91 الفوائد المنتقاه من شرح مختصر صحيح مسلم – رقم 91
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
( ألقاه الأخ : سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام1،2،3 والمدارسة ، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
:مشاركة أحمد بن علي وعبدالرحمن المشجري ومحمد بن سعد السوداني وحسام
———-
باب :في قتال جبريل وميكائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله، يوم أحد، رجلين عليهما ثياب بياض، ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام.
وفي رواية قال : لقد رأيت يوم أحد، عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن يساره، رجلين عليهما ثياب بيض، يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد
-_-_-_-_-_-_-_-
تمهيد مختصر في الإيمان بالملائكة :
قال الشيخ عبدالمحسن العباد :
الإيمان بالملائكة أحد أصول الإيمان الستة، والملائكة عالم من العوالم التي خلقها الله عز وجل، وقد خلقهم من نور كما ثبت ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) والملائكة خلقهم الله عز وجل ذوي أجنحة، مثنى وثلاث ورباع، وجبريل له ستمائة جناح كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يطيرون بأجنحتهم، ويتحولون إلى صورة الإنسان كما جاء في أول الحديث، وكما جاء في قصة ضيوف إبراهيم، وفي مجيء جبريل إلى مريم بصورة بشر. وهم لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، فهم مستسلمون منقادون دائماً وأبداً، وقد وكلوا بأعمال كثيرة، فمنهم الموكل بالوحي، ومنهم الموكل بالقطر، ومنهم الموكل بالموت، ومنهم الموكل بالجنة والنار، ومنهم الموكل بالحفظ والكتابة، ومنهم الموكل بالجبال، ومنهم الموكل بالأرحام، ويجب التصديق والإيمان بكل ما جاء في الكتاب وثبتت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخبار الملائكة. وهم خلق كثير لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ومما يدل على كثرتهم الحديث الصحيح في البيت المعمور وهو في السماء السابعة، وقد جاء في الحديث: (أنه يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة، ثم لا يعودون إليه)، ومعنى هذا: أنه كل يوم يدخل سبعون ألفاً ولا يتاح لمن دخله أن يرجع إليه مرة أخرى، والحديث يدل على كثرتهم، وأنهم جند لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى، وكذلك الحديث الذي فيه: (أن جهنم لها سبعون ألف زمام، وكل زمام معه سبعون ألف ملك يجرونها). وكل إنسان معه حفظة وكتبة من الملائكة. وقدم ذكرهم على غيرهم في الأصول الستة؛ لأنهم هم الذين يأتون بالوحي إلى الرسل؛ فهم الواسطة بين الله وبين رسله، ثم ذكر بعدهم الكتب؛ لأنهم ينزلون بالكتب، ثم جاء ذكر
-هل قاتلت الملائكة في أحد وبدر :
قيل: قاتلت في بدر، وكانت مددا في أحد، وقد روى البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما قال: “قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: هذا جبريل آخذ برأس فرسه، عليه أداة الحرب” قال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث وهم من وجهين :
أحدهما : أن هذا الحديث تقدم بسنده ومتنه في باب شهود الملائكة بدرا، ولهذا لم يذكره هنا أبو ذر ولا غيره من متقني رواة البخاري، ولا استخرجه الإسماعيلي ولا أبو نعيم.
ثانيهما : أن المعروف في هذا المتن “يوم بدر” لا يوم أحد.
قال ابن القيم : وقال تعالى( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا )
قيل في تفسيرها : قووا قلوبهم وبشروهم بالنصر، وقيل : احضروا معهم القتال. والقولان : حق، فإنهم حضروا معهم القتال وثبتوا قلوبهم
مشاركة أحمد بن علي :
قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن:
وقوله : {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران : 125] فصبر المؤمنون يوم بدر واتقوا الله فأمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة على ما وعدهم ؛ فهذا كله يوم بدر….وقيل : إنما كان هذا يوم أحد ، وعدهم الله المدد إن صبروا ، فما صبروا فلم يمدهم بملك واحد ، ولو أمدوا لما هزموا ؛ قاله عكرمة والضحاك.
ولعل الله خص نبيه بملكين يقاتلان عنه ، ولا يكون هذا إمدادا للصحابة. والله أعلم.
جاء في موسوعة البحوث والمقالات العلمية وذكر الباحث حديث سعد وقال:
وعن مجاهد قال: لم تقاتل الملائكة معهم يومئذ، ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر. قال البيهقي: إنما أراد مجاهد أنهم لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يصبروا على ما أمرهم به.
وعن عروة بن الزبير قال:.. وأنزل الله تعالى (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه): آل عمران 152. فصدق الله وعده وأراهم الفتح، فلما عصوا أعقبهم البلاء.
وافتي بعض اللجان حول سؤال نزول الملائكة فقالوا:
فقد نزلت الملائكة للقتال في يوم بدر وأحد، وظاهر الأدلة أنهم قاتلوا بحنين أيضا وبالخندق.
وقد جزم النووي في شرح مسلم أن قتالهم لم يختص بيوم بدر، ودليل نزولهم قوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ {الأنفال:12} .
ودليل نزولهم بأحد ما في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
وراجع تفسير ابن كثير في روايات قتالهم بحنين والخندق، وقد روى ابن عبد البر ما يفيد قتالهم مع الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
تنبيه : نزول الملائكة سبب من أسباب النصر لا يحتاج إليه الرب تعالى ، وإنما يحتاج إليه المخلوق فليعلق القلب بالله وليثق به ، فهو الناصر بسبب وبغير سبب …اهـ
الفوائد :مشاركة عبدالرحمن المشجري ومحمد بن سعد السوداني وحسام :
ويؤخذ من الحديث:
1- فضيلة الثياب البيض.
2- وأن رؤية الملائكة لا تختص بالأنبياء.
3- ومنقبة لسعد بن أبي وقاص، الذي رأى الملائكة.
4- وفيه كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم على الله تعالى، وإكرامه إياه بإنزال الملائكة تقاتل عنه.
5- وبيان أن الملائكة تقاتل.
6- وأن الملائكة تنزل في صورة الرجال.
7-قال صاحبنا عبدالقادر :
فِيهِ بَيَانُ كَرَامَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِكْرَامِهِ إِيَّاهُ بِإِنْزَالِ الْمَلَائِكَةِ… وَأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَلَائِكَةِ لَا تَخْتَصُّ بِالْأَنْبِيَاءِ بَلْ يَرَاهُمُ الصَّحَابَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي رَأَى الْمَلَائِكَةَ والله أعلم
شرح النووي على مسلم. انتهت فوائد الأصحاب
ويمكن أن نضيف :
8- وتصور جبريل كثيراً في صورة دحية وقد يتصور في صورة رجل غريب
9- من التوكل على الله اتخاذ الأسباب.
10- اهتمام رب العزة بنبية حيث أرسل له أعظم الملائكة يدافعان عنه، ونصرة دينه.
وهذه أحاديث حاولت أن أجمعها في قتال الملائكة وحراستهم :
أخرج مسلم في صحيحه في باب جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم )
عن عائشة رضي الله عنها قالت (… فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح فاغتسل فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار فقال: وضعت السلاح والله ما وضعناه أخرج إليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين فأشار إلى بني قريظة… )
وأخرجه البخاري 2813 في باب
بَاب الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ
وفي باب بَاب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} الْمَلَائِكَةُ
وأورد أحاديث فيه منها :
3231 من حديث عائشه وسبق
و3214 – ٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ
وأخرج هذا الحديث وحديث سعد بن أبي وقاص في بَاب مَرْجِعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ
و3239 :قَالَ أَنَسٌ وَأَبُو بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرُسُ الْمَلَائِكَةُ الْمَدِينَةَ مِنْ الدَّجَّالِ
وراجع الصحيحة 2938
وهو آخر حديث في الباب، وقد ذكر البخاري في هذا الباب أحاديث في أخبار الملائكة خاصة جبريل عليه السلام اخترت منها ما يخص قتالهم وحراستهم. وكنت أظن أن السيوطي سيجمع في كتابه الحبائك في أخبار الملائك باب فيه شئ من أخبار قتالهم لكن إنما ذكر أحاديثهم على أسماء الملائكة.
وفي مسلم 86 باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها 1374عن أبي سعيد مولى المهري * انه أصابهم بالمدينة جهد وشدة وانه أتى أبا سعيد الخدري… وفيه( والذي نفسي بيده ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها ثم قال للناس ارتحلوا فارتحلنا فأقبلنا إلى المدينة فوالذي نحلف به أو يحلف به الشك من حماد ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة حتى أغار علينا بنو عبد الله بن غطفان وما يهيجهم قبل ذلك شيء )
– في البخاري 1880، ومسلم 7133من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال)
-ومنه الحفظة الذين يحفظون بني آدم كما قال تعالى( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )
باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم
من حديث عبد الله بن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال * لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين… وقال – يعني ابوبكر- يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل !( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) ! فأمده الله بالملائكة قال أبو زميل فحدثني ابن عباس قال بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين
-في البخاري، بَاب شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا
3992 – عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ
أخرج البخاري 3995 – عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ
ونقل ابن حجر :
قال الشيخ تقي الدين السبكي سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه و سلم مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه فقلت وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالى في عباده والله تعالى هو فاعل الجميع والله أعلم
-وفي مسند أحمد 1257 – حدثنا أبو نعيم، حدثنا مسعر، عن أبي عون، عن أبي صالح الحنفي، عن علي، قال: ” قيل لعلي، ولأبي بكر يوم بدر: مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال – أو قال: يشهد الصف. وهو في الصحيحة 3241، والصحيح المسند 977
تنبيه1 : ذكر ابن حجر من حديث جبير بن مطعم قال : رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل النجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بين القوم فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادى لم أشك أنها الملائكة ولم تكن إلا هزيمة القوم.
وعزاه لمسند إسحاق وفي عمدة القاري : قال محمد بن إسحاق حدثني والدي إسحاق بن بشار عمن حدثه عن جبير بن مطعم.
تنبيه2 : قول اليهود في جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب… أخرجه أحمد من حديث ابن عباس وفيه بكير بن شهاب وقد خولف فيه حيث روي موقوفا على ابن عباس وراجع لفظ الموقوف في مصادره( تحقيق المسند 4/286)، وروي من تفسير مجاهد لكن فيه تدليس ابن جريج.
أما البخاري فرواه من حديث أنس لكن لفظه : ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية( من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله )
تنبيه 3:قال باحث
اشتهر في كتب التفسير والسيرة أن الشيطان كان حاضراً معركة “بدر” ، وأنه تشكَّل على صورة “سراقة بن مالك” فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَاءَ إِبْلِيسُ يَوْمَ بَدْرٍ فِي جُنْدٍ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَعَهُ رَأَيْتُهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ… وَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ إِلَى إِبْلِيسَ ، فَلَمَّا رَآهُ… قَالَ : (إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وَذَلِكَ حِينَ رَأَى الْمَلاَئِكَةَ .
رواه الطبري في “تفسيره” (13/7)
وقد روى الطبراني في “المعجم الكبير” (5/47) عن رفاعة بن رافع الأنصاري نحو رواية ابن عباس ، وإسناده ضعيف ؛ فيه “عبد العزيز بن عمران” .
ولعله مما يقوِّي معنى ما في الأثرين : حديثٌ مرسل ، رواه مالك في “الموطأ” (944) عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا رُئِيَ إِبْلِيسُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَرَى مِنْ تَنْزِيلِ الرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ عَنِ الذُّنُوبِ ، إِلاَّ مَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ ؟ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلاَئِكَةَ .
وقوله : (يزع الملائكة) أي : يرتبهم ، ويسويهم ، ويصفهم للحرب .
إشكال أجاب عليه بعض لجان الفتوى :
كيف تمثَّل الشيطان للكفار في غزوة بدر وهو مصفَّد وهي في رمضان؟
وأما الجواب عن الإشكال الذي ذكره السائل ، فمن وجوه ، منها :
. أن المتشكل بصورة ” سراقة ” هو شيطان من الشياطين ، وأما المصفَّد فهم المردة منهم .
-قد يكون التصفيد بعد غزوة بدر .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
والمصفَّد من الشياطين قد يؤذي ، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون فى غير رمضان ، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه ، فمن كان صومه كاملاً : دفعَ الشيطانَ دفعاً لا يدفعه دفع الصوم الناقص .
“مجموع الفتاوى” (25/246) .انتهى
-قال صاحبنا أبوتيسير :
وفي الصحيحة رقم الحديث: 275 الحديث: كان يصلي عند المقام، فمر به أبو جهل بن هشام، فقال : يا محمد ألم أنهك عن هذا ? !و توعده، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم و انتهره، فقال : يا محمد بأي شيء تهددني ?! أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا، فأنزل الله ( فليدع ناديه . سندع الزبانية ) . قال ابن عباس : لو دعا ناديه أخذته زبانية العذاب من ساعته “ .قال الألباني في “السلسلة الصحيحة” 1 / 496 :رواه الترمذي ( 2 / 238 ) و غيره من طرق عن داود ابن أبي هند عن عكرمة عن “ ابن عباس “ قال : فذكره . قال الترمذي : “ حديث حسن غريب صحيح “ . وقد رواه البخاري والطبراني في الكبير وغيره من طرق أخرى عن عكرمة به نحوه انتهى باختصار
قلت( سيف ) : وراجع الصحيحة 3296 فورد عن ابن عباس : قال ابوجهل : لئن رأيت محمداً صلى الله عليه وسلم لأطأن على عنقه، فقيل : هو ذاك، قال : ما أراه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ) والشطر الأول( لو فعل؛ لأخذته الملائكة عيانا ) أخرجه البخاري 4958، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم 2797وفيه قال ابوجهل بعد أن نكص على عقبيه( إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا واجنحة فقال صلى الله عليه وسلم : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً ) فأنزل الله عزوجل لا ندري في حديث أبي هريرة أو شئ بلغه( كلا إن الإنسان ليطغى… ).
قلت( سيف ): في تخريجنا لمسند أحمد 2225، 2226 أن البخاري حذف آخره عمدا وهو( ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم في النار ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا )؛ لأنه موقوف على ابن عباس حيث رواية عبدالرزاق التي أخرج البخاري الحديث من طريقها توضح ذلك . وذكر صاحب المختارة الرواية المرفوعة ثم ذكر الحديث وذكر آخره من قول ابن عباس وقال : أخرجناه؛ لأنه في البخاري موقوف والذي ذكرناه مرفوع.
فلا أدري هل تمم الرواية أم هكذا وقع له سماع صحيح البخاري؛ لأنه لم يشير للحذف.
المهم على كل الاحوال رواية البخاري تبين أنه موقوف. وراجع تفسير الصنعاني، وتفسير ابن المنذر، وتفسير ابن كثير وفتح الباري والصحيح المسبور.
قال صاحبنا فيصل :ومما ورد في ( مسند أحمد ط الرسالة ) مطولاً :- ٩٤٨ – حدثنا حجاج، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي، قال:(… فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبدالمطلب أسيرا، فقال العباس: يا رسول الله، إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح، من أحسن الناس وجها، على فرس أبلق، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: ” اسكت، فقد أيدك الله تعالى بملك كريم ” فقال علي: ” فأسرنا من بني عبد المطلب: العباس، وعقيلا، ونوفل بن الحارث ” قال محققو المسند إسناده صحيح،حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور.وأخرجه أبو داود (٢٦٦٥) والبيهقي ٣/٢٧٦ و٩/٣٣١ وغيرهما من طرق ورواية أبوداود والبيهقي مختصرة.
قلت( سيف ) وهو في الصحيح المسند 975