179 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
179 – قال الإمام أبو داود رحمه الله (ج 4 ص 293): حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ أخبرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَتَكِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا».
هذا حديث حسنٌ.
الحديث ضعفه الألباني في الإرواء 417، وضعيف أبي داود 256
وله شاهد خرجه في الضعيفة ٥٢٢٤
قال ابن الجوزي بعد أن أورد الروايات الدالة على وجود الوتر:
وَالْجَوَابُ أَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ فَفِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى فِي رِوَايَةٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِيهِ الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ ضَعَّفَهُ يَحْيَى وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَفِيهِ مُحَمَّد بن حسان فقد ضَعَّفُوهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَوْلُهُ وَاجِبٌ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ مُحَمَّدَ بْنَ حَسَّانٍ عَلَيْهِ إِنَّمَا يُرْوَى الْوِتْرُ حَقٌّ وَقَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ ثَبَتَتْ لَفْظَةُ حَقٍّ فَمَعْنَاهَا أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي السُّنَّةِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ مِنَّا إِذَا صَحَّ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ لَمْ يَتَخَلَّقْ بِأَخْلَاقِنَا وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ أَبُو دَاوُدَ فَقَالَ فِيهِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسلم ويتَأَوَّل أَنَّهُ حَقٌّ فِي بَابِ الِاسْتِحْبَابِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ قَالَ أَحْمَدُ تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ وَطَرِيقُهُ الثَّانِي فِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ قَالَ أَحْمَدُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهِ النَّضْرُ قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ يَحْيَى لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِي عَنْهُ وأما حَدِيثُ خَارِجَةَ فَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ كَذَّبَهُ مَالِكٌ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِحَدِيث الْوتر ولَا يُعْرَفُ سَمَاعُ ابْنِ رَاشِدٍ مِنِ ابْن أبي مرّة وأما حَدِيثُ أَبِي تَمِيمٍ فَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَة وهُوَ مَتْرُوك وأما حَدِيث معَاذ فَفِيهِ عبد اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ قَالَ يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَرْوِي الْمَوْضُوَعاتِ عَنِ الْأَثْبَاتِ وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ قَالَ البُخَارِيّ فِي حَدِيثه مَنَاكِيرُ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ كَتَبَ حَدِيثَ ابْنَ وَهْبٍ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يَأْتِي عَنْ عَمِّهِ بِمَا لَا أَصْلَ لَهُ.
التحقيق في أحاديث الخلاف (1/ 454)
قال الأثرم:
26 – باب الوتر، أواجبٌ هو
روى عبادة بن الصامت، وطلحة بن عبيد الله، وأنس، وابن عباس، وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تبارك وتعالى افترض على عباده خمس صلوات.
وروى محمد بن إسحاق وليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد عن عبد الله بن أبي مرة، وقال ابن إسحاق ابن مرة، عن خارجة بن حذافة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل زادكم صلاة الوتر)).
وروى ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم عن أبي بصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
وروى حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
وروى أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا)).
وروى خليل بن مرة عن معاوية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يوتر فليس منا)).
فهذه الأحاديث في ظاهرها مختلفة، وتلك الأحاديث الأولى أثبت، وأما حديث خارجة بن حذافة وأبي بصرة وعمرو بن شعيب فليست بالقوية.
فإن كانت محفوظة، فليس الوجه فيها أنها فريضة، ولكن على وجه التوكيد لها والأخذ بالعمل بها. وكذلك حديث بريدة وأبي هريرة ليسا بالقويين، ولكنهما في توكيد أمر الوتر.
ولو كانت الوتر فريضة، كان تاركها كافراً كسائر الصلوات، ولو كانت أيضاً فريضة، لم يختلف العلماء فيه، فيزيد فيها بعضهم على بعض، لأن الفرض موقوف عليه، غير مختلف فيه. ومما يؤكد هذا المذهب: قول علي: إن الوتر ليس بحتم كالصلاة المكتوبة، وقول ابن عمر حين سئل، أسنةٌ هو؟ فقال: أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ولم يزد، ومن ذلك قول عبادة بن الصامت للذي قال الوتر واجب: كذب أبو محمد، ومن ذلك حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أوتروا يا أهل القرآن)) فقال أعرابي: ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ليست لك ولا لأصحابك
ناسخ الحديث ومنسوخه للأثرم (ص92)
قال الخطابي:
قلت معنى هذا الكلام التحريض على الوتر والترغيب فيه وقوله ليس منا معناه من لم يوتر رغبة عن السنة فليس منا.
وقد دلت الأخبار الصحيحة على أنه لم يرد بالحق الوجوب الذي لا يسع غيره …
وقد أجمع أهل العلم على أن الوتر ليس بفريضة إلاّ أنه يقال إن في رواية الحسن بن زياد، عَن أبي حنيفة أنه قال هو فريضة وأصحابه لا يقولون بذلك فإن صحت هذه الرواية فإنه مسبوق بالإجماع فيه.
معالم السنن (1/ 286)
قال ابن عبدالبر:
– وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ ذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عن بن مُحَيْرِيزٍ عَنِ الْمُخْدِجِيِّ الْكِنَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى إِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسِ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرُوا الْوِتْرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاجِبٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ سُنَّةٌ فَقَالَ عُبَادَةُ أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَتَانِي جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَكَ قَدْ فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مَنْ وَافَانِي بهن عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَمَوَاقِيتِهِنَّ وَرُكُوعِهِنَّ وَسُجُودِهِنَّ فَإِنَّ لَهُ بِهِنَّ عِنْدِي عَهْدًا أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَنِي قَدِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ وَإِنْ شِئْتُ رَحِمْتُهُ
وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ إِلَّا أَنَّ عُقَيْلًا لَمْ يَذْكُرِ الْمُخْدِجِيَّ فِي إِسْنَادِهِ
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
والمخدجي عِنْدَهُمْ لَا يُعْرَفُ وَقِيلَ اسْمُهُ (أَبُو) رَفِيعٍ ذكر ذلك عن بن معين
وأما بن مُحَيْرِيزٍ فَأَشْهَرُ فِي الثِّقَةِ وَالْجَلَالَةِ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ الْمُخْدِجِيُّ لَقَبٌ لَيْسَ يُنْسَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعَرَبِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ فَحَافِظُوا عَلَيْهَا
وَحَدِيثُ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رسول الله فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ الْوِتْرِ جَعَلَهَا اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ
وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا
وَكُلُّهَا آثَارٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ
لِأَنَّ قَوْلَهُ زَادَكُمْ صَلَاةً لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلْفَرْضِ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَكُونَ زَادَنَا فِيمَا يَكُونُ لَنَا زِيَادَةً فِي أَعْمَالِنَا
كَمَا جاء في الوصية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَكُمْ ثُلْثَ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً في أعمالكم
وَمَعْلُومٌ أَنَّمَا هُوَ لَنَا خِلَافٌ لِمَا افْتَرَضَ علينا
ويصحح هذا التأويل قوله عز ةوجل (حفظوا على الصلوات والصلوة الْوُسْطَى الْبَقَرَةِ 238 وَلَوْ كَانَتْ سِتًّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وُسْطَى
وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ (1)
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
وَقَالَ لَهُ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ
وَالْآثَارُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَدِيثُهُ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَخَصَّ أَهْلَ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ
قَالَ أَحْمَدُ وَأَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ مِثْلَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا يَقُولُ مَا يَقُولُ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا خِلَافَ فِيهِ فَكَيْفَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعًا لِشُذُوذِ الْخِلَافِ فِيهِ
وَأَمَّا قَوْلُ عُبَادَةَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ الْوِتْرُ وَاجِبٌ فَأَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ وُجُوهِ الصَّحَابَةِ اسْمُهُ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يَنْبَغِي مِنْ ذِكْرِهِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى قَوْلِ عُبَادَةَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ عِنْدَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَذَبَ كَعْبٌ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ هُنَا
وَاخْتِصَارُ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَيْ غَلِطَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَوَهَمَ
وَقَدْ مَضَتِ الشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ الْآثَارَ الْوَارِدَةَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا وَأَوْرَدْنَا مِنْ طُرُقٍ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَا تَبَيَّنَ بِهِ صِحَّتَهُ وَأَنَّ الْمُخْدِجِيَّ لَمْ يَأْتِ فِيهِ إِلَّا بِمَعْنَى مَا تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَةُ بِهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَهُوَ مُقِرٌّ مُوقِنٌ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ مُؤْمِنٌ بِهَا أَوْ صَلَّى وَلَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ بِمَا يَجِبُ فِيهَا وَمَاتَ لَا يشرك بالله شيئا مقرى بِالنَّبِيِّينَ مُصَدِّقًا لِلْمُرْسَلِينَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ به محمد صلى الله عليه وسلم حَقٌّ إِلَّا أَنَّهُ مُقَصِّرٌ مُفْرِطٌ عَاصٍ لَمْ يَتُبْ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ أَنَّهُ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دون ذلك لمن يَشَاءُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِهَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا فِي التَّمْهِيدِ
الاستذكار (2/ 111)
قال ابن قدامة:
وقد ثَبَتَ أنَّ الأعْرَابِىَّ لمَّا سَأَلَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما فرَضَ اللَّه عَلىَّ في اليَوْمِ واللَّيْلةِ؟ قال: “خَمْسُ صَلَوَاتٍ”. قال: هل عَلَىَّ غَيْرُهُنَّ؟ قال: “لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ”. فقال الأعْرَابِىُّ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لا أزِيدُ عَلَيْهِنَّ، ولا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ. فقال: “أفْلَحَ الرَّجُلُ إنْ صَدَقَ” (37). ولأنَّه يَجُوزُ فِعْلُه على الرَّاحِلَةِ مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، فلم يكنْ واجِبا، كالسُّنَنِ، وقد رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُوتِرُ على بَعِيرِه. مُتَّفَقٌ عليه (38)، وقال: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسَبِّحُ على الرَّاحِلَةِ قبلَ أىِّ وِجْهَةٍ (39) تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَليها، غيرَ أنَّه لا يُصَلِّى عليها المَكْتُوبَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وغيرُه (40). وأحادِيثُهم قد تُكلِّمَ فيها، ثم إنَّ المُرَادَ بها تَأْكِيدُه وفَضِيلَتُه، وأنَّه سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وذلك حَقٌّ، وزِيَادَةُ الصَّلَاةِ يَجُوزُ أن تَكُونَ سُنَّةً، والتَّوَعُّدُ على تَرْكِه للمُبَالَغةِ في تَأْكيدِهِ، كَقَوْلهِ: “مَنْ أَكَلَ مِنْ (41) هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ فَلا يَقرَبَنَّ مَسْجِدَنَا”
المغني لابن قدامة – ت التركي (2/ 593)
وراجع للتوسع شرح كتاب الوتر من شرحنا رياح المسك العطرة .