110 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالملك
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
110 – قال الإمام النسائي رحمه الله في “عمل اليوم والليلة” (ص 301): أخبرني أحمد بن فضالة، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعنده خديجة وقال: إن الله يقرئ خديجة السلام. فقالت: إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله.
هذا حديث حسنٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا شيخ النسائي أحمد بن فضالة، وقد قال النسائي: لا بأس به. وقد تابعه قتيبة بن سعيد عند الحاكم (ج 3 ص 186) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً: دراسة الحديث روايةً:
* قال الحاكم في المستدرك: ” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ “، وسكت عنه الذهبي.
* صححه صاحب كتاب أنيس الساري (5/3755) ومما ذكره في التخريج ما أخرجه ابن السني في اليوم والليلة (240) عن إسماعيل بن داود بن وَرْدان المصري ثنا عيسى بن حماد ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن وهب أنّ خديجة خرجت تلتمس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأعلى مكة ومعها غذاء لها، فلقيها جبريل عليه السلام في صورة رجل، فسألها عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فهابته، وظنت أنه بعض من يغتاله، ثم إنها ذكرت ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقال “ذاك جبريل عليه السلام أخبرني أنه لقيك، ومعك غذاء وهو حيس، فقال: اقرأ عليها من الله عز وجل السلام وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب” فقالت: هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله وعلى من سمع إلا الشيطان، يا رسول الله ما بيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب؟ قال “هو بيت من لؤلؤة مخبأة”
ثم قال: ابن وردان ترجمه الذهبي في “السير” وقال: الشيخ العالم المسند، وعمرو بن وهب ما عرفته، والباقون ثقات.
* أشار الترمذي في باب فضل خديجة رضي الله عنها إلى حديث أنس وابن عباس، فقال صاحب كتاب نزهة الألباب في قول الترمذي «وفي الباب» (6/ 3558): ” أما حديث أنس:
فرواه عنه قتادة وثابت.
* أما رواية قتادة عنه:
ففي الترمذي 5/ 703 وأحمد في المسند 3/ 135 والفضائل 2/ 945 و 946 والطحاوى في المشكل 1/ 140 وابن حبّان 9/ 52 والحاكم 3/ 158 وأبى يعلى 3/ 260:
من طريق معمر عن قتادة عن أنس – رضي الله عنه – أن النَّبىِّ – صلى الله عليه وسلم – قال: “حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد وآسية امرأة فرعون” والسياق للترمذي وقد غمز معمر في قتادة إِلَّا أنه قد توبع كما يأتى إِلَّا أن معمرًا حينًا يقول ما سبق، وحينًا عن الزهري عن أنس.
* وأما رواية ثابت عنه:
ففي الكبرى للنسائي 5/ 94 وأبى الفضل الزهري في حديثه 1/ 166:
من طريق جعفر بن سليمان الضبعى وغيره عن ثابت عن أنس قال: جاء جبريل إلى النَّبى – صلى الله عليه وسلم – وعنده خديجة قال: “إن الله يقرئ خديجة السّلام” فقالت: إن الله هو السّلام وعلى جبريل السّلام وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته” والسياق للنسائي وهو مطول عند الزهري وسنده حسن.
ولثابت عن أنس سياق آخر.
في ابن عدى 4/ 217:
من طريق عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد” وعبد الله مختلف فيه ووالده ضعيف.
ثانيًا: دراسة الحديث درايةً:
أولًا: تبويبات الأئمة على الحديث:
* بوب النسائي في عمل اليوم والليلة 374: مَا يَقُول إِذا قيل لَهُ إِن فلَانا يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام، وأورد تحته من الأحاديث ما يأتي:
- عَن رجل من بني نمير عَن أَبِيه عَن جده أَنه أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أبي يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام قَالَ: عَلَيْك وعَلى أَبِيك السَّلَام.
- ثم ذكر حديث الباب.
- عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: إِن جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام قَالَت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ترى مَالا نرى.
ثانيًا: شرح الحديث:
* ينظر شرح صحيح مسلم في كتاب السلام في باب:
ومما جاء فيه: ” كيفية رد السلام المبلغ
إذا بلغك شخص سلام شخصٍ عليك، وجب أن ترد عليه السلام، فإذا قال لك: فلان يقرأ عليك السلام. أو فلان يسلم عليك قلت: وعليه السلام، وإن زدت: ورحمة الله وبركاته، فحسن.
وذلك لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يوماً: ((يا عائش: هذا جبريل يقرئك السلام)) فقالت: وعليه السلام، ورحمة الله وبركاته. هذا لفظ البخاري.
لأن رد السلام واجب كما هو متقرر، فيستوي فيه المشافهة، والإبلاغ.
قال النووي في شرح مسلم (15/ 211) على حديث عائشة: قال أصحابنا هذا الرد واجب على الفور. وكذا لو بلغه سلام في ورقة من غائب لزمه أن يرد السلام عليه باللفظ على الفور إذا قرأه. ا هـ.
وهل يرد السلام على المُرسَل أيضاً، فيقول عليه وعليك السلام؟
في حديث عائشة أنها ردت على جبريل فقط.
فدل ذلك علي أن الواجب رد السلام على المرسِل
وقد وردت أحاديث في رد السلام على المرسل والمرسَل وأمثلها ما رواه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) ص 301 من طرف جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس، قال: جاء جبريل إلي النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خديجة، وقال إن الله يقرئ خديجة السلام. فقالت إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
قال الحاكم في ((المستدرك)) (3/ 186):
حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه. ا هـ
قال ابن مفلح في ((الآداب (1/ 419):
ويستحب أن يسلم على الرسول. قيل لأحمد: إن فلاناً يقرئك السلام. قال: عليك وعليه السلام. وقال في موضع آخر: وعليك وعليه السلام. ا هـ.
وقال النووي في الأذكار ص 212
ويستحب أن يرد على المبلغ أيضاَ، فيقول: وعليك وعليه السلام. ا. هـ.
* وينظر فضائل خديجة رضي الله عنها في شرح صحيح مسلم في مجموعة السلام.
* جاء في صحيح مسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ، قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ، أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا عز وجل؛ وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ، مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَبَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ في رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ: وَمِنِّي).
قال الشيخ محمد علي آدم الإتيوبي في شرح مسلم (39/29): ” في فوائده:
1 – (منها): بيان فضل خديجة أم المؤمنين – رضي الله عنها -، حيث إن الله تعالى خصّها بإرسال السلام إليها، قال القرطبيّ رحمه الله: وإبلاغ الملَك لها أن الله يقرأ عليها السَّلام؛ فضيلة عظيمة، وخصوصية شريفة، لم يُسمع بمثلها لمن ليس بنبيّ إلا لعائشة – رضي الله عنها – على ما يأتي. انتهى.
2 – (ومنها): ما قاله في “الفتح” نقلًا عن السهيليّ رحمه الله: النكتة في قوله: “من قصب”، ولم يقل: من لؤلؤ: أن في لفظ القصب مناسبةً لكونها أَحرزت قصب السَّبْق بمبادرتها إلى الإيمان، دون غيرها، ولذا وقعت هذه المناسبة في جميع ألفاظ هذا الحديث. انتهى.
قال: وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها؛ إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يَصْدُر منها ما يُغضبه قطّ، كما وقع لغيرها. ”
3 – (ومنها): ما قاله السهيليّ رحمه الله أيضًا: مناسبة نفي هاتين الصفتين- يعني: الصخب، والنصب- أنه – صلى الله عليه وسلم – لمّا دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعًا، فلم تُحْوجه إلى رفع صوت، ولا منازعة، ولا تعب في ذلك، بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهوّنت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي بشّرها به ربها بالصفة المقابلة لِفعلها. انتهى.
4 – (ومنها): ما نقله في “الفتح” عن السهيليّ أيضًا، قال: لِذِكر البيت معنى لطيف؛ لأنها كانت ربة بيت قبل المبعث، ثم صارت ربة بيت في الإسلام، منفردة به، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بُعِث النبيّ – صلى الله عليه وسلم – بيت إسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضًا غيرها، قال: وجزاء الفعل يُذكر غالبًا بلفظه، وإن كان أشرف منه، فلهذا جاء في الحديث بلفظ البيت، دون لفظ القصر. انتهى.
قال: وفي ذِكر البيت معنى آخر؛ لأن مرجع أهل بيت النبيّ – صلى الله عليه وسلم – إليها؛ لِمَا ثبت في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] قالت أم سلمة: “لمّا نزلت دعا النبيّ – صلى الله عليه وسلم – فاطمة، وعليًّا، والحسن، والحسين، فجلّلهم بكساء، فقال: اللُّهُمَّ هؤلاء أهل بيتي. . .” الحديث، أخرجه الترمذيّ، وغيره، ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة؛ لأن الحَسَنَيْن من فاطمة، وفاطمة بنتها، وعليّ نشأ في بيت خديجة، وهو صغير، ثم تزوج بنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبويّ إلى خديجة دون غيرها.
5 – (ومنها): ما قيل: يُستدلّ بهذا الحديث على فضل عائشة على خديجة – رضي الله عنها وتُعُقّب بأن ذلك ليس بلازمٍ؛ لأنه يحتمل أن يكون المراد من النساء في هذا الحديث نساء زمنها، وقال السبكيّ الكبير: الذي ندين الله به أن فاطمة أفضل، ثم خديجة، ثم عائشة، والخلاف شهير، ولكن الحقّ أحقّ أن يُتّبع، وقال ابن تيميّة: جهات الفضل بين خديجة وعائشَة متقاربة، وكأنه رأى التوقّف، وقال ابن القيّم: إن أُريدَ بالتفضيل كثرة الثواب عند الله، فذاك أمر لا يُطَّلع عليه، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإن أريد كثرة العلم فعائشة لا محالة، وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها، وإن أريد شرف السيادة، فقد ثبت النصّ لفاطمة وحدها.
وقد أخرج الطحاويّ، والحاكم بسند جيّد عن عائشة؛ أن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال في حقّ زينب ابنته لمّا أوذيت عند خروجها من مكة: “هي أفضل بناتي، أصيبت فيَّ”، راجع “الفتح”، والله تعالى أعلم.
تنبيه : (((كذا وقع فضل عائشة على خديجة ولعله انقلب والصواب فضل خديجة على عائشة )))
* ذكر ابن حجر في شرح الحديث أن فيه رواية للنسائي من حديث أنس قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئ خديجة السلام يعني فأخبرها فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته.
قال ابن حجر : قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل: وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد: السلام على الله فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن الله هو السلام فقولوا: التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضا دعاء بالسلام، وكلاهما لا يصلح أن يرد على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل؟ فيستفاد منه أنه لا يليق بالله إلا الثناء عليه فجعل مكان رد السلام على الثناء عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت: وعلى جبريل السلام …. اهـ.
قلت سيف بن دورة :
تنبيه : حديث (زينب خير بناتي )وفي رواية (أفضل بناتي أصيبت بي) . هو في الصحيحة 3071 لكن أنكره الذهبي على يحيى الغافقي .
وورد من مراسيل عروة كما في تاريخ دمشق 3/148 وفيه قصة إسقاطها للجنين في هجرتها بسبب دفع رجلان من قريش لها ثم هاجرت فما زالت وجعه حتى ماتت فكانوا يرون أنها شهيدة. لكن ليس فيها أنها أفضل بناته ثم هو مرسل
وعلى فرض صحته فقد نقل الألباني جواب ابن خزيمة أن المقصود ( من أفضل بناته ) فتقدر ( من ) وذكر الحاكم وجها آخر من التوفيق
وراجع شرحنا لصحيح مسلم فضائل مريم وفضائل خديجة وفضائل فاطمة وفضائل عائشة ففيها مباحث حول الأفضلية وبيان شذوذ بعض الألفاظ.