عليه وسلم عليه وقوله صلى الله عليه وسلم إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون، قال ودفن فى البقيع وقبره مشهور عليه قبة، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر أربع تكبيرات، هذا قول جمهور العلماء وهو صحيح (وروى ابن اسحاق) باسناده عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه، (قال ابن عبد البر) هذا غلط فقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الاطفال إذا استهلوا وهو عمل مستفيض فى السلف والخلف، وقيل إن الفضل بن عباس غسل ابراهيم ونزل فى قبره هو وأسامة بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على شفير القبر ورش على قبره ماءً، وهو أول قبر رش عليه الماء اه (تتمسة) لم يأت فى مسند الامام أحمد شيء عن القاسم وعبد الله ابنى النبى صلى الله عليه وسلم وقد جاء ذكرهما فيما رواه الطبرانى عن الزبير بن بكار قال ولد للنبى صلى الله عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبد الله، وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة ومات صغيراً، ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية هكذا الأول فالأول، مات القاسم بمكة ثم عبد الله، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات اه (قلت) فهولاء ستة كلهم من خديجة رضى الله عنها، ثم ولد له صلى الله عليه وسلم ابراهيم من مارية القبطية فجملة أولاده صلى الله عليه وسلم سبعة، ثلاثة ذكور وأربع إناث، هذا هو الصحيح المشهور، وقد اختلف فى عددهم وأصغرهم وأكبرهم اختلافا كثيرا أشار إلى ذلك الحافظ بن القيم فى زاد المعاد فقال (فصل) فى أولاده صلى الله عليه وسلم أولهم القاسم وبه كان يكنى مات طفلا، وقيل عاش إلى أن ركب الدابة وسار على النجيبة، ثم زينب وقيل هى أسن من القاسم، ثم رقية وأم كلثوم وفاطمة، وقد قيل فى كل واحدة منهم انها أسن من أختيها، وقد ذكر عن ابن عباس أن رقية أسن الثلاثوأم كلثوم أصغرهن، ثم ولد له عبد الله، وهل ولد بعد النبوة أو قبلها؟ فيه اختلاف، وصحح بعضهم أنه ولد بعد النبوة، وهل هو الطيب والطاهر أو هما غيره على قولين والصحيح أنهما لقبان له والله أعلم (قلت قال العلماء هما لقبان له وانما لقب بذلك لكونه ولد بعد النبوة) قال وهؤلاء كلهم من خديجة ولم يولد له من زوجة غيرها، ثم ولد ابراهيم بالمدينة من سرِّيته مارية القبطية سنة ثمان من الهجرة وبشره به أبو رافع مولاه فوهب له عبدا، ومات طفلا قبل الفطام، واختلف هل صلى عليه أم لا على قولين، وكل أولاده توفى قبله إلا فاطمة فانها تأخرت بعده بستة أشهر، فرفع الله لها بصبرها واحتسابها من الدرجات ما فضلت به على نساء العالمين، وفاطمة أفضل بناته على الاطلاق، وقيل إنها أفضل نساء العالمين، وقيل بل أمها خديجة، وقيل بل عائشة، وقيل بل بالوقف فى ذلك. (الفتح الرباني ج٢٢/ص١٠١-١٠٢)
===
إبطال استدلال الطائفة الأحمدية بحديث : ( لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا ) على أن الشريعة خُتمت بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن النبوة لم تُختم به..
أولا :
الحديث المقصود في السؤال لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روي مرفوعا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَلَوْ عَاشَ لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ ، وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ )
رواه ابن ماجة في ” السنن ” (1511) من طريق داود بن شبيب الباهلي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عثمان ، قال : حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس به .
وهذا إسناد ضعيف جدا فيه علتان :
العلة الأولى : إبراهيم بن عثمان ، أبو شيبة الكوفي ، اتفق النقاد على ضعفه ، فضعفه أحمد وابن معين ، بل قال فيه ابن المبارك : ارم به ، وقال الترمذي : منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك الحديث . ينظر : ” تهذيب التهذيب ” (1/145)
العلة الثانية : الانقطاع ، فقد قالوا في ترجمة إبراهيم بن عثمان إنه لم يسمع من الحكم سوى حديث واحد ، ولم يذكروا هذا الحديث ، وقالوا في ترجمة الحكم بن عتيبة إنه لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث ، ليس هذا منها ، فضلا عما اشتهر به من التدليس . ينظر : ” تهذيب التهذيب ” (2/434)
ولذلك ضعف الحديث ابن عدي في ” الكامل ” (8/507)، وابن حجر في ” الإصابة ” (1/94)، وابن كثير في ” البداية والنهاية ” (8/248) طبعة دار هجر ، والسخاوي في ” المقاصد الحسنة ” (ص/406)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
” هذا إسناد ضعيف جداً ؛ إبراهيم هذا متروك الحديث ، وتابعه بقية عن الحكم به ، أخرجه ابن عساكر من طريق محمد بن يونس : أنبأنا سعد ابن أوس أبو زيد الأنصاري : أنبأنا بقية عنه . و ( بقية ) مدلس وقد عنعنه ، فمن المحتمل أن يكون تلقاه عن إبراهيم هذا أو غيره من المتهمين ثم دلسه !
ثم إن في الطريق إليه محمد بن يونس – وهو الكديمي – وضَّاع ” انتهى من ” السلسلة الضعيفة ” (رقم/3202)، وانظر : (رقم/220)
وللحديث شاهد يرويه ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” (3/138) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعا : ( لو عاش إبراهيم لكان نبيا )، ولكنه ضعيف جدا أيضا ، فيه ثابت بن أبي صفية ، أبو حمزة الثمالي ، قال فيه الإمام أحمد : ضعيف ، ليس بشيء ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة : لين الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال ابن عدي : وضعفه بيِّنٌ على رواياته ، وهو إلى الضعف أقرب ، وقال ابن حبان : كان كثير الوهم في الأخبار حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد ، مع غلوه في تشيعه . ينظر: ” تهذيب التهذيب ” (2/7-8)
ثانيا :
ورد معنى الحديث السابق في كلام بعض الصحابة رضوان الله عليهم ، وهذا تخريج ما ورد:
1- أخرج البخاري في “صحيحه” (6194) من طريق إسماعيل بن أبي خالد قال : قلت لابن أبي أوفى : رأيت إبراهيم ابن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
قال : ” مات صغيراً ، ولو قُضي أن يكون بعد محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي عاش ابنُه ، ولكن لا نبيّ بعده ”
2- وعن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : ” لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا ”
رواه أحمد في ” المسند ” (19/359)، وفي (21/402) وغيره، وقال محققو المسند : ” إسناده حسن من أجل السدي ” انتهى.
فالخلاصة أن معنى الحديث يصح موقوفا من كلام أنس وابن أبي أوفى ، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثا :
وقد اختلف العلماء في هذه الآثار الواردة عن الصحابة على قولين :
القول الأول :
استنكر بعض العلماء هذا الكلام ، وردوا ما يوهمه من أن النبوة يمكن أن تورث .
فقال ابن عبد البر رحمه الله – معلقا على كلام ابن أبي أوفى – :
” هذا لا أدرى ما هو ، وقد ولد نوح عليه السلام من ليس نبيا ، وكما يلد غير النبي نبيا ، فكذلك يجوز أن يلد النبي غير نبي ، والله أعلم ، ولو لم يلد النبي إلا نبيا لكان كل واحد نبيا ، لأنه من ولد نوح عليه السلام ، وذا آدم نبي مكلم ، وما أعلم في ولده لصلبه نبيا غير شيث ” انتهى من ” الاستيعاب ” (1/60)
وقال الإمام النووي رحمه الله :
” وأما ما روى عن بعض المتقدمين : ( لو عاش إبراهيم لكان نبيًا ) فباطل ، وجسارة على الكلام في المغيبات ، ومجازفة ، وهجوم على عظيم من الزلات ، والله المستعان ” انتهى من ” تهذيب الأسماء واللغات ” (1/103)
القول الثاني :
قَبِلَ آخرون مِن أهل العلم الروايات السابقة ، ولكنهم قالوا إن الشرطية فيها غير لازمة ، ولا تدل على جواز الوقوع .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله – معلقا على كلام ابن أبي أوفى رضي الله عنه – :
” مثل هذا لا يقال بالرأي ، وقد توارد عليه جماعة – فذكر حديث ابن عباس وحديث أنس السابقين ثم قال – : فهذه عدة أحاديث صحيحة عن هؤلاء الصحابة ، أنهم أطلقوا ذلك ، فلا أدري ما الذي حمل النووي على استنكار ذلك ومبالغته…ويحتمل أن لا يكون استحضر ذلك عن الصحابة المذكورين فرواه عن غيرهم ممن تأخر عنهم فقال ذلك .
وقد استنكر قبله ابن عبد البر…مع أن الذي نقل عن الصحابة المذكورين إنما أتوا فيه بقضية شرطية ” انتهى باختصار من ” فتح الباري ” (10/578)
ويقول الملا علي القاري رحمه الله :
” لا يستلزم وقوع المقدم في القضية الشرطية ، فلا ينافي كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، فيقرب من قوله صلى الله عليه وسلم على ما رواه أحمد والترمذي والحاكم عن عقبة بن عامر مرفوعا : ( لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب ) والله سبحانه أعلم بما كان ، وما يكون ، وبما لا يكون ، وبأنه لو كان كيف يكون ” انتهى باختصار من ” مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ” (9/3721)، وأيضا: (9/3932)، وانظر تعليقا مهما له في ” الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ” (ص/290)، وانظر: ” الحاوي ” للسيوطي (2/119)
رابعا :
الحقيقة أننا نعجب من الاستدلال بهذا الحديث – بفرض صحته – على جواز النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن سياق الحديث على عكس ذلك تماما ، يُظهر أن المراد به إعلان انتهاء مقام النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك المقام لن يبلغه أحد من البشر ، إذ لو كان ذلك جائزا لكان أحق الناس بها إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله عز وجل توفاه لحكمة يعلمها سبحانه ، فلم يكن نبيا ، ولن يكون غيره نبيا ، فأي بيان أوضح من ذلك لمن أراد الهدى ، ولكنه هوى القلوب وعماها عن الحق ، فتحرف الكلم عن مواضعه ، والله عز وجل يقول : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) المائدة/13.
خامسا :
معلوم عند أهل اللغة أن كلمة ( لو ) لا تدلّ على إمكانية وقوع المعلق ؛ وإنما يقول النحويون إنها حرف امتناع لامتناع ، يعني امتناع الجواب لامتناع الشرط ، وذلك كثير في القرآن الكريم ، كقول الله تعالى : ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ) الإسراء/42، وقوله عز وجل : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) الأنبياء/22، فهل يقول عاقل إن هذه الآيات دليل على جواز أن يكون مع الله آلهة أخرى ؟!
فكذلك سياق الحديث الشريف يدل دلالة ظاهرة على أن المقصود التمثيل والافتراض ، والافتراض لا يعني جواز الوقوع ، بل قد يفترض المستحيل شرعا للوصول إلى مقصد التشبيه والتمثيل أو التدليل .
وهو توفيق أن نطلق الصحابة بذلك لكي لا يدعي أحد النبوة
سادسا :
الاستدلال بآثار الصحابة فيه إلزام ظاهر لهم أيضا ، وذلك في قول ابن أبي أوفى – كما سبق نقله مما رواه البخاري – ( إلا أنه لا نبي بعده )، فهي جملة صريحة في نفي النبوة عن غير النبي صلى الله عليه وسلم ممن يأتي بعده .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
” إذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة : ( لو عاش إبراهيم لكان نبيا ) على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها لا تصح هكذا عنه صلى الله عليه وسلم ، وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجرا ، وتعكس دليلهم عليهم ؛ إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيرا كان بسبب أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ، ولربما جادلوا في هذا – كما هو دأبهم – وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذه الآثار ، وأن يرفعوا عنها حكم الرفع ، ولكنهم لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا ولو من الوجه الأول ، وهو أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعا صراحة ” انتهى باختصار من ” السلسلة الضعيفة ” (1/388)
وأخيرا :
الطائفة القاديانية أو ( اسمها الآخر الأحمدية ) متفق على خروجها عن ملة الإسلام لدى العلماء المعاصرين ، لما تشتمل عليه عقائدهم من أمور كفرية مناقضة لثوابت الشريعة الإسلامية ، وقد صدرت بكفرهم عشرات الفتاوى والقرارات المجمعية ، من أهمها قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، رقم/4 (4/3)، فقد خالفت هذه الطائفة إجماع المسلمين القطعي على أنه لا نبي بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ودلت على ذلك العديد من نصوص الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة .