الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم –
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
ألقاه الأخ : سيف الكعبي
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
( 23 باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار )
2201 عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم * كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فقالوا لهم هل فيكم راق فإن سيد الحي لديغ أو مصاب فقال رجل منهم نعم فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل فأعطي قطيعا من غنم فأبى أن يقبلها وقال حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب فتبسم وقال وما أدراك أنها رقية ثم قال خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم
2201 وفي لفظ * فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل
2201 عن أبي سعيد الخدري قال * نزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت إن سيد الحي سليم لدغ فهل فيكم من راق فقام معها رجل منا ما كنا نظنه يحسن رقية فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ فأعطوه غنما وسقونا لبنا فقلنا أكنت تحسن رقية فقال ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب قال فقلت لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال ما كان يدريه أنها رقية أقسموا واضربوا لي بسهم معكم 2201 وفي لفظ( فقام معها رجل منا ما كنا نأبنه برقية )
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
المفردات :
* القطيع : قال أهل اللغة :الغالب استعماله فيما بين العشرة والأربعين. وهناك أقوال أخرى.
جاء بعض الروايات مبينا؛ أنه ثلاثون شاة.
* نأبنه برقية : نظنه؛ كما سبق في الرواية التي قبلها، وأكثر ما يستعمل هذا اللفظ بمعنى نتهمه، لكن المراد هنا بمعنى (نظنه )
الفوائد :
– للرقية أناس يحسنونها؛ وليس المقصود إرشاد الناس لهؤلاء الذين يتأكلون بالقرآن لكن المقصود؛ تعلم القرآن والأدعية؛ ونفع الآخرين.
– فضيلة فاتحة الكتاب؛ ومنه حديث (الحمدلله رب العالمين؛ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته )
– مشروعية التفل في الرقية.
– تواضع أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
– ذم البخل.
– الناس معادن وتستطيع أن تعرفهم في الأسفار؛ خاصة عند الحاجة وعند تعاملهم مع الفقراء.
– عظم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؛ وتبسمه وحسن تعليمه بالقول والفعل؛ حيث طلب أن يسهموا له معهم ليبين أنها حلال لا كراهة فيها. وقد فعله صلى الله عليه وسلم في حديث العنبر وفي حديث أبي قتادة في حمار الوحش.
التفاؤل بالكلام الحسن؛ ومنه سميت الصحراء مفازة.
– فيه جواز رقية المسلم للكافر.
حتى ذكر ابن القيم؛ أن الله عز وجل شافاه بقراءة الفاتحة عليه فأغنته عن الدواء وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء؛ هذا مع كون المحل غير قابل؛ إما لكون هؤلاء الحي غير مسلمين أو أهل بخل ولؤم، فكيف إذا كان المحل قابلا، وقال في المدارج :فالغالب عدم انتفاع الكفار لكن قد يقع لحكمة شاءها الله عز وجل قال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا )، ومنه قصة الغلام والساحر؛ فكان الغلام إذا أتاه أحد للعلاج يطلب منه الإسلام.
وتكلم ابن القيم في الطب؛ عن علاج المرض وأنه يكون من جهتين: من جهة الراقي بالتعوذات الصحيحة التي يتواطأ فيها القلب واللسان، ومن جهة المتعافي بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح؛ وشبهها بالعضد والسيف في قتال العدو.
تنبيه :ما ورد في البزار في قصة رقية سيد الحي ؛ وأنهم قالوا 🙁 بلغنا أن صاحبكم جاء بالنور والشفاء ) وأن هذا يدل على أنهم كفار؛ لا يصح.
– طلب الإسهام ممن تظن أنه يسر بذلك.
-القسمة من باب المروءات والتبرعات ومواساة الأصحاب والرفاق.
– الأخذ بالأسباب؛ ومنه( يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء)
– انتقام الله عز وجل؛ ممن يضر بأوليائه.
– فيه من آثار أسماء رب العزة؛ اللطيف والحكيم.
* مسألة: هل يجوز أخذ أجر على الرقية؟
– جواز أخذ جعل على الرقية؛ وبعضهم نقل عليه الإجماع؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺔ, ﻭﻓﻴﻪ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺞ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻧﻤﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻓﻲ تعليمه
[شرح السيوطي لسنن أبي داود.
واتفق الأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء على جواز أخذ الأجرة على الرقية
( أنظر فتح الباري – 4 / 457 )
قلت :فإن صح الإجماع فذاك وإلا لو قيدناه بمن كان حاله كحال أبي سعيد ورفقته؛ لكان أولى، فقد كانوا على سفر، ونزلوا على حي الغالب أنهم من الكفار فلم يضيفوهم، ومع ذلك تخوفوا ؛ عدم جوازه؛ حتى قالوا :يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا، فقال 🙁 إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله)، يعني من كان حاله كحالكم؛ ومنه حديث( زوجتكها بما معك من القرآن ) ، ويمكن أن يوجه
؛ بأنه لم يجد ولا خاتم من حديد. وكذلك حديث خارجه بن الصلت عن عمه وأنه رقى مجنون عند قوم كفار بالفاتحة؛ ثلاثة أيام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( فلعمري؛ لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق ) أخرجه أبوداود 3890 وإسناده حسن؛ وليس فيه المشارطة؛ إنما أعطوه مكافئة.
أما حديث عبادة؛ وعلم أناس من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إليه رجل منهم قوسا فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أتريد أن تطلق قوسا من نار.) فأعله البيهقي؛ قال : رجال إسناد حديث عبادة معروفون إلا الأسود بن ثعلبة؛ فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث ؛ وحديث ابن عباس وأبي سعيد أصح إسنادا
قلت :وهو حديث مختلف فيه على عبادة بن نسي؛ فقيل عنه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت وقيل عنه عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة
وذكر البيهقي بعض هذا الاختلاف كما في السنن( 6/125 )
وقال وروي من وجه آخر منقطع عن أبي بن كعب؛ وأعله بالإنقطاع أيضا ابن عبد البر والمزي؛ وفيه عبدالرحمن بن سلم؛ مجهول.
وعلى فرض صحته؛ قد يقال : أن مقصوده؛ التقرب لله فلا يجوز أن يغير نيته.
وبعضهم ذهب لنسخ حديث عبادة وآخرون حملوه على؛ أنه تعين عليه التعليم وحديث ابن عباس على من لم يتعين عليه التعليم.
قلت :لو رزق الإمام المعلمين والرقاة لكان أحوط.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية 🙁 إذا كان الجعل للطبيب على شفاء المريض جائز؛ كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)؛ وذكر حديث أبي سعيد الخدري؛ أن ثم قال 🙁 فإن الجعل كان على الشفاء لا على القراءة ولو استأجر طبيبا إجارة لازمة على الشفاء لم يجز لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفيه فهذا ونحوه مما تجوز فيه الجعالة دون الإجارة اللازمة ). ( مجموع الفتاوى20/507 وراجع كذلك 18/128)
قلت : أقوى ما يستدل به المجيزون حديث أبي سعيد الخدري وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم – لهم ومع ذلك كما ذكرنا فيه احتمال؛ أنه أقرهم لحاجتهم، أما كون النبي صلى الله عليه وسلم قال : (واضربوا لي بسهم ) فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز أخذ الأجرة على الرقية مطلقا ؛ وإنما لمَّا كان تملكهم لهذا المال تملك صحيح حيث كانوا محتاجين ؛ طلب منهم أن يعطوه كهدية.
وسبق في حديث جابر رضي الله عنه؛ لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقية قال ( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ) أخرجه مسلم؛ وذكرنا هناك أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها من باب التعاون.
وكذلك ورد ؛ حديث يدل على المنع قال رسول الله صلى الله عليه ( اقرؤوا القرآن فكل حسن وسيجئ أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه ). يعني يتعجلون الأجر الدنيوي ولا يهتمون بالأجر الأخروي، مع أن الحديث في المرائي الذي يأخذ أجر على مجرد القراءة.
المهم؛ نقول؛ لما قامت كل هذه الاحتمالات في حديث أبي سعيد الخدري وحديث ابن عباس؛ فالأحسن نرجع للأصول؛ ومنها :
* قوله تعالى( وما أسألكم عليه من أجر )
* وأن الدعاء عبادة يشترط فيها الإخلاص والرقية من الدعاء.
وفي الإذن بأخذ أجر على الرقية مفاسد منها :
* خرم التوحيد حيث تتعلق قلوب الناس بهذا الراقي أكثر من تعلقها بالله؛ فتجد المرضى يسافرون من بلد لآخر بحثا عن الرقاة المشهورين؛ وانظر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة أن يرقوا أنفسهم وأهليهم، ولم يعلقهم بشخص معين. بل حتى بعض الصحابة كان ممن هو مستجاب الدعوة لم يعلق الناس به. فمنع أخذ الأجر على الرقية فيه سد لذريعة التعلق بالمخلوقين.
* وفيه كذلك استغلال الناس وحاجاتهم، فيأكل هؤلاء الرقاة أموال الناس؛ فبعضهم يجعل مبلغ للمقابلة، ومبلغ للرقية، ومبلغ للماء والزيت المقروء عليه، وبعضهم يحتال؛ فيقول :أنا لا آخذ أجرة على القراءة؛ لكن إذا لم تشتر الوصفات التي يصفها لك منه من عسل وأعشاب وبأثمان غاليه؛ فلن يستقبلك مرة أخرى، وبعضهم يقول :أنا لا أطلب ويأتيك للمنزل للرقية فإذا لم تعطه مبالغ كبيرة؛ قال :بيتك بعيد، فإذا أعطيته؛ قال بيتك قريب. لذلك إذا جاءه فقير محتاج للرقية تظاهر بأنه مشغول. ولكي يجمع مبالغ طائلة يجمع المرضى برقية واحدة؛ أو يبيع لهم شريط الرقية بأسعار عالية.
* ومن المفاسد؛ أن فيه تعطيل لسنة الرقية على النفس وعلى الأهل.
* النظر لأهل الاستقامة أنهم أهل طمع.
* افتتان الراقي بالشهرة والمال والنساء.
* وفيه فتح الباب لأهل الدجل والشعوذة؛ لاستغلال الناس ونشر عقائدهم الباطلة؛ أما لو كان المبدأ( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ) لكسد سوق الدجلة.
* ولو كان أحد يرجح جواز أخذ الجعل فالأفضل عدم نشر هذا القول خاصة في هذه الأزمنة للمفاسد التي ذكرنا.
نصائح وتوجيهات للرقاة والمتعافين؛
* يلزمهم تعلم أصول الدين وأركانه وواجباته ومنه أحكام الرقية؛ لكي يحافظوا على سلامة عقائدهم.
* يلزمهم الحذر من أهل الشعوذة والكهانة
* الرجوع للعلماء فيما أشكل عليهم.
*المحافظة على الطاعات والابتعاد عن المحرمات
* الإعتماد على الله عز وجل؛ فهو سبحانه وحده بيده الشفاء.
* الحذر من الخلوة بالنساء.