85 الفوائد المنتقاه من شرح مختصر صحيح مسلم – رقم 85
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
( ألقاه الأخ : سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام1،2،3 والمدارسة ، والاستفادة. والسلف الصالح، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
وممن شارك صاحبنا أبوصالح وسيف بن غدير وسعيد عبدالله العلوي وعبدالحميد. وخميس العميمي.
من وجد فائدة أو تعقيب فليفدنا
—–
( باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم )
-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا، فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه، فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه )وفي رواية( مثلي كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها، قال :فذلكم مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار، هلم عن النار فتغلبوني تقحمون فيها ).
وعن جابر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي )
——————-
تخريجه الحديث أخرجه البخاري 6483 . وورد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ( إن الله لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلّعها منكم مطّلع، ألا وإني آخذ بحجزكم… )أخرجه أحمد 1/390 وصححه أحمد شاكر ومحققو المسند، وضعفه الألباني باختلاط المسعودي واضطرابه في إسناده، ومحققو المسند قالوا :وكيع روى عنه قبل الاختلاط.
وأخرجه يعقوب بن شيبة في مسنده من حديث عمر رضي الله عنه وهذا الحديث أحد الأحاديث العشرة التي وجدت من مخطوطة مسند يعقوب ( ذكر ذلك محقق علل الدارقطني كما في مقدمته ) وسيأتي إن شاءالله نقل كلامه عليه
وورد من حديث ابن عباس( أنا آخذ بحجزكم اتقوا النار اتقوا الحدود، قالها ثلاثا )وفيه ليث ابن أبي سليم.
وورد في مسند أحمد من طريق يحيى بن سعيد عن بهز قال أخبرني أبي عن جدي قال (… وإني أسألك بوجه الله بم بعثك ربنا إلينا قال بالإسلام قال قلت يا رسول الله وما آية الإسلام قال ان تقول أسلمت وجهي لله وتخليت وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وكل مسلم على مسلم محرم إخوان نصيران لا يقبل الله عز وجل من مشرك يشرك بعد ما أسلم عملا أو يفارق المشركين إلى المسلمين ما لي أمسك بحجزكم عن النار ألا ان ربي داعي وانه سائلي هل بلغت عبادي وأنا قائل له رب قد بلغتهم…. )
ابن حنبل في مسنده ج5/ص4 ح20049 وهو في الصحيح المسند 1113 وراجع شرحه في تعليقنا على الصحيح المسند
ومما ورد من الموقوف :عن عمير بن هانئ قال :رأيت ابن عمر وابن الزبير ونجدة والحجاج، وابن عمر يقول 🙁 يتهافتون في النار كما يتهافت الذبان في المرق، فإذا سمع المؤذن أسرع إليه يعني مؤذنهم فيصلي معه ) أخرجه عبدالرزاق 3804وهو صحيح موقوف.( الأحاديث المعلة في الحلية )
شرح المعاني :
سعيد عبدالله العلوي وعبدالحميد :
فتح المنعم |فتح الباري لابن حجر
في رواية “فلما أضاءت ما حولها” والإضاءة فرط الإنارة، والمراد بذلك ظهور الحق ووضوحه، مما يرفع عذر المعتذر.
(فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه) أي في هذا الشيء الموقد، وفي الرواية الثالثة والرابعة “يقعن فيها” والدواب كل ما يدب على الأرض ولو لحظة، فيشمل الطير ويكون ذكر الفراش وغيره بعده من ذكر الخاص بعد العام، ويحتمل أن يراد بالدابة ما من شأنه يمشي على الأرض، فيكون عطف الطير عليه من العطف المغاير، وعلى كل فالمراد من الدواب التي تسقط في النار بعضها مما من شأنه أن يجري نحو النار يجهل عاقبتها، فيسقط فيها، كالخنافس والصرار وبعض الحشرات، أما الفراش فالمراد منه النوع المعروف من الطير، ذو الأجنحة التي هي أكبر كثيرا من جثته، وأنواعه مختلفة في الكبر والصغر، وكذا أجنحته، وأغرب ابن قتيبة فقال: المراد من الفراش ما يتهافت في النار من البعوض، وقال الخليل: الفراش كالبعوض، يلقي بنفسه في النار. وقال بعضهم: الفراش ما تراه كصغار البق، يتهافت في النار، وقال المازري: المراد من الفراش الجنادب. اهـ.
في رواية “فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها” قال أبو حاتم: الجندب على خلقة الجراد، له أربعة أجنحة، كالجرادة وأصغر منها، يطير ويصر بالليل صرا شديدا.
“وحجزكم” بضم الحاء وفتح الجيم وضمها جمع حجزة بضم الحاء وسكون الجيم، وهي معقد الإزرار
-قوله( هلم عن النار هلم عن النار )كرر لفرط الاهتمام والمعنى اسرعوا إلي وابعدوا أنفسكم عن النار قال الخليل أصله لم أي لم أنفسكم إلينا بالقرب منا وها للتنبيه وإنما حذف ألفها لكثرة الإستعمال وجعلا اسما واحدا يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في لغة أهل الحجاز وبها جاء القرآن وقيل أصله هل أم أي هل لك في كذا أم بفتح الهمزة أي قصد فركب الكلمتان وفيه أنه لم يظهر وجه ضم اللام وقيل معناه أقرب إلينا وأبعد عن النار فالخطاب عام
شرح الحديث
قال صاحبنا خميس العميمي:
فيه يبين صلى الله عليه وسلم خطر اتباع الشهوات, والانسياق وراء اللذات المحرمة ممثلاً حاله في ذلك مع أمته برجل أوقد ناراً للإضاءة وطلب الدفء , فلما أضاءت ما حوله تهافت الفراش والحشرات على مصدر هذا الضوء , لجهلها وعدم تقديرها لمصالحها , وهي لا تعلم أن فيه حتفها وهلاكها , فجعل الرجل يذودها ويذبها عن النار لئلا تحرقها ، ومع ذلك تأبى إلا أن تتقحم هذه النار .
واستخدم – صلى الله عليه وسلم- لفظ الاقتحام , الذي يعبر به عن إلقاء النفس في الهلاك من غير بصر وروية ، والمقصود من المثل تشبيه أصحاب المعاصي والشهوات , الذين يندفعون وراء أهوائهم – من غير تفكير في العاقبة أو نظر في المآلات – بهذه الحشرات التي بهرها ضوء النار , فسعت إلى ما فيه هلاكها .
[قال ابن حجر: وَحَاصِله أَنَّهُ شَبَّهَ تَهَافُت أَصْحَاب الشَّهَوَات فِي المَعَاصِي الَّتِي تَكُون سَبَبًا فِي الْوُقُوع فِي النَّار بِتَهَافُتِ الْفَرَاش بِالْوُقُوعِ فِي النَّار اِتِّبَاعًا لِشَهَوَاتِهَا, وَشَبَّهَ ذَبَّهُ الْعُصَاة عَن الْمَعَاصِي بِمَا حَذَّرَهُمْ بِهِ وَأَنْذَرَهُمْ بِذَبِّ صَاحِب النَّار الْفَرَاش عَنْهَا. وَقَالَ عِيَاض: شَبَّهَ تَسَاقُط أَهْل الْمَعَاصِي فِي نَار الْآخِرَة بِتَسَاقُطِ الْفَرَاش فِي نَار الدُّنْيَا.
وقال النووي: وَمَقْصُود الْحَدِيث أَنَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ تَسَاقُط الْجَاهِلِينَ وَالْمُخَالِفِينَ بِمَعَاصِيهِمْ وَشَهَوَاتهمْ فِي نَار الْآخِرَة, وَحِرْصهمْ عَلَى الْوُقُوع فِي ذَلِكَ, مَعَ مَنْعه إِيَّاهُمْ, وَقَبْضه عَلَى مَوَاضِع الْمَنْع مِنْهُمْ, بِتَسَاقُطِ الْفِرَاش فِي نَار الدُّنْيَا, لِهَوَاهُ وَضَعْف تَمْيِيزه, وَكِلَاهُمَا حَرِيصٌ عَلَى هَلَاكِ نَفْسه, سَاعٍ فِي ذَلِكَ لِجَهْلِهِ.انتهى نقل خميس.
وقال صاحب طرح التثريب :
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، وَهُوَ مَثَلٌ لِاجْتِهَادِ نَبِيِّنَا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي نَجَاتِنَا وَحِرْصِهِ عَلَى تَخْلِيصِنَا مِنْ الْمُهْلِكَاتِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا لِجَهْلِنَا بِقَدْرِ ذَلِكَ وَغَلَبَةِ شَهَوَاتِنَا عَلَيْنَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا مَثَلٌ غَرِيبٌ كَثِيرُ الْمَعَانِي، الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ ضَرَبَ مَثَلًا لِجَهَنَّمَ وَمَا رُكِّبَ مِنْ الشَّهَوَاتِ الْمُسْتَدْعِيَةِ لَهَا الْمُقْتَضِيَةِ لِلدُّخُولِ فِيهَا وَمَا نَهَى عَنْهَا وَتَوَعَّدَ عَلَيْهَا وَأَنْذَرَهَا وَذَكَرَ ذَلِكَ فِيهَا، ثُمَّ تَغْلِبُ الشَّهَوَاتُ عَلَى التَّقَحُّمِ بِاسْمِ أَنَّهَا مَصَالِحُ وَمَنَافِعُ وَهِيَ نُكْتَةُ الْأَمْثَالِ فَإِنَّ الْخَلْقَ لَا يَأْتُونَ ذَلِكَ عَلَى قَصْدِ الْهَلَكَةِ وَإِنَّمَا يَأْتُونَ بِاسْمِ النَّجَاةِ وَالْمَنْفَعَةِ كَالْفَرَاشِ يَقْتَحِمُ الضِّيَاءَ لَيْسَ لِتَهْلِكَ فِيهِ وَلَكِنَّهَا تَأْنَسُ بِهِ وَهِيَ لَا تَصْبِرُ بِحَالٍ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا فِي ظُلْمَةٍ فَتَعْتَقِدُ أَنَّ الضِّيَاءَ كُوَّةٌ فَتَسْتَظْهِرُ فِيهَا النُّورَ فَتَقْصِدُهَا لِأَجَلِ ذَلِكَ فَتَحْتَرِقُ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ وَذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْخَلْقِ أَوْ كُلُّهُ انْتَهَى.
قال حمد الكعبي:
قال ابن القيم رحمه الله في عدة الصابرين :
( … وهذا المثال مطبق على أهل الدنيا المنهمكين فيها فالرسل تدعوهم الى الاخرة وهم يتقاحمون فى الدنيا تقاحم الفراش..)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى:
(…. لما كان العقل البشري لا يتمكن من عبادة الله تعالى على الوجه الذي يرضاه ويحبه، وكذلك لا يستطيع التنظيم والتشريع المناسب للأمة على اختلاف طبقاتها إذ لا يحيط بذلك إلا الله وحده، كان من حكمة الله ورحمته أن أرسل الرسل، وأنزل الكتب لإصلاح الخلق، وإقامة الحجة عليهم….
فإن الناس مهما أوتوا من الفهم، والعقل، والذكاء لا يمكنهم أن تستقل عقولهم بالتنظيم العام المصلح للأمة بأكملها كأمة متماسكة متكافئة متساوية في إعطاء ذي الحق حقه…. فذكر حديث الباب )انتهى مختصراً
فوائد الحديث :
ويؤخذ من أحاديث الباب
– ترجم البخاري لهذا الحديث بباب الانتهاء عن المعاصي، أي تركها أصلا ورأسا والإعراض عنها بعد الوقوع فيها.
– وفيها إشارة إلى أن الإنسان في حاجة شديدة إلى النذير.
– وفيها مبالغة الرسول صلى الله عليه وسلم في تحذير الأمة مما يضرهم.
– ومن مجموع الروايات جواز ضرب الأمثال في العلم وغيره.
قلت( سيف بن دورة الكعبي) :
– وفيه أن أهل المعاصي أكثر من أهل الطاعة، ومنه قوله تعالى( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )
-وفيه تحريم حرمات الله( وراجع نضرة النعيم – تعظيم الحرمات )
-وفيه حكمة النبي صلى الله عليه وسلم( راجع نضرة النعيم المثل التطبيقي لحكمة النبي صلى الله عليه وسلم ).
– في قوله( آخذ بحجزكم ) فيه الحرص على تقليل الهلكى، واتباع الوسائل المانعه.
-فيه شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وخوفه عليهم وحنانه وعطفه بهم ونصحه لهم ( راجع نضرة النعيم – المثل التطبيقي لحنان النبي صلى الله عليه وسلم – والمثل التطبيقي لخوفه والمثل التطبيقي لعطفه والمثل التطبيقي لنصحه )
– وفيها ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة والحرص على نجاة الأمة، كما قال تعالى: حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم [التوبة: 128].
-الجزاء من جنس العمل، فلما علم رب العزة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، جعله أولى عليهم من أنفسهم، وألزمهم محبته، وسبق بيان ذلك في حديث ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) ومنه قوله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63 وقوله تعالى : (إناأَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ) الفتح/8-9
بل قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه 🙁 لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك
من نفسك ) فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (الآن يا عمر ) رواه البخاري ( 6257 ) .
وراجع كلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 246/27 حيث قرر أنه لا نجاة لأحد من عذاب الله، ولا وصول له إلى رحمة الله إلا بواسطة الرسول وأنه صلى الله عليه وسلم أنصح وأنفع لكل أحد من نفسه وماله…
قال ابن كثير رحمه الله :
( قد علم شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على أمته ، ونصحه لهم ،فجعله أولى بهم من أنفسهم ، وحكمه فيهم مقدما على اختيارهم ) 6/380 .
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :
( يخبر تعالى المؤمنين خبرا يعرفون به حالة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومرتبته ؛ فيعاملونه بمقتضى تلك الحالة ، فقال : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) : أقرب ما للإنسان ، وأولى ما له نفسه ،فالرسول أولى به من نفسه ، لأنه عليه الصلاة والسلام ، بذل لهم من النصح والشفقة
والرأفة…
-غضب الله والنار هما أعظم مرهوب للعبد ؛ ولا نجاة منها إلا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ورضى الله والجنة هما أعظم مطلوبه ، ولا فوز بهما إلا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم
وإلى الأمر الأول يشير حديث الباب.
وأما الثاني فيشير إليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ) البخاري 7280 من حديث أبي هريرة والله الموفق .
-الإعتصام بالسنة وعليه بوب بعض الأئمة كالبغوي وغيره .
-النار التي في الحديث تختلف عن النار في قوله تعالى( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا… ) حيث ضربت مثلا للمنافقين الذين أظهروا الإيمان في الدنيا وأسروا الكفر، فنالوا بإظهار الإيمان الأمن من المسلمين، وكان مصيرهم في الآخرة الخلود الأبدي في النار مع الكفار.
-باب الداعي إلى الله يضرب الأمثلة للناس
قال الله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا } [الإسراء/89]
-الداعي إلى الله يبين للناس أنه يريد لهم النجاة
– بذل النبي صلى الله عليه وسلم قصارى جهده من أجل استنقاذ أكبر عدد من الهالكين، وبوب الآجري في شريعته بَابُ ذِكْرِ مَا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
– المستوقد لم يكن غرضه إهلاك الحشرات إنما كان غرضه من فعله انتفاع الخلق به من الاستضاءة والاستدفاء وغير ذلك والفراش لجهلها جعلته سببا لهلاكها فكذلك كان القصد بتلك البيانات اهتداء الأمة واجتنابها ما هو سبب هلاكهم وهم مع ذلك لجهلهم جعلوها مقتضية لترديهم.
– قال بعض المتقدمين :التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار لكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش لأن باغترارها بظاهر الضوء أحرقت نفسها وفنيت حالا والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبدا.
مشاركة سيف بن غدير النعيمي
أنواع الأمثال في السنة
الأمثال في السنة ثلاثة أنواع:
- الأمثال المصَرَّحة. وهي ما صرِّح فيها بلفظ المثل، أو ما يدل على التشبيه. كما جاء فى الحديث الصحيح: ((إن مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها طائفة أمسكت الماء فشرب الناس واستقوا وزرعوا وكانت منها طائفة إنما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ وذلك مثل من فقه فى دين الله فنفعه ما بعثنى الله به من الهدى والعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به)) . والأمثلة عليها كثيرة.
- والأمثال الكامنة. وهي التي لم يُصَرَّحْ فيها بلفظ التمثيل، ولكنها تدل على معانٍ رائعةٍ في إيجازٍ، يكون لها وقعها إذا نقلت إلى ما يشبهها، مثاله: ((وخير الأمور أوساطها)) ، و((ليس الخبر كالمعاينة)) ، و((لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)) .
- والأمثال المرسلة. وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير تصريح بلفظ التشبيه، مثاله: ((سبقك بها عكاشة)) .
وضرب الأمثال يستفاد منه أمور كثيرة،
منها: التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره بصورة المحسوس، فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص؛ لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس، ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد .
-قال صاحبنا أبوصالح:
وورد الحديث من رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وفيه (يوشك أن أرسل حجزكم) أي من شدة تقحمكم، وفيه ذكر الذود عن الحوض
وفيه إشارة إلى أن من خالف سنته لم يأمن أن يبعد عن الحوض يوم القيامة
أخرجه البزار وغيره وحسن إسناده اﻷلباني كما في الصحيحة رقم 2865 انتهى
قلت : سيأتي الكلام على حديث عمر رضي الله عنه بعد بابين إن شاء الله . انتهى
-مبحث في مصطلح الحديث :
وحق هذا المبحث أن يكون في أول الشرح وإنما أخرته لقلت سالكي هذا الفن والله المستعان :
قال علي بن المديني في حديث عمر 1 – رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – قال : ” إني ممسك بحجزكم عن النار ” : ( هذا حديث حسن الإسناد وحفص بن حميد مجهول لا أعلم أحداً روى عنه إلا يعقوب القمِّي ولم نجد هذا الحديث عن عمر إلا من هذا الطريق وإنما يرويه اهل الحجاز من حديث أبي هريرة ) العلل ( ص 94 )
وقال مثل ذلك يعقوب بن شيبه ، وقال بعض الباحثين : لعل مقصودهم أنه ليس فيه ما يستنكر، وبعضهم قال :إنما يقصدون أنه غريب ومنكر :
ففي الإرشادات : اصطلاح العلماء المتقدمين ، حيث يطلقون ” الحسن ” أحياناً ويريدون به الحسن المعنوي ، وأحياناً أخرى يريدون به الغرابة والنكارة.ثم دلَّل على ذلك فقال :
عن إبراهيم بن يزيد النخعي ، أنه قال :
” كانوا يكرهون إذا اجتمعوا ، أن يخرج الرجل أحسن حديثه ، أو أحسن ما عنده ” .
قال الخطيب :
” عنى إبراهيم بالأحسن : الغريب ؛ لأن الغريب غير المألوف يُستحسن أكثر من المشهور المعروف ، وأصحاب الحديث يُعبِّرون عن المناكير بهذه العبارة ” .
ثم روى بإسناده إلى أمية بن خالد ، قال : قيل لشعبة : ما لك لا تروى عن عبد الملك بن أبي سليمان ـ يعني : العرْزمي ـ وهو حسن الحديث ؟ فقال : من حُسْنِها فررت !
ومن ذلك :
ما ذكره الرامهرمزي في هذا الباب أيضاً :
عن عبد الله بن داود ـ هو : الخُرَيْبي ـ ، قال : قلت لسفيان : يا أبا عبد الله ! حديث مجوس هجر ؟
قال : فنظر إليّ ، ثم أعرض عني ….
ولعل هذا الحديث هو ما سأله عنه يحيى القطان :
وذلك ؛ فيما قال يحيى القطان : سألت سفيان عن حديث حماد ، عن إبراهيم في الرجل يتزوج المجوسية ، فجعل لا يحدثني به ، مَطَلَني به أياماً ، ثم قال : إنما حدثني به جابر ـ يعين : الجعفي ـ ، عن حماد ؛ ما ترجو به؟!
أخرجه : ابن أبي حاتم في ” التقدمة ” (ص 69) والعقيلي (1/195) .
ومن ذلك :
روى : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” (ص 94 – 95) حديث معاذ ـ مرفوعاً ـ : ” تعلموا العلم ؛ فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة … ” ـ الحديث .
ثم قال ابن عبد البر :
” حديث حسن جداً ! ولكن ليس له إسناد قوي ” !!
قال العراقي في ” التقييد والإيضاح ” :
” أراد بـ ” الحسن ” حسن اللفظ قطعاً
فإنه من رواية موسى بن محمد البلقاوي عن عبد الرحيم بن زيد العمي . والبلقاوي هذا كذاب
وساق في ” التمهيد ” حديثاً منكراً :
يرويه : بعض الضعفاء ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ مرفوعاً ـ : ” من قال في يوم مائة مرة : لا إله إلا الله الحق المبين … ” الحديث .
ثم قال :
” وهذا لا يرويه عن مالك من يوثق به ، ولا هو معروف من حديث ، وهو حديث حسن ، ترجى بركته ، إن شاء الله تعالى ” !
قال البرذعي :
” قال لي أبو زرعة : خالد بن يزيد المصري وسعيد بن أبي هلال صدوقان ؛ وربما في قلبي من حسن حديثهما” .
يعني : لكونها غرائب ؛ لأن الغرائب هي التي يُخشى من الخطأ فيها ، بخلاف الأحاديث المشاهير المتابع عليها.انتهى مختصراً.
وراجع بحوث كتبت حول مقصود الأئمة بالحديث الحسن .