214 جامع الأجوبة الفقهية ص 249
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومشاركتي وضعت بجوارها(* )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
74 – وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل احيانه. رواه مسلم وعلَّقه البخاري
——-
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- تخريج الحديث:
قال الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (1/690) : الحديث أخرجه مسلم (1/194) وأبو داود (1/4) والترمذي (2/244) وابن ماجه (1/129) وكذا أبو عوانة في صحيحه (1 /217) والبيهقي (1/90) وأحمد (6/70،153) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن عبد الله البهي عن عروة عن عائشة مرفوعا. وقال الترمذي: ” حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة “. ثم نقل اختلاف أبي حاتم وأبي زرعة فضعف الحديث ابوحاتم وصححه ابوزرعة ورجح التصحيح وأن الحديث في صحيح مسلم.
♢- فقه الحديث:
دل الحديث على جواز ذكر الله تعالى في كل حال، سواء كان على طهارة أم على غير طهارة، ولكن جاءت أحاديث تدل على أن استثناء بعض الحالات من هذا العموم، فجمع أهل العلم بينها فقالوا أن ذكر الله حال الطهارة أفضل وأولى، ووجهوا قولها في كل أحيانه أي معظمها لعدم جواز الذكر في بعض الأحوال كالغائط والبول والجماع.
أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن على بن أبى طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن تلاوة القرآن شيء إلا الجنابة. وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي 4/170، وكذا البيهقي في السنن الكبرى 1/ 89، وفى المعرفة 1/774، وابن أبى شيبة 1/101، والدارقطني في سننه 1/118.
♢- قال الإمام الصنعاني في سبل السلام (1/ 102):
والحديث مقرر للأصل، وهو ذكر الله على كل حال من الأحوال؛ وهو ظاهر في عموم الذكر، فتدخل تلاوة القرآن ولو كان جنبا؛ إلا أنه قد خصصه حديث علي – عليه السلام – الذي في باب الغسل «كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا» وأحاديث أخر في معناه تأتي، وكذلك هو مخصص بحالة الغائط والبول والجماع، والمراد بكل أحيانه معظمها كما قال الله تعالى {يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} [آل عمران: 191] والمصنف ذكر الحديث لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء مانعة من ذكر الله تعالى. انتهى
* تنبيه : حديث علي كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا ضعفه الألباني
(ضعيف – ابن ماجه ٥٩٤ (١) (١٢٩، و«ضعيف سنن أبي داود» برقم ٣٩ / ٢٢٩ نحوه، المشكاة ٤٦٠، الارواء ١٩٢ و٤٨٥ .
♢- قال النووي في “شرح صحيح مسلم” (4/91): “هذا الحديث أصل في جواز ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد وشبهها من الأذكار، وهذا جائز بإجماع المسلمين، وإنما اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض … ” قال: “واعلم أنه يكره الذكر في حالة الجلوس على البول والغائط وفي حالة الجماع”.
وقال رحمه الله في الإيجاز في شرح سنن أبي داود (ص:139)
قولها: “يذكر الله على كل أحيانه”: تعني: مُحْدِثًا، وجنبًا، وطاهرًا، وهذا في الذكر بغير القرآن، والمراد ما سوى حالة القعود لقضاء الحاجة، وحالة الجماع ونحوهما”. انتهى
♢- وقال صاحب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (5/58):
قال الطبري في “تهذيبه”: الصواب أن ما روي عنه – صلى الله عليه وسلم – من ذكر الله على كل أحيانه، وأنه كان يقرأ ما لم يكن جنبا، أن قراءته طاهرا اختيارا منه لأفضل الحالتين، والحالة الأخرى، أراد تعليم الأمة وإن ذلك جائز لهم غير محظور عليهم الذكر وقراءة القرآن.
♢- وبوب الإمام ابن خزيمة في صحيحه (1/ 103) فقال:
باب ذكر الدليل على أن كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذكر الله على غير طهر كانت إذ الذكر على طهارة أفضل لا أنه غير جائز أن يذكر الله على غير طهر، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يذكر الله على كل أحيانه ”
♢ -* قال الشوكاني في النيل ( 1/ 100 ): وهو يدل على كراهية ذكر الله حال قضاء الحاجة، ولو كان واجبا كرد السلام، ولا يستحق المسلم في تلك الحال جوابا قال النووي: وهذا متفق عليه، وسيأتي بقية الكلام على الحديث في باب استحباب الطهارة لذكر الله، وفيه أنه ينبغي لمن سلم عليه في تلك الحال أن يدع الرد حتى يتوضأ أو يتيمم ثم يرد، وهذا إذا لم يخش فوت المسلم، أما إذا خشي فوته فالحديث لا يدل على المنع؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – تمكن من الرد بعد أن توضأ أو تيمم على اختلاف الرواية، فيمكن أن يكون تركه لذلك طلبا للأشرف وهو الرد حال الطهارة، ويبقى الكلام في الحمد حال العطاس فالقياس على التسليم المذكور في حديث الباب، وكذلك التعليل بكراهة الذكر إلا على طهر يشعران بالمنع من ذلك، وظاهر حديث: «إذا عطس أحدكم فليحمد الله» يشعر بشرعيته في جميع الأوقات التي منها وقت قضاء الحاجة فهل يخصص عموم كراهة الذكر المستفادة من المقام بحديث العطاس أو يجعل الأمر بالعكس أو يكون بينهما عموم وخصوص من وجه فيتعارضا؟ فيه تردد.
وقد قيل: إنه يحمد بقلبه وهو المناسب لتشريف مثل هذا الذكر وتعظيمه وتنزيهه .
قال العلماء: وكما لا يرد السلام حال قضاء الحاجة لا يشمت العاطس، ولا يحمد الله تعالى إذا عطس، ولا يجيب المؤذن، وكذا لا يأتي بشيء من ذلك حال الجماع، وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه، ولا يحرك به لسانه.
وكراهة الذكر في هذه الأحوال كراهة تنزيه، لا تحريم كما عليه الأكثرون.
وحكي عن إبراهيم النخعي، وابن سيرين، أنه لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة، لكن لا وجه لهما. اهـ المنهل جـ 1/ ص 67.
“إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب”. استفدته من شرح المجتبى للعلامة الأتيوبي. ( 1/ 581).
♢- قال الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة (1/762):
“وفي الحديث دلالة على جواز تلاوة القرآن للجنب لأن القرآن ذكر { وأنزلنا إليك الذكر… } فيدخل في عموم قولها ( يعني عائشة ): يذكر الله. والأفضل أن يقرأ على طهارة لقوله صلى الله عليه و سلم حين رد السلام عقب التيمم: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة. وهو في صحيح أبي داود 13.
وقال في إرواء الغليل (2/244):
وذكر البخاري عن ابن عباس أنه لم يرَ بالقراءة للجنب بأساً , وذكر في الترجمة قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه “.
قلت: وحديث عائشة وصله مسلم وغيره. وأثر ابن عباس وصله ابن المنذر بلفظ: ” إن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب “. كما في ” الفتح ” وذكر أن البخاري والطبري وابن المنذر ذهبوا إلى جواز قراءة القرآن من الجنب واحتجوا بعموم حديث عائشة المذكور.
قلت: وقوله صلى الله عليه وسلم: ” إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر, أو قال: على طهارة “. صريح في كراهة قراءة الجنب لأن الحديث ورد في السلام كما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح , فالقرآن أولى من السلام كما هو ظاهر , والكراهة لا تنافي الجواز كما هو معروف , فالقول بها لهذا الحديث الصحيح واجب وهو أعدل الأقوال إن شاء الله تعالى.
وقال في الثمر المستطاب (1/9):
“وكان إذا سلم عليه أحد وهو يبول لا يرد إلا بعد الفراغ. عن المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر (أو طهارة) (د ن مج ح. م) ودليل الجواز كان يذكر الله على كل أحيانه (د ت مج حم).
♢- قال الشيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام (1/274):
“هذا الحديث أتى به المؤلف رحمه الله في باب نواقض الوضوء ليفيد أنه لا يشترط لذكر الله أن يكون الإنسان على طهارة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحواله، فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سلم عليه ولم يرد عليه السلام حتى تيمم، ثم رد عليه السلام، وقال: “إني أحببت ألا أذكر الله إلا على طهر”. فهذا من باب الاستحباب، وليس من باب الواجب؛ بمعنى: أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يذكر الله أن يكون على طهر، ولكن لو ذكر الله على طهر فلا إثم عليه ولا حرج علي”…
يستفاد من هذا الحديث فوائد:
منها: معرفة عائشة رضي الله عنها بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، ويتفرع على هذه الفائدة: أن ما روته عن الرسول – عليه الصلاة والسلام- وعارض ما رواه غيرها فإن روايتها تقدم؛ يعني: أن روايتها مرجحة؛ لأنها من أعلم الناس بحال النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: فضيلة إدامة ذكر الله والاستمرار فيه؛ لقولها: “يذكر الله على كل أحيانه”، ولا شك أن ذكر الله حياة للقلب بمنزلة الماء تسقى به الثمار، لكن بشرط أن يكون الذاكر ذاكر لله تعالى بلسانه وقلبه.
ومنها: أنه لا يشترط للذكر أن يكون [الإنسان] على طهارة لقولها: “يذكر الله على كل أحيانه”. انتهى
♢- قال الشيخ العباد في شرحه على سنن أبي داود (1/115):
“أورد هذه الترجمة الدالة على جواز ذكر الله عز وجل على غير طهارة، لكن ليس في حال قضاء الحاجة، ففي حال قضاء الحاجة لا يرد الإنسان السلام، ولكن فيما بين قضاء الحاجة وبين الوضوء أو التيمم يجوز للإنسان أن يذكر الله عز وجل. فأورد أبو داود رحمه الله هذا الباب بعد الباب الذي قبله إشارة إلى أن ما جاء في الباب الذي قبله إنما هو إشارة إلى الأكمل، وفي هذا الباب إشارة إلى الجواز وعدم الحرج، وأنه لا بأس بذلك، وأن الذكر قبل الوضوء خلاف الأولى، ولكن ليس من قبيل التحريم، وإنما الأولى والأفضل والأكمل أن يكون الذكر على طهارة، ولكن ذكر الله عز وجل على غير طهارة جائز لحديث عائشة هذا الذي أورده أبو داود رحمه الله. انتهى
والله أعلم..