136 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
136_ قال أبو داود رحمه الله ج8ص96: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَسْتَفْتُونَكَ فِي الْكَلَالَةِ فَمَا الْكَلَالَةُ قَالَ تُجْزِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ
فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَقَ هُوَ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا قَالَ كَذَلِكَ ظَنُّوا أَنَّهُ كَذَلِكَ.
…………………………………..
وفي رواية مسلم 567 في آخر خطبة لعمر رضي الله عنه :
” وايم الله، ما أترك فيما عهد إلي ربي فاستخلفني شيئا أهم إلي من الكلالة، وايم الله، ما أغلظ لي نبي الله صلى الله عليه وسلم في شيء منذ صحبته أشد ما أغلظ لي في شأن الكلالة، حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال: ” تكفيك آية الصيف، التي نزلت في آخر سورة النساء ” وإني إن أعش فسأقضي فيها بقضاء يعلمه من يقرأ ومن لا يقرأ.
قال الخطابي : أنزل الله في الكلالة آيتين أحدهما في الشتاء وهي الآية التي في سورة النساء وفيها إجمال وإبهام لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف وهي التي في آخر سورة النساء وفيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء فأحال السائل عليها ليتبين المراد بالكلالة المذكورة فيها انتهى ( تحفة الأحوذي )
وفي شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وآخرون : قوله يا عمر تكفيك اية الصيف الخ وإنما قال اية الصيف لأن الكلالة أنزلت في شأنها ايتان أحدهما في الشتاء وهي قوله تعالى إن كان رجل يورث كلالة الآية والأخرى في الصيف وهو قوله تعالى يستفتونك قل الله يفتيكم الآية وإنما أحال على آية الصيف لأن فيها من البيان ما ليس في آية الشتاء لكن هذا لبيان لا يروى الظمآن لأن الكلالة من لا ولد له ولا والد وهو قول كثير من الصحابة وجمهور العلماء وحديث أبي سلمة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن الكلالة فقال من ليس له ولد ولا والد موضح لذلك فأولوا اية الصيف بان الولد مشتق من الولادة فيتناول الوالد والاقرب منه ما قاله الجصاص ترك ذكر الوالد في اية الصيف لكونه مفهوما من أول السورة لأنه قال الله تعالى في حق من مات فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له اخوة فلأمه السدس أعطى الميراث للأبوين وبين نصيب الام في الحالتين فعلم ان باقيه للأب ولم يعط للأخوة ميراثا مع وجود الأب وفي اية الصيف أعطى للأخوة الكلالة ميراثا فعلم ان الكلالة من لا والد له أيضا وإنما أحال النبي صلى الله عليه و سلم لعمر رضي على اية الصيف القابلة لهذه التأويلات تحريضا له على النظر فيها وان لا يرجع للسؤال .
قال النووي رحمه الله : أما آية الصيف فلأنها نزلت في الصيف وأما قوله وإني إن أعش إلى آخره هذا من كلام عمر لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أخر القضاء فيها لأنه لم يظهر له في ذلك الوقت ظهورا يحكم به فأخره حتى يتم اجتهاده فيه ويستوفي نظره ويتقرر عنده حكمه ثم يقضي به ويشيعه بين الناس ولعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما أغلظ له لخوفه من اتكاله واتكال غيره على ما نص عليه صريحا وتركهم الاستنباط من النصوص وقد قال الله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة لأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة فإذا أهمل الاستنباط فات القضاء في
معظم الأحكام النازلة أو في بعضها والله أعلم .
واختلفوا في اشتقاق الكلالة فقال الأكثرون مشتقة من التكلل وهو التطرف فابن العم مثلا يقال له كلالة لأنه ليس على عمود النسب بل على طرفه وقيل من الإحاطة ومنه الإكليل وهو شبه عصابة تزين بالجوهر فسموا كلالة لإحاطتهم بالميت من جوانبه وقيل مشتقة من كل الشيء إذا بعد وانقطع ومنه قولهم كلت الرحم إذا بعدت وطال انتسابها ومنه كل في مشيه إذا انقطع لبعد مسافته واختلف العلماء في المراد بالكلالة في الآية على أقوال :
أحدها المراد الوراثة إذا لم يكن للميت ولد ولا والد وتكون الكلالة منصوبة على تقدير يورث وراثة كلالة .
والثاني أنه اسم للميت الذي ليس له ولد ولا والد ذكرا كان الميت أو أنثى كما يقال رجل عقيم وامرأة عقيم وتقديره يورث كما يورث في حال كونه كلالة وممن روي عنه هذا أبو بكر الصديق وعمر وعلي وبن مسعود وزيد بن ثابت وبن عباس رضي الله عنهم أجمعين .
والثالث أنه اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد احتجوا بقول جابر رضي الله عنه إنما يرثني كلالة ولم يكن ولد ولا والد .
والرابع أنه اسم للمال الموروث قال الشيعة الكلالة من ليس له ولد وإن كان له أب أو جد فورثوا الإخوة مع الأب قال القاضي وروي ذلك عن بن عباس قال وهي رواية باطلة لا تصح عنه بل الصحيح عنه ما عليه جماعة العلماء قال وذكر بعض العلماء الإجماع على أن الكلالة من لا ولد له ولا والد قال وقد اختلفوا في الورثة إذا كان فيهم جد هل الورثة كلالة أم لا فمن قال ليس الجد أبا جعلها كلالة ومن جعله أبا لم يجعلها كلالة قال القاضي وإذا كان في الورثة بنت فالورثة كلالة عند جماهير العلماء لأن الإخوة والأخوات وغيرهم من العصبات يرثون مع البنت وقال بن عباس :لا ترث الأخت مع البنت شيئا لقول الله تعالى ليس له ولد وله أخت وبه قال داود وقالت الشيعة البنت تمنع كون الورثة كلالة لأنهم لا يورثون الأخ والأخت مع البنت شيئا ويعطون البنت كل المال وتعلقوا بقوله تعالى إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ومذهب الجمهور أن معنى الآية الكريمة أن توريث النصف للأخت بالفرض لا يكون إلا إذا لم يكن ولد فعدم الولد شرط لتوريثها النصف فرضا لا لأجل توريثها وإنما لم يذكر عدم الأب في الآية كما ذكر عدم الولد مع أن الأخ والأخت لا يرثان مع الأب لأنه معلوم من قاعدة أصل الفرائض أن من أدلى بشخص لا يرث مع وجوده إلا أولاد الأم فيرثون معها وأجمع المسلمون على أن المراد بالإخوة والأخوات في الآية التي في آخر سورة النساء من كان من أبوين أو من أب عند عدم الذين من أبوين وأجمعوا على أن المراد بالذين في أولها الإخوة والأخوات من الأم في قوله تعالى وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت . انتهى
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن المسائل؛ فيحيل على القرآن، كما «سأله عمر عن الكلالة، ” فقال يكفيك آية الصيف» . وأشار صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أن في الاشتغال بامتثال أمره، واجتناب نهيه شغلا عن المسائل، «فقال: إذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم» ، فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العلمية، وإن كان من الأمور العملية، بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما ينهى عنه، وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك؛ لا إلى غيره. وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب والسنة. فأما إن كانت همة السامع مصروفة عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع، وقد لا تقع، فإن هذا مما يدخل في النهي، ويثبط عن الجد في متابعة الأمر. وقد «سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر، فقال له: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله» ، فقال له الرجل: أرأيت إن غلبت عليه؟ أرأيت إن زوحمت؟ فقال له ابن عمر: اجعل ” أرأيت ” باليمن، رأيت رسول الله يستلمه ويقبله خرجه الترمذي ومراد ابن عمر أن لا يكون لك هم إلا في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا حاجة إلا فرض العجز عن ذلك أو تعسره قبل وقوعه؛ فإنه قد يفتر العزم على التصميم عن المتابعة، فإن التفقه في الدين، والسؤال عن العلم إنما يحمد إذا كان للعمل، لا للمراء والجدال.
قال العباد : أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: آخر آية نزلت في الكلالة: (( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ))، ويقال لها: آية الصيف؛ لأنها نزلت في الصيف، وآية الكلالة الأولى آية الشتاء؛ لأنها نزلت في الشتاء، وكما هو معلوم الآية الأولى خاصة بالإخوة لأم، ولهذا جاءت مع الأزواج الذين هم من أصحاب الفروض، ولا يكونون من أصحاب التعصيب بحال من الأحوال، فالأزواج والإخوة لأم أصحاب فروض، ولا يكونون من أصحاب التعصيب بحال من الأحوال، وأما آية الكلالة التي هي آية الصيف، وهي آخر آية: (( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ))، فإنها في الإخوة الأشقاء، والإخوة لأب، وفيهم من يرث بالفرض، وفيهم من يرث بالتعصيب، فإن الواحدة لها النصف، وإذا وجد معها أخوات من الأب فلهن السدس تكملة الثلثين، وأكثر من واحدة لهن الثلثان، وإذا كان هناك إخوة وأخوات أشقاء أو لأب، فإن للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
وقال : (تجزيك آية الصيف) يعني: أحاله على آية الكلالة التي في آخر النساء، وهي التي نزلت في الصيف، فالحكم واضح فيها، ولعله لم يوضح له ذلك اكتفاءً بما عنده من العلم والفهم، وأنه يرجع إلى هذه الآية ففيها البيان. وهذه الآية ذكر فيها الولد ونص عليه، وأما الوالد فإنه يؤخذ من قوله: (( وَهُوَ يَرِثُهَا )) أي: أخته إذا لم يكن لها ولد، فإنه لا يحوز ميراثها إلا إذا لم يكن لها ولد وليس لها أب؛ لأنه لو كان لها أب فإنه ليس للإخوة ميراث بالإجماع، وإنما الخلاف في ميراثهم مع وجود الجد.
” شرح سنن أبي داود “