94 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
94 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 6 ص 627): حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «هَذَا ابْنُ آدَمَ وَهَذَا أَجَلُهُ» وَوَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ قَفَاهُ ثُمَّ بَسَطَهَا فَقَالَ «وَثَمَّ أَمَلُهُ وَثَمَّ أَمَلُهُ».
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قال أبو عبد الرحمن: هو حديث صحيحٌ.
الحديث أخرجه ابن ماجه (ج 2 ص 1414) فقال: حدثنا إسحاق بن منصور، ثنا النَّضْرُ بن شُمَيْلٍ، أنبأنا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول … فذكر الحديث.
وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 123) فقال: ثنا يزيد، أنا حماد بن سلمة، فذكره.
—————–
أولًا: دراسة الحديث رواية:
1- الحكم على حديث الباب:
* صححه الألباني في سنن الترمذي 2334 وفي سنن ابن ماجه 4232.
* قال الأرناؤوط في تحقيق صحيح ابن حبان (4/264): ” إسناده قوي. عبد الوارث بن عبيد الله روى له الترمذي، وهو صدوق، ومن فوقه من رجال الصحيح.
وأخرجه الترمذي “2334” في الزهد: باب ما جاء في قصر الأمل، والبغوي “4092” من طريقين عن ابن المبارك، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد “3/123” و”135″، “142”، و”257″، وابن ماجه “4232” في الزهد: باب الأمل والأجل، من طريق حماد بن سلمة، به.
وأخرج البخاري “6418” في الرقاق: باب في الأمل وطوله، من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطاً، فقال: هذا الأمل وهذا الأجل، فبينما هو كذلك إذ جاء “الخط الأقرب”.
وأخرج أحمد “3/265” من طريق ثابت، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ثلاث حصيات فوضع واحدة، ثم وضع أخرى بين يديه، ورمى بالثالثة، فقال: “هذا ابن آدم، وهذا أجله، وذاك أمله، التي رمى بها”.
وفي الباب عن ابن مسعود عند الترمذي “2454”، وأحمد “1/385″، والدارمي ص “700”، وابن ماجه “4231”.
وعن بريدة عند الترمذي “2870”.
وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد “3/18″.”
* قال محققو سنن ابن ماجه (5/309): ” إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (2488)، والنسائي في “الكبرى” (11763) من طريق حماد ابن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في “مسند أحمد” (12238)، و”صحيح ابن حبان” (2998).
وأخرجه البخاري (6418)، والنسائي (11762) من طريق همام بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: خط النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – خطوطًا فقال: “هذا الأمل وهذا الأجل، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقربُ”. ”
* وقال محققو المسند (19/267): ” إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم… ولفظه عند الطبراني: “هذا ابن آدم، ثم وضع يده تحت ذقنه، ثم بسط يده فقال: هذا أمله”. ”
2- أحاديث في الباب:
* مما أورده الترمذي في سننه في نفس الباب:
- عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ القُبُورِ» فَقَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالمَسَاءِ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ غَدًا» [أخرجه البخاري 6416 والترمذي]
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا، فَقَالَ: «مَا هَذَا»؟ فَقُلْنَا قَدْ وَهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ: «مَا أَرَى الأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ» [صححه الألباني وهو في الصحيح المسند 788]
* لفظ حديث ابن ماجه «هَذَا ابْنُ آدَمَ، وَهَذَا أَجَلُهُ عِنْدَ قَفَاهُ» ، وَبَسَطَ يَدَهُ أَمَامَهُ، ثُمَّ قَالَ: «وَثَمَّ أَمَلُهُ»، ومن الأحاديث التي أوردها ابن ماجه:
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطًّا وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ وَخُطُوطًا إِلَى جَانِبِ الْخَطِّ الَّذِي وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، وَخَطًّا خَارِجًا مِنَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا الْإِنْسَانُ الْخَطُّ الْأَوْسَطُ، وَهَذِهِ الْخُطُوطُ إِلَى جَنْبِهِ الْأَعْرَاضُ تَنْهَشُهُ – أَوْ تَنْهَسُهُ – مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا أَصَابَهُ هَذَا، وَالْخَطُّ الْمُرَبَّعُ، الْأَجَلُ الْمُحِيطُ، وَالْخَطُّ الْخَارِجُ الْأَمَلُ» [أخرجه البخاري بنحوه 6417]
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ فِي حُبِّ اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الْحَيَاةِ، وَكَثْرَةِ الْمَالِ ” [أخرجه مسلم 1046]
- عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ، وَيَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ ” [أخرجه مسلم 1047]
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ، لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ، وَلَا يَمْلَأُ نَفْسَهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» [صححه الألباني وهو في الصحيح المسند 1354 وجاء عن ابن عباس خ: 6436 ومسلم 1049 وعن أنس خ: 6439 و 6440 وهو في مسلم 1048 ولفظه عن أَنَسِ بْن مَالِكٍ في البخاري، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» ]
6440 – وَقَالَ لَنَا أَبُو الوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ، قَالَ: ” كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ القُرْآنِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] “]
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ، إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ» [قال الألباني حسن صحيح وهو في الصحيح المسند 1285]
* مما أورده ابن الأثير في جامع الأصول أبي هريرة برواية أخرى:
- (خ ت) أبو هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : «أعْذَرَ اللهُ إلى أمرئٍ أخَّرَ أجَلَهُ حتى بلغ ستين سنةً». هذه رواية البخاري.[ص:394]
وفي رواية الترمذي ، قال : قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : «عُمْرُ أمَّتي ما بَيْنَ سِتِّين سنةً إلى سبعين». زاد في رواية : «وأقَلُّهُم : مَنْ يَجوز ذلك».
ووجدتُ لرزين روايةً لم أجدها في الأصول : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : «مُعْتَرَكُ المنايا : ما بين الستين إلى السبعين ، ومَن أنْسَأ اللهُ في أجَلِهِ إلى أربعين ، فقد أعْذَرَ إليه».
* ينظر السلسلة الصحيحة 3428- (هل تدرُون ما هذا؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ! قال: هذا الإنسانُ، وهذا أجلُه، وهذا أملُه، يتعاطَى الأملَ، يختلجُه [الأجلُ]دون ذلك).
* مما أورده المنذري في الترغيب والترهيب في هذا الباب :
– أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أكثروا ذكر هاذم اللذات. يعني الموت”.
– وعن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مر بمجلس وهم يضحكون، فقال: “أكثروا من ذكر هاذم اللذات -أحسبه قال:-، فإنه ما ذكرة أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه”.
– أن رجلا قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -: أي المؤمنين أفضل؟ قال:”أحسنهم خلقا”.
قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: “أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم لما بعده استعدادا، أولئك الأكياس”.
– وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “استحيوا من الله حق الحياء”. قال: قلنا: يا نبي الله! إنا لنستحيي والحمد لله. قال: “ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء؛ أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك؛ فقد استحيا من الله حق الحياء”.
– وعن البراء رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: “يا إخواني! لمثل هذا فأعدوا”.
– وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما -لا أعلمه إلا رفعه- قال: “صلاح أول هذه الأمة بالزهادة واليقين، وهلاك آخرها بالبخل والأمل”.
– وعن معاذ قال: قلت: يا رسول الله! أوصني؟ قال: “اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند كل حجر، وعند كل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية”.
– وعن عبد الله عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك”. رواه البخاري وغيره.
ثانيًا: دراسة الحديث دراية:
1- تبويبات الأئمة على حديث الباب وما في معناه:
* بوب الترمذي في سننه باب قصر الأمل، وابن ماجه بوب عليه باب الأمل والأجل.
* بوب ابن حبان في صحيحه 2998 ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَقْرِيبِ أَجَلِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَتَبْعِيدِ أَمَلِهِ عَنْهَا.
* جعل ابن الأثير الكتاب العاشر من حرف الهمزة في الأمل والأجل.
* بوب البغوي على الحديث في شرح السنة باب طول الأمل والحرص، وأورد تحته من الآيات قال الله سبحانه وتعالى: {ألهاكم التكاثر {1} حتى زرتم المقابر {2}} [التكاثر: 1 – 2] أي: أدرككم الموت، وقال الله سبحانه وتعالى: {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} [القيامة: 5]، قال ابن عباس: سوف أتوب سوف أعمل يعني: يقدم الذنب، ويؤخر التوبة، قال عز وجل: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل} [الحجر: 3]، وقال جل ذكره: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} [فصلت: 49] أي: لا يفتر من طلب المال وما يصلح دنياه.
* بوب المنذري في الترغيب والترهيب باب الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمل، والمبادرة بالعمل، وفضل طول العمر لمن حسن عمله، والنهي عن تمني الموت.
2- شرح الحديث:
* ورد في الصحيح المسند برقم 836 عن عبد الله بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال هذه سبل قال يزيد متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.
وعلقنا عليه :
- قال ابن تيمية: (وعامة هذه الضلالات إنما تطرق من لم يعتصم بالكتاب والسنة كما قال الزهري: قال علماؤنا: الاعتصام بالسنة نجاة، وقال مالك: السنة سفينة نوح؛ من ركبها نجا … ) إلى أن قال (والرسول هو الدليل الخريت في هذا الصراط قال تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) مجموع الفتاوى 4/ 56
- فيه أن من أساليب الدعوة التعبير بالرسم؛ ومنه حديث؛ هذا ابن آدم وهذا أجله
- فيه الحض على اتباع السنة ولزوم جماعة المسلمين وعلى رأسهم الصحابه.
- فيه ذم الفرقة.
- فيه أن السبيل الموصل إلى الله واحد.
- ورد حديث يخبر بأن هذه الأمة ستفترق.
* قال السندي في حاشية سنن ابن ماجه (2/558): ” قوله: (أمامه) أي: قدام القفا والحاصل أن أجله لقريب وأن أمله لطويل. ”
* وقال القسطلاني في إرشاد الساري (9/240) في شرح حديث أَنَسٍ قَالَ: خَطَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطُوطًا فَقَالَ: «هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ».
(هذا الأمل) الذي يؤمله الإِنسان (وهذا أجله) والخط الآخر الإِنسان والخطوط الآخر الآفات التي تعرض له (فبينما) بالميم (هو كذلك) طالب لأمله البعيد (إذ جاءه الخط) الأوسط (الأقرب) وهو الأجل المحيط به إذ لا شك أن الخيط المحيط هو أقرب من الخط الخارج عنه، وعند البيهقي في الزهد من وجه آخر عن إسحاق خطّ خطوطًا وخط خطًّا ناحية ثم قال: هل تدرون ما هذا؟ هذا مثل ابن آدم ومثل التمني، وذلك الخط الأمل بينما يؤمل إذ جاءه الموت. وعند الترمذي من رواية حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس بلفظ: هذا ابن آدم وهذا أجله ووضع يده عند قفاه ثم بسطها فقال: وثمّ أمله وثمّ أجله أي أن أجله أقرب إليه من أمله. ”
* قال الطيبي في الكاشف (10/3324): ” فوضع اليد على قفاه معناه: أن هذا الإنسان الذي يتبعه أجله هو المشار إليه. وبسط اليد عبارة عن مدها إلى قدام. ”
* قال ابن الملقن في التوضيح (29/408): ” وقوله: (خط خططا صغارا) ، قال ابن التين: رويناه بضم الحاء وكسرها. قال الجوهري: الخط: واحد الخطوط، والخطة: أيضا من الخطط، كالنقطة من النقط .
وقوله: “نهشه” هو بالمعجمة، والمهملة، (قال ابن التين: رويناه بهما) ، ومعناه: أخذ الشيء بمقدم الأسنان، وسبقه إليه ابن بطال قال: والنهش: تناول بالفم كالنهس، والحية تنهش إذا عضت، والنهس أيضا: نثر اللحم، ونهش ينهش من كتاب “العين” ، قال: ومثل الشارع أمل ابن آدم وأجله، وأعراض الدنيا التي لا تفارقه بالخطوط، فجعل أجله الخط المحيط، وجعل أمله وأعراضه خارجا من ذلك الخط، ومعلوم في العقول أن ذلك الخط المحيط به الذي هو أجله، أقرب إليه من الخطوط الخارجة منه.
ألا ترى قوله في حديث أنس: “فبينا هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب”؟ يريد: أجله، وفي هذا تنبيه منه لأمته على تقصير الأمل، واستشعار الأجل خوف تغيبه ، ومن غيب عنه أجله فهو حري بتوقعه وانتظاره خشية هجومه عليه في حال غرة وغفلة -ونعوذ بالله من ذلك-، فليرض المؤمن نفسه على استعمال ما نبه عليه، ويجاهد أمله وهواه، كما قال – عليه السلام -في الباب بعد هذا-: “لا يزال قلب الكبير شابا في حب الدنيا وطول الأمل”
* وقال ابن الملقن في التوضيح (29/409):
” فصل:
روينا في كتاب أبي الليث السمرقندي، قال – عليه السلام -: “صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك أخرها بالبخل والأمل” ، ثم قال: من قصر أمله أكرمه الله بأربع كرامات:
أحدها: أنه يقويه على طاعته؛ لأنه إذا علم أنه يموت عن قريب، لا يهتم لما يستقبله من المكروه، ويجتهد في الطاعة؛ فكثر علمه.
ثانيها: تقل همومه؛ لأنه إذا علم أنه يموت عن قريب، فإنه لا يهتم بما يستقبله.
ثالثها: يجعله راضيا بالقليل.
رابعها: ينور قلبه، فينبغي للمسلم أن يقصر أمله، فإنه لا يدري في أي نفس، أو في أي قدم يموت، وينبغي للمسلم أن يكثر ذكر الموت، فإنه لا غنى به عن ست خصال:
علم يدله على الآخرة، ورفيق يعينه على الطاعة، والحذر من عدوه، وعبرة يعتبر بها من آيات الله في اختلاف الليل والنهار، وإنصاف (الحق) من نفسه، والاستعداد للموت قبل نزوله.
وقال في موضع آخر:
” فصل:
الأمل مذموم لجميع الناس إلا العلماء. فلولا أملهم وطوله لما صنفوا، ولما ألفوا، وقد نبه عليه ابن الجوزي.
وآمال الرجال لهم وضوح … سوى أمل المصنف ذي العلوم
والفرق بينه وبين الأماني: أن الأمل: ما أملته عن سبب، والتمني: ما تمنيته من غير سبب. قيل لعبد الرحمن بن أبي بكر: أي شيء أطول إمتاعا؟ قال: المنى ، ذكره الجاحظ في “كتاب النساء”. وقيل: لرقبة بن مصقلة: أنت بعيد الدار من المسجد، وتنصرف بلا مؤنس، قال: إني حين أخرج من المسجد أؤمل تأميلا فلا أملي ينقضي حتى أبلغ المسجد، وقال بعض الحكماء: الإنسان لا ينفك من أمل، فإن فاته الأمل عول على المنى. وقال يزيد بن معاوية: كثرة المنى تحلق العقل، وتفسد الدين، وتطرد القناعة.
وقال الشاعر:
الله أصدق والآمال كاذبة … وجل هذي المنى في الصدر وسواس ”
* قال ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3302)
” (وعن أنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ” هذا ابن آدم “) : الظاهر أن هذا إشارة حسية إلى صورة معنوية، وكذا قوله: (” وهذا أجله “) ….. وخلاصة العبارات والاعتبارات أن هذه الإشارات المؤيدة بالبشارات المؤكدة بالحركات والسكنات القولية والفعلية، المطابقة لما سبق من التصورات الصورية إنما هو للإشارة المعنوية المنبهة من نوم الغفلة المبينة أن أجل ابن آدم أقرب إليه من أمله، وأن أمله أطول من أجله كما قال لله در قوله:
كل امرئ مصبح في أهله … والموت أدنى من شراك نعله
هذا ما سنح لي في هذا المقام من توضيح المرام”.
* لابن أبي الدنيا رحمه الله رسالة بعنوان قصر الأمل واشتملت على 349 ما بين حديث وأثر.